كان وما زال اهتمام الأهل بتعليم أطفالهم كبيراً، وحتى إنَّه مبالغ به في بعض الأحيان، فنجد بعض أهالي الطلبة يسارعون إلى معرفة ما أخذه الطفل في المدرسة من دروس فور عودته، كما يطلبون منه المسارعة إلى حل الواجبات، فيتذمر الطفل ويشتكي من الدراسة ويحاول التهرب بمختلف الوسائل؛ لذلك يجب على الأهل معرفة الأساليب والوسائل التي تمكِّنهم من مساعدة الطفل على إنجاز الواجبات المدرسية، وهذا ما سنشرحه لكم في مقالنا الحالي.
الواجبات المدرسية للطفل وأهميتها:
إنَّ ظاهرة الواجبات المدرسية ظاهرة متجذرة في ثقافتنا، ولا تقتصر على مرحلة عمرية معينة؛ إنَّما اعتاد المدرس توكيل الطلاب ببعض الأعمال والتمرينات ليقوموا بتنفيذها في المنزل، ثم تقديمها للمدرس في اليوم التالي، وعلى الرغم من تذمُّر الكثيرين من هذه الظاهرة سواء من المدرسين أم الطلبة أم الأهل، إلا أنَّها مستمرة إلى يومنا الحالي لأنَّها تحمل العديد من الفوائد أبرزها ما يأتي:
1. تمكِّن المدرس من معرفة مدى فهم الطالب للدرس:
وذلك بهدف التأكد من سلامة أسلوبه في شرح المعلومات، كما تمكِّنه من معرفة مستوى الذكاء والاهتمام عند كل طالب من الطلبة، وكذلك تقييم التقدم الفردي لكل طالب ومعرفة نقاط القوة والضعف الموجودة لديه.
2. تكسبه مهارة حل المشكلات:
تُعَدُّ الواجبات المدرسية المنزلية طريقة لتحفيز الطالب وزيادة قدرته على التفكير وإيجاد الحلول عند التعرض لمشكلة ما، ومن ثمَّ تساعد على بناء ثقته بنفسه فهي تزيد من القدرة على تحمل المسؤوليات.
3. تحسِّن من تحصيل الطلاب العلمي:
ممارسة الطالب لهذا النوع من الاختبارات تزيد من احتمال تفوقه في الامتحانات النهائية، فإن اعتاد الطالب على حل المسائل غيابياً يصبح أسرع وأدق ويتعلم من أخطائه التي يقع بها في كل مرة.
شاهد بالفيديو: طرق تساعد طفلك على الدراسة بشكل أفضل
4. تساعد على تنظيم الوقت:
يعتاد الطالب على تنظيم أعماله ووقته يومياً بعد العودة من المدرسة، فحل الواجبات المدرسية يحتاج إلى وقت خاص.
كيف تساعد طفلك على إنجاز الواجبات المدرسية؟
أجرت منظمة الصحة العالمية دراسات أكدت أنَّ 34% من الذكور و25% من الإناث ممن بلغت أعمارهم 11 عاماً يعدُّون الواجبات المدرسية عبئاً ثقيلاً عليهم، كما أكدت أنَّ تلك النسب تزداد بالتقدم في العمر لتصبح 60% عند الذكور و70% عند الإناث ممن بلغوا 15 عاماً، وبناءً على ما سبق يتحتم على الأهل مساعدة أبنائهم على إنجاز تلك الواجبات للتخفيف من شعورهم بالضيق والتعب.
إليك أبرز الطرائق لمساعدة طفلك على إنجاز الواجبات المدرسية:
1 تجنُّب العدوانية:
نبدأ بهذه الطريقة لأنَّها الأهم سواء كانت العدوانية على شكل صراخ أم ضرب فتأثيرهما في الطفل ليس مؤقتاً؛ بل ينتج عنهما شخصية ضعيفة، كما أنَّ العدوانية تدفع الطفل ليصبح سلوكه عدوانياً مع الآخرين، إضافة إلى أنَّها تكوِّن علاقة كراهية بينه وبين مسببات العدوانية الممارسة عليه من أهله، ومن ثمَّ من الطبيعي أن يكره الطفل الدراسة ويدخل في حالة نفسية سيئة عند توكيله بواجبات مدرسية.
