تعريف المدرسة:
تُعرَف المدرسة بأنَّها إحدى البنى التعليمية التي تزود الأطفال من عمر محدد بالعلم والمعرفة، وتبدأ بإعطائهم دروساً وفق مقررات مُمنهَجة ومضبوطة، وتُقسَم إلى ثلاث مراحل وحلقات؛ ابتداءً من المرحلة الابتدائية والحلقة الأولى التي تبدأ من الصف الأول وتنتهي بالصف الخامس، والمرحلة الإعدادية أو الحلقة الثانية التي تبدأ من الصف السادس وتنتهي بالصف العاشر، والمرحلة الثانوية التي تبدأ من الصف الحادي عشر وتنتهي بالبكالوريا.
في أغلب البلدان تكون جميع المراحل الدراسية إجبارية وفي بعضها مجانية، وللمدرسة دورٌ كبير يوازي دور الأهل في التربية والتعليم وصقل شخصية الطفل والكثير من الإيجابيات التي تعود بالنفع عليه في المستقبل، فالمدرسة هي البنية التحتية الصريحة في بناء المجتمعات وسموِّها؛ وذلك لأنَّ الأطفال هم شباب المستقبل، والمجتمعات تنهض بشبابها الناجحين.
مفهوم المدرسة لغة واصطلاحاً:
- المدرسة لغة: هي اسم مفعول فيه ظرف مكان للفعل "دَرَسَ"، ودرس شيئاً أي قسَّمه وكرَّره ليفهمه ويحفظه ويسهل له تعلَّمه على دفعات.
- المدرسة اصطلاحاً: هي مكان لتعليم الطلاب وإعطائهم الدروس؛ وهي مؤسسة تدريسية أنشأتها المجتمعات بقصد تعليم الأطفال وتربيتهم على مراحل متصاعدة، وتزداد صعوبة المعلومات كلَّما تقدمت الصفوف، وهي حلقة مستمرة لا تنتهي، وكل عام ينتقل جيلٌ جديدٌ من صفٍّ إلى آخر ويأتي جيل أصغر ليشغلَ الصف السابق وهكذا مع استمرار الحياة، وتُعَدُّ المدرسة حجر الأساس في بناء المجتمع وبناء أجيال تسمو بالأمم وتطورها وتجعلها تتقدَّم.
فوائد المدرسة:
تلعب المدرسة دوراً مهماً في حياة كل شخص، وللمدرسة عدة فوائد منها:
- اكتساب الخبرة العلمية والمعرفة والمهارات الأساسية اللازمة لمتطلبات الحياة المتنوعة.
- تطوير مهارة التفكير النقدي لدى الفرد.
- يتعلم الفرد التفكير لحل المشاكل (مهارة حل المشاكل)
- ازدياد ثقة الفرد بنفسه.
- تجهيز الطالب ليدخل إلى مؤسسة التعليم العالي وسوق العمل.
علاوة على ذلك، تقدم المدرسة للطالب بيئة آمنة ليتطور وليصبح عضو فعّالاً في مجتمعه.
أهمية المدرسة:
من يقول المدرسة ليست مهمة وأن الطفل ليس بحاجة لها، هذا الكلام غير صحيح، إذ يوجد أهمية كبيرة ليتعلم الابن في المدرسة، وتأتي أهميتها من:
- يوجد خطة دراسية واضحة وُضعت من قبل المختصين لنقل الطالب من مستوى معرفي إلى مستوى معرفي أعلى.
- ينخرط الطالب مجتمعياً مع أساتذته وزملائه الطلبة وهذا ما يعزز شخصيته وقدرته على إثبات نفسه بمراحل متقدمة من حياته.
- المساهمة ببناء المجتمع، إذ يحتاج العالم لأشخاص متخصصين في العديد من المجالات، هؤلاء الأشخاص يجب أن ينطلقوا من المدرسة وحتى لو اختاروا المجال المهني لاحقًا، فالمدرسة تبني عند الطالب أساس ثقافي وعلمي متين.
- المدرسة هي مرحلة ما قبل الجامعة والحياة المهنية، لذلك لا بد من المرور فيها والتعلم منها بأقصى درجة ممكنة.
وأهمية المدرسة لا تنحصر بالنقاط السابقة فقط، بس لها أبعاد اجتماعية واقتصادية مهمة جداً.
