العائلة التي تدرك القدرة المذهلة للدماغ خلال الفترة الحرجة من الطفولة تتبنى أعلى المعايير العلمية والهوايات التي تدعم نمو الطفل الفكري والحسي، وتسعى لصقل شخصيته منذ الطفولة بأفضل العادات الصحية، سواء كانت غذائية، دراسية، رياضية، أو تنموية. لذلك سنناقش في هذا المقال أهميَّة الأسرة، ووظائفها، وخصائصها، وأنواعها، ومتى يُقام اليوم العالمي للأسرة، وما هدفه.
تعريف الأسرة
بشكل عام تعرف بأنها مجموعة من شخصين أو أكثر تربطهم صلة قرابة بالمولد أو الزواج ويعيشون معاً؛ ويعدّ جميع هؤلاء الأشخاص ذوي الصلة أعضاء في عائلة واحدة، على سبيل المثال، إذا كان الزوجان الأكبر سنًا وابنتهما وزوجها وطفليها وابن أخ الزوجين الأكبر سناً يعيشون جميعًا في نفس المنزل أو الشقة؛ سيعتبرون جميعا أعضاءً في أسرة واحدة.
تعريف علماء الاجتماع
يعرِّف علماء الاجتماع الأسرة على أنَّها مجموعةٌ من الناس ينتمون إلى علاقةٍ معينة، وعلى مستوى شخصيٍّ جداً؛ وهي الوحدة الأساسية للتنظيم الاجتماعي، حيث تُصقَل فيها شخصية الإنسان من أفكارٍ ومهاراتٍ وقيمٍ وأخلاقٍ وأحلامٍ ومخاوفَ وروحانياتٍ وقسوة.
تعريفها في السياق الإنساني
ليشمل مجموعة الأشخاص المشتركين بصلة قرابة، أو بإقامةٍ مشتركة؛ لكن في معظم المجتمعات تُعرَّف على أنَّها المؤسسة الرئيسة للتربية الاجتماعية للأطفال.
مفهوم الأسرة وأنواعها
تلعب الأسرة دورًا محوريًا في تشكيل وتطوير المجتمع. بينما تُعَدُّ الوحدة الأساسية في البناء الاجتماعي، حيث تنطلق منها القيم والعادات والتقاليد.
مفهوم الأسرة
يشير هذا المفهوم إلى الوحدة الأساسية في البناء الاجتماعي والإنساني، والتي تتكون من مجموعة من الأشخاص يرتبطون بعلاقات قرابة، سواء كانوا مرتبطين بالمولد، الزواج، أو التبني. كما تسهم في تشكيل الأفراد من خلال توفير الدعم العاطفي، الاجتماعي، والتعليمي، كما تعمل على نقل القيم والمبادئ والتقاليد من جيل إلى جيل.
أنواع الأسرة
في السنوات الخمس الماضية تغيَّر هيكل الأسرة بشكلٍ كبيرٍ. وأصبح هناك 6 أنواعٍ محددةٍ من الهياكل الأسريَّة، وهي:
1. النواة
وهو النوع التقليدي من الأُسَر، حيث تتألَّف من والدين وأطفال. ويتمتَّع أطفال هذه الأسرة بالشخصية المتوازنة والقوية والواثقة، نظراً إلى كون اهتمام كلا الوالدين منصبٌّ على تربية الأطفال ودعم مواهبهم وتغطية حاجاتهم النفسية والمادية، وتعدُّ هذه النواة نموذجاً مثالياً للأُسَر الناجحة.
2. بوالدٍ واحد (أباً كان أم أُمَّاً)
وهي عائلة تتكوَّن من أحد الأبوين، والذي يربِّي طفلاً أو أكثر بمفرده؛ وذلك إمَّا بسبب الطلاق، أو الوفاة، أو لانتشار ثقافة الأب العازب والأم العازبة في بعض المجتمعات الغربية. وتعاني هذه الأُسَر غالباً من صعوباتٍ مادية، وتُلقَى مهام كبيرة على عاتق الوالد الوحيد، فهو المسؤول عن عائلته، بالإضافة إلى عمله خارج المنزل.
3. الممتدة (العشيرة)
يتكون هذا النوع من شخصين بالغين تجمعهما صلة الدم أو الزواج، وتضمُّ العديد من الأقارب الذين يتشاركون الحياة سوية، سواءً المسائل المادية، أم رعاية الأطفال، أم الكبار في السن. كأن تشتمل على الأعمام والعمَّات والجدِّ والجدَّة.
4. عائلة بلا أطفال
في حين أنَّ الأطفال زينة الحياة بالنسبة إلى الكثيرين، يعيش بعض الأزواج نمط الحياة الزوجية الخالية من الأطفال، إمَّا لعدم رغبتهم بالإنجاب أو لعدم قدرتهم على ذلك، وبدلاً من ذلك يسعدون لتربية الحيوانات، أو التقرُّب من أولاد إخوتهم.
