ما هو مفهوم التنمر؟
هو شكل شائع جداً ومعقد، وقد يكون ضاراً بين الأطفال والمراهقين، وقد يتم تعريف التنمر على أنَّه سلوك عدواني غير مرغوب فيه الذي يتضمن اختلالاً حقيقياً أو متصوراً في سلوك بعض الأشخاص؛ إذ يتكرر سلوك التنمر أو يحتمل أن يتكرر مع مرور الوقت ليصبح مؤذياً للضحايا الذين يتم التنمر عليهم ويصبحون في حالة دفاعية دائمة.
قد يتجلى التنمر في أشكال عديدة يمكن أن تكون جسدية أو لفظية أو إلكترونية، ويمكن أن يكون التنمر مخفياً أو ظاهراً، وإنَّ أكثر أشكال التنمر شيوعاً لكل من الذكور والإناث هو التنمر اللفظي مثل الشتائم، فعلى الرغم من أنَّ التنمر أكثر شيوعاً في المدارس إلا أنَّه يمكن أن يحدث في أي مكان، وغالباً ما يحدث في مناطق غير منظمة مثل الملاعب والكافيتريا والممرات والحافلات.
في السنوات الأخيرة حظي التنمر الإلكتروني باهتمام متزايد؛ إذ أصبحت الأجهزة الإلكترونية أكثر شيوعاً، ولا بد من الإشارة إلى أنَّ التنمر بالوسائل الإلكترونية على الرغم من انتشاره يحتل المرتبة الثالثة بعد التنمر اللفظي والبدني.
كيف يمكن التقليل من التنمر؟
- تعليم الأطفال في مراحل عمرهم الأولى وتربيتهم على احترام الآخرين وتقبُّل اختلافهم دون كلام مجرح.
- تحسين الإشراف على المناطق العامة التي تحتوي على تجمعات بشرية عادةً مثل الملعب والكافتيريا والممر والحافلات.
- من الواجب أن تكون استراتيجيات الحماية من التنمر واضحة ومرئية للأطفال الآخرين.
- تثقيف الأطفال فيما يتعلق بعواقب التنمر وإعلامهم بأنَّ التنمر أمر خاطئ وخطير وتصرُّف غير حضاري.
- تطبيق عواقب تأديبية مناسبة مثل إزالة الامتيازات.
- سن التشريعات التي تجرِّم التنمر وتعاقب عليه.
- يجب أن يكون للمدرسة دور في توعية الطفل فيما يتعلق بموضوع التنمر.
التنمر في الولايات المتحدة الأمريكية:
في الولايات المتحدة توسع تعريف التنمر إلى ما بعد المفاهيم التقليدية المتمثلة في انتقاء طفل أكبر وأقوى ضحية أصغر وأضعف منه، ويتضمن عادةً أربعة عناصر رئيسة؛ إذ يتضمن الجزء الأول من التعريف الآن ضرراً جسدياً أو عاطفياً أو نفسياً كبيراً للضحية، والثاني هو عدم قدرة الضحية على إيقاف المتنمر من تلقاء نفسه، والثالث هو اختلال توازن القوة؛ إذ يتمتع المتنمر بتأثير عاطفي أو جسدي أو اجتماعي أكثر قوة من الضحية.
أما العنصر الأخير فهو الأفعال المتكررة التي يرتكبها المتنمر والتي تستمر لفترة طويلة، فيمكن أن يحدث التنمر في أي أمر من الأمور الشخصية تقريباً، ولا بد من الإشارة إلى أنَّه يؤثر في الشباب وكذلك في البالغين، كما يتم النظر في القضية في المقام الأول في الأمور التي تشمل الأطفال في سن المدرسة والمراهقة.
لاحظت منظمات الدعوة مثل المركز الوطني لمنع التنمر التابع لـ (PACER) أنَّ تعريفات المصطلح تختلف وفقاً للمؤسسات التعليمية والقانونية التي تتعامل مع معظم حالات التنمر، وقد تحدث استثناءات للعناصر الأربعة، فعلى سبيل المثال، إذا كان السلوك الضار شديد الأذى بدرجة كافية فيمكن تعريفه على أنَّه تنمر حتى لو حدث لمرة واحدة فقط.