أهمية المدرسة في إعداد الطفل:
- تكمن أهمية المدرسة في أنَّها النظام الاجتماعي الأول الذي يدخل إليه الطفل، وتُعَدُّ عالماً يدخل الطفل إليه متردداً خائفاً من الابتعاد عن أهله، وسرعان ما يصبح غير قادر على تركها، ويتشجع إلى الذهاب إليها كل يوم، وتراه يَعُدُّ أيام العطلة كي تنتهي ليعاود الذهاب إليها. هذا الحب والتعلُّق بالمدرسة ناجم عن تكوين صداقات جديدة، وتعلُّم مهارات ومعلومات، والقيام بنشاطات جماعية ولعب الألعاب المسلية وغيرها؛ إذ تُعَدُّ مؤسسة اجتماعية تربوية وتعليمية تساعد على بناء شخصية الطفل وتنمية إدراكه وتأسيسه وتدريسه.
- المدرسة هي حق أساسي من حقوق الطفل، ولا يجوز حرمانه منها مهما كانت الظروف؛ إذ إنَّها أساس بناء الطفل وإعداده للمستقبل؛ إذ ينفتح على العالم ويتعامل مع العديد من الثقافات من بيئات مختلفة ويكوِّن صداقات مع زملائه من مختلف المعتقدات والثقافات.
- يتعرَّف الطفل في المدرسة إلى معنى الشخصيات؛ إذ إنَّه كان يعيش في بيئة والديه وأقربائه المُحِبَّة والعاطفيَّة، ولكن في المدرسة سيتعرَّف إلى الاختلافات في الشخصيات، فقد يتعرَّض إلى التنمر من أطفالٍ ذوي شخصيات حادة وصعبة وقليلة التربية، ويتعرَّف إلى أصدقاء يحبونه ويعطونه بوادر التعاطف والمساعدة.
- يتعرَّف الطفل في المدرسة إلى المدرِّسات والمدرسين ويشعر بمشاعر الحب أو الكره لأحدهم دون الآخر، وكل هذه المشاعر والعلاقات تنتج عن طريقة التعامل مع الطفل، فعقل الطفل وفطرته ينجذبان إلى مَن يحبه ويتعاطف معه، وينفران ممَّن يسيء معاملته وحزنه.
- يبدأ الطفل في المدرسة اكتشاف ذاته والاعتماد على نفسه بعيداً عن أمه وأبيه وأخوته، ويبدأ تأسيس شخصيته بناءً على ما يتعلمه ويشاركه مع أقرانه، وللمدرسة الدور الرئيس في تعليم الطفل القيم المثلى، وتوجيهه إلى الطريق السليم، واتِّباع سياسة المكافأة والعقاب عند التصرُّف بتهذيب أو بشكل سيِّئ.
- دور المدرسة في التربية؛ فدورها الأساسي هو التعليم؛ إذ يتعلم الطفل فيها لأول مرة معنى القراءة والكتابة خطوة بخطوة، فهي الأساس في عملية محو الأمية والجهل وبناء أجيال المستقبل.
- في المدرسة تبدأ مواهب الطفل المخفية بالظهور، وهنا يأتي دور المدرسين والأهل في إنمائها وإبرازها لتبصر النور؛ فينبغي على المعلمين متابعة الأطفال في جميع حصص النشاطات الإبداعية من رسم أو عزف أو غناء أو تمثيل أو لياقة بدنية، والبحث عن المواهب الدفينة وتقويتها.
- يبدأ الطفل في المدرسة بتحديد ميوله وأهدافه؛ فتراه منذ الصفوف الأولى يقول إنَّه يرغب في أن يصبح مهندساً أو طبيباً أو معلماً أو محامياً أو رساماً أو مغنياً أو جندياً أو غير ذلك، وهذا الهدف والحلم ينبثق من خلال ما يتعلمه ومن خلال مَن يراه مثله الأعلى، فقد يرى والده طبيباً ناجحاً، فيرغب في أن يكون مثله، أو يرى والد صديقه مهندساً ويتمنى أن يصير مثله، أو يُعجَب بمعلمه وطريقة تعليمه فيرغب في تقليده، فالطفل يبني شخصيته على أساس المثل العليا ابتداءً من والديه وانتهاءً بما يراه ويؤثر فيه في مجتمع المدرسة أو المجتمع الخارجي ككل.
- يحصل الطفل عند ذهابه إلى المدرسة على الكثير من الامتيازات؛ إذ يبدأ بأخذ مصروف من أهله، وعندها ينغرس معنى المال ويحقق الغاية في عقل الطفل؛ فيبدأ شراء المأكولات بخياره وكما هو يرغب دون التقيد بخيارات والديه، ويبدأ ادِّخار النقود كي يشتري شيئاً يحلم به.
