ما هي الصحة النفسية الجيدة؟
الصحة النفسية الجيدة هي أكثر من مجرَّد غياب المرض النفسي؛ إنَّها تعني أنَّك في حالة من الرفاهية تشعر فيها بالارتياح وتعيش بشكل جيد في العالم، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تعد الصحة النفسية جيدة عندما تكون قادراً على:
- التعامل مع التوترات العادية في الحياة.
- التعلم والعمل بشكل منتج.
- استخدام مواهبك وقدراتك.
- المساهمة في المجتمع.
إذا كانت لديك صحة نفسية جيدة، قد تشعر بالسعادة، والثقة، والتفاؤل، والرضى العام في الحياة، ومن المرجح أن تشعر بالاتصال بالآخرين وبالمساهمة في المجتمع، وقد تمتلك أيضاً شعوراً بالحافز أو الهدف وشعوراً بالسلام.
الصحة النفسية الجيدة في الأوقات الصعبة:
يواجه الجميعُ تحدياتٍ في الحياة، لكنَّ الأشخاص الذين يتمتعون بصحة نفسية جيدة أكثر قدرة على التعامل مع تقلبات الحياة اليومية، ومن المرجح أن تملك صحة نفسية جيدة إذا كنت:
- واثقاً عند مواجهة مواقف أو ضغوطات جديدة.
- تشعر بالتفاؤل.
- لا تلوم نفسك دائماً.
- يمكنك تحديد وتحقيق أهدافك.
- يمكنك الالتزام بروتينات جيدة بالنسبة إليك، مثل تناول الطعام والنوم بشكل جيد.
- يمكنك الاستمتاع بالحياة على الرغم من تجاربك الصعبة.
علامات تدل على أنَّك سليم نفسياً:
توجد عدة العلامات تدل على سلامة الصحة النفسية، نذكر منها ما يأتي:
1. تدرك أنَّ التقلبات في صحتك النفسية طبيعية:
لا يعني وجود صحة نفسية جيدة أنَّك ستشعر دائماً بالسرور، أو أنَّ الحزن أو مشكلات الصحة النفسية كالقلق والاكتئاب لن تظهر؛ بل يعني ببساطة أنَّك، وعلى مر الوقت، تصبح قوياً وتعلم أنَّ هذه العواطف السلبية هي مجرد فترات ستمر لتفسح المجال لأوقات جيدة.
2. تشعر بالراحة:
إذا كانت لديك صحة نفسية جيدة، فمن المرجح أن تشعر بالسرور والرضى بشكل عام، وستعيش عواطف السعادة، والحب، والفرح، والتعاطف، مع تجنب الانجرار إلى عواطف أو أنماط سلبية.
3. تشعر بالانتماء:
من المرجح أن تشعر بأنَّك تنتمي إلى مجتمع وتساهم فيه عندما تكون سليماً نفسياً، فقد تشعر بالرفاهية الروحية، مثل الشعور بالقرب من الخالق، أو الشعور بالهدف، أو الشعور بالسلام أو التفوق.
4. تتعامل جيداً مع ظروفك:
نواجه جميعاً تحديات في الحياة، لكنَّ الأشخاص الذين يتمتعون بصحة عقلية جيدة هم أكثر قدرة على التعامل مع تقلبات الحياة وإدارة الضغوطات الطبيعية بفاعلية، مع القدرة على العمل بإنتاجية وتحقيق إمكاناتهم والمساهمة في المجتمع.
5. تقول "لا" للناس:
يعرف الشخص السليم نفسياً متى يقول "لا"، فإذا كنت تتمتع بصحة نفسية، فأنت تعلم حدود مسؤوليتك العاطفية.
شاهد بالفديو: 7 نصائح فعالة تعلمنا كيف نقول لا
6. لديك علاقات صحية:
إذا كانت صحتك النفسية في حالة جيدة، فمن المرجح أن تعامل الآخرين بعدالة، وهذا يعني أن تحب وتحترم أولئك الذين يستحقون ذلك ولا تهدر مواردك (الوقت، والمال، والطاقة) على الأشخاص السامين أو تتسامح مع سلوكهم المزعج.
إذا واجهت شيئاً ساماً أو غير صحي، تتخذ قراراً حياله بدلاً من الاستجابة عاطفياً أو قبوله بشكل سلبي، وتقيِّم علاقاتك مع الآخرين بشكل منتظم وتصل إلى استنتاجات ستساعد على الحفاظ على حدودك وسلامك العقلي.
