ربَّما كان لدينا أكثر من هذه العادات السيئة، والتي قد يبدو التخلُّص منها مهمَّةً مستحيلة؛ والذي سيكون كذلك بالنسبة إلى شخصٍ خائفٍ ومحبَط، وليس لديه المعلومات والتوجيه. لكن، يتغيَّر كلُّ هذا عندما نتعلَّم أنَّ كلَّ ما سبق ذكره مهامُ مؤتمتةٌ في عقولنا، أو ببساطةٍ: عادات.
تندرج جميع العادات تحت القوانين والقواعد نفسها (التكوين والتدمير)؛ لذا فلنتعلَّم كيف ندمِّر هذه العادات ونتخلَّص منها. ينجح هذا مع جميع الأصدقاء وزملاء العمل، وليس مع أنفسنا فحسب؛ وستنجح العملية الموصوفة في هذا المقال بالنسبة إليكم أيضاً.
1. اعمل على بيئتك الخاصة:
أول ما عليك القيام به للتوقُّف عن القيام بهذه العادة ليس له علاقةٌ فعليةٌ بالأداء الفعلي لهذه العادة؛ إنَّما يتعلَّق بالبيئة المحيطة بك.
تتكوَّن العادات من ثلاثة أجزاء:
- الإشارة: التي تشير إلى الدماغ للانغماس في الروتين.
- الروتين: الأداء الفعلي لهذه العادة.
- المكافأة: الشعور بالرضا، والذي نحصل عليه من أداء ذلك الروتين.
يبدو الأمر وكأنَّك تسير في الشارع وتكتشف متجراً لبيع المثلجات (إشارة)، فتمشي على الفور إلى هناك، وتحصل على كراتٍ مزدوجةٍ من مثلجات الشوكولاتة، وتبدأ التهام هذه الكرات (روتين)، فتشعر بالنشوة بمجرد أن يستشعر لسانك طعم الشوكولاتة الحلوة والباردة (مكافأة).
يعني التصميم البيئي تغيير بيئتك، بحيث لا تواجه أيَّ إشارةٍ على الإطلاق.
يعني هذا في المثال السابق: عدم السير في الشارع الذي تُباعُ فيه المثلجات التي ترغب بها، أو أن تجعل حصولك على المثلجات أصعب، وذلك عن طريق ترك محفظتك في المنزل، وبالتالي عدم امتلاك القدرة على شرائها؛ أو من خلال معرفتك أنَّ كشك المثلجات لا يقبل سوى المال النقدي وأنت تحمل بطاقات الإئتمان فقط.
سيكون من الأسهل التخلِّي عن هذه العادة السيئة، طالما يمكنك جعل البيئة في صالحك بقدر ما هو ممكن؛ فإذا استطعت القضاء على البيئة التي تدفعك إلى القيام بهذه العادة التي لا تريدها، تكون قد أنجزت نصف العمل بالفعل.
توقَّف عن شراء الكعك من متاجر البقالة إذا كنت تأكله في الليل، وينطبق الأمر نفسه على المشروبات الغازية.
شاهد بالفيديو: 12طريقة لكسر الروتين في العمل
2. ابدأ تنفيذ أشياء صغيرة:
من غير المعقول أن تعتقد أنَّك ستوقِفُ عاداتك السيئة على الفور، وأنَّك لن تفشل ولو لمرةٍ واحدة، فهذه مجرَّد طريقةٍ للدمار؛ لذا سيتعلَّق الأمر بكيفية ضبط نفسك بعد السقوط.
ستكون الليلة الوحيدة التي تتناول فيها المثلجات سيئة، ولكن الأسوأ هو التخلِّي عن محاولة التوقف عن تناول المثلجات؛ فقط لأنَّك أخطأت وتناولتها مرةً واحدة.
ربَّما وضعت لنفسك عادةً يومية، وهي: قراءة 20 صفحةً من كتابٍ ما في اليوم، وكانت هناك أيامٌ لم تقرأ فيها على الإطلاق؛ ولكن هل منعك ذلك من الاستمرار في أداء العادة اليومية؟ يجب أن تكون الخطوات التي تتخذها عند إيقاف هذه العادة السيئة صغيرة، ويجب أن تنسجم معها قدر الإمكان.
إذا كنت تدخِّن 30 سيجارةً يومياً، فمن غير المعقول أن تعتقد أنَّك لن تدخِّن غداً إطلاقاً؛ فحتَّى لو تمكنت من عدم التدخين ليومٍ أو يومين، فسيجنُّ جنونك في اليوم الثالث، وستدخن 30 سيجارة؛ ممَّا يعيدك إلى ممارسة العادة السيئة نفسها.
لكي يكون موضوع التخلُّص من العادة مجدياً، فأنت تحتاج إلى البدء ببطء، والعمل بطريقة "الهبوط للأسفل". لذا، ابدأ ببطءٍ تخفيض جرعة أيِّ عادةٍ سيئةٍ تمارسها؛ لكنَّ إبقاء كلِّ هذا في رأسك مشكلةٌ كبيرة؛ فعقولنا ليست معصومةً عن الخطأ، وتنسى بسهولة، ولديها تحيُّزاتٌ تحجب تصوُّرنا وحكمنا. لذلك، ولمنعها من التدخل في العملية، نحتاج إلى تدوين كلِّ هذا ورقياً (أو رقميَّاً)؛ ونحن نفعل ذلك من خلال تتبع وقياس تقدُّمنا.