5. المدمجة
تنشأ الأسر المدمجة نتيجة حالات الطلاق الكبيرة، فقد تنصهر أسرتان عانتا من طلاق الأبوين، ورغب كلُّ شريكٍ من كلا الأسرتين بالزواج للمرة الثانية. يتطلَّب هذا النمط من الأسَر وعيَّاً كبيراً، وقدرةً على التكيُّف وسلاسةً ومرونةً في التعاملات كي تصل إلى مصافي المجموعات العائلية الناجحة.
6. الأجداد
تنتشر اليوم ظاهرة تربية الأجداد لأحفادهم، إمَّا لانشغال أولادهم الدائم، أو لعدم أهليتهم وإحساسهم بالمسؤوليَّة. الأمر الذي يسبِّب عبئاً كبيراً على الأجداد مادياً ونفسياً.
ما هي خصائص الأسرة؟
هناك مجموعة خصائص للأسرة التي تجعلها وحدة فريدة ومهمة في بناء المجتمع وضمان استقراره. فيما يلي سنتناول الجوانب المختلفة للتركيب الداخلي للعلاقات الأسرية:
يرتبط أفراد العائلة ببعضهم بعلاقات دم، لكنَّها ليست ضرورية، فقد ينشأ الحبُّ والتعلُّق والإنسانية حتَّى في غياب علاقات الدم، كما في حالة التبنِّي.
2. التوفير الاقتصادي
تعدُّ الأسرة المسؤول الأول عن الموارد الاقتصادية، فمن خلال تقسيم المهام بين الأب والأم، يمكن الوصول إلى أمانٍ اقتصاديٍّ جيد.
3. العلاقات العاطفية الحقيقية
تتمثَّل العلاقات بين أفراد العائلة بأنَّها علاقات حبٍّ نقيَّة، واحترامٍ قوي، وثقةٍ لا محدودة.
4. السكن المشترك
يمتلك أفرادها خاصية السكن المشترك، فقد يكون سكناً متواضعاً أو فخماً، إلَّا أنَّه يجمعهم ويوحِّدهم.
5. نظام التسمية
تمتلك كلُّ عائلةٍ اسم أسلافها الخاص، الذي يمكن من خلاله التعرُّف على جميع أفراد العائلة.
6. العلاقات الزوجية الدائمة
الأسرة هي مؤسسةٌ معترفٌ بها عالمياً، وتمتاز بالعلاقة الوطيدة بين الشريكين من أجل تربية أطفالهما تربيةً حسنة، بالإضافة إلى قدرتها على تحقيق إشباعٍ جنسيٍّ ورضا كبيرٍ للشريكين.
7. الحجم المحدود
على الرغم من كونها أصغر مؤسسة اجتماعية، إلَّا أنَّها أعظم مؤسسةٍ من حيث وظائفها المتعددة وتأثيرها الكبير في سلامة المجتمعات.
أهمية الأسرة
تنبع أهميتها من قدرتها على تحقيق التوازن النفسي والروحي للإنسان. فللأسرة الكثير من الفوائد التي تعود على الفرد والمجتمع، منها:
1. رعاية الأبوين
يتجسَّد الحبُّ الحقيقي الصافي في حبِّ الأبوين لابنهما، فيتعلَّم الفرد منهما أسمى المبادئ وأفضل العادات، ويغوص في العلاقات الإنسانية، فيختار أصدقاءه بحكمةٍ ووعي، ويتعرَّف على مفاتيح الحياة، ويكتشف آلية بناء مهاراته وإدراة شغفه.
2. الصحة الجسديَّة والعقليَّة
يحظى مَن يملك عائلةً بصحةٍ عقليةٍ وجسديةٍ رائعة، حيث يكون الأفراد يداً واحدةً أمام مرض أحدٍ منهم، ويحيطونه بالحبِّ والرعاية والحنان. من جهةٍ أخرى، يتمتَّع باستقرارٍ عقليٍّ ممتازٍ وقدرةٍ على رسم أهدافه بطريقةٍ واضحةٍ وثابتة، والالتزام بتحقيقها.
3. المسؤولية
يصبح مَن لديه عائلةٌ شخصاً مسؤولاً، فيتعلَّم تنظيم أولوياته وإدارة حياته، بهدف تحقيق أسرةٍ ناجحةٍ وأطفالٍ أسوياء؛ فهو ينظر إلى الأمور من منظورٍ كلِّي، ويعلم أنَّ بناء عائلة ناجحةٍ هو مساهمةٌ حقيقيةٌ في بناء مجتمعٍ سليمٍ وصحي.
