إدمان العمل:
استُخدِم مصطلح الإدمان للمرة الأولى لوصف حاجة مستمرة لا يمكن السيطرة عليها، ومدمن العمل هو شخص يعاني من هذه الحالة؛ ورغم أنَّه مفهوم مُعترَف به ومقبول على نطاق واسع في الثقافات الشعبية ومعروف في الأدب منذ نحو أربعين عاماً، إلَّا أنَّ إدمان العمل ليس حالة أو اضطراباً طبياً معترفٌ به رسمياً؛ فهو غير مذكور في الإصدار الحالي من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضرابات العقلية (the Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders) والذي يُعرَف اختصاراً بـ (DSM).
من أسباب عدم الاعتراف بإدمان العمل هو أنَّه يُنظَر إلى العمل -حتى المفرط منه- على أنَّه سمة إيجابية وليس مشكلة فعلية، حيث يُكافَأ العمل الزائد مالياً وثقافياً، وقد يؤدي إلى رؤية العامل بمنظور أكثر إيجابية بطرائق مختلفة؛ ومع ذلك، يمكن أن يكون إدمان العمل مشكلة حقيقية، حيث يتداخل مع الأداء والعلاقات بشكل مشابه لما تسببه أنواع الإدمان الأخرى.
لقد كان السبب الحقيقي وراء صياغة مصطلح (workaholic) بالإنكليزية -الذي يُترجَم إلى "مدمن العمل"، ويجمع بين كلمتي العمل (work) ومدمن الكحول (alcoholic)- هو إثبات التوازي بين إدمان العمل وإدمان الكحول بالنسبة إلى الأضرار، وربَّما يكون هذا أكثر دقة من التصور الشائع بأنَّ الشخص الذي يعمل بإفراط هو شخص مسؤول وأخلاقي.
المشكلات المرتبطة بإدمان العمل:
رغم أنَّ الإفراط في العمل غالباً ما يُقدَّر ويُكافَأ في ثقافات الأعمال الحالية، إلَّا أنَّ هناك مشكلات مرتبطة بإدمان العمل؛ فكما هو الحال مع أنواع الإدمان الأخرى، يكون إدمان العمل مدفوعاً بالحاجة والإكراه، وليس بالشعور الصحي بالرضا كما هو شائع بين الأشخاص الذين يبذلون كثيراً من الجهد والتفاني في عملهم أو الأشخاص الملتزمين بعملهم بشدة.
في الواقع، قد يكون الأشخاص الذين يقعون فريسة إدمان العمل غير سعداء تماماً ومكتئبين بسببه، وقد يكونون قلقين للغاية بشأنه، ويشعرون أنَّهم لا يمتلكون السيطرة على رغبتهم فيه، ويقضون الكثير من الوقت، ويبذلون الكثير من الطاقة والجهد؛ ممَّا يُضعِف علاقاتهم وأنشطتهم خارجه.
شاهد أيضاً: فديو: 10 نصائح للموازنة بين الحياة والعمل
علامات إدمان العمل وأعراضه:
رغم صعوبة تحديد إدمان العمل بدقة، فقد حُدِّدت العديد من العلامات التي تشمل:
- زيادة الانشغال دون زيادة الإنتاجية.
- التفكير الزائد في كيفية توفير مزيد من الوقت للعمل.
- قضاء وقت أطول ممَّا هو مطلوب في العمل.
- الاستخدام المفرط للعمل للحفاظ على تقدير الذات.
- العمل على تقليل الشعور بالذنب أو الاكتئاب أو القلق أو اليأس.
- تجاهل الاقتراحات أو الطلبات من الآخرين لخفض العمل.
- مشكلات العلاقات الناتجة عن الإرهاق أو الانشغال بالعمل.
- المشكلات الصحية الناتجة عن التوتر المرتبط بالعمل والإرهاق.
- استخدام العمل كطريقة للتعامل مع المشاعر أو الهروب منها أو كبتها.
- تطوير "الاعتماد" على العمل، أي الحاجة إلى العمل أكثر فأكثر للحصول على التأثيرات نفسها.
- تصبح متوتراً إذا مُنِعت من العمل، أو تعاني من أعراض انسحاب إدمان العمل -مصطلح يُشار به إلى مجموعة من الاضطرابات التي تصيب المدمن نتيجة توقفه عن تعاطي المادة التي يدمن عليها (كالمخدرات والكحول)، ويُقصَد به التأثير المشابه لذلك نتيجة التوقف عن العمل؛ كالإصابة بالاكتئاب، وتدهور الحالة الصحية، والعدوانية، والغضب غير المبرر، وغيرها الكثير- إذا كنت لا تعمل.
- الارتداد، أي العودة إلى الإفراط في العمل عند محاولة تقليله أو التوقف عنه.
تشترك علامات وأعراض إدمان العمل مع كثير من علامات الإدمان الأخرى، لاسيما الإدمانات السلوكية؛ فيصبح الالتزام بالنشاط أو السلوك هاماً بشكل متزايد، ويلغي أهمية العلاقات والمجالات الأخرى من الحياة عموماً.
ماذا لو كنت مدمناً على العمل؟
إذا كنت تعتقد أنَّك مدمن على العمل فعلاً، حاول أخذ قسط من الراحة، وانظر كيف تشعر؛ فإذا كنت غير قادر على التوقف عن التفكير في العمل، وإذا شعرت أنَّك تهرب إلى العمل لتجنب مسؤوليات أخرى أو مشاعر غير مريحة؛ فقد تستفيد من مراجعة اختصاصي صحة نفسية؛ ورغم أنَّه من غير المحتمل أن تجد برنامجاً لعلاج إدمان العمل، إلَّا أنَّه يمكن استخدام العديد من الأساليب المستخدمة لعلاج أنواع الإدمان الأخرى للسيطرة على سلوكات الإدمان التي تعاني منها.
شاهد: علامات إدمان العمل
أضف تعليقاً