ما هي اللغة العربية؟
تعد اللغة العربية من أكثر اللغات جزالة في الألفاظ، وقدرة على استيعاب الألفاظ الجلية، وهي إحدى اللغات السامية، وقد سميت بالسامية نسبة إلى سام بن نوح عليه السلام.
من اللغات التي تشتمل عليها مجموعة اللغات السامية: الحبشية، والكنعانية، والبابلية، والنبطية؛ وتعدُّ اللغة الوحيدة من اللغات السامية التي حافظت على وجودها حتَّى يومنا هذا، بينما لم يتبقَّ من باقي اللغات السامية سوى آثار أحرفها المنحوتة على الصخور.
تعد اللغة العربية لغة إنسانية عالمية، ولكلماتها وألفاظها دلالات مختلفة، وهي من اللغات التي تتميز بنظامٍ تركيبي نحوي وصرفي وصوتي؛ ويعد تعلمها حاجة ملحة لكل مسلم من أجل تلاوة القرآن الكريم وفهم آياته، وتأدية الشعائر الدينية الإسلامية.
كما تعد لغة السياسة والأدب والعلوم لأزمنة طويلة في البلاد التي فتحها وحكمها المسلمون، فقد كان لانتشار الدين الإسلامي أثر كبير في رفع مكانة اللغة العربية.
لم تقتصر أهمية اللغة العربية على المسلمين فحسب، بل هي لغة شعائرية عند عددٍ من الكنائس المسيحية على امتداد الوطن العربي؛ كما قد كتب العديد من الأعمال الفكرية والدينية المسيحية في العصور الوسطى باللغة العربية.
أهمية اللغة العربية:
تعتبر اللغة العربية واحدة من أقدم وأعظم اللغات في العالم، تاريخها يعود إلى القرون القديمة. تعتبر اللغة العربية لغة القرآن الكريم ولغة العلم والأدب. إنها تحمل تراثاً ثقافياً غنياً وتعبر عن هوية الشعوب العربية. تتميز بجمالياتها اللغوية ودقتها، فيما يلي أهم النقاط التي تبرز أهمية الحفاظ على اللغة العربية:
- اختارها الله عز وجل لتكون لغة القرآن الكريم؛ ذلك لأنها تحتمل ثقل الكلام الإلهي وقوة الخطاب الرباني، ولها أهمية كبيرة في فهم معاني الآيات القرآنية ومقاصدها. قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ۗ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ}. [ سورة النحل، الآية: 103].
- تشكل هوية الأمة العربية الثقافية التي تميزها عن باقي الأمم.
- تعد لغة عبقرية؛ ذلك لأنَّها تسمح للكاتب بربط المواضيع المختلفة مع بعضها بعضا مهما تعددت، دون أن يقع القارئ في دوامة من التشتت الذهني وعدم الفهم.
- هي من أكثر اللغات التي تساعد في التعبير عن الأفكار والمشاعر والأحاسيس.
- تساعد في المُحافظةِ على الاتصال بين الأجيال، ودوام واستمرار الثقافة العربية بين الفئات المُختلفة.
- تتسم بتجددها وثبات جذورها، بسبب مميزاتها الكثيرة وخصائصها المُتعددة.
- تعد أداة للتواصل والتعارف بين ملايين البشر في مُختلف أنحاء العالم.
- كانت اللغة الحضارية الأولى في العالم، ولوقت طويل.
- لها قدرة كبيرة في المُساعدة على التعبير عن العلوم المختلفة؛ وذلك بسبب تمتعها بخصائص كثيرة من تراكيب وألفاظ وخيال، وغيرها من الخصائص الأخرى.
