كما ولا بدّ أنّك سمعت عن مفصل الركبة الصناعي أو تغيير غيره من المفاصل، ولكن ما هي جراحة المفاصل وكيف يمكن التعافي بعد تغيير المفصل؟ تابع القراءة لتعرف.
ما هي عملية تغيير المفاصل؟
تُعد عملية تغيير المفاصل إجراءً طبياً دقيقاً يُستبدل فيه مفصل تالف بمفصل اصطناعي مصنوع من البلاستيك والمعادن، وتتطلب جراحة المفاصل مهارة عالية وتنفيذ دقيق ليتمكن المريض من استعادة الحركة والقيام بالنشاطات اليومية بمرونة، وأنواع المفاصل هي مفصل الركبة الصناعي (وهو الأكثر شيوعاً)، ومفصل الورك، والكتف، والكاحل، والمرفق، والأصابع (وهي الأقل شيوعاً).
أسباب اللجوء لعملية تغيير المفاصل
يوجد عدة أسباب تستدعي إجراء عملية تغيير المفاصل تنتج عن عوامل مختلفة، وأبرزها ما يلي:
1. التهاب المفاصل التنكسي (الفصال العظمي)
الفصال العظمي يعني تآكل النسيج الواقي الذي يغطي نهايات العظام في المفاصل مما يتسبب باحتكاك بعضها ببعض أثناء الحركة، وهو من أكثر الأمراض شيوعاً لأن أسبابه هي التقدم في العمر وزيادة الوزن التي تضع وزناً إضافياً على المفاصل، وخاصةً الركبة والورك، وحينها تكون الحاجة إلى عملية تغيير المفاصل ماسة لأن الألم شديد ومزمن ويتسبب بفقدان القدرة على الحركة الطبيعية.
2. التهاب المفاصل الروماتيدي
هو مرض يصيب الغشاء الزليلي الذي يبطن المفاصل ويؤدي التهابه إلى زيادة سمكه فيتعدى على الغضروف والعظام داخل المفصل، أو يتسبب بتدمير الغضروف الذي يغطي نهايات العظام أو عدم استقرار المفصل بالإضافة للألم الشديد الذي يستدعي جراحة العظام بأسرع وقت، ويُعد مرض شائع نسبياً، وخاصةً عند النساء.
3. الإصابات الشديدة: مثل كسور العظام
تتطلب الإصابات الشديدة عملية تغيير المفاصل؛ لأنّها تتسبب بتفتُّت العظام داخل المفصل فيصعب إعادة تجميعها ومحاذاتها بدقة، أو تؤدي إلى تلف الأربطة والأنسجة الداعمة للمفصل بالتالي عدم استقراره، أو تؤدي لتنخر العظام بعد الصدمة. تتسبب هذه الإصابات جميعها بآلام شديدة وتدهور سريع في المفصل.
4. مشاكل وراثية أو تشوهات خلقية
قد تتسبب المشاكل الوراثية والخلقية بالحاجة إلى جراحة العظام؛ لأنّها تعوق قدرة الفرد على ممارسة الأنشطة الطبيعية، ومن هذه المشاكل خلل النسيج الوركي الخلفي؛ إذ لا يتشكل مفصل الورك طبيعياً عند الولادة فيكون علاج الحالة في الطفولة ضرورياً، وأيضاً لدينا مشكلة انحناء الساقين، أو تشوهات القدم، أو تشوه الغضروف العظام المكونة للمفصل.
خطوات عملية تغيير المفصل
تمرُّ عملية تغيير المفاصل بعدة خطوات رئيسة لضمان نجاح جراحة المفاصل، وهي كالتالي:
1. التحضير للجراحة
يؤخذ فيها التاريخ الطبي للمريض بالتفصيل بما في ذلك الأمراض المزمنة والأدوية والحساسية وتاريخ العمليات السابقة، ثم إجراء عدة فحوصات مثل مستوى السكر في الدم، التخطيط الكهربائي للقلب، الأشعة السينية للمفصل المصاب وربما تصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي بحسب الحالة، كما يتم تثقيف المريض حول العملية وفترة التعافي بعد تغيير المفصل ليهيئ نفسه للتوقف عن العمل وينظم حياته وفق ذلك.