2. تنظيم وقت الطفل:
يجب أن يعتاد الطفل على وجود وقت يومي مخصص يجلس به ليبدأ بحل واجباته المدرسية بشكل لا يؤثر في أوقات الراحة والنوم، فمن الأخطاء التي يقع فيها الأهل أنَّهم يطلبون من أطفالهم حل واجباتهم على الفور بعد العودة من المدرسة، فالتصرف الصحيح هو ترك الطفل ليتناول وجبة الغداء ثم إعطاؤه القليل من الوقت للراحة قبل البدء بحل واجباته، ولتحفيزه يمكن إعداد جدول أسبوعي بمشاركة الطفل وتلوينه بألوان يحبها ثم تعليقه في غرفته كي يعتاد على النظام.
3. تخصيص ركن للدراسة:
من الخطأ جلوس الطفل وحده في غرفته وقيامه بحل واجباته، فهذا أكثر ما يبعث الملل في نفسه؛ لذلك يُفضَّل أن يتم تخصيص مكان في المنزل في إحدى الغرف المشتركة كغرفة الجلوس مثلاً، ووضع طاولة عليها مستلزمات الدراسة كافة كي لا ينقطع الطفل عن دراسته في كل مرة يحتاج فيها إلى شيء من الأدوات، وتزيين المكان بالملصقات التي تشجع على الدراسة بشرط أن يكون المكان هادئاً وبعيداً عن ضجيج الزوار أو الشارع.
في حال وجود أكثر من طفل في المنزل فيجب تجنب المشاحنات بينهما، لذلك يتم تخصيص أوقات مختلفة للدراسة وحل الواجبات إن لم يكن بالإمكان إعداد ركنين للدراسة.
4. الابتعاد عن التكنولوجيا:
يجب الالتزام بإبعاد الطفل عن مختلف الملهيات وخاصةً التكنولوجية، لكن من الضروري السماح باستخدام الحاسوب أو الهاتف المحمول عندما يحتاج إلى البحث عن أمر ما أو عندما يريد الاتصال بصديق للتأكد من معلومة معينة، وطبعاً كل ما سبق يتم بإشراف أحد الأبوين حصراً، فلا يمكن تصديق الطفل مباشرةً؛ وذلك لأنَّ استخدامه للهاتف المحمول قد يكون حجةً بهدف إضاعة الوقت والتهرب من الدراسة وحل الواجبات المدرسية.
5. المساعدة فقط:
إن كنت حريصاً على مستقبل طفلك فابتعد كل البعد عن حل الواجبات بالنيابة عنه؛ بل أعطه الوقت الكافي لحل واجباته بنفسه، وإن لم يستطع يمكن مساعدته بتقديم بعض النصائح بهدوء، وإن كان الطفل في أول سنة دراسية فإنَّ المساعدة تكون بالقراءة معه حتى يتعلم كيفية اللفظ والكتابة بشكل صحيح.
6. عدم إطلاق الأحكام على الطفل:
أحياناً يعتقد الأهل أنَّ الطفل لا يبذل جهده ويحاول فعلياً فهم الواجب وحفظ الدروس، ولكنَّ الحقيقة هي أنَّ الطفل ربما لم يفهم فعلياً الدرس عندما قام المعلم بشرحه وخاصةً إن كان مثلاً درساً باللغة الإنجليزية، لذلك لا تغضب بسرعة؛ بل اعثر على نقطة الضعف وإن لم تستطع القيام بذلك وحدك يمكنك التحدث إلى معلم الصف إن أمكن وشرح المشكلة له فربما يعطيك طريقة لإيصال المعلومة إلى الطفل، وربما يقوم هو بذلك في اليوم التالي.