كل ذلك وغيره يُعَدُّ عاملاً أساسياً في إعداد الأطفال وبناء شخصيتهم وتنشئتهم تنشئة صحيحة؛ وهذا يسهم في نموهم ليصبحوا أصحاب شخصية ذات استقلالية ومتعلمة ومثقفة ترتقي بمجتمعاتهم وتغنيها.
أهمية المدرسة في حياتنا:
إضافة إلى الفوائد التي تكلمنا عنها في الفقرات السابقة، يكمن للمدرسة دور مهم في حياتنا على جميع الأصعدة، إذ تعمل المدرسة في حياة الفرد على:
أولاً: تعزيز الصحة النفسية لدى الطالب:
إذ انخراط الطالب مع مجموعة من الطلبة والمدرسين، وتطبيق المدرسين الأسس الصحيحة لمعاملة الطالب وفقًا لمرحلته العمرية، ودعم الأهل للطالب أثناء دراسته وتشجيعه على التمييز، كل هذا يؤدي ليكون الطالب في بيئة سليمة نفسياً تجعله يحدد قراراته عندما يكبر بشكل سليم وتجعله يميّز الصح من الخطأ.
ثانياً: تحسين الصحة البدنية للطالب:
عند التزام الطالب بالذهاب إلى المدرسة، فأنه يسعى للنوم باكراً والاستيقاظ باكراً وهذا يساعد على تحسين الصحة الجسدية والنفسية للطالب، إضافة إلى أن نمط حياة الطالب نمط منظم يساعد على تحسين مناعته وخاصة في حال مراقبة الأهل لأولادهم من ناحية الغذاء والمتابعة الطبية المستمرة.
ثالثا: زرع روح الانتماء لدى الطالب:
وهي مسؤولية تقع على عاتق جميع من يعمل على تعليم وتنشئة الطالب، من الأهل إلى المعلمين إلى الإدارة المدرسية، ومن ثم المجتمع، إذ خلق بيئة مدرسية إيجابية تجعل الطلبة يحترمون التنوع مهما كان، وفهم الطلبة لتاريخ بلدهم وثقافتهم والإنجازات التي حُققت في هذا البلد، يعزز عندهم الشعور بالهوية والانتماء للوطن والمجتمع.
كما يجب على المدرسة أن لا تغفل عن إنجازات الطلبة وأن تعمل على إظهارها بشكل دائم والتسويق لها إن أمكن، وذلك يسبب زيادة ثقة الطالب بنفسه وتحسين شعوره بالانتماء والولاء لمدرسته ولوطنه.
دور المدرسة في حياة التلميذ:
إضافة إلى ما ذُكر سابقاً في هذا المقال، تلعب المدرسة دوراً حيوياً في حياة التليمذ وذلك للأسباب التالية:
- غير الدراسة، تعمل المدرسة على اكتشاف مواهب التلاميذ وبماذا يتميزون.
- المشاركة في طيف واسع من النشاطات الثقافية، التعليمية، والترفيهية.
- تمنح التلميذ مساحة واسعة في حياته للخروج من المنزل وأن يعيش مواقف حياتية متنوعة تساهم في بناء شخصيته.
لذا يوجد العديد من الدول تفرض التعليم الإلزامي ضمن مرحلة دراسية محددة، ليس فقط من أجل العلم والدراسة، بل لأن المدرسة تبني إنسان سيؤثر في هذا المجتمع، فأما يكون تأُثيره سلبي أو إيجابي، والإيجابي هو ما يسعى له الجميع.
دور المدرسة في بناء المجتمع:
تعددت أدوار المدرسة في بناء المجتمع، وفيما يأتي بعض أهم أدوارها:
- صون ثقافة المجتمع ونقلها وتوريثها لكلِّ جيل مُتعلِّم.
- ضبط التعلُّم والمعلومات والثقافات ضمن ضوابط ذات قيم أخلاقية ومعرفية؛ وذلك لأنَّ كل الثقافات تحوي على عناصر من الممكن أن تكون خاطئة، وسلوكات غير مرغوب فيها قد تكون ضارة بالمجتمع؛ لذا توجِّه المدرسة الطالب وتنبهه وتربيه على معرفة السلوكات الصحيحة وتُعرِّفه إلى الثقافات التي تقوي تفكيره العلمي وتثري قيمه وتشكل منه فرداً فعالاً في المجتمع.
