ساعات العمل الطويلة، والتوتر المتزايد، وعادات النوم غير السليمة، والتلوث البيئي، هذه الأشياء كلها تؤثر في صحتك، وقد حان الوقت كي تفكر في طريقة للخروج من هذا البؤس واعتماد أسلوب حياة صحي.
عندما يتعلق الأمر بعيش حياة صحية، يظنُّ معظم الناس أنَّهم بمجرد الحفاظ على صحة أجسامهم سيكونون قادرين على العيش على الرغم من الفوضى والمخاطر الصحية التي تفرضها حياتنا الحديثة؛ لكنَّ هذا ليس صحيحاً البتة؛ لأنَّ صحة الجسم تتطلب راحة العقل.
لا يهم حجم عضلاتك أو عدد الساعات التي تقضيها في صالة الألعاب الرياضية وكمية الكربوهيدرات والبروتينات التي تتناولها يومياً، ما لم يكن ذهنك في سلام فكل ما تبذله من جهد للحفاظ على صحة جسمك لا طائل منه.
إنَّ راحة البال هي سر عيش حياة متوازنة، فيمكنك تصور جسمك كسيارة وعقلك هو عجلة القيادة، فلا يهم مدى جودة المحرك وقوته، وكم أجريت له من صيانة، ما لم تُوجِّه السيارة جيداً فلن تصل بك إلى وجهتك؛ لذلك قبل أن تُفكِّر في كيفية تحسين أداء السيارة يجب أن تتعلم أولاً كيفية التحكم بعجلة القيادة؛ أي عقلك، وإنَّ أفضل طريقة للتحكم به والشعور بالطمأنينة في حياتك هي من خلال التأمل.
انعدام القدرة على ضبط النفس والتعبير عن الأفكار معدومة القيمة:
طالما أنَّ الإنسان على قيد الحياة لن يتوقف عن التفكير إطلاقاً، فيستمر دماغنا في العمل من بداية حياتنا حتى موتنا على مدار الساعة، حتى عندما يستريح جسمنا في أثناء النوم؛ لكنَّ معظم هذه الأفكار معدومة الفائدة.
من خلال تلقي مثل هذه الأفكار سوف يعاني عقلك انعدام السيطرة وتراوده أفكاره السلبية الخاصة التي لا توافق بالضرورة حالتَك الجسدية، وسوف يسرد عقلك قصته الخاصة بدلاً من القصة التي تريد الاستماع إليها؛ لهذا السبب سوف يخرج عن سيطرتك ويعمل وفقاً لإرادته الخاصة.
إنَّ عقلك خارجٌ عن سيطرتك؛ فلو كان تحت سيطرتك لاستطعت استخدامه كما تستخدم يديك، ويمكنك استخدام يديك عندما تريد، ويمكنك إراحتهما حسب رغبتك، ولكن لا يمكنك فعل الشيء نفسه لعقلك، وهنا تبدأ المشكلة الحقيقية.
قد تكون جالساً في مؤتمر في حين عقلك سارح يفكر في الفواتير التي عليك دفعها هذا الشهر، وربَّما تشاهد التلفاز في حين يفكر عقلك في أعباء العمل، إنَّ اليوم الذي ستتمكن فيه من الحفاظ على التناغم بين عقلك وجسدك مع التحكم الكامل بأفكارك هو اليوم الذي تصل فيه إلى السلام، ولكن لا يمكنك تحقيق ذلك إلا من خلال التأمل.
شاهد بالفيديو: 10 عاداتٍ صباحية للأشخاص الذين يتمتعون بالقوة الذهنية
ما هي أسهل طريقة للتأمل لوقف انعدام القدرة على السيطرة على الأفكار؟
معظم الناس يعدُّون التأمل مهمةً صعبةً ومعقدةً، في حين هو في الحقيقة عمليةٌ بسيطة، وعند سؤال الناس عن ماهية التأمل، سوف تسمعهم يشرحون عن رؤية الكون من خلال التأمل، وتنوير الروح وغيرها، ولكن بكلمات بسيطة التأمل هو فن بسيط يمكنك من خلاله التحكم بعقلك.
كثير من الناس لديهم مفاهيم خاطئة عن التأمل، ويظنُّون أنَّ التأمل يمنع التفكير في أيِّ شيء؛ لكنَّ هذا ليس صحيحاً على الإطلاق، لا يمكنك أبداً التخلص من الأفكار والعواطف التي في عقلك؛ بل ستحتاجها خلال التأمل.
المشكلة الحقيقية في التأمل هي ما إذا كنت تصغي إلى ناقدك الداخلي أم لا، والطريقة الحقيقية لجعل عقلك يفكر فيما تريده أن يفكر فيه بدلاً من الاستماع إلى ما يقوله هو بإعطائه مهمةً معينة، وهي التركيز على تنفسك.
يجب أن تركز تفكيرك على أنفاسك، وفي أثناء التنفس يجب أن تقول في ذهنك "استنشق الهواء"، وفي أثناء الزفير يجب أن تقول في ذهنك "ازفر الهواء"، قد لا يحب عقلك الغاضب هذا التمرين كثيراً وقد يبدأ في التفكير في كثير من الأشياء الأخرى، ولكن لا تقلق بشأن ذلك؛ لأنَّك ما دمت لا تنسى أنفاسك فلا بأس في أي أفكار خلفية قد يفكر فيها عقلك.
يمكنك ممارسة أسلوب التأمل البسيط هذا لمدة 3 دقائق في البداية، وبعد ذلك يمكنك المتابعة حسب ما يناسبك، خلال فترةٍ قصيرة ستدرك أنَّ عقلك الغاضب قد توقف عن التفكير في شيء آخر عندما تطلب منه التركيز على أنفاسك، وهكذا ستبدأ في التحكم بعقلك وأفكارك.
في الختام:
أصبح التأمل ضرورةً حقيقية في حياتنا اليوم، وليس مجرد خيار، إنَّ دماغنا يتعرض لكثير من الضغوطات طوال حياتنا، وعندما يبدأ في التفكير بما يحلو له خارج إرادتك هنا تبدأ المشكلة الحقيقية؛ لذا ابدأ بممارسة الطريقة البسيطة للتأمل المذكورة آنفاً، وسوف تلاحظ التغييرات في غضون شهر واحد فقط.
أضف تعليقاً