2. إجراء الجراحة
يبدأ إجراء عملية تغيير المفاصل بتخدير المريض تخدير عام أو نخاعي في حال كانت العملية في الجزء السفلي مثل تركيب مفصل الركبة الصناعي وبحسب حالة المريض الصحية، ثم تنظيف الجلد حول المنطقة وفتحها والوصول إلى المفصل بفصل العضلات والأربطة المحيطة ثم إزالة الأجزاء التالفة ثم زرع المفصل الاصطناعي وتثبيته من خلال ملء الفراغات بينه وبين العظام، ثم إغلاق الشق الجراحي ونقل المريض لغرفته، وتستغرق العملية من ساعة إلى ثلاث ساعات بحسب الحالة.
3. التعافي وإعادة التأهيل
يُعد التعافي بعد تغيير المفصل جزءاً حيوياً من جراحة العظام، ويبدأ بالفترة التي يقضيها المريض في المستشفى بعد العملية لإدارة الألم والوقاية من المضاعفات وبدء العلاج الطبيعي التالي للجراحة، ومن ثَمَ فترة ما بعد الخروج من المستشفى وهي عدة أسابيع يستمر فيها المريض بتناول الأدوية والعناية بالجرح ويحتاج خلالها للمساعدة من الآخرين في أي نشاط بالإضافة للاستعانة بأدوات مساعدة كالعُكّازات، وتحت إشراف المعالج الطبيعي.
المخاطر والمضاعفات المحتملة
تحتاج جراحة المفاصل – كغيرها من العمليات – عنايةً بعد العملية للوقاية من المخاطر والمضاعفات المحتملة أبرزها ما يلي:
1. التهاب المفصل الجديد
قد يحدث التهاب بعد عملية تغيير المفاصل نتيجة عدوى أثناء الجراحة أو التهاب في الأنسجة المحيطة بالمفصل كرد فعل على الجراحة، أو بسبب الإفراط في النشاط مبكراً، أو رد فعل تحسسي تجاه المواد المصنع منها المفصل الجديد.
نذكر من أعراضه: زيادة الألم، والتورم، والاحمرار، وإفرازات، من مكان الجرح، وصعوبة في تحريك المفصل، وربما حمّى وقشعريرة، وعندها من الضروري مراجعة الطبيب لعلاج التهاب المفصل.
2. جلطات دموية
هناك عدة عوامل تزيد من خطر تكون جلطات دموية بعد جراحة العظام أبرزها تضرر الأوعية الدموية الصغيرة أثناء الجراحة أو عدم الحركة لفترة طويلة أو حالة المريض الصحية كوجود تاريخ سابق للإصابة بالجلطات أو نتيجة السمنة والتدخين وتناول حبوب منع الحمل التي تحتوي على الإستروجين.
3. تآكل المفصل الصناعي
بعد عملية تغيير المفاصل، قد يحدث تآكل في المفصل الصناعي بالرغم من أنّ مواد التصنيع مخصصة لتكون طويلة الأمد، ولكنّ الاحتكاك مع مرور الوقت وكثرة الأنشطة تؤدي لتآكل المواد وكذلك السمنة، فيشعر المريض بعد الراحة وبصعوبة في الحركة أو ارتخاء في المفصل.
4. آلام مستمرة أو تيبيس المفصل
تهدف جراحة العظام إلى تخفيف الآلام كما ذكرنا سابقاً ولكن قد يحدث تيبُّس أو آلام في المفصل الجديد، وقد يكون التيبُّس مستمراً نتيجة عدم الالتزام بالعلاج الطبيعي وأداء التمارين الموصوفة خلال فترة التعافي بعد تغيير المفصل أو نتيجة وجود التهاب بعد الجراحة أو نتيجة ضعف العضلات المحيطة بالمفصل الجديد فلا تتمكن من توفير الداعم اللازم له.
في هذه الحالة يجب إبلاغ المعالج الطبيعي ومراجعة الطبيب لإجراء الفحوصات وإدارة الألم قبل تفاقمه للمحافظة على الحركة ولتقوية العضلات بالشكل المطلوب.