7. أخذ استراحة قصيرة:
في حال تعثَّر الطفل وأخطأ مرات عدة فلا يُعَدُّ الأمر كارثياً؛ بل يجب تركه لبعض الوقت كي يستطيع إعادة التركيز، فمثلاً يمكن أن تقترح عليه أن تخرجا إلى الحديقة قليلاً لاستنشاق الهواء النقي أو الذهاب إلى المطبخ وتناول قطعة من الحلويات والتحدث معه عن شيء بعيد عن الدراسة.
8. مدح الطفل:
لا يجب التحدث للآخرين عن نقاط الضعف الخاصة بطفلك أو الأخطاء التي يقع بها عند حل واجباته؛ إذ يعدُّها الطفل فضحاً لأسراره ونوعاً من الخيانة له، وهذا يتسبب بكرهه للدراسة حتماً؛ لذلك احرص دائماً على رفع معنويات طفلك من خلال التحدث عن الإيجابيات فقط بوصف ذلك نوعاً من التحفيز ليصبح أكثر اندفاعاً للدراسة ليثبت جدارته بالمدح الذي تلقاه.
شاهد بالفيديو: 12 طريقة لتحفيز الطلاب
9. تحويل الواجبات المدرسية إلى لعبة:
يمكن إدخال المرح إلى الدراسة، فبعض الحسابات والمسائل الرياضية المخصصة للأطفال في السنوات الثلاث الأولى يمكن حلها باللعب واستخدام أدوات وألعاب تحفز على إنجاز مختلف المسائل.
10. يجب أن تكون التوقعات معقولة:
رسم أحلام كبيرة يتسبب بخيبة الأمل لاحقاً، لذلك تذكر دائماً أنَّ الهدف من الواجبات المدرسية هو تطوير عادات دراسية جيدة وبناء شخصية الطفل معرفياً ونفسياً، لذلك لا تعتقد أنَّ الطفل دائماً قادر على حل الواجبات وفهم ما هو مطلوب منه، ولا تعتقد أنَّه قادر دائماً على القراءة بشكل صحيح أو الكتابة بخط مرتب، فالطفل في سنوات الدراسة الأولى يحتاج إلى وقت أطول للكتابة أو القراءة، كما أنَّ العلامات التي يحصل عليها ليست معياراً للذكاء كما يعتقد الكثير من الأهل.
11. الابتعاد عن تقديم الرشوة:
تجنب أن تعد طفلك بإعطائه المال أو تقديم هدية له في كل مرة يحل فيها واجباته المنزلية كي لا يصبح الهدف من حل الواجبات هو تحقيق المكاسب، لكن يمكن تقديم هدايا عشوائية للطفل دون موعد محدد أو تخطيط مسبق تعبيراً عن فخرك به وبنشاطه والتزامه بدراسته بالمواعيد المحددة له.
في الختام:
الواجبات المدرسية إحدى الطرائق التي يتم اتباعها منذ قديم الزمان بهدف تعزيز التعليم وتطوير مهارات الطفل وبناء ثقته بنفسه، كما أنَّها طريقة لمعرفة مدى فهم الطالب للمعلومات التي شرحها المدرس ومدى انتباهه واهتمامه في المدرسة، لكن تُعَدُّ أيضاً مشكلة لدى الكثير من الطلاب؛ إذ تسبب التعب النفسي.
لذلك من الضروري أن يقوم الأهل بمساعدة طفلهم على تجاوز هذا الأمر، ويمكن ذلك من خلال الابتعاد أولاً عن العدوانية المتمثلة بالصراخ والضرب، وتخصيص ركن للدراسة في المنزل وتجهيزه بكافة مستلزمات الدراسة، كما يجب تنظيم وقت الطفل بحيث لا يتعارض وقت الدراسة مع وقت الراحة والنوم، ومن الضروري تجنب التكنولوجيا والملهيات والابتعاد عن تقديم الرشوة مقابل الدراسة.
لتحفيز الطفل أكثر يمكن إعطاؤه وقتاً للاستراحة عند الضرورة، ويمكن تحويل بعض الواجبات للعبة لسهولة إنجازها، وتذكَّر دائماً أنَّ طفلك بحاجة إلى مدحك واهتمامك فلا تطلق الأحكام السيئة واحرص على رفع معنوياته.
أضف تعليقاً