كما ذكرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) في عام 2018 ميلادي فإنَّ التنمر ظاهرة شائعة في المدارس الأمريكية، ووفقاً للتقرير أبلغ واحد من كل خمسة من طلاب المدارس الثانوية عن تعرضه للتنمر في ساحات المدرسة في فترة الاثني عشر شهراً السابقة للإحصائية، ولا بد من الإشارة إلى أنَّ معدلات الإيذاء أعلى بالنسبة إلى الطالبات بنسبة 22% من الطلاب الذكور بنسبة 16%.
لقد وجد تقرير عام 2018 الصادر عن المركز الوطني لإحصاءات التعليم معدلات إيذاء أعلى بين طلاب المدارس المتوسطة (30% من طلاب الصف السادس و25% من طلاب الصف الثامن) مقارنة بالطلاب الأكبر سناً (15% من طلاب الصف الحادي عشر و12% من طلاب الصف الثاني عشر).
كما لوحظت اختلافات بين الطلاب في البيئات الحضرية وغير الحضرية، مع 18% من الطلاب في المدارس الحضرية و20% من الطلاب في مدارس الضواحي، و27% من الطلاب في المدارس الريفية أبلغوا عن تعرضهم للتنمر، ومن بين المجموعات العرقية والإثنية 27% من الطلاب الأمريكيين الهنود وألاسكا الأصليين و23% من الطلاب السود و23% من الطلاب البيض و16% من الطلاب من أصل إسباني و7% من الطلاب الآسيويين أبلغوا عن تعرضهم للتنمر.
شاهد بالفديو: أعراض التنمر المدرسي وعلاجه
ما هي أشكال التنمر؟
1. التنمر اللفظي:
يقوم المتنمرون بالاستهزاء والإساءة اللفظية للضحايا بقصد التسبب في زرع الخوف داخلهم أو إحساسهم باستنكار الذات.
2. التنمر الاجتماعي:
يبدأ المتنمرون بنشر ثرثرة مؤذية عن أحد الأشخاص في المجتمع أو يستبعدون الآخرين عمداً بقصد الإضرار بسمعة الضحية أو مكانتها الاجتماعية أو تدميرها.
3. التنمر عبر الإنترنت:
يستخدم المتنمرون الوسائط الإلكترونية، ومن ذلك الشبكات الاجتماعية والرسائل الفورية والرسائل النصية ومنتديات الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية والبريد الإلكتروني وغيرها من الوسائل أخرى لاستهداف الضحايا بنصوص مكافئة للتنمر اللفظي أو أشكال التنمر الأخرى مثل التنمر الاجتماعي أو العاطفي.
4. التنمر الجسدي:
يعتدي المتنمرون على ضحاياهم جسدياً أو يهددونهم بالتعنيف الجسدي.
المتنمرون وضحايا التنمر:
حدد أحد التحاليل لأبحاث التنمر التي أجراها باحثون في جامعة "كاليفورنيا ريفرسايد" وجامعة "واشنطن" العديد من الخصائص الجديرة بالملاحظة للتنمر وكذلك الضحايا، وقد وجد الباحثون أنَّ المتنمرين يميلون إلى العنف ولديهم مشكلات في حل النزاعات الشخصية، وغالباً ما يأتون من بيئات منزلية تتميز بالصراع أو العنف أو انخفاض مستويات التربية الأبوية أو حتى غياب الوالدين.
لقد وُجد أنَّ التنمر يحمل مشاعر سلبية تجاه المتنمرين أنفسهم وبيئتهم المدرسية، كما يبدو أنَّ العمر يؤثر في سلوك التنمر بطرائق معينة؛ إذ يميل المتنمرون الأصغر سناً إلى تحدي شخصيات كبيرة ويكونون مزعجين ويتصرفون بعدوانية مع الآخرين، ويُظهر المتنمرون الأكبر سناً الكثير من الصفات المرتبطة بالقلق والاكتئاب والانسحاب الاجتماعي.
من ناحية أخرى غالباً ما يكون لضحايا التنمر دوائر اجتماعية محدودة ومهارات اجتماعية متخلفة؛ لذا يميلون إلى أن يكونوا من بيئات منزلية وعائلية سلبية ولديهم تاريخ من العزلة أو الرفض من قِبل مجموعات من أقرانهم، وغالباً ما يُنظر إليهم على أنَّهم ضعفاء أو غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم.