نصائح لتعزيز نجاح العملية
يمكن أن تساعدك النصائح التالية بعد عملية تغيير المفاصل على استعادة نشاطك بسرعة:
1. الحفاظ على الوزن الصحي
يتطلب التعافي بعد تغيير المفصل أن تخفف الضغط على المفصل الجديد وخاصة مفصل الركبة الاصطناعي ومفصل الورك أو الكاحل، لذلك عليك الحفاظ على الوزن الصحي من خلال خسارة الوزن الزائد واتباع نظام غذائي غني ومتنوع وخاصة في حالة الإصابة بمرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو غيرها من الحالات التي تتطلب اتباع حمية غذائية معينة تجنباً لحدوث مضاعفات تضر بصحة الجسم عامةً، وبالمفصل الجديد خاصةً.
كما يجعل الوزن الصحي حركتك أسهل، بالتالي تسريع عملية الشفاء واستعادة النشاط الطبيعي.
2. الالتزام بالعلاج الطبيعي
يؤدي العلاج الطبيعي دوراً محورياً وهامّاً جداً في التعافي بعد تغيير المفصل؛ لأنّه يمنع التيبُّس، ويدعم المفصل بالعضلات القوية المحيطة به، ويحسّن القدرة على التحمل، بالتالي تصبح الحركة أسهل؛ إذ يعلمك المعالج تمارين لطيفةً تحسّن الدورة الدموية وتمارين للتوازن والتناسق للتحكم بالجسم وتقليل خطر السقوط، ويدربك على القيام بالأنشطة اليومية كصعود الدرج وارتداء الملابس بأمان.
3. تجنب الحركات العنيفة
من الضروري تجنب أي حركة مفاجئة وعنيفة بعد جراحة العظام لتجنب الخلع في المراحل المبكرة من التعافي؛ إذ لم يلتئم الجرح بعد، ويتسبب الضغط الكبير على المفصل بخلعه. هنا، يحتاج المريض لتدخُّل جراحي عاجل لإعادة المفصل لمكانه، أو تتسبب الحركة القوية بتمزق الأنسجة الضعيفة فيزداد الألم وتطول فترة التعافي.
لذلك، يجب التحكم بالحركة والبدء تدريجياً بزيادة صعوبة الحركات بحسب رؤية المعالج الطبيعي والجراح.
4. تناول نظام غذائي غني بالكالسيوم وفيتامين د
يؤدي اتباع نظام غذائي صحي دوراً هامّاً، ولكنّه غير مباشر في مرحلة التعافي بعد تغيير المفصل. يُعد الكالسيوم هامّاً لدعم العظام المحيطة بالمفصل الصناعي، بينما يُعد وفيتامين د ضرورياً لامتصاص الكالسيوم من الأمعاء وانتقاله إلى العظام، فبدونه لا يمكن للجسم استعادة قوته، كما يقي من هشاشة العظام، بالتالي تقليل خطر الإصابة بالكسور في العظام المحيطة بالمفصل الجديد، وإنّ هذه النقطة هامّة لكبار السن خاصةً.
يمكن أن تحصل على الكالسيوم من منتجات الألبان، والخضروات الورقية الداكنة، والأسماك، أما مصادر فيتامين د فهي أشعة الشمس والأسماك الدهنية (كالسلمون).
في الختام
تُعد عملية تغيير المفاصل من العمليات الشائعة نتيجة الإصابة بالفصال العظمي، أو التهاب المفاصل الروماتيدي، أو غيرها من الأسباب التي تحدثنا عنها في مقالنا. كما تحدثنا عن كيفية إجراء جراحة المفاصل، ومضاعفاتها، والمخاطر المحتملة بعدها (مثل التهاب المفصل الجديد والجلطات الدموية).
كذلك قدّمنا مجموعةً من النصائح والتعليمات التي يجب الالتزام بها خلال فترة التعافي بعد تغيير المفصل مثل ضرورة الالتزام بالعلاج الطبيعي، والحفاظ على الوزن الصحي لتضمن استعادة نشاطك وحركتك الطبيعية بسرعة. لذا، استفد من تلك النصائح للحفاظ على صحة المفصل الجديد وصحة جسدك عامةً.
أضف تعليقاً