ما هي البرمجة اللغوية العصبية؟
البرمجة اللغوية العصبية (NLP: Neuro-Linguistic Programming) هي مجموعة من مهارات التّواصل المتقدّمة، والتي تمّ تحديدها من خلال دراسةِ أفضل المؤدّين - أولئك البارعون بما يفعلونه. يناقش هذا النهج من خلال فهم وتكرار ونمذجة أنماط تفكيرهم وسلوكياتهم، أنّه يمكنك تحقيق نفس النتائج الإيجابية.
تساعدك الأدوات والتقنيات والاستراتيجيات المُستمَدّة من هذه الدراسات على فهم نفسك والآخرين وكيف تتصرّف وتتفاعل في العالم؛ وكيف تتواصل مع الآخرين؛ وكيف يمكنك بسهولةٍ اكتساب صلةٍ معهم لتحقيق نتائج إيجابيّة.
لفهم البرمجة اللغويّة العصبيّة NLP بشكلٍ أفضل، تذكّر آخر مرّةٍ دعاك فيها رئيسك لمكتبه بعد الانتهاء من مشروعٍ صعب. أو تذكّر ما شعرت به عندما صعدت إلى خشبة مسرحٍ أو قمت بعرضٍ تقديمي. أو فكّر في الطريقة التي يتفاعل بها طفلٌ مع نبرة صوت الوالدين الغاضبة أو المُحبطة.
في مثل هذه الحالات، تكون ردود الأفعال تلقائية ويمكن أن تحدث بدون تفكيرٍ واعٍ، قد تكون ردود الفعل الغريزية هذه إيجابيّةً ومفيدة، لكن يمكن أن تكون أيضاً سلبيّةً وغير مفيدة. ولكن من خلال البرمجة اللّغوية العصبيّة تصبح واعياً لردود أفعالك، وتتعلّم تغييرها -بما في ذلك ما تقوله- بطريقةٍ إيجابيّةٍ ومفيدة.
ملحوظة: أطلق "جون غريندر" و"ريتشارد باندلر" -آباء البرمجة اللّغوية العصبيّة- على نموذجهما اسم "البرمجة اللغويّة العصبيّة" ويعني: "البرمجة" لتعكس قدرتنا على التحرّر من السلوك المُبرمج، واختيار تنظيم أفكارنا وأفعالنا بالطريقة التي نريدها، و"اللّغوية" لعرض كيف تعكس طريقة لغتنا العمليات العصبيّة لدينا، و"العصبيّة" لأنّ الأنماط التي اكتشفوها كانت على مستوى العمليّات العصبيّة.
استخدام البرمجة اللّغوية العصبيّة:
يمكنك استخدام البرمجة اللّغوية العصبيّة (NLP) لتعزيز قدرتك على التصرّف بشكلٍ إيجابيٍّ وبنّاء، وتساعدك تقنياتها في تطوير الصلة، والاتّصال مع الآخرين، والتواصل معهم وفهمهم. يمكنك بواسطتها استخدام المهارات اللّغوية والنماذج لطرح أسئلةٍ قويةٍ وتحقيق نتائج إيجابيّة. كما تساعدك البرمجة اللّغوية العصبيّة على فهم النتيجة التي تريدها في موقفٍ معيّن، وفي تنمية الوعي الكافي لمعرفة ما إذا كنت تتحرّك نحو تلك النتيجة أو بعيداً عنها. وتعلّمك أن تكون مرناً حول تغيير سلوكك، بحيث يمكنك تحقيق الهدف المرغوب.
على سبيل المثال، قد ترغب في التفاوض على عقد عملٍ بنجاح. يمكن أن تساعدك البرمجة اللّغوية العصبيّة هنا على أن تكون أكثر وعياً بما تقوله وكيف تقوله، وما إذا كان الشخص الآخر منخرطاً في العرض التقديمي الذي تقدّمه أم لا. من خلال هذا الوعي، يمكنك تحويل سلوكك أو خطابك من أجل إعادة إشراكهم بالعرض، في حال عدم انخراطهم، وتحقيق هدفك بنجاح.
إليك مثال آخر: أثناء مناقشةٍ حادّة، يمكنك استخدام البرمجة اللّغوية العصبيّة لتساعدك على تغيير منظورك وتصوّر نفسك واقفاً مكان الشخص الآخر. يمكن أن يساعدك ذلك على تقدير من أين أتت وجهة نظره. وبنفس الطريقة للإلمام بالمناقشة، حاول الابتعاد عن التفاصيل ورؤية الصورة من بعيد لرؤيتها بشكلٍ أوسع، قبل التدقيق على التفاصيل والموافقة على النتيجة النهائية.
يمكن أن تساعدك البرمجة اللغوية العصبيّة أيضاً على زيادة مستوى ثقتك بنفسك عند التحدّث أمام الجمهور. من خلال استكشاف حالتك الداخليّة عندما تشعر بالثقة، ومقابلة الصور والأحاسيس لهذه الحالة بالمواقف التي تكون فيها أقلّ ثقة، حيث يدرك عقلك اللاواعي هذه التحولّات الخفية ويزيد من ثقتك بنفسك.
إنشاء صلة لنتائج ممتازة:
على الرغم من أنّ معظمنا ربما يكون جيّداً جدّاً في خلق علاقةٍ والتواصل مع الآخرين، نواجه جميعا أوقاتاً لا تسير فيها الأمور كما نودُّ أن تسير. على سبيل المثال، إذا كنت تواجه اجتماعاً صعباً مع عميلٍ غير راضٍ أو تطلب من رئيسك زيادة الأجور، يمكن أن تساعدك البرمجة اللّغوية العصبيّة على تعزيز علاقةٍ إيجابيّةٍ مع الشخص الآخر، والتي يمكن أن تخفّف من احتدام المناقشة وزيادة احتمال الحصول على نتيجةٍ جيّدة.
ويمكن لمطابقة اللّغة الجسدية لشخصٍ ما، مع نبرة صوته، أو حتى معدّل كلامه أن يساعد في تقوية علاقاته مع الشخص الآخر، حيث يتنبّه الآخرون دون وعيٍ أنّك مثلهم - وكلّنا نميل إلى الإعجاب بالأشخاص الذين هم مثلنا.
يمكنك أيضاً التّواصل مع الآخرين من خلال التحدّث بنفس اللّغة. فنحن نخوض تجاربنا من خلال نظرنا وسمعنا ومشاعرنا وحتى حواسنا بما فيها الشم والتذوّق. وكلامنا يكشف لغتنا الحسيّة المُفضّلة في سياقٍ معيّن.
مثلاً: هل سمعت أشخاصاً يقولون:
- "أرى ما تقصد".
- "فهمت الصورة".
- "أَسْمَعُ ما تقوله".
- "هذا يذكّرني بشيء".
- "لقد انتابني للتو الشعور بشيء ما".
- "سأكون على اتّصال".
لذلك تطوير المهارات اللازمة لإدراك هذه اللّغة الحسيّة سوف تساعدك على تعديل استخدامك للكلمات.
بالإضافة إلى ذلك، ستحصل على نظرةٍ ثاقبةٍ لما قد يحدث مع الشخص الآخر من خلال تطوير الوعي للتحولّات الدقيقة في لغة الجسد. ماذا تقول التحولّات في الجلسة (الجلوس منتصباً أو تقوس الظهر) لك؟ هل رأيت شخصاً ما يتحوّل وجهه إلى اللّون الأحمر عندما يشعر بالتوتّر، أو يشحب كثيراً بعد سماعه أخباراً مزعجة؟ من خلال الخوض في آليّات اللّغة وكيف يتواصل الناس، يمكنك تحديد الأنماط التي تساعدك على فهم سلوك الإنسان.
هل هم يُشوّهون أم يحذفون أم يعممّون (تبعاً لأنماط تفكيرهم)؟ هل يحبّون الخيارات، أم يفضّلون اتّباع الإجراءات؟ معرفة ما يُحفّز الناس يمكن أن يساعدك على التعامل معهم.
المفاهيم الخاطئة الشائعة عن البرمجة اللغوية العصبية:
يعتقد بعض الناس أنَّ البرمجة اللّغوية العصبيّة (NLP) تتضمّن التلاعب بالآخرين لما تريد منهم القيام به. على سبيل المثال، مندوب مبيعات انتهازي يقنعك أن تشتري شيئاً لا تريد حقّاً شراءه.
إنَّ طريقة استخدام أداة البرمجة اللغوية العصبيّة هو الذي يحدّد التلاعب، وليس الأداة بحدّ ذاتها. إذا تمَّ استخدام الأداة ضدَّ مصلحة شخصٍ آخر، فهذا تