سنكتشف في هذا المقال إجابة على سؤال لماذا لا يجلب المال مزيداً من السعادة بالضرورة، إضافة إلى معرفة ما هو الفخ المادي والطرائق التي يجب اتباعها للابتعاد عنه.
لماذا لا يجلب المال مزيداً من السعادة بالضرورة؟
لا يجلب المال مزيداً من السعادة، فهو ليس مفتاح لها، وتتمحور الأسباب وفق ما يأتي:
1. التوقع الزائد
لا يعي الأفراد أنَّ المال لا يعدُّ شرطاً لتحقيق مزيد من النجاح والرفاهية في الحياة، وهذا ما يحدِث خيبة أمل لديهم.
2. إهمال العلاقات الاجتماعية
يؤدي السعي الدائم وراء جني الأموال إلى إهمال العلاقات الاجتماعية والشخصية، لأنَّ العلاقات مصدر من مصادر السعادة وغيابها يعني غياب الرضى والشعور بالوحدة.
3. التكيف مع الموجود
يمكن لأي فرد أن يتكيف مع الظروف الجديدة التي تواجهه حتى وإن زاد دخله من المال، فيتلاشى الشعور بالسعادة الناتج تدفق الأموال بكثرة.
4. إنفاق المال
يختلف إنفاق الأموال من فرد إلى آخر؛ إذ إنَّ الدراسات أثبتت أنَّ إنفاق المال على الأشياء المادية لا يجلب السعادة أكثر من إنفاقه على السفر أو القيام بالنشاطات الاجتماعية.
5. التأثير المحدود
لا بدَّ أنَّ المال يؤثر في سعادة الفرد لمدى ومستوى محدد إلى حين تلبية احتياجاته الأساسية كالطعام والمكان وبعدها يصبح تأثيره محدوداً جداً بسبب تلبية جميع رغباته.
6. الشعور بالقلق والتوتر
يؤثر المال في صحة الفرد النفسية، فهو يشعره بالقلق والتوتر الدائم بسبب تشكُّل ضغوطات مالية إضافية له؛ إذ يقلق الفرد بشأن استثمار أمواله وكيفية إدارة ثرواته، وهل هو قادر على جلب مزيد من المال أم لا.
هل تقتصر السعادة على المال؟
لا تعدُّ السعادة مقصورة على المال وعلى الرغم من قدرة المال على تلبية احتياجات الفرد الأساسية وقدرته في تلبية الراحة المثلى له، إلا أنَّ المال لا يعد مقياساً على الشعور بالسعادة دون توفر العوامل الأخرى معه وهي:
1. الصحة
يشعر الفرد في تمتُّعه بالصحة الجسدية والنفسية بالرفاهية والسعادة، إذ إنَّ الصحة هي المحرك الرئيس للإنسان.
2. تحقيق التوازن
يجب على الفرد أن يحقق التوازن بين الحياة المهنية الحياة الشخصية، وهذا ما يحسِّن جودة حياته وشعوره الدائم بالسعادة بعيداً عن القلق والتوتر.
3. القيام بالتجارب
يتكون الإنسان السعيد من مجموعة من التجارب الإيجابية التي تضيف قيمة حقيقية إلى حياته، ومن التجارب الإيجابية السفر إلى بلدان مختلفة أو تعلم ما هو جديد ومفيد.
4. وجود علاقات اجتماعية
تعدُّ العلاقات الاجتماعية من مصادر السعادة الهامة في حياة الفرد، فالروابط المتينة بين الأهل والأصدقاء تجعل الفرد في حال سعادة دائمة بسبب ابتعاده عن الوحدة.