شاهد بالفيديو: حقائق ومعلومات قد لا تعرفونها عن اللغة العربية
مزايا وخصائص اللغة العربية:
تتميز اللغة العربية بمزايا فريدة من نوعها تجعلها لغة متميزة. تتميز بنظامها اللغوي المعقد، وجماليتها الأدبية، والعمق في التعبير. تعتبر لغة دقيقة ومحكمة في بنية الجمل والكلمات، وتحتل مكانة عالية في الأدب والشعر. تساهم في نقل الفكر والعلم بوضوح، مما يجعلها لغة غنية بالمعاني والتعبير، ومن أهم المزايا نذكر:
1. الترادف:
المقصود بالترادف دلالة عددٍ من الكلمات على المعنى المقصود نفسه.
2. كثرة مفرداتها:
تحتوي على عددٍ كبيرٍ جداً من المفردات، ولا توجد أي لغة في العالم تمتلك عدد الكلمات نفسه التي تمتلكها اللغة العربية، أو أكثر.
3. الفصاحة:
الفصاحة -كما قال الجرجاني- هي: "الألفاظ البينة الظاهرة والمُتبادرة إلى الفهم، والمأنوسة الاستعمال بين الكُتَّاب والشعراء لمكان حسنها؛ والفصاحة هي اللفظ الحسن المألوف في الاستعمال، بشرط أن يكون المعنى المفهوم منه صحيحاً".
4. الأصوات الدالة على المعاني:
هذه الميزة من أهم الميزات الخاصة باللغة العربية، ويقصد بها فهم معنى الكلمة بشكل دقيق أو عام من خلال الصوت فقط.
5. علم العروض:
هو العلم الذي تعرف به الأوزان وما يختص بها من أحكام، وما يطرأ عليها من تغييرات؛ ويقوم علم العروض بعرض الشعر، فيميز من خلاله الشعر الصحيح من السقيم، والمستقيم من المكسّر، والمعتل من السليم؛ لذلك فإن الشعر العربي هو الشعر الأكثر فصاحة وبلاغة، نتيجة لاتباعه القواعد الرئيسة والأوزان المُحددة.
6. التخفيف:
يقصد بالتخفيف أن غالبية مفردات اللغة العربية تعد من أصلٍ ثلاثي، ثم يأتي بعد ذلك الأصل الرباعي، ثم يأتي الأصل الخماسي والسداسي على الترتيب.
7. الثبات الحر:
اختلفت اللغات الأخرى -مثل اللغة الإنكليزية وغيرها- وتطورت كثيراً عبر الزمن، في حين استطاعت اللغة العربية تجاوز جميع التحديات، وبقيت ثابتةً، وتمكنت من الانتصار على عاملي التطور والزمن.
علوم اللغة العربية:
تشمل علوم اللغة العربية دراسة بنية اللغة وتطورها، وقواعد النحو والصرف والبلاغة، والدلالة والاصطلاح، وغيرها. تعد هذه العلوم جوهرية لفهم اللغة العربية بعمق ودقة، وتسهم في تحليل النصوص، وتفسير المعاني، وتطوير اللغة، مما يبرز أهميتها في الحفاظ على تراثنا اللغوي والثقافي. ومن أهم علوم اللغة العربية نذكر:
1. علم البلاغة:
وضع علم البلاغة لمعرفة التركيب الواقع في الكلام، ويقصد به -كما ورد في المعجم الوسيط- حسن البيان وقوة التأثير، وقد قسم علماء اللغة العربية علم البلاغة إلى ثلاثة أقسام:
أولاً، علم المعاني:
العلم الذي يبحث في الجملة وكل ما يحدث فيها من تغييرات، من حيث: الإضافة والحذف، والقصر والتخصيص، والتقديم والتأخير، والإيجاز والإطناب، والفصل والوصل، والتعريف والتنكير؛ مع مراعاة مطابقة الكلام لمُقتضى الحال وقواعد النحو.
ثانياً، علم البيان:
يعرفه علماء اللغة بأنَّهُ: "العلم الذي يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرائق مختلفةٍ في وضوح الدلالة عليه"، ويحتوي على مجموعة من القواعد التي تُستخدَم لإيصال المعنى الواحد بفنونٍ وطرائق مُختلفة؛ لذا يمكن استخدام فن الاستعارة، أو التشبيه، أو الكناية، أو المجاز.
