ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "كريس جيلبو" (Chris Guillebeau)، والتي يحدثنا فيه عن الفرق بين عدم الشعور بالراحة وعدم الشعور بالأمان.
أتذكر شعوري بعدم الأمان عدة مرات خلال السنوات الأولى من سفري حول العالم، فهي ذكريات لا أتمنى أن أعيشها مجدداً، ولكن بشكل عام أشعر بأنَّني محظوظ لأنَّني زرت مختلف الأماكن التي يتجنبها عادة معظم المسافرين مثل البلدان المنكوبة ومناطق الحروب؛ إذ شعرتُ بالأمان في كل مكان ذهبت إليه، فقد كنت أتلقى معاملة حسنة من الناس دوماً. لذا، نادراً ما شعرتُ بأنَّني في خطر محدق. أما الشعور بعدم الارتياح أثناء السفر، فقد كان يلازمني طوال الوقت، وكنت أشعر غالباً بالتوتر أو القلق.
في روسيا مثلاً، يشعر مَن يسافر لوحده بالرهبة، لا سيما إن لم يكن يتحدث اللغة الروسية، إذ لم تكن اللغة الإنجليزية شائعة هناك حين سافرت. كما لا يقدم الناس في الأماكن العامة المساعدة للزائرين (أو على الأقل هذا ما حدث معي). لقد كنتُ أتجول عبر وسائل النقل العام فقط، ولم يكن معي هاتف محمول، فكان الأمر تحدياً بالنسبة إلي.
انطلقتُ في رحلتي نحو المطار مستخدماً مترو الأنفاق ثم الحافلة، قبل أن أُكمل الطريق سيراً على الأقدام. غير أنَّ عدم وضوح المسارات جعلني أضلُّ الطريق مراراً، حتى تمكنتُ بعد جهد مضنٍ من العثور على حافلة المطار المخصصة. وعند وصولي بعد مُضي 40 دقيقة، فوجئتُ بتعدد صالات المغادرة وتباعدها عن بعضها، مما استدعى انتقالي عبر حافلة أخرى لبلوغ الموقع الصحيح.
وبعد معاناة استنزفت الوقت والجهد، نجحتُ في الوصول قبل إقلاع الطائرة، تبعه خضوعي لإجراءات أمنية مكثفة تخص الرحلات الجوية الدولية خارج روسيا. وبعد تجاوز عقبة الترجمة، انطلقتُ أخيراً على متن الطائرة مُودعاً البلاد.
شاهد بالفيديو: 16 تحدِّياً خاصاً للخروج من منطقة الراحة وتنمية شخصيتك
لم تكن هذه التجربة الأولى من نوعها التي حدثت معي، فقد شعرتُ بالقلق والتوتر وعدم الارتياح في رحلتي تلك، لكني لم أشعر بأي خطر، بل وأحسست بالسعادة بعد أن نجحت في إيجاد المحطة.
كان بإمكاني بالتأكيد الإقامة في فندق، واستقلال سيارة أجرة إلى المطار، لكنَّني فضَّلت أن أخوض هذه المغامرة بمفردي، مما رسَّخ هذه التجربة في ذاكرتي بعد كل تلك السنوات.
البحث عن الأشياء التي تخرجك من منطقة راحتك
توضح قصص السفر الفرق بين مفهومي "عدم الارتياح" و"عدم الأمان"، ولكنَّه يتجلى في كثير من المواقف الأخرى أيضاً، كالشعور بالتوتر والخوف من الفشل الذي يرافق إلقاء خطاب مثلاً؛ لكن يقرر المرء أن يتحدى نفسه، ويخطو خارج منطقة الراحة، فيصل إلى مراده، وتغمره السعادة. يتطلب بلوغ هذا المستوى من الرضا تقبل شعور عدم الارتياح وخوض المغامرات.
في الختام
من الهام التمييز بين شعور عدم الارتياح الذي يشجع على النمو، وعدم الأمان الذي يثبط العزيمة. لا يضمن المرء الأمان دوماً بالطبع، فالحياة تفقد لذَّتها دون الإقدام على المخاطر، ولكن لا يجب أن نتعمد البحث عن المواقف الخطرة والمؤذية. من جهة أخرى، شعور عدم الارتياح هو السبيل المناسب لتحقيق التنمية الشخصية، وتكوين ذكريات طيبة.
أضف تعليقاً