تشير الدراسات إلى أنَّ الانطباعات الأولى تؤدي دوراً كبيراً في كيفية تقييم الآخرين لك، لذا فإنَّ استثمار الوقت والجهد في هذه الأيام الأولى يمكن أن يُحدِث فرقاً كبيراً، فمن خلال وضع أهداف واضحة، وتواصل فعَّال، واستغلال الفرص للتعلم والنمو، يمكنك أن تضمن لنفسك بداية قوية تعزِّز من فرص نجاحك في المستقبل.
سنستعرض في هذا المقال مجموعة من الاستراتيجيات الفعَّالة التي يمكن أن تساعدك على تحقيق النجاح خلال أول 90 يوماً، وسنناقش أهمية فهم ديناميكيات الفريق، وكيفية إدارة توقعاتك وتوقعات الآخرين، إضافة إلى كيفية تطوير مهارات جديدة تتناسب مع متطلبات الوظيفة، فدعنا نبدأ هذه الرحلة معاً ونكتشف كيف يمكنك أن تترك بصمتك في مكان عملك الجديد.
فهم ثقافة الشركة
1. التعرُّف إلى القيم والمبادئ الأساسية
أوَّل خطوة باتِّجاه النجاح في أية وظيفة جديدة هي فهم ثقافة الشركة التي ستعمل بها، فيجب أن تكون على دراية بالقيم والمبادئ الأساسية التي تحكم بيئة العمل، ويمكنك القيام بذلك من خلال قراءة المواد المقدَّمة من الشركة، مثل دليل الموظف أو سياسات الشركة، أو من خلال التفاعل المباشر مع زملائك في العمل، وسيساعدك فهم الثقافة على التكيُّف بسرعة ويعزِّز من قدرتك على الاندماج بسلاسة في الفريق.
2. ملاحظة سلوك الزملاء والإدارة
راقِبْ بعناية كيف يتفاعل الزملاء مع بعضهم بعضاً ومع الإدارة، وهل يوجد أسلوب معيَّن في التواصل والتعامل؟ هل يُقدَّر الابتكار والمبادرة الفردية؟ من خلال ملاحظة هذه الأنماط السلوكية، يمكنك فهم كيفية التصرف والتفاعل تفاعُلاً يتماشى مع توقعات الشركة وثقافتها التنظيمية، فهذه المعرفة ستساعدك على تكوين انطباع إيجابي وكسب ثقة الزملاء والإدارة.
بناء علاقات قوية
1. التواصل والتفاعل مع الزملاء
في بداية عملك في الشركة الجديدة، من الهام جداً بناء علاقات قوية ومثمرة مع زملائك، ومحاولة التعرُّف إلى الأشخاص في فريقك المباشر، وكذلك في الأقسام والإدارات الأخرى ذات الصلة بعملك، ويمكنك بدء المحادثات والتفاعل من خلال تناول الغداء مع الزملاء، أو الانضمام إلى النشاطات الاجتماعية والترفيهية للشركة، فبناء شبكة من العلاقات المهنية والاجتماعية يمكن أن يكون له تأثير كبير في نجاحك في العمل وتقدمك الوظيفي.
2. تحديد مرشد أو مشرف داخلي
إذا كان ذلك ممكناً، اعثُرْ على مرشد أو مشرف داخلي ذي خبرة يُقدِّم الدعم والإرشاد خلال فترة الانتقال والتأقلم، فوجود شخص موثوق به ولديه خبرة في الشركة يمكن أن يساعدك مساعدة كبيرةً على فهم الديناميات الداخلية للمنظمة وتقديم نصائح قيِّمة عن كيفية النجاح في دورك الجديد، فاستفِدْ من خبرته وتوجيهاته لتجنُّب الأخطاء الشائعة وتسريع تعلُّمك للمهارات اللازمة.
