يختبر كل منَّا درجات متفاوتة من النجاح والفشل خلال حياته، وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها؛ فلم يسبق قط لطريق النجاح أن كان ممهداً، بل لطالما كان مليئاً بالمطبات والعوائق التي تقف في طريق تقدمنا؛ فكلما تقدمنا خطوة نحو الأمام، تعثرنا وعدنا خطوتين إلى الوراء؛ لذا اسأل نفسك السؤال التالي: إن كان قدري أن أفشل وأنجح في مراحل مختلفة من حياتي، فكيف بمقدوري التقليل من المخاطر وزيادة فرصي في النجاح؟
يتعلق ذلك بتحديد مواطن قوتك الشخصية وتنميتها.
تحديد مواطن القوة الشخصية:
إن لم تستطع معرفة مواطن قوتك، فلن تستطيع أن تنميها؛ لذلك نقدم إليك هذه النصائح التي تساعد على تحديد مواطن قوتك:
1. اعرف نفسك جيداً:
تتمثل الخطوة الأولى في تدريب نفسك على الوعي الذاتي، وتقييم نفسك لتصل إلى بعض القرارات الحاسمة المتعلقة بشخصيتك ونظرتك الشمولية إلى الحياة؛ ويمكننا صوغ هذه الخطوة بعبارة: "اعرف نفسك جيداً".
ليس بمقدور أحد أن يحدد مَواطن القوة والضعف فيك سواك؛ لذا يضعك التفكير العميق لمحاولة معرفة مَواطن ضعفك وقوتك على الطريق الصحيح، ويمنحك تصورات لما سيحمله المستقبل لك.
إن لم تكن قد منحت نفسك الوقت بعد لتقييم وضعك الحقيقي على المستوى الشخصي، وتحليل مواهبك ومَواطن قوتك وضعفك وأهدافك في الحياة على الأمد الطويل، فإنَّك تحرم نفسك فرصة إثبات نفسك؛ فعندما تعرف نفسك حقاً وتستثمر الوقت لتتعلم عنها أكثر، ستتمكن في النهاية من تنمية مَواطن قوتك.
2. اسأل أصدقاءك عن مَواطن قوتك:
تقترح بعض الدراسات هذه النصيحة انطلاقاً من إيمانها الراسخ بأنَّ الآخرين أدرى منَّا بأنفسنا؛ ورغم أنَّ هذه نصيحة مخالفة للنصيحة السابقة، لكن من الجيد اتباع هذا النهج لكونه ينفي احتمالية التحيزات الشخصية التي قد تؤثر في صدق حكمك في تقييم نفسك.
يمتلك أصدقاؤنا نظرة ثاقبة عن شخصياتنا، وهم مؤهلون لمساعدتنا على تحديد مَواطن ضعفنا وقوتنا؛ ذلك لأنَّ لديهم منظور مختلف يمدهم برؤية أفضل؛ لذا من الأفضل أن تُقيِّم نفسك أولاً، ثم تطلب من صديقك تقييمك، ثم تقارن فيما بين التقيمين؛ ففي حال وجود بعض النقاط المشتركة، فيعني هذا أنَّك تبلي جيداً؛ وفي حال عدم وجودها، فربَّما تحتاج إلى إعادة النظر في تقييمك أو تقييم صديقك والبحث عن الحقيقة القابعة خلفهما.
أيَّاً كان النهج الذي تتبعه، فمن الهام أن تجري خلال هذا الجزء من العملية تقييماً صادقاً لنفسك، وأن تكون راغباً في تحديد مَواطن قوتك وضعفك، وإلَّا ستضيع جهودك هباء؛ واعلم أنَّ بعض الأشخاص يمتازون بالوعي التام بالجوانب التي يبرعون أو التي يفشلون فيها.
3. ابحث عن دلائل على محاولاتك وإخفاقاتك:
مع تقدمنا في العمر، نعيش على أمل أنَّنا سنغدو يوماً ما على وعي تام بذواتنا؛ فنحن نعيش الحياة في أخذ وعطاء، ونتعلم فيها من أخطائنا التي لا تثنينا عن النهوض والبدء من جديد، وندرك قيمة الحب عندما يفطر الشخص الذي نحبه قلبنا، ونتعلم أن نحترم الوظيفة ذات المدخول الثابت عندما نُطرَد من العمل، ونتعلم القيادة الحذرة عندما نتعرض إلى حادث مروري خطير؛ آمِن أنَّ الفشل هو اللبنة الأولى في بناء مسيرة من النجاح على الأمد البعيد.