ما هي اقتصاديات السعادة؟
تُعرَف اقتصاديات السعادة بأنَّها فرع من فروع الاقتصاد ومهمتها دراسة العلاقة بين السعادة والرفاهية المالية، علاوة على أنَّها تدرس كيفية تأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية في سعادة الفرد ومجتمعه، كما تقاس السعادة الاقتصادية من خلال طرح الاستبيانات واستطلاعات رأي الجمهور، ومن العناصر الأساسية لها:
1. دخل الفرد
يعدُّ الدخل من العوامل الأساسية التي تؤثر في مستوى اقتصاد السعادة؛ إذ إنَّ هناك عدد من الأفراد يشعرون بالسعادة والراحة عند وصولهم إلى تحقيق دخل محدد.
2. العلاقات الاجتماعية
ترتبط العلاقات الاجتماعية ارتباطاً كبيراً باقتصاد السعادة، فالعلاقات الاجتماعية والعلاقة مع الأسرة والأصدقاء إحدى المقومات الهامة لشعور الفرد بسعادة واطمئنان كبير.
3. الاختيار والعمل بحرية
يعدُّ اختيار القرار المناسب لحياة الفرد الشخصية إضافة إلى التحكم بحياته من العوامل الضرورية للحصول على اقتصاد السعادة.
شاهد بالفيديو: هل المال يشتري السعادة؟
أسباب عدم الشعور بالسعادة عند الحصول على مزيد من المال
لا يعد وجود المال وحده ضماناً لوجود السعادة؛ إذ إنَّ السعادة الحقيقة هي السعي تجاه حياة يملؤها تحقيق القيم الإيجابية، فهذه القيم هي مفتاح الحياة، ومن أسباب عدم الشعور بالسعادة عند الحصول على مزيد من المال:
1. المقارنة بين أفراد المجتمع
يشعر الأفراد بالنقص عند مقارنتهم بالآخرين الذين يمتلكون مزيداً من المال، ومن الأسباب التي تدفع الأفراد للقيام بهذه المقارنة:
- رغبة الفرد في الحصول على تقدير واحترام من الوسط المحيط فيه، إذ إنَّ أفضل وسيلة للحصول على هذا التقدير النجاح المالي.
- وجود المنافسة بين الأفراد؛لأنَّ بعض الثقافات تدعم فكرة أنَّ وجود المال هو علامة لقوة الفرد ونجاحه في الحياة، وهذا ما يجعل هناك منافسة مستمرة للحصول على مزيد منه.
- يستخدم كثير من الأفراد المقارنة الاجتماعية فيما بينهم، وذلك لتبرير الاختيارات المالية إضافة إلى شعورهم بالثقة وبذاتهم أيضاً.
- يشعر كثير من الأفراد بالقلق المالي معظم الأوقات، ويمتلكهم شعور الأمان في حال قارنوا نفسهم بالآخرين لتقييم أمانهم.
2. عدم وجود معنى واضح
- يعني تركيز الفرد على هدف واحد إهمال أهدافه الأخرى والتخلي عن قيمه في الحياة، وخاصة إذا كان الهدف جمع الأموال، كما يفقد علاقاته واهتماماته وهذا ما يجعله يشعر بالفراغ ولا يعي معنى وجود مقوِّمات السعادة الأخرى.
- يشعر الفرد عند فقدانه المعنى بالندم والذنب، وهذا شعور طبيعي ناتج عن اتخاذ قرارات لا تتوافق مع القيم الأساسية لمعنى الإنسانية، وهذا ما يؤدي إلى التضحية في أغلب الأوقات بالقيم الشخصية.
- يهمِّش الإنسان الذي يكون هدفه في هذه الحياة جمع المال جميع العلاقات الاجتماعية حوله، بما فيها العلاقات الأسرية، فيشعر بالوحدة.
3. وجود أهداف غير واضحة
- يعني وجود هدف غير واضح في حياة الفرد عدم وجود شعور بالسعادة لديه حيال أي أمر يود القيام فيه، بما في ذلك جمع المال؛ إذ إنَّ جمع المال عشوائياً دون وجود خطة مدروسة لاستخدامه يُشعِر الأفراد بالفشل والإحباط.