وضع أهداف واضحة
1. تحديد الأهداف قصيرة وطويلة الأمد
في أوَّل 90 يوماً، من الهام جداً وضع أهداف واضحة وقابلة للتحقيق على الأمد القصير والطويل، وحدِّد بوضوح ما ترغب في تحقيقه خلال هذه الفترة الحاسمة، سواء كان ذلك اكتساب مهارات جديدة، أم إكمال مشروع معيَّن بنجاح، أم تحسين عملية أم إجراء معيَّن، فالأهداف قصيرة الأمد ستساعدك على التركيز وتقديم نتائج ملموسة في الوقت المناسب، وفي الوقت نفسه، ضَعْ أهدافاً طويلة الأمد تتماشى مع رؤية الشركة وتطلُّعاتك المهنية.
2. التواصُل مع الإدارة وتحديد التوقُّعات
تأكَّدْ من مناقشة أهدافك وخطط التطوير الخاصة بك مع مديرك المباشر، وسيساعدك ذلك على فهم توقعات الإدارة بوضوح والتأكُّد من أنَّك تسير في الاتجاه الصحيح، كما يمكنك الحصول على ملاحظات قيِّمة عن أدائك وتوجيهات محددة لتحسينه والنمو في دورك، فتحديد التوقُّعات مع الإدارة منذ البداية سيساعد على تجنُّب سوء التفاهم والإحباط في المستقبل.
التعلم والتكيُّف
1. اكتساب المهارات والمعارف اللازمة
يجب عليك استغلال الفترة الأولى في الشركة لتعلُّم المهارات والمعارف الأساسية اللازمة لأداء وظيفتك بكفاءة وفاعلية، فيمكنك القيام بذلك من خلال التدريب الرسمي الذي توفِّره الشركة، أو من خلال التعلُّم الذاتي باستخدام الموارد المتاحة، وتأكَّد من أنَّك على دراية بالأدوات والبرامج التي تستخدمها الشركة، وكن مستعداً باستمرار لتطوير مهارات جديدة وفقَ الحاجة، فالاستعداد والرغبة في التعلُّم المستمر ستساعدك على النجاح في وظيفتك الجديدة.
2. التكيُّف مع التغيُّرات والتحديات
كن مرناً ومستعداً للتكيُّف مع التغييرات والتحديات التي قد تواجهها، فقد تواجه مهاماً جديدة أو متطلبات غير متوقَّعة في عملك، فالقدرة على التكيُّف مع هذه التغيُّرات والتحديات بسرعة وكفاءة ستُظهر قدرتك على التعامل مع الضغوطات وتقديم قيمة مضافة للشركة، وتذكَّر أنَّ التغيير هو جزء لا يتجزأ من بيئة العمل الحديثة، لذلك كن مستعداً لمواجهته بمرونة وإيجابية.
شاهد بالفيديو: 10 نصائح لليوم الأول في العمل الجديد
تقديم قيمة مضافة
1. البحث عن فرص التحسين والابتكار
خلال الفترة الأولى في الشركة، حاوِلْ البحث بنشاط عن فرص لتحسين العمليات أو تقديم أفكار جديدة وابتكارية، فإذا لاحظت أية مجالات أو إجراءات يمكن تحسينها أو تطويرها، فلا تتردَّد في طرح أفكارك وحلولك الإبداعية، وإظهار المبادرة والتفكير الابتكاري يمكن أن يميِّزك عن الآخرين ويُظهر التزامك بتحقيق النجاح للشركة.
2. المشاركة النَّشِطة في المشاريع والمهام
كن نشطاً وفعَّالاً في المشاركة في المشاريع والمهام المختلفة داخل الشركة، وهذا سيساعدك على التعرف إلى مزيد من جوانب العمل وبناء سمعة إيجابية بوصفك موظفاً ملتزماً وفعَّالاً، كما أنَّ المشاركة في المشاريع يمكن أن تعزز من فرصك لبناء علاقات قوية مع زملائك وتكوين انطباع إيجابي لدى الإدارة، وتذكَّر أنَّ تقديم قيمة مضافة للشركة هو المفتاح لتحقيق النجاح الوظيفي.