3. التتبع والقياس:
هذه هي القاعدة الذهبية عندما يتعلَّق الأمر بأيِّ شيءٍ له علاقةٌ بالعادات؛ حيث أنَّك تحتاج إلى تتبع وقياس تقدَّمك، والمدة التي تستغرقها في ذلك.
ولأنَّك تفعل ما تتبعه، وتحسِّن ما تقيسه؛ فليس على مقياس التتبع أن يكون شيئاً معقداً؛ ويمكنك استخدام ورقة إكسل بسيطة، حيث تكتب عدد صفحات كتاب قرأته.
هذا هامٌّ لسببين:
- يمنعك من كسر السلسلة: إذا خرقت العادة السيئة لعددٍ كافٍ من الأيام، سوف تكون مدفوعاً بالنزعة الجيدة التي لديك؛ وسيكون لديك منظورٌ أكبر حول ما قمت (أو لم تقم به) من الأفعال والسلوكات.
- تبادل الملاحظات المتماثلة: ظهرت ألواح كانبان (KanBan) -نموذجٌ للإنتاج- في الحياة لتبادل الملاحظات المتماثلة؛ لأنَّها تقدِّم فئةً واحدةً بقائمة مهام بسيطة، ولا تتضمَّن عملاً نُفِّذ سابقاً.
ألواح كانبان النموذجية اليوم هي برمجية تريلو، وهي أداةٌ إداريةٌ بسيطة، حيث يكون لديك المهام التي قمت بها بالفعل، وتلك التي تقوم بها الآن، وتلك التي ستفعلها في المستقبل.
يمكنك أن تنظر إلى الخلف وتشعر بالفخر من التقدُّم والعمل الذي تمكَّنت من إنجازه في الماضي، حين يكون لديك جهاز تتبع؛ حيث سيجعلك هذا متحمساً لمواصلة اتخاذ القرارات نفسها مراراً وتكراراً، والتوقف نهائياً عن ممارسة هذه العادة السيئة.
ولكن، هناك شيءٌ آخر تركناه للنهاية، شيءٌ واحد سوف يجعل كلَّ ما سبق ذكره أسهل بعدَّة مرات؛ وهو: لعنة جميع العادات السيئة، والهوية التي تهب الحياة لهذه العادة.
إقرأ أيضاً: ملخص كتاب العادات السبع للناس الأكثر فعالية
4. تغيير هويتك:
- عندما تدخِّن، فأنت لا تقوم ببساطة بعمل التدخين، بل لديك هويةٌ من وراء هذا العمل؛ فأنت "مدخِّن".
- عندما تأكل بشراهة، فأنت لا تقوم بهذا الإجراء ببساطة، بل لديك هويةٌ وراء هذا العمل؛ فأنت "بدين".
أو هذا ما تعتقده! هذا هو السبب في أنَّه من الصعب إجراء تغييرات عندما يتعلَّق الأمر بالعادات، فنحن نفقد ونحول -حرفياً- جزءاً من أنفسنا عندما نتغيَّر، ونفقد جزءاً من هويتنا.
الطريقة التي نغيِّر بها هذا هي عن طريق إزالة هويتنا من الفعل الذي نقوم به؛ فمثلاً: نحن لم نعد مدخنين، بل نحن الأشخاص الذين يدخنون السجائر؛ أو نحن لم نعد بدينين، نحن أناسٌ نأكل بشراهة؛ أو نحن لم نعد كسالى، بل الأشخاص المنغمسين في سلوكٍ غير منتج.
عند إزالة هويتك من الإجراء الذي تقوم به، يصبح التخلِّي عن العادات أمراً سهلاً؛ لأنَّ شخصيتك لم تعد تتطابق مع ذلك السلوك، بل أصبح السلوك مجرَّد شيءٍ تفعله.
الطريقة الأفضل للتخلُّص من العادات السيئة: تغيير العادات الإيجابية القائمة على الهوية المغروسة في أذهاننا.
مثال على ذلك: أنَّنا لم نعد نُعدُّ أشخاصاً بدينين، نحن الآن نعرف أنَّنا أشخاصٌ سليمون؛ ولا يُفرط الشخص السليم في تناول الطعام، أليس كذلك؟ لا، لا يفعل. لذا، نبدأ بالتصرُّف كشخصٍ سليم، ونعالج السبب، وبعدها تتولَّى التأثيرات أمر نفسها.
الخلاصة
لا يجب أن يكون التخلُّص من العادات السيئة عملاً شاقاً، ويمكن أن يكون مريحاً ومرضياً حقاً إذا نفَّذت الاستراتيجيات الأربعة المذكورة أعلاه:
- التصميم البيئي الذي يزيل إشارة العادة من محيطك.
- القيام بعملٍ صغيرٍ واحدٍ في كلِّ مرةٍ لتحقيق أقصى قدرٍ من التأثير؛ إنَّه حوَّل تقليل العمل اليوم إلى مزيدٍ منه في غضون عام.
- ما نتَتَبَّعه، يُنجَز؛ وما نقيسه، يتحسَّن.
- تغيير الهوية وراء هذه العادة.
ستساعدك هذه الاستراتيجيات الأربع على التخلُّص من هذه العادة السيئة؛ لذا ابدأ العمل وحقِّق خطوةً صغيرةً واحدةً في كلِّ مرة.
أضف تعليقاً