عقليات تفسد العلاقة:
تؤدي افتراضاتك دوراً كبيراً في تحديد صحة وطول عمر علاقتك الرومانسية، فالمعتقدات المفيدة تعزِّز التوقعات الواقعية، والمعتقدات غير المفيدة تعرِّضك لخيبة الأمل وعدم الرضى، وستؤثر المعتقدات التي تجلبها إلى العلاقات فيما تشعر به تجاه شريكك وكيف تتصرف، وستؤثر هذه المشاعر والأفعال بدورها في أفكارك.
لنأخذ مثالاً بسيطاً، فالشخص الذي يفترض أنَّه يجب أن يستمع إلى احتياجات شريكه، سوف يميل إلى الشعور بالانفتاح على الاستماع إلى صراعاته، ومن المرجَّح أن يفعل أشياء لمحاولة جعل حياته أسهل، ومن ناحية أخرى، إذا افترض شخص ما أنَّ شريكه يجب أن يحتفظ باحتياجاته لنفسه، فمن المؤكد أنَّه سيشعر ويتصرف تصرُّفاً مختلفاً عندما يمرُّ شريكه بوقت عصيب، وغالباً ما تكون الافتراضات التي تضرُّ بالعلاقات خفية، وقد تبدو وكأنَّها معتقدات صحية، ومَن منَّا لا يريد أن يجعل شريكه سعيداً، أو يشعر بالحب؟ لكنَّ الفحص الدقيق يكشف أنَّ بعض الافتراضات لا تقدِّم لك أية خدمة.
خمس عقليات شائعة يمكن أن تُضرَّ العلاقات، إضافة إلى خمسة بدائل أكثر فائدة:
1. يجب أن أجعل شريكي سعيداً:
تؤثر الأشياء التي تفعلها فيما يشعر به شريكك، تماماً كما تؤثر أفعاله في مشاعرك، ومن السهل إذن أن تفترض أنَّ سعادة شريكك بين يديك، فعندما لا يكون سعيداً، قد تعتقد أنَّ الأمر متروك لك لتحسين مزاجه، وإذا كان مزاجه سيئاً عند عودتك إلى المنزل مثلاً، فقد تأخذ على عاتقك مهمة إسعاده، ولكن كما ستجد، ليس لديك سيطرة مطلقة على مشاعر شريكك، ويمكنك أن تقدِّم له التعاطف، والشفقة، والاهتمام، والحضور، والدعم، ومع ذلك قد يبقى غير سعيد.
إنَّ الاعتقاد بأنَّك مسؤول عن سعادته يضع ضغطاً كبيراً عليك، ويمكن أن يؤدي إلى الاستياء عندما لا يكون لأفعالك التأثير الذي تريده، ويمكن أن يقودك ذلك أيضاً إلى القيام بأشياء تثير غضب شريكك بدلاً من جعله يشعر بالتحسُّن، مثل التحقق باستمرار من مشاعره.
2. يجب أن يجعلني شريكي أشعر بالرضى عن نفسي:
مثل اعتقادك بأنَّك مسؤول عن مشاعر شريكك، قد تفترض أنَّه مسؤول عن احترامك لذاتك، ولا يمثل هذا الافتراض عادةً مشكلة في وقت مُبكِّر من العلاقة، عندما تحصل على القليل من الدعم في كل مرة ينظر إليك فيها بعينيه العاشقة.
لكن في النهاية ستجد أنَّ شريكك لم يعُدْ يوفِّر لك جرعة احترام الذات التي كنت تبحث عنها، فقد تجد أيضاً أنَّ العلاقة تجعلك تشك في قيمتك، كما هو الحال عندما يرفضك شريكك عندما تحاول التقرب منه أو لا يستجيب لاحتياجاتك بالطريقة التي تريدها، فلا يمكن الاستعانة بمصادر خارجية لاحترامك لذاتك، وإنَّ مشاعره وأفعاله ليست مصدراً موثوقاً للمشاعر الإيجابية تجاه نفسك، فإذا لم تكن متأكداً من أنَّك إنسان جدير بالاهتمام، فلن يتمكن من إقناعك.
3. يجب أن نشعر دائماً "بالحب":
يستخدم عدد من الأشخاص مشاعر "الحب" بوصفها اختباراً حقيقياً لمعرفة ما إذا كانت علاقتهم جيِّدة أم لا، فإذا كان لديك هذا الافتراض، يمكنك التحقُّق لمعرفة ما إذا كان شريكك ما يزال يجعلك تشعر بالفرح، أو إذا كنت ترغب دائماً في قضاء الوقت معه، فقد تكون أيضاً منتبهاً جداً لمشاعره تجاهك، وتبحث عن علامات تدل على أنَّه يحبك حقاً.
مع ذلك، يميل الشعور بالحب إلى التلاشي بمرور الوقت، حتى في العلاقات القوية والدائمة، والحبُّ الذي يدوم لا يعني الشعور بالنشوة عندما تكونان معاً أو الشعور بموجة من الانجذاب في كل مرة تنظر إليه، بل إنَّه التزام بالاهتمام برفاهية الشخص الآخر، حتى بعد انتهاء الاندفاع الأوَّلي للرومانسية.
شاهد بالفيديو: 6 قواعد أساسيّة لنجاح العلاقة الزوجيّة
4. يجب أن تكون علاقتنا سهلة:
تتطلَّب العلاقات طويلة الأمد كثيراً من العمل، ويستغرق الأمر وقتاً وجهداً لبناء علاقة قوية ودائمة مع شخص آخر، ومن المؤكَّد أنَّ علاقتك ستتطلَّب منك أن تنمو بطرائق غير مريحة تماماً، مثل تعلُّم كيفية التعامل مع غضبك أو التخلص من وهمك بأنَّ شريكك سيكون منقذك، فالعلاقة الصحية ليست سيئة دائماً، لكنَّها ربَّما لن تكون دائماً جيِّدة أيضاً، ويعدُّ العمل خلال الأوقات الصعبة استثماراً ضرورياً في الحياة المشتركة للزوجين.
5. لا يمكننا أن ندع علاقتنا تتغير:
معظم الافتراضات المذكورة آنفاً لها اعتقاد أساسي: يجب علينا التأكد من أنَّ علاقتنا لا تتغيَّر، ومن المفهوم أنَّنا نريد التمسك بالسحر الذي نختبره في البداية، ومع ذلك، فإنَّ العلاقات (مثل الأفراد) تتغيَّر حتماً بمرور الوقت، وتشبه المرحلة الأولية المثيرة الطفل، فهي رائعة على حقيقتها، وليست المقياس النهائي لما ستكون عليه، والنمو مؤلم ولكنَّه ضروري لأي شيء في الحياة، ومن ذلك العلاقات، فقد يكون الأمر مُخيفاً أن تتخلَّى عن علاقتك مع نموك أنت وشريكك، ولكنَّها الطريقة الوحيدة لاكتشاف الإمكانية الكاملة التي تنتظركما بصفتكما زوجين.
لا توجد هذه الافتراضات بمعزل عن بعضها بعضاً، بل تميل إلى التفاعل مع بعضها بعضاً، فمثلاً إذا كنت تعتقد أنَّ العلاقات يجب أن تكون سهلة وأنَّ عليك أن تجعل شريكك سعيداً، فمن المحتمل أن تشعر بالغضب لأنَّك تعمل بجدٍّ لإرضائه وما يزال غير سعيد، وقد يكون من المفيد التحدث مع معالج نفسي عن افتراضات علاقتكما، سواء بشكل فردي أم بصفتكما زوجين.
10 أشياء تحتاجها العلاقة لتزهر:
لا يمكن للعلاقة أن تستمرَّ من تلقاء نفسها، إنَّها تحتاج إلى رعاية وعناية شخصَين بالغَين، والعطاء بطريقة تجعل العلاقة متبادلة المنفعة، ولتعزيز علاقة عميقة ومحبة، يجب أن يكون ثمة:
- تواصل لطيف ودائم وصادق، فمن دون الحديث، لن تدوم علاقتك، وكلما تواصلت أكثر، أصبحت أقرب.
- استعداد للعمل من خلال الصعوبات والخلافات، فإنَّ كسر شيء بسبب الغضب أمام شريكك، ليس الطريق إلى السعادة، بل يجب أن تواجه الانزعاج الذي يأتي مع اختلاف الآراء والأفكار.
- روح الدعابة وبعض المرح وقليل من الإلهاء عن قسوة الحياة اليومية، فمثلما نحتاج إلى التنفس من أجل البقاء، فإنَّ حبك يحتاج إلى نسمة هواء نقية حتى يزدهر، وإنَّ إعطاء علاقتك ما تحتاجه لتزدهر هو لفتة محبة حقاً، ولا يمكنك قضاء كل وقت فراغك في العمل على علاقتك، ولا تجعلها هواية، فناقِشْ ما تحب أن تفعله، والمكان الذي تريد الذهاب إليه، وكيف يحب كلاكما قضاء وقت ممتع، ثمَّ اذهب للقيام بذلك.
- مشاركة دروس الحياة مع من تحب، فعندما تكتشف شيئاً ما عن الحياة، أو تخطي خطوة تصحيح ذاتي تكون صحية لعلاقتك، أخبر شريكك بها، وسوف تتفاجَأ بالرد الإيجابي.
- دعم عاطفي، ومصادقة، ومجاملات، فإذا كنت لا تشعر بحب واحترام شريكك، فلن يكون هناك اتصال قوي بينكما، وعليكما أن تدعما بعضكما بعضاً وتسمحا لبعضكما بمعرفة عمق اهتماماتكما.
- حبُّ وألفة ورومانسية وجنس، هذه الأمور هي حجر الزاوية في علاقة الحب، فكونكما فقط زوجين لن يفي بالغرض، ويجب أن تكون لديكما الرغبة في أن تكونا معاً بصفتكما زوجين، وقد تظن أنَّ الشرارة قد انطفأت، ولكن توجد طرائق متعددة لإشعالها من جديد، كل ما عليك فعله هو المحاولة.
- مشاركة الأهداف والأحلام التي يتردد صداها بينكما، فتُصبحان أكثر سعادة عندما تعملان على تحقيق هدف ما مقارنة بتحقُّقه، وتأكَّدا من أنَّ لديكما دائماً شيئاً تتطلعان إليه وأنَّكما تسعيان لتحقيقه بصفتكما زوجين.
- رحمة وقبول ومغفرة، وسوف تكشف لك الطريق في الأوقات الصعبة، وإذا كنتما معاً لفترة من الوقت، فستكون لديكما خسائر وتحديات وبعض الأشياء التي لا يمكنكما إصلاحها، ويعدُّ التغلب على التحديات معاً جزءاً كبيراً من العلاقات.
- رغبة متبادلة في الخروج من الصندوق، وإنَّ ما جُرِّبَ وصُوِّبَ أمر جيِّد، فالأزواج الذين يتشاركون تجارب جديدة معاً يطورون رابطة أقوى.
- قدرة على الاعتراف بالأخطاء والحديث عنها، فنحن جميعاً غير معصومين عن الخطأ، وإنَّ تعلُّم فهم الأخطاء التي ترتكبها أنت أو شريكك والتخلي عنها، سيغيِّر حياتك ويمنحك مزيداً من الوقت للفرح، ومثلما تحتاج إلى التنفُّس لتعيش، فإنَّ حبك يحتاج إلى نَفَسٍ من الهواء النقي ليزدهر، وإنَّ إعطاء علاقتك ما تحتاجه لتزدهر هو لفتة محبة حقاً.
في الختام:
إنَّ فهم العقليات والسلوكات التي تفسد العلاقات هو خطوة أساسية نحو بناء روابط أكثر قوة وصحة، فالعقلية الأنانية، والسيطرة، والنقد المستمر ليست سوى بعض من العقبات التي يمكن أن تعوق النمو الطبيعي للعلاقات وتؤدي إلى توترها، ومع ذلك، يمكن تجاوز هذه العقبات من خلال التركيز على تطوير التواصل الفعَّال، وبناء الثقة، واحترام الآخر، والتفهم المتبادل.
إنَّ استثمار الوقت والجهد في تحسين هذه الجوانب يُعزِّز من جودة العلاقات، ويسهم أيضاً في إنشاء بيئة اجتماعية إيجابية تدعم النمو الشخصي والجماعي، لذا دعونا نلتزم بتطوير أنفسنا وتعزيز علاقاتنا لنعيش حياة مليئة بالحب والتفاهم والنجاح المشترك.
أضف تعليقاً