7. لا تحاول أن ترضي الجميع:
الحقيقة هي أنَّه بصرف النظر عن هويتك وما تقوم به، سيكون لديك أشخاص لا يحبونك، فأنت لا تحب الجميع، لذا من الطبيعي ألا يحبك الجميع، فلا يعتدي الشخص السليم نفسياً أو يسيء للآخرين، ولكنَّه أيضاً يقبل حقيقة رفض المجتمع له ويفهم أنَّه أمر طبيعي.
8. لديك تركيز صحي على الذات:
بدلاً من التركيز على ما لا يمكنك التحكم فيه أو وضع أهداف غير واقعية أو مزعجة، تعيش حياتك بشكل صحي ببساطة وتكون واعياً قدر الإمكان إذا كانت صحتك النفسية في حالة جيدة، فلديك دائرة من الأشخاص الذين يهتمون حقاً بك والذين تحبهم بعمق، وأنت تنشئ حياة أفضل لنفسك دون التعدي على الآخرين وتعمل باستمرار على تحسين نفسك وبيئتك المباشرة.
بناء المرونة النفسية:
جزء هام من الحفاظ على صحة نفسية جيدة هو بناء المرونة النفسية؛ وهذا يعني أن تستطيع التعامل مع التغيرات والتحديات غير المتوقعة في حياتك، عن طريق استخدام قوتك الداخلية والشبكات المحيطة بك.
الشخص المرن يمكنه التعامل مع التوتر بشكل أفضل، وهذا يعني أنَّه أقل عرضة لتطوير مشكلات صحة نفسية مثل الاكتئاب والقلق، ويمكنك تعلُّم مهارات التكيف لبناء المرونة.
تصرفات يومية لصحة نفسية جيدة:
أظهرت أبحاث أجرتها العيادة الوطنية للصحة العقلية "MindSpot" أنَّ الأشخاص الذين يقومون بالتصرفات أدناه بانتظام عادة ما تكون لديهم صحة نفسية أفضل من الأشخاص الذين لا يقومون بها.
تشير "MindSpot" إلى هذه التصرفات باسم "التصرفات الخمسة الكبيرة"، وأظهرت أبحاثها أنَّك كلما نفَّذتَ هذه التصرفات بشكل أكثر تكراراً، كانت صحتك العقلية أفضل، وهي:
1. النشاطات المعنوية:
هي أي نشاطات تستمتع بها أو تمنحك شعوراً بالإنجاز، وتكون النشاطات المعنوية مثل سماع الموسيقى التي تحبها أو مشاهدة برنامج تلفزيوني مفضل.
2. التفكير الصحي:
تشمل الأمثلة عن التفكير الصحي الحفاظ على الوجهة والتحدث إلى نفسك بلطف.
3. الأهداف والخطط:
إنَّ وجود أهداف هو أمر هام للحفاظ على حيويتك وتحفيزك، فتمنحك الأهداف شيئاً تتطلع إليه ويساعد على منع التفكير المفرط في مشكلات الماضي.
4. الروتين الصحي:
لا يحتاج الحفاظ على روتين صحي إلى تعقيد، فقد يكون بسيطاً مثل الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم، أو روتيناً مرتبطاً بأدوارنا وعلاقاتنا.
5. التواصل الاجتماعي:
يساعدك البقاء على اتصال بالأصدقاء والعائلة على الشعور بالانتماء والحضور.
فهم الطيف الصحي للصحة النفسية:
ليس الخطأ أن نفترض أنَّ الصحة النفسية الجيدة تعني غياب الأمراض النفسية، فتُعرِّف منظمة الصحة العالمية (WHO) الصحة النفسية بأنَّها "حالة من الرفاهية يدرك فيها الفرد قدراته الشخصية، ويستطيع التعامل مع التوترات الطبيعية في الحياة، ويمكنه العمل بإنتاجية وجدوى، وهو قادر على إحداث تأثير في مجتمعه".
في التعريف المذكور آنفاً، تشير منظمة الصحة العالمية إلى أنَّ الشخص يجب أن يكون قادراً على التعامل مع توترات الحياة، وهذا أمر حيوي لأنَّ الحياة غير متوقعة وحالتنا النفسية تتغير مع تغير الظروف، ووفقاً لنموذج الطيف الصحي للصحة النفسية، تكون الصحة النفسية والأمراض النفسية على طرفين متوازيين لسلسلة خطية، واعتماداً على قوتنا النفسية وقدراتنا الجسدية والبيئة المحيطة بنا، نتحرك صعوداً وهبوطاً على هذه السلسلة.