4. الأمان المالي
يلتف أفراد الأسَر إلى جانب بعضهم في أوقات الشدة المالية، ممَّا يجعل الأمور تسير على ما يرام. إلى جانب ذلك، يرشد الآباء الأبناء إلى الكثير من طرائق الرزق المبدعة.
5. السَّعادة
هي أحد أهمِّ أسباب الوصول إلى السعادة، فعلى الرغم من الخلافات التي قد تنشأ بين أفراد أيِّ عائلة، إلَّا أنَّ تكوينها يبقى المصدر الحقيقي للأمان النفسي والثقة والتفاؤل والسلام الداخلي.
6. التعليم
يميل الآباء إلى تثقيف أبنائهم حول أهمية العلم، وأهمية إضفاء القيمة في المجتمع، ويرشدوهم إلى الطريقة المثلى في فهم ذواتهم، والتعرُّف على مكنوناتهم، ليستطيعوا اتخاذ القرارات المصيرية في حياتهم.
7. القوة والقرب من الله
تبني العائلة الشخصيةَ القوية والجريئة، ويعي الأبوان الناضجان أهمية صنع علاقةٍ روحيةٍ قويةٍ بين أبنائهم والخالق عزَّ وجل، ممَّا يساعد في اكتمالهم نفسياً وروحياً.
ينعكس كلُّ ما سبق ذكره من فوائد للأسرة إيجاباً على بناء مجتمعٍ سليم، حيث ستنخفض أعداد مدمني المخدرات والكحول ونسبة الطلاق، ويعمُّ التواصل الإيجابي البنَّاء في المجتمع، وسيصبح التنظيم والمسؤولية من أولويات المجتمع، وستتأصَّل المفاهيم الروحانية بشكلٍ أكبر، وتطغى قيم الإنسانية على جميع مناحي الحياة.
وظيفة الأسرة
فيما يلي أهم الوظائف التي تحققها:
الوظائف الأساسية
1. الرضا والاستقرار للعلاقات الزوجية
حيث توفِّر إشباعاً بأسلوبٍ راقٍ للغريزة الجنسية الطبيعية للذكر والأنثى، فيعدُّ الزواج وبناء العائلة آليةً لتنظيم السلوك الجنسي بين البشر.
2. الإنجاب
تساهم وظيفة الإنجاب في المحافظة على استمرارية الجنس البشري، وإمداد المجتمع بأفراد فاعلين ومنتجين.
3. حماية ورعاية الشباب
تعدُّ المؤسسة المسؤولة عن رعاية وتنشئة الأطفال تنشئةً سليمةً صحياً واجتماعياً وعقلياً، فهي التي تضمن الأمان الجسدي والنفسي والعقلي للطفل، وتغرس فيه القيم والأخلاق والمبادئ.
4. المسكن الملائم
تؤمِّن المسكن الملائم لأفرادها، لكي يتمكَّنوا من القيام بأنشطتهم، ومن ممارسة الطقوس العائلية، ومن الإحساس بالراحة والأمان.
شاهد بالفيديو: 7 أفكار تساعدك على توفير مصاريف الأسرة
الوظائف الثانوية
1. الوظيفة الاقتصادية
تفي الأسرة باحتياجات أفرادها من المأكل والملبس والمأوى وغير ذلك.
2. الوظيفة التعليمية
يعدُّ الأبُّ والأمُّ المعلِّمين الأولين للطفل، حيث يعلِّمانه العادات، وأسلوب الحياة، والمبادئ، والأفكار.
3. التكامل
تعدُّ مركزاً متكاملاً من حيث زرع المبادئ الدينية الصحيحة، ومن حيث التدريب على الأنشطة الترفيهية السليمة من الرقص إلى الغناء وعزف الموسيقى والرياضة.
ما هو اليوم العالمي للأسرة؟ وما هدفه؟
يُحتفَل باليوم العالمي للأسرة في 15 أيار من كلِّ عام، في مقر الأمم المتحدة ومختلف أنحاء العالم. ويهدف الاحتفال بهذا اليوم إلى الاعتراف بأهميتها، وزيادة الوعي حول القضايا التي تؤثر فيها في مختلف أنحاء العالم، كونها الوحدة الأساسية الأكثر حساسيةً في المجتمعات.
الخلاصة
يواجه الشريكان اليوم تحدياً كبيراً ومسؤوليةً جمَّةً في القدرة على تربية أطفال واعين وسليمين نفسياً وعقلياً، وطموحين وساعين إلى خلق قيمةٍ مضافة، وذلك في خِضَمّ مجتمعٍ تكثر فيه الأنانية والاستغلالية وحبُّ المظاهر وعشق السَّطحيات. لذا وخصوصا في اليوم العالمي للأسرة يدفعنا هذا الواقع إلى التساؤل عن مستقبل الأُسَر في جميع المجتمعات، متأمِّلين أن تنجح الأُسَر في تجاوز تحديات العصر الحالي.
أضف تعليقاً