ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "جستن برايسو" (JUSTIN BARISO)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية مع قاعدة التقويم.
"هل تريد أن تأتي معي؟".
قبل بضعة أسابيع، طلبت من ابني الذي كان في سن المراهقة الذهاب معي لقضاء بعض الحاجيات، وكانت ليلة السبت، لكنه كان يلهو في المنزل، ولا يفعل أي شيء ذي قيمة.
قال لي: "هل يجب علي ذلك؟ فأنا أريد الاسترخاء وحسب".
صَمَت قليلاً لأنني أريد أن أحافظ على رباطة جأشي، ولكنني في الوقت نفسه أردت أن نقضي الوقت معاً، وفكرت لحظات قليلة، ثم خطرت في بالي فكرة رائعة.
قلت: "نعم، يجب عليك ذلك، هيا بنا نذهب".
يمكنك أن تتخيل سخطه عندما أجبرته على الذهاب معي، ولكنه لم يلبث على هذا الحال طويلاً بعدما أخبرته سبب إصراري.
سألته: "هل تعلم لماذا لم أسمح لك بالبقاء في المنزل؟".
أجاب: "لا"، "لماذا؟".
أجبته: "بسبب هذا الرقم".
أريته رقماً على الآلة الحاسبة في هاتفي المحمول، بدا الرقم (364) كأنَّه رقم عشوائي.
سألته: "هل هذا رقم كبير؟".
فأجاب: "حسناً، إنَّه عام كامل ينقصه يوم واحد".
قلت: "نعم، هذا صحيح، ولكن ثمَّة شيء آخر".
انتظرت دقيقة حتى ساد الصمت، ثمَّ قلت: "من المحتمل جداً أن يكون هذا هو عدد عطلات نهاية الأسبوع المتبقية لنا معاً، وأنت على وشك الدخول في مرحلة المراهقة، وهذا يعني أن الوقت المنصرم أطول من الوقت المتبقي لنا معاً؛ أي إذا غادرت المنزل في الوقت الذي غادرت فيه أنا منزل والداي، فهذا الرقم هو ما تبقى لنا، وأريد أن أقضي أكبر قدر ممكن من الوقت معك؛ لأن أكثر ما يسعدني في الحياة هو وجودك إلى جانبي أنت وإخوتك".
استغرق الأمر بعض الوقت، ولكن في النهاية علت الابتسامة وجهه وقضينا أمسية رائعة، تحدثنا، وضحكنا، وقضينا وقتاً ممتعاً.
توضح هذه القصة كيفية استخدام أداة قوية للذكاء العاطفي، وهو ما أسميه قاعدة التقويم.
ما هي قاعدة التقويم بالضبط؟ وكيف يمكنك استخدامها لتحديد الأولويات واتخاذ قرارات أفضل وتحفيز نفسك والآخرين؟
شاهد بالفيديو: 6 قواعد أساسية لتعزيز الذكاء العاطفي
كيف تساعدك قاعدة التقويم على استخدام الحيلة النفسية القائمة على إعادة الصياغة؟
قاعدة التقويم بسيطة
حدِّدْ موعداً قريباً أو بعيداً، ثم احسب مقدار الوقت المتبقي إلى حين الموعد، ولكن إليك الحيلة: بعد تحديد الموعد، حاول تغيير الطريقة التي تحسب بها ذلك الوقت، فمثلاً عندما قررت إقناع ابني بالذهاب معي، فكرت في سنه وفي الوقت المتبقي لنا معاً، ولقد حسبت في البداية أنه إذا غادر ابني المنزل في الوقت نفسه الذي غادرت فيه منزل والداي، فسيكون لدينا نحو 7 سنوات، وللوهلة الأولى، يبدو هذا وقتاً طويلاً، ولكن عندما حسبت 52X7 عطلة نهاية أسبوع، كان الناتج 364، وبالنظر إلى أنّ عدد عطلات نهاية الأسبوع التي قضيتها مع ابني أقل من عدد أيام السنة التقويمية، فتغيرت وجهة نظري تماماً.
لقد ساعدني ذلك على اتخاذ قرار أفضل، وهو قضاء هذا الوقت بحكمة مع ابني، وتعتمد قاعدة التقويم على أداة أخرى لها جذور في علم النفس المعرفي، وهي تقنية يشير إليها المعالجون باسم إعادة الصياغة، وتعني إعادة الصياغة تغيير الطريقة التي تنظر بها إلى الموقف، ومن ثمَّ فإنك تغيِّر طريقة تفكيرك به وشعورك تجاهه، وهذا ما فعلته بالضبط، ولقد أَعدت صياغة الطريقة التي ننظر بها أنا وابني إلى تلك الساعات القليلة، فتلك الأمسية لم تكن كغيرها من الأمسيات، لقد كانت واحدة من 364 عطلة نهاية أسبوع لن أستعيدها أبداً، وقد عرفت حق المعرفة كيف أريد أن أقضيها.
تنجح إعادة الصياغة بهذه الطريقة؛ لأنه وبصرف النظر عن ظروفك، فمن المحتمل أنك غالباً ما تسيء تقدير كمية الوقت المتاحة لديك، وفي العمل، قد يفعل فريقك الشيء نفسه، وفي المنزل، قد تفعل أسرتك ذلك أيضاً.
كيف يمكنك استخدام قاعدة التقويم؟
ربما لاحظت في وقت مبكر من المشروع أن فريقك لا يبذل الجهد اللازم لإنجاز المهمة في موعدها، ففي هذه الحالة، عليك حساب عدد الأسابيع المتبقية، أو حتى عدد الساعات، ثم اعرض الرقم عليهم في اجتماعك القادم واسألهم: هل هذا الرقم كبير؟ وبعد أن تحظى باهتمامهم، استثمر ذلك في إحداث تأثير عاطفي، أو ربما تأخذ أنت وعائلتك إجازة مدة أسبوع، ولا يشعر أحد بالرغبة في الخروج، وفي هذه الحالة، أخبِرهم بعدد الأيام أو الساعات المتبقية لكم معاً، وهذا يساعدهم على إعادة صياغة الطريقة التي ينظرون بها إلى الوقت المتبقِّي، ومن ثمَّ يتحمسون للخروج، لذا أُشجعك على أن تسأل نفسك: كيف يمكنني استخدام قاعدة التقويم اليوم لاتخاذ قرارات أفضل وتحفيز نفسي والآخرين؟
ثم استخدِمْ الإجابة لإعادة صياغة الطريقة التي تنظر بها إلى الوقت، واجعل العواطف تعمل لمصلحتك لا ضدك.
أضف تعليقاً