ثالثاً، علم البديع:
فن من فنون القول والحديث، وهو تزيين الكلام وتحسينه وجعله كلاماً منمقاً، وذلك من خلال استخدام الجِناس، أو السجع، أو الترصيع، أو تورية المعنى، أو الطباق؛ وهو العلم الذي يعرف به وجوه حسن الكلام، وذلك بعد وضوح الدلالة ورعاية المطابقة.
2. علم النحو:
يعد علم النحو من أهم العلوم في اللغة العربية، وهو العلم المسمى بـ "جامع الدروس العربية"، والذي يبحث في أصول تكوين الجملة وقواعد الإعراب، وواضع هذا العلم هو أبو الأسود الدؤلي.
يحكى عن أبي الأسود الدؤلي الكناني أنه دخل على الإمام علي بن طالب -كرم الله وجهه- يوما، فوجد رقعة سوداء في يده، فسأله عنها، فقال: "إنِّي تأمَّلت كلام العرب فوجدته قد فسد، فأردت أن أضع شيئاً يرجعون إليه"؛ وألقى بعد ذلك الرقعة إلى أبي الأسود الدؤلي، فوجد أنه مكتوب فيها:
"الكلام كله اسم وفعل وحرف، فالاسم: ما أنبأ عن المسمى، والفعل: ما أنبئ به، والحرف: ما أفاد المعنى"؛ ثمَّ قال علي بعد ذلك: "اِنحُ هذا النحو، وأضف إليه ما وقع لك"؛ ويقال أن تسمية النحو جاءت من هنا.
3. علم العروض والقوافي:
علم موسيقى الشعر أو ميزان الشعر، ويعرف بهِ مكسوره من موزونه؛ أو بتعبيرٍ آخر هو: "علم يبحث فيه عن أحوال الأوزان المعتبرة".
نشأ علم العروض في القرن الثاني الهجري، حيث استنبط "الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي" -أحد أئمة اللغة والأدب- مع صديقه "الليث بن المظفر الكناني" علم العروض، وأخرجاه إلى الوجود، وحصرا أقسامه في خمسة دوائر عروضيةٍ يُستخرَج منها خمسة عشر بحراً؛ ثم زاد الأخفش بعد ذلك بحراً واحداً أسماه "المتدارك".
4. علم التصريف:
واضع هذا العلم هو "معاذ بن مسلم الهرَّاء"، ويعرف الصرف اصطلاحاً بأنه: "علم يدرس التغيير الذي يطرأ على بنية الكلمة وصيغتها، وما يطرأ عليها من تغيير مثل: النقصان، أو الزيادة، أو القلب، أو الإبدال، وغير ذلك"، وهو لا يتناول الكلمة الجامدة غير القابلة للتغيير مثل: الأسماء المبنية (مثل الضمائر)، الأسماء الأعجمية كونها منقولة من لغةٍ أخرى.
كما لا يتناول أيضاً كلا من: الأسماء الموصولة، وأسماء الإشارة، وأسماء الشرط، وأسماء الاستفهام، وأسماء الأفعال، والأفعال الجامدة؛ وهو بذلك لا يدرس سوى الكلمة العربية المُتصرِّفة، مثل الأسماء المعربة، والأفعال المتصرفة، وصحة الفعل وعلته، وأصوله وزيادته.
5. علم الترادف والتضاد:
المرادفات في اللغة العربية هي: "كلماتٌ لها المعنى نفسه، ولكنَّ نُطقَها مختلف"،
وتتميز اللغة العربية بأنها من أغنى لغات العالم بالمترادفات، فمثلاً: للعسل أكثر من ثمانين اسم، وللسيف أكثر من ألف اسم، وللأسد أكثر من خمسمئة اسم؛ وقال ابن فارس، وهو من أحد علماء اللغة العربية:
"وإن أردت أن سائر اللغات تبين إبانة اللغة العربية، فهذا غلط؛ لأننا لو احتجنا أن نعبر عن السيف وأوصافهِ بالفارسية لما أمكننا ذلك إلا باسم واحد، ونحن نذكر للسيف بالعربية صفاتٍ كثيرة، وكذلك للأسد والفرس وغيرهما من الأشياء المُسماة بالأسماء المترادفة، فأين هذا من ذاك؟ وأين لسائر اللغات من السَعة ما للغة العرب".
6. الإعراب:
يعرف الإعراب بالمعنى الاصطلاحي بأنه: "ما جيء به لبيان مقتضى العامل من حركة، أو حرف، أو سكون، أو حذف؛ وتتضمن هذه الحركات: الفتحة والضمة والكسرة والسكون، أما الحروف فهي: الواو والألف والياء، وحذف النون".
كما هناك تعريفات أخرى للإعراب، من أهمها:
تعريف ابن جني في كتابه الخصائص:
"إن الإعراب هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ".
تعريف ابن هشام:
"الإعراب أثر ظاهر أو مقدر، يجلبه العامل في آخر الاسم المتمكن، والفعل المضارع".
تعريف الإعراب في كتاب النحو الوافي:
"الإعراب هو تغير العلامة التي في آخر اللفظ بسبب تغير العوامل الداخلة عليه، وما يقتضي كل عامل".
تعريف ابن عصفور في كتابه المقرب:
"إن الإعراب هو تغير آخر الكلمة لعامل يدخل عليها في الكلام الذي بني فيه لفظاً أو تقديراً، عن الهيئة التي كان عليها قبل دخول العامل إلى هيئة أخرى".
7. علم الاشتقاق:
قال ابن منظور: "اشتقاق الشيء: بنيانه من المرتَجل، واشتقاق الكلام: الأخذ به يميناً وشمالاً، واشتقاق الحرف: أخذه منه".
اليوم العالمي للغة العربية:
يمكن تعريف اليوم العالمي للغة العربية بأنه اليوم الذي يحتفل به في يوم 18 كانون الأول من كل عام باللغة العربية، وسبب اختيار هذا التاريخ تحديداً كونه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامَّة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 في 18 كانون الأول من عام 1973م، والذي يتضمن إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المُتحدة.
أهمية اليوم العالمي للغة العربية:
تبرز أهمية اليوم العالمي للغة العربية بتعزيز الوعي بها كلغة عالمية تاريخية وثقافية. يُشجع في هذا اليوم على نشر الوعي بالثقافة العربية والتراث اللغوي، وتعزيز استخدامها في المجالات الحيوية المختلفة.
إن الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية يشجع على الترويج لهذه اللغة وتعزيز استخدامها، حيث يجب على الحكومات والمؤسسات التعليمية العمل على تعزيز تعلم اللغة العربية وتطوير مناهجها وتعليمها.
في الختام:
سنقدم لكم أعزاءنا القراء بعض الإحصائيات عن اللغة العربية:
- هي اللغة الأم لأكثر من 290 مليون نسمةٍ في العالم، معظمهم في الوطن العربي، و130 مليون واحدٍ منهم يتكلمونها كلغةٍ ثانية.
- من المتوقع أن يُصبح عدد المتحدثين باللغة العربية 647 مليوناً في سنة 2050 ميلادي، أي ما سيشكل نسبة 6.94% من سكان العالم.
- تأتي في المرتبة الرابعة اتنشاراً بعد اللغة الإنكليزية، والفرنسية، والإسبانية.
- 46% من تغريدات موقع تويتر باللغة العربية، وتعد ثالث أكثر لغةٍ مستخدمة على الموقع.
- 55% من مُصطلحات البحث على جوجل في الوطن العربي هي مصطلحات عربية.
- يتجاوز القاموس العربي 12 مليون كلمة بحسب قاموس "المعاني" الإلكتروني.
أضف تعليقاً