- يقلل عدم وجود هدف مالي غير واضح من فعالية عمل الفرد ويؤثر في النتائج المالية في المرات القادمة بسلبية.
4. الشعور بالضغط والمسؤولية
يعني زيادة المال لدى الفرد الحصول على مزيد من المسؤولية والضغوطات حتى يحافظ على مستوى الرفاهية المطلوب لديه، وهنا بعض النقاط التي توضح العلاقة بينهما:
- الشعور بالقلق والتوتر نتيجة الضغط الناتج عن حاجة الفرد لتأمين حياة أساسية بدخل كافٍ، وهذا الشعور يجعل صحته النفسية تتراجع وعلاقته الاجتماعية معدومة.
- الشعور بعدم الرضى نتيجة السعي الدائم لجني الأموال حتى لو اضطر الفرد إلى العمل في وظائف مرهقة.
- وجود مسؤوليات أسرية يشعر من خلالها الفرد المسؤول بضغط إضافي مع عمله الدائم في جني الأموال لتوفير احتياجات الأسرة؛ لذا يفقد لذة المتعة بالحياة إلى جانب شعوره بالإرهاق.
5. التوقعات غير الواقعية
تؤثر التوقعات غير الواقعية في الصحة النفسية للفرد، وتعود عليه بالضرر لعدم شعوره بالسعادة عند جني الأموال، وما يوضح ذلك:
- الرغبة في تحقيق ثروة في وقت قياسي، مما يجعل كثير من الأفراد يتخذون القرارات غير الصحيحة، وهذه التوقعات المالية غير الواقعية عندما لا تتحقق يشعر الأفراد بالخيبة والإحباط.
- الشعور بالضغط النفسي نتيجة ضغط الفرد لتحقيق النجاح المالي خاصة عندما يتوقع من نفسه النجاح في جني الأموال بكثرة أو من خلال نظرة الآخرين له، وهذا الضغط يؤثر في أدائه ويؤدي في معظم الأحيان إلى الفشل.
الفخ المادي وعلاقته في تحقيق السعادة
يُعرَف الفخ المادي بأنَّه العقبة التي تواجه الأفراد في تحقيق سعادتهم الحقيقة؛ إذ إنَّ الهدف الأساسي يكون جمع المال والإنفاق على ما يُعَد من الكماليات دون تحقيق الرضى الشخصي.
1. تأثير الفخ المادي في الشعور بالسعادة
- عدم الرضى والشعور بالإحباط: يشعر الأفراد عند تحقيق هدفهم المادي بعدم الرضى نتيجة ما حُقِّق؛ لذلك يبحثون عن المال مرة أخرى، مما يشكل لديهم الشعور بالضغط.
- السعادة المزيفة: يعتقد كثير من الأفراد أنَّ بحصولهم على المال، سيحصلون على السعادة الدائمة، وهذا الاعتقاد خاطئ بسبب الدراسات التي أُجريت حول أنَّ السعادة الحقيقية تكمن في وجود علاقات حول الفرد.
2. يمكن التغلب على الفخ المادي من خلال
- استثمار الأموال في القيام بالتجارب، كالسفر والنشاطات، إذ إنَّ التجارب تُشعِر الفرد بالسعادة؛ لذلك بدلاً من التوجه للكماليات، يجب التوجه إلى استثمار الأموال في تحقيق السعادة النفسية.
- توجيه الأولويات من خلال تحديد القيم الشخصية والتركيز على الأمور التي تجلب السعادة بعيداً عن المال.
في الختام
يجب على الفرد أن يعي كيفية جني الأموال بالحد الذي يشعره بالرضى والاطمئنان وألا يسعى للحصول على مزيد منه دون وجود هدف محدد؛ كي يحافظ على صحته النفسية وعلاقاته الاجتماعية التي هي من الأسباب الرئيسة للحصول على السعادة، وبذلك نكون قد أجبنا عن سؤال لماذا لا يجلب المال مزيداً من السعادة بالضرورة.
أضف تعليقاً