- مزج الثقافات وتسهيل العلاقات؛ وذلك لأنَّ المدرسة تضم الكثير من الأطفال الذين يأتون من بيئات مختلفة وثقافات متنوعة؛ الأمر الذي يسبب في بعض الأحيان التنافر والمشكلات فيما بينهم، وهنا يأتي دور المعلمين في العمل على خلق تجانس بينهم، وتسهيل المعتقدات والثقافات المعقدة وتعليم الأطفال احترام جميع الثقافات والمعتقدات المختلفة عنهم؛ وهذا يقوي الروابط الاجتماعية ويعزز ثقتهم بنفسهم وانفتاحهم على جميع الثقافات الأخرى.
- خلق التكاتف والتماسك المجتمعي ليصبح الطفل فرداً فعالاً في المجتمع، ويتم ذلك عن طريق مشاركة زملائه ثقافاتهم والانخراط في الأعمال التعاونية، وتُعَدُّ المدرسة ناجحةً عندما تشجِّع طلابها على إحياء الروابط الاجتماعية والثقافية بينهم وتحل العداوات المبنية على عدم الفهم، وتوعي الأطفال على أهمية احترام الثقافات واحترام جميع الأديان، وتُعلِّمهم أنَّ التكاتف هو ما يبني المجتمعات والتفرقة تهدمها.
- تعليم الأطفال احترام القوانين والأنظمة وعدم الإخلال فيها، وحب الوطن والولاء له وغرس فكرة أنَّ الوطن كالأُم ومن الواجب علينا أن نحميه، والعلم والنجاح هو ما يبني الأمم.
- تعليمهم العمل الجماعي عن طريق الدروس الخاصة بتكوين مجموعات البحث أو القراءة وبعض الألعاب التعليمية الجماعية، وتنمية روح المنافسة والسعي إلى تحقيق الأهداف.
- مشاركة الأطفال بعضهم بعضاً في النشاطات والألعاب الرياضية المشتركة تُنمي لديهم روح التعاون والعمل الجماعي والصداقة وتقوي الروابط الاجتماعية وتعزز صحتهم الجسدية والنفسية.
- تنمية حب الطفل للقراءة والاطلاع؛ وذلك عن طريق حصص القراءة والمكتبة وتعليمه اللغة الأم بالإضافة إلى لغات أخرى في حصص اللغة؛ إذ تؤدي جميعها إلى جعله منفتحاً على الثقافات وتكسبه هوية شخصية وثقة بالنفس، وعندما يكبر، يعلو شأنه في المجتمع وتزداد مجالات عمله ونجاحه محلياً ودولياً.
وغيرها الكثير من الأدوار التي تساعد فيها المدرسة على بناء المجتمعات، ولا يسعنا ذكرها كاملةً هنا.
شاهد بالفديو: 9 عادات دراسية بسيطة لتحسين التعلم
عبارات عن المدرسة:
فيما يأتي بعض العبارات عن المدرسة وأهميتها:
- "مَن فتح مدرسةً أقفلَ سجناً" - "نابليون بونابرت".
- "بعد أن يدخل ابن الإمبراطور إلى المدرسة يصبح مثل بقية أولاد الناس" - مثل منغولي.
- "قلب الأم مدرسة الطفل" - "بيتشر".
- "في المدرسة يعلمونك الدرس ثم يختبرونك، أمَّا الحياة فتختبرك ثم تعلمك الدرس" - "ألبيرت أينشتاين".
- "أنشأت مدرسة مارستانا لتصحِّح الأجسام والأبدان" - "البوصيري".
في الختام:
المدرسة هي اللبنة الأساسية التي تؤسس الطفل، وهي المؤسسة التعليمية العظمى التي خرَّجت المعلمين والأطباء والمهندسين والقضاة والجنود والمبدعين، وهي صاحبة الفضل بعد الوالدين في تربية أجيال من الناجحين ليصبحوا عاملاً فعالاً في بناء وتطوير مجتمعاتهم، ولولاها لساد الجهل الأرض وفسدت القيم والمبادئ وحلَّ الخراب في كل مكان، فالمدرسة هي منارة العلم وفيض من المعارف، وكما قال "أحمد شوقي": "بالعلم والمال يبني الناس ملكهم، فلم يُبنَ الملك على جهلٍ وإقلالٍ".
أضف تعليقاً