يميل ضحايا التنمر أيضاً إلى أن تكون لديهم وجهات نظر ومواقف سلبية ويواجهون صعوبات في العمل في البيئات الاجتماعية وحل المشكلات التي يطرحها الانغماس في البيئات الاجتماعية، وقد يشير مصطلح ضحايا التنمر إلى الأفراد الذين يتنمرون على الآخرين بينما يتعرضون للتنمر هم أنفسهم، فعلى سبيل المثال، قد يتم استهداف ضحية المتنمر من قِبل الطلاب الأكبر سناً ثم يقوم هؤلاء الضحايا بالتنمر على الطلاب الأصغر سناً.
ما هي تأثيرات التنمر ونتائجه؟
يمكن أن تكون عواقب التنمر خطيرة وطويلة الأمد، فقد يتعرض الشباب الذين يتعرضون للتنمر لخطر متزايد للتأثيرات النفسية والعاطفية السلبية، ومن ذلك القلق والاكتئاب وتدني احترام الذات وتعاطي الكحول والمخدرات والعداء والجنوح وسلوك إيذاء النفس (خاصة عند الفتيات) والسلوك العنيف أو الإجرامي (خاصة بالنسبة إلى الذكور).
أولئك الذين يتعرضون للتنمر الشديد هم أيضاً أكثر عرضة من الناحية الإحصائية لمحاولة الانتحار أو الانتحار، وقد أظهرت الدراسات أنَّ الأفكار الانتحارية شائعة وخاصةً بين ضحايا التنمر، ويمكن أن يؤدي التنمر إلى مشكلات في الصحة العقلية لدى الضحايا الذين لم يكن لديهم من قبل أي أعراض صحية، ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم المشكلات الصحية لدى الشباب الذين يعانون من مشكلات صحية عقلية قائمة، وقد أظهرت الأبحاث أيضاً أنَّ ضحايا التنمر يميلون إلى المعاناة من انخفاض القدرة على التواصل الاجتماعي.
إضافة إلى خطر الإصابة بهجوم جسدي من المتنمر قد يعاني الضحايا أيضاً من أعراض جسدية مثل اضطرابات النوم والألم المزمن والأعراض النفسية الجسدية مثل الصداع وآلام المعدة وخفقان القلب والدوخة، ويميل ضحايا التنمر أيضاً إلى إنتاج مستويات أعلى من هرمون الكورتيزول المرتبط بالتوتر الذي يمكن أن يتداخل مع وظائف المخ الطبيعية.
قد يفترض بعض الباحثين أنَّ مستويات الكورتيزول المرتفعة قد تفسر بعض المشكلات السلوكية المرتبطة بالإيذاء مثل إظهار العدوانية تجاه الأقران أو الأشقاء أو الوالدين، ويُرجح إحصائياً أن يتم استهداف بعض مجموعات الطلاب من قِبل المتنمرين، كالطلاب ذوو الاحتياجات الخاصة والطلاب ذوو الإعاقة والطلاب الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، وقد تميل الأقليات العرقية والدينية أيضاً إلى تزايد معدلات تعرضهم للتنمر مقارنة مع الأكثرية.
على سبيل المثال، يتم التنمر على الطلاب السود بمعدلات أعلى من الطلاب البيض وذوي الأصول الإسبانية، وبالمثل فإنَّ الفتيات المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب والأولاد الذين يرتدون العمائم والفتيان اليهود الذين يرتدون اليرمولك أفادوا أيضاً بأنَّهم مستهدَفون على وجه التحديد بسبب هذه الملابس، وهذا يجعلهم في حالة من إنكار الذات وإخفاء الهوية لكي يحموا أنفسهم من شرور التنمر.
في الختام:
إنَّ التنمر حالة من الانحطاط الأخلاقي نعاني منها نحن العرب خاصةً، وذلك لأنَّنا نعيش بجماعات وقبائل وأديان مختلفة يرفض كل منها الآخر، وقد وصل التنمر بنا إلى الجماعة الواحدة؛ إذ نجد أفراداً من نفس العرق يتنمرون على بعضهم بعضاً، لذلك علينا أن نعي أنَّ التنمر يعزز الانقسام والتقاتل بين أفراد المجتمع.
أضف تعليقاً