يزيد الفشل من قدرتنا على تجنب المخاطر المستقبلية وترسيخ تلك الدروس في صميم ذواتنا، بحيث نمسي أكثر قدرة على رؤية المكاسب من خساراتنا السابقة؛ لكن يكاد يكون من المستحيل اكتشاف هذه الدروس في خضم الفشل، فلن تتمكن من تركيب قطع الأحجية جميعها واستخلاص العِبر قبل أن تمر هذه العاصفة بسلام، وعليك ألَّا تنسى أبداً أنَّ عليك ألَّا تفقد تركيزك في حالات الفشل والأوقات التي تشعر فيها بالعجز، كي تكون قادراً على تحديد مَواطن الضعف في حياتك التي قد تكون سبباً في هذه الإخفاقات.
4. حلِّل نجاحاتك:
قد يعلمك الفشل في بعض الأوقات أعظم الدروس، لكنَّ النجاح سيحفزك على مزيد من النجاح؛ فأي تجربة هي درس للفرد إن عرف كيفية تسخيرها، سواء كانت إيجابية أم سلبية؛ ويكمن سر النجاح في التعمق في الحالات وإيجاد طرائق لاكتساب تلك الخبرة الضرورية.
5. تمسَّك بهويتك:
عليك كفرد أن تستميت في الحفاظ على هويتك، سواء كنت شريكاً أم موظفاً جيداً؛ فكلما عرفت نفسك أكثر، استفدت أكثر من تنمية مَواطن قوتك وتحقيق النجاح في المستقبل.
6. اختبر مَواطن قوتك:
إن لم تساعدك أيٌّ من الخطوات السابقة على تحديد مَواطن قوتك، فعليك إجراء اختبار خاص، فهذه النوعية من الاختبارات مصممة لمساعدة الأشخاص على تحديد مَواطن قوتهم، انطلاقاً من إيمانها بتأثير التحيز الشخصي في تقييمنا لذواتنا.
كيف تنمي مَواطن قوتك الشخصية؟
يجب علينا جميعاً أن نغرس في أذهاننا فكرة السعي إلى تنمية مَواطن قوتنا لنطور مهاراتنا وندفع أنفسنا في طريق النجاح.
يمكننا إسقاط مفهوم التنمية على أرجوحة التوازن؛ فعندما يدفع الشخص بكامل قوته مَن عليها، سيرفع الطرف الآخر عالياً؛ وكذلك، إن دعمت نموك بمَواطن قوتك، فسترتقي إلى النجاحات الدائمة؛ لذلك:
1. استثمر في نفسك:
عليك أيضاً مراعاة الاستثمار في النفس، والذي هو نقيض الاستثمار في أسواق الأسهم؛ حيث ينصحك معظم خبراء الاقتصاد بتحسين المحفظة الاستثمارية أو الاستثمار في صندوق المؤشر كيلا تخاطر بوجود مركز صرف واحد يُثقِل محفظتك؛ وبمعنى أوضح: لا تضع بيضك كله في سلة واحدة.
لكن يجب عليك اتباع نهج مخالف تماماً عندما يتعلق الأمر بتحديد مَواطن قوتك وتنميتها؛ فإذا رغبت في رسملة مَواطن قوتك، عليك باستثمار مزيد من الوقت والجهد والمال في مجال معين، وصب جل تركيزك على تنمية مهاراتك وأعظم مَواطن قوتك.
لذا عليك اتباع نصيحة رجل الأعمال والصناعي الأمريكي أندرو كارنيغي (Andrew Carnegie) في الاستثمار، والتي تقول: "لكي تصبح غنياً، عليك أن تضع بيضك كله في سلة واحدة وتركز عليها"؛ إذ لا يجب عليك أن تركز على مَواطن قوتك فحسب، بل يجب العمل على تقوية مَواطن ضعفك أيضاً؛ فإن كانت لديك مهارات فعالة في التواصل وإدارة العلاقات لكنَّك فاشل في المبيعات، فعليك ضخ مزيد من الموارد وإيلاء مزيد من الاهتمام لإتمام عمليات البيع.
2. حدد مَواطن ضعفك واعمل على تحسينها:
إن أردت تنمية مَواطن قوتك، فعليك التركيز على جوانب الضعف التي تعيق عملية التطور لديك أيضاً، ثم العمل على دعم هذه الجوانب لبناء أساس متين للنجاح؛ كما عليك السعي الحثيث إلى التخلص من مَواطن ضعفك وتنمية مَواطن قوتك، حيث يتيح لنا التخلص من مَواطن الضعف فينا على المستوى الشخصي القدرة على الأداء العالي، ويحشد لدينا مزيداً من القوة.
الخلاصة:
إنَّ تحديد مَواطن القوة وتنميتها ليس بالأمر السهل أيَّاً كان النهج الذي تتبعه، بل يتطلب هذا السعي الحثيث والعمل الجاد، والبحث عن الطريقة الأنجع لاستثمارها لصالحك ونموك؛ إذ لا تحدث هذه العملية بين ليلة وضحاها، بل تتطلب كثيراً من الوقت والبحث.
أضف تعليقاً