شاهد بالفديو: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسيّة
إليك ثلاث علامات منفصلة داخل طيف الصحة النفسية:
1. نقطة الصحة:
الأفراد في هذه النقطة عادةً ما يكونون مرتاحين بحياتهم، متوازنين عاطفياً وثابتين، ولديهم أهداف يرغبون في تحقيقها.
2. نقطة المشكلة:
تقع هذه النقطة في منتصف الطرفين المتوازيين، ويعاني الأفراد في هذه المرحلة ولا يستطيعون التعامل مع المشكلة، ولكنَّهم قادرون على أداء وظائف الحياة اليومية مثل الذهاب إلى العمل وتناول الطعام، وما إلى ذلك.
3. نقطة الاضطراب:
تقع في الطرف الآخر من الطيف، وكما يشير اسمها، يكون الأفراد الذين يقعون على هذا الجانب من السلسلة غير قادرين على التعامل مع التوتر ويظهرون تغييرات كبيرة في كيفية تفكيرهم وتصرفهم وسلوكهم.
لمعرفة ما إذا كنت تقع على نقطة الصحة الجيدة في الطيف الصحي للصحة النفسية، من الهام فهم علامات الصحة النفسية الجيدة.
كيفية تحسين الصحة النفسية:
توجد عدة طرائق لتحقيق صحة نفسية جيدة، وفيما يأتي بعض طرائق الصحة النفسية التي يسهل اتباعها في حياتك اليومية:
1. التحدث عن مشاعرك:
من المقبول التحدث عن شعورك، ويجب تشجيع ذلك في حياتنا المهنية والشخصية.
2. ممارسة الرياضة:
عند ممارسة الرياضة، يفرز جسمك مواد كيميائية تسمى الإندورفينات تثير شعوراً إيجابياً في الجسم، وتجعلك التمرينات المنتظمة أكثر تركيزاً، وتساعدك على النوم بشكل أفضل، وتعزز تقدير الذات.
3. اتباع نظام غذائي جيد:
يحتاج دماغك إلى مواد غذائية جيدة للأداء بشكل جيد؛ لذا تناول الفواكه والخضروات الطازجة، والبروتين الخالي من الدهون، والمكسرات والبذور، وتجنَّب الأطعمة المصنعة بشكل كبير.
4. أخذ استراحة:
نحتاج جميعاً إلى عطلة من وقت لآخر لتجديد طاقتنا، فإذا لم تتمكن من أخذ إجازة لبضعة أيام، حتى ساعة لنفسك قد تفعل المعجزات، فاقرأ كتاباً، أو استمع إلى الموسيقى، أو حضِّر طبقك المفضل، افعل ما يجعلك سعيداً.
5. كتابة يوميات:
تساعدك كتابة أفكارك، وأحلامك، وأهدافك، وطموحاتك، والأهم من ذلك، نعمك على تحقيق سيطرة جيدة على حياتك وتجعلك تشعر بالاستقرار.
6. تطبيقات الصحة النفسية:
يمكنك الوصول إلى الاستشارة الصحية النفسية عبر مختلف تطبيقات الإنترنت التي تعزز الصحة النفسية، ففي الحياة اليومية السريعة هذه، قد يكون من الصعب أحياناً الذهاب إلى أخصائي نفسي، ويمكن لهذه التطبيقات المساعدة بطرائق معينة، ومع ذلك، تذكَّر دائماً أنَّه في الحالات الأكثر جدية، يُفضَّل دائماً مقابلة أخصائي نفسي شخصياً.
في الختام:
إنَّ الحفاظ على سلامة صحتنا النفسية قد لا يكون مهمة سهلة بالنسبة إلى الجميع، فعندما يتعلق الأمر بالصحة النفسية، يمنع الوصم الاجتماعي كثيراً من الناس من الوصول إلى المساعدة التي يحتاجون إليها، فإذا كنت أو أحد أفراد عائلتك بحاجة إلى الاستشارة، فلا تتردد في البحث عن المساعدة، فالصحة النفسية الجيدة ليست مجرد غياب للأمراض النفسية، بل هي أيضاً وجود قوة داخلية وقيم تجعلك واثقاً وراضياً عن حياتك.
أضف تعليقاً