تقييم الأداء والتطوير المستمر
1. الحصول على ملاحظات وتغذية راجعة
في نهاية فترة الـ 90 يوماً الأولى، من الهام الحصول على ملاحظات وتغذية راجعة عن أدائك، ويمكنك طلب تقييم رسمي من مديرك أو زملائك، فهذه الملاحظات ستساعدك على فهم نقاط قوتك ومجالات التحسين، وهذا يمكِّنك من تطوير مهاراتك وأدائك تطويراً مستمراً، فكُنْ مستعداً للاستماع بانفتاح وتقبُّل النقد البنَّاء.
2. مراجعة الأهداف وتعديلها عند الضرورة
راجِعْ الأهداف التي وضعتها في بداية الفترة، فهل حقَّقت ما كنت تأمل فيه؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فما هي العوامل التي أثَّرت في أدائك وتحقيق أهدافك؟ استخدِمْ هذه المعلومات لتعديل أهدافك المستقبلية وتحسين استراتيجياتك، فالمرونة في تعديل الأهداف عند الضرورة أمر حيوي لضمان استمرار التقدم والنمو.
يعدُّ أول 90 يوماً في وظيفة جديدة فترة حاسمة ومليئة بالتحديات والفرص، وهذه المرحلة ليست مجرد فترة انتقالية؛ بل هي فرصة ذهبية لتأسيس نفسك بوصفك موظفاً فعَّالاً ومؤثِّراً في المنظمة، ومن خلال فهم ثقافة الشركة، وبناء علاقات قوية مع الزملاء والإدارة، وتحديد الأهداف الواضحة، يمكنك وضع أسس قوية لمستقبل مهني ناجح.
تتطلَّب هذه الفترة التزاماً حقيقياً بالتعلم والتكيُّف، ويجب أن تكون لديك الرغبة في اكتساب المهارات والمعارف اللازمة، وأن تكون مَرِناً في مواجهة التغييرات والتحديات التي قد تظهر، وإنَّ القدرة على التكيُّف مع بيئة العمل الجديدة والتفاعل تفاعُلاً إيجابياً مع الزملاء والإدارة ستساعدك على تحقيق نتائج ملموسة وتعزيز سمعتك بوصفك موظفاً موثوقاً به.
إضافة إلى ذلك يجب أن تسعى دائماً لتقديم قيمة مضافة للشركة، فمن خلال البحث عن فرص التحسين والابتكار، والمشاركة النَّشطة في المشاريع، يمكنك أن تبرز بوصفك عنصراً أساسياً في الفريق، وإظهار المبادرة والقدرة على التفكير النقدي سيساعدك على كسب احترام زملائك وثقة الإدارة، وهذا يفتح لك أبواباً جديدة للنمو والتطور.
يتطلَّب المطاف النجاح في أول 90 يوماً منك أن تكون استباقياً وأن تتبنَّى عقلية النمو، واحرص على الحصول على ملاحظات وتغذية راجعة من الزملاء والمديرين، فاستخدِمْ هذه المعلومات لتعديل أهدافك واستراتيجياتك، وتذكَّر أنَّ التعلم المستمر والتكيُّف مع التغيُّرات هما المفتاحان الرئيسان لتحقيق النجاح على الأمد الطويل، لذا لا تعدُّ هذه الفترة مجرد بداية جديدة؛ بل عُدَّها فرصة لبناء مسيرة مهنية متميِّزة، واستثمر في تطوير نفسك، وكن منفتحاً على التعلُّم، وركِّز على بناء علاقات إيجابية.
من خلال هذه الجهود يمكنك أن تضع نفسك على الطريق الصحيح نحو تحقيق أهدافك المهنية، وتصبح جزءاً لا يتجزأ من نجاح الشركة التي تعمل بها.
في الختام
تذكَّر أنَّ النجاح ليس مجرد نتيجة؛ بل هو رحلة مستمرة تتطلَّب الالتزام والإصرار، واستمتِعْ بالتحديات التي تواجهها في أوَّل 90 يوماً، واستعد لتقديم أفضل ما لديك، وبهذه الطريقة يمكنك أن تضمن بداية قوية تؤسِّس لمستقبل مهني مشرق ومليء بالفرص.
أضف تعليقاً