لقد وعَدها مسؤول التوظيف في البداية بأنَّها ستجري مقابلتين فقط للقاء أفراد الفريق ومدير التوظيف وأحد مالكي الشركة، ولكن بعدها، استمرَّت المقابلات حتى أصبح عددها خمس، واستغرقت كل منها ساعتين على الأقل، طلبوا فيها منها مقابلة مالك آخر تارة ومدير توظيف ثانٍ تارة أخرى.
بحلول المقابلة الثالثة، أدركت أنَّها تضيع وقتها، فلم تكن أي من الأسئلة التي طرحوها عليها تتعلق بمهاراتها أو مؤهلاتها، لا سيما خلال مقابلتها مع مالك الشركة، والذي سألها عن ربِّ العمل الذي سرَّحها؛ إلا أنَّها أجرت مقابلتين أُخرتين لكيلا تُضيع ما أجرته من مقابلات سابقة وهو ما يعرف باسم مغالطة التكلفة الغارقة، ولأنَّها كانت تحتاج إلى العمل في ذلك الوقت، ولكنَّها لم تحصل على الوظيفة بعد كل هذا العناء.
لم تواجه "واجاديا" وحدها مثل هذه المقابلات الكثيرة؛ بل يروي العديد من المرشحين للوظائف كثرة المقابلات التي أجروها، فكم يجب أن يكون عدد المقابلات إذاً؟ ومتى تُعد كثيرة؟ سنقدم إجابات عن هذه الأسئلة في مقالنا هذا.
إجراء أرباب العمل لأكثر من 5 مقابلات للمرشحين للوظائف دليل على جهلهم بما يريدون:
إذا كانت الشركة لا تعرف مَن تريد توظيفه بعد إجراء خمس مقابلات عمل، فهذا يدل على وجود مشكلة في نظام التوظيف، ناهيك عن أنَّ المرشح يدفع تكاليف ذهابه إلى تلك المقابلات، ولدى أغلب الأشخاص الذين يجرون المقابلات وظيفة أخرى، وإنَّ مطالبتهم بالحضور لإجراء عدد كبير من المقابلات أمرٌ لا معنى له.
يقول الخبراء إنَّ الشركات التي تماطل في التوظيف لا تعرف ما تريده بالضبط؛ فهم يخشون تعيين موظفين سيئين، ولكن، كلما استغرقت العملية وقتاً أطول، ازداد احتمال فقدان المرشحين المؤهلين؛ وذلك لأنَّهم لا يتحمَّلون مثل هذه الممارسات السلبية.
لقد كانت عمليات التوظيف تسير بصورة أكثر سلاسة في عام 2021، عندما كانت الغَلَبة للباحثين عن العمل؛ ولكن مع انكماش سوق العمل، ارتفع عدد مقابلات التوظيف إلى حوالي خمس أو أكثر.
قد يتقبل المرشح إجراء خمس مقابلات كحد أقصى إذا كان مهتماً بالشركة، ولكن بشكل عام، تكفي أربع مقابلات كحد أقصى فقط، متضمنة أول مكالمة هاتفية مع رب العمل وجلسة اتخاذ قرار قبول المرشح للوظيفة أو رفضه.
حينما يتجاوز عدد المقابلات الخمس، فإما أنَّ عملية التوظيف في الشركة غير منظَّمة، أو أنَّ الشركة ليست مهتمة بالمرشح أو لا تراه مؤهلاً للمنصب، فتحاول التأكد من ذلك.
إنَّ إجراء خمس مقابلات توظيف للحصول على منصب غير إداري من المستوى المتوسط هو عدد كثير جداً، ولكن لا بأس إن ازداد هذا العدد عند التقدُّم لمناصب إدارية عليا.
عموماً يجب أن تحصل كل من الشركة والمرشحين على معلومات جديدة في كل مقابلة، ويتعرف المرشحون أكثر إلى المشكلات في الشركة وكيفية حلها، أما إذا كانوا لا يحصلون على أي معلومات جديدة، فهذه علامة على أنَّ عدد المقابلات قد تجاوز الحد المعقول.
شاهد بالفيديو: 7 اسئلة يجب ان تطرحها دائما في مقابلة العمل
أهمية توضيح أرباب العمل لتوقعاتهم:
على الرغم من أنَّ المرشحين أحياناً يحصلون على الوظيفة بعد إجراء عدة مقابلات، إلا أنَّ التردد الذي تظهره الشركة خلال تلك المقابلات لا يدلُّ على أنَّهم المرشحون المفضلون لديهم؛ لأنَّ أرباب العمل يولون أهمية للمرشحين المميزين.
تعمل "واجاديا" الآن مديرة توظيف، وعندما تتحدث مع المرشحين، تحاول تطبيق ما كانت تتمنى رؤيته في مقابلات العمل التي أجرتها، وتقول إنَّها ربما لا تستطيع تحديد موعد محدد لانتهاء عملية التوظيف، ولكن يمكنها توضيح مدَّتها كمعدل وسطي (من ستة إلى ثمانية أسابيع مثلاً)، وما تقتضيه مقابلات التوظيف.
على أرباب العمل استخدام منصات التطوير الوظيفي؛ لأنَّ قوائم الوظائف فيها تتيح للمرشحين معرفة عدد المقابلات مقدَّماً، والأشخاص الذين سيجرون مقابلات معهم، والأسئلة التي قد تُطرَح عليهم، والمدة التي ستستغرقها كل مقابلة، بهذه الطريقة، لن يتفاجأ المرشحون، وبإمكانهم معرفة ما إذا كانت هذه هي الوظيفة التي يرغبون في التقدم إليها.
على سبيل المثال، لا تتجاوز مقابلات التوظيف في شركة "تيل" (Teal) الثلاث عادة، فيركزون في المقابلة الأولى على التأكُّد من مصداقية المرشحين، والهدف من المقابلة الثانية هو تحديد مهاراتهم التقنية، أما المقابلة الثالثة فهي عن الثقافة التنظيمية، وما إذا كان المرشحون يضيفون أي شيء لتلك الثقافة.
يلتقي المرشحون بأفراد الفريق ليقرروا ما إذا كانوا يريدون العمل في الشركة أم لا، وبهذه الطريقة، تحصل الشركة على ما يكفي من المعلومات لاتخاذ القرار المناسب، فلا تفيد بالضرورة كثرة الآراء ومشاركة الكثيرين في عملية التوظيف.
كيفية التراجع بلباقة عندما لا يتم احترام وقتك في مقابلات التوظيف:
إذا لم يحدد رب العمل عدداً معيناً من المقابلات، واستمر في طلب مزيد منها، فحدد عددها بنفسك في بداية عملية التوظيف، فاسأل مدير التوظيف عن المقابلات في أول لقاء لك معه، وحدد مثلاً أنَّك لا تجري أكثر من خمس مقابلات.
بالطبع، يمكنك الانسحاب عندما يزداد عدد المقابلات كثيراً عبر قول: "لقد كانت عملية التوظيف طويلة جداً حتى الآن، وكان عليَّ إلغاء التزامات أخرى من أجلها؛ لذا سأكون ممتناً لو أخبرتني بالمدة التي ستستغرقها هذه العملية، لأنَّني سأضطر إلى الانسحاب إذا استمرت الجلسات أكثر، وذلك من باب احترام وقت بعضنا"، بهذه الطريقة، ينمُّ كلامك عن الفضول وليس الإلحاح في الطلب.
أما إذا لم تكن مهتمَّاً بالاستمرار أصلاً، قل ببساطة: "إنَّني أقدِّر الوقت الذي قضيته حتى الآن في إجراء المقابلات، لكن لسوء الحظ، أنا مضطر إلى الانسحاب؛ لأنَّ هذه العملية كانت طويلة جداً بالنسبة إلي".
في الختام:
عندما لا يحترم أرباب العمل وقتك، فهذا يعني أنَّهم ربما لن يحترموا حدودك الشخصية فيما بعد، ووقتك لا يقل أهمية عن وقتهم.
أضف تعليقاً