الحل لهذه المعضلة هو تربية أطفال واعين في استخدام منصات التواصل الاجتماعي، وهذا يتطلَّب من المربِّي وعياً كاملاً في شرح فوائدها ومخاطرها، وتنمية حسِّ المسؤولية عند الأبناء في استخدامها، وخاصة إذا ما كانوا في سِنِّ المراهقة، هذا السِنُّ شديد الحساسية في صقل شخصية المرء وتطويرها، فإذا ما كنت محتاراً كيف تُعلِّم ابنك المراهق استخدامَ وسائل التواصل الاجتماعي بمسؤولية، فهذا المقال سيكون دليلك إلى ذلك.
تحدَّث مع ابنك عن مخاطر وفوائد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي:
وسائل التواصل الاجتماعي لا تعني الأشياء السلبية دوماً، ففيها إيجابيات كثيرة وإذا ما كنت تريد تنمية حسِّ المسؤولية لدى ابنك المراهق في استخدامها، سيكون من الهامِّ جداً أن تتحدَّث معه عن مخاطر وفوائد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على حدٍّ سواء، وإليك بعض النصائح لِبدء هذا الحوار:
1. اختر الوقت المناسب:
اختر وقتاً يكون فيه ابنك هادئاً ولديه وقت للتحدث، وتجنَّب التحدُّث معه عندما يكون مشغولاً أو متوتراً.
2. ابدأْ بفتح حوار:
اسأل ابنك عن تجاربه مع وسائل التواصل الاجتماعي، ما هي المواقع التي يستخدمها؟ مع من يتواصل؟ وما هي الأشياء التي يستمتع بها على وسائل التواصل الاجتماعي؟
3. ناقشْ فوائد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي:
تحدَّث عن فوائد التواصل مع العائلة والأصدقاء، وأَشِر إلى فوائد التعلُّم واكتساب مهارات جديدة من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وشجِّع ابنك على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي استخداماً إيجابيَّاً.
4. ناقِشْ مخاطر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي:
اشرح مخاطر التنمُّر الإلكتروني وسرقة البيانات، وتحدَّث عن مخاطر الإدمان على الإنترنت، وناقش تأثير استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الصحة النفسية والعقلية.
5. استمِعْ باهتمامٍ إلى ما يقوله ابنك:
فمن الهامِّ أن تُظهر لابنك أنَّك تهتم بمشاعره وأفكاره، وألَّا تُقاطعه عندما يتحدَّث، وحاول أن تفهم وجهة نظره.
6. كُنْ صريحاً وصادقاً مع ابنك:
لا تخف من مشاركة تجاربك الخاصة مع وسائل التواصل الاجتماعي، وكنْ صادقاً معه بشأن مخاطر وفوائد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
7. ضعْ قواعد واضحة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي:
اتَّفق مع ابنك على قواعد لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتأكَّد من أنَّه يفهم هذه القواعد، وكُنْ عادلاً في تطبيق هذه القواعد.
8. كن قدوةً حسنة لابنك:
استخدم وسائل التواصل الاجتماعي استخداماً مسؤولاً، فأنت قدوةٌ لأبنائك وسيحذون حذوك في كلِّ شيء، وأظهر لابنك كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي استخداماً إيجابياً.
9. كُنْ صبوراً:
قد يستغرق الأمر بعض الوقت لكي يتعلَّم ابنك كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بِمسؤولية، فهي بطبيعتها جذابة ومغرية وتسرق الوقت دون أن تشعر، فكن صبوراً معه بينما يتعلَّم من أخطائه.
ضع قواعد واضحة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي:
يعدُّ وضع قواعد واضحة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي أمراً ضرورياً لضمان استخدامها استخداماً مسؤولاً، وإليك بعض الخطوات التي ستساعدك على ذلك:
1. تحديد الأهداف:
ما الذي تريد تحقيقه من خلال وضع قواعد لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي؟ هل تريد الحدَّ من الوقت الذي يقضيه ابنك على الإنترنت؟ هل تريد حماية ابنك من مخاطر التنمر الإلكتروني؟
2. تحديد احتياجات ابنك:
كم عمر ابنك؟ ما هي خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؟ ما هي اهتماماته؟
3. تحديد القواعد:
حدِّد وقتاً محدَّداً لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حدِّد مواقع التواصل الاجتماعي التي يمكن لابنك استخدامها، وحدِّد نوع المحتوى الذي يمكن لابنك مشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي، وحدِّد قواعد للتواصل مع الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي.
4. مناقشة القواعد مع ابنك:
اشرح لابنك سبب وضع هذه القواعد، وتأكَّد أنَّ ابنك يفهمها، ثمَّ اسمع وجهة نظره ومشاعره.
5. كيفية المرونة في التعامل مع الابن:
قد تحتاج إلى تغيير القواعد من وقت لآخر، فكن مرناً مع ابنك بينما يتعلَّم كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بِمسؤولية.
بعض الأمثلة عن القواعد التي يمكنك وضعها:
- لا يُسمح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم أو عند تناول الطعام.
- لا يُسمح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في المدرسة أو عند الدراسة.
- لا يُسمح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمشاركة محتوى مسيء أو عنيف.
- لا يُسمح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع أشخاص غرباء.
- لا يُسمح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمشاركة معلومات شخصية.
يمكنك أيضاً استخدام تطبيقات الرقابة الأبوية لمراقبة نشاط ابنك على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن تذكَّر أنَّ أهمَّ شيء هو التواصل مع ابنك وبناء علاقة قوية معه، فمن خلال التواصل والثقة يمكنك مساعدة ابنك على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بِمسؤولية وبطريقة إيجابيةٍ.
شاهد بالفيديو: نصائح للتعامل مع المراهقين
علِّم ابنك مهارات التفكير النقدي:
إنَّ تعليم ابنك مهارات التفكير النقدي يؤدِّي دوراً كبيراً في استخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي بمسؤولية، وذلك لأنَّه يُمكِّنه من:
1. تمييز المعلومات الموثوقة من غير الموثوقة:
يتعلَّم ابنك كيفية تقييم مصداقية المعلومات التي يراها على وسائل التواصل الاجتماعي.
2. تجنَّب التضليل والأخبار الكاذبة:
فيتعلَّم كيف يتعرَّف إلى علامات التضليل والأخبار الكاذبة.
3. تعزيز مهارات التواصل الفعَّال:
وذلك بتعليم الابن كيفية التعبير عن أفكاره وآرائه بوضوح، واحترام وفهم وجهات نظر الآخرين واحترامها.
4. تعزيز الثقة بالنفس والاستقلالية:
عن طريق الاعتماد على نفسه في تقييم المعلومات واتِّخاذ القرارات.
كُنْ قدوةً حسنة لابنك في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي:
لكي يتعلَّم ابنك المراهق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بمسؤولية عليك أن تتعلَّم كيف تكون قدوة حسنة له في ذلك، وهذا يكون من خلال:
- إظهار الاحترام للآخرين والتسامح مع آرائهم.
- تجنُّب استخدام لغة مسيئة أو نشر محتوى سلبي.
- عدم قضاء وقت طويل أو غير منظم في استخدام منصات التواصل الاجتماعي.
- التحدث مع الابن عن مخاطر التنمُّر الإلكتروني والابتزاز.
- مشاركة ابنك في النشاطات وتشجيعه على القيام بنشاطات أخرى مثل القراءة والرياضة والهوايات.
- تخصيص الوقت للعائلة والتواصل مع ابنك.
تشجيع ابنك على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي استخداماً إيجابيَّاً:
لقد ذكرنا أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي سيف ذو حدَّين، ودور المربِّي يكمن في تعليم ابنه استخدام الجانب الإيجابي الخيِّر منها، وذلك من خلال تشجيعه على متابعة حسابات إيجابية ومفيدة، ومساعدته على إنشاء محتوى إيجابي ومفيد، إضافة إلى توظيف وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع العائلة والأصدقاء.
الصبر والدعم في تعليم ابنك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بمسؤولية:
إذا ما كان ابنك المراهق مدمناً على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو حديث العهد بدخولها، فإنَّ وضعه على سكَّة الاستخدام الواعي والمسؤول لن يكون أمراً سهلاً، فهذه المنصات جذابة ومغرية خاصة لمن هم في مثل سِنِّه يسبحون في عوالم الفضول والاكتشاف ويبحثون عن شخصياتهم؛ لذا من الضروري أن تعي كون تعلُّم المهارات الجديدة يتطلَّب وقتاً، ومهارة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بمسؤولية تحتاج إلى وقت وصبر، فلا تتوقَّع من ابنك أن يصبح خبيراً في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بمسؤولية بين عشيَّةٍ وضحاها، والصبر يعزز بيئة آمنة ليتعلَّم ابنك من أخطائه دون خوف من العقاب.
تابع نشاط ابنك على وسائل التواصل الاجتماعي:
في الفترة الأولى من دخول ابنك عالم التواصل الاجتماعي المليء بالمغريات، لا بدَّ لك من أن تكون يقِظَاً ومنتبهاً لنشاطاته، فجميع المشكلات تكون سهلة الحل في بداياتها، ولكي تتابع نشاط ابنك على منصات التواصل الاجتماعي تستطيع فعل ذلك بطريقتين:
طريقة مباشرة:
كأن تطلب منه أن يُشاركك ما يتابع وتخبره أنَّك مهتمٌّ بمعرفة ما يفعله على وسائل التواصل الاجتماعي، أو أن تستخدم أدوات الرقابة الأبوية التي تقدمها عدة من منصات للتواصل الاجتماعي، أو من خلال التحدُّث مع أصدقائه وسؤالهم عن نشاط ابنك على وسائل التواصل الاجتماعي.
طريقة غير مباشرة:
أمَّا الطريقة غير المباشرة فتكون من خلال مراقبة سلوكه وملاحظة أي تغييرات فيه قد تكون مرتبطة بنشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي، أو الانتباه إلى علامات التحذير التي قد تدل على أنَّ ابنك يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي استخداماً غير مسؤولٍ، مثل الانعزال عن العائلة والأصدقاء أو قضاء وقت طويل على الإنترنت.
بعض النصائح بهذا الخصوص:
- كُنْ صريحاً مع ابنك بشأن رغبتك في معرفة نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي.
- احترِمْ خصوصية ابنك ولا تتطفَّل على حساباته الشخصية.
- كُنْ مرشداً لابنك وساعده على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي استخداماً مسؤولاً.
في الختام:
إنَّ وسائل التواصل الاجتماعي هي أداتنا اليوم في التواصل مع أحبَّتنا مهما كانت المسافة التي تفصلنا عنهم، وهي مساحة افتراضية نتشارك عليها أفكارنا ومعلوماتنا، ودون أية مبالغة أصبحت هذه المنصات عالَماً موازياً مليئاً بكل ما تحويه الحياة الحقيقية من خير وشرور، لذا لا بدَّ لنا من تعليم أبنائنا كيفية التعامل مع هذه البيئة، واتِّباع التعليمات التي تحميهم من أخطارها، وتضمن لهم استمرار حياتهم الواقعية على خير ما يرام.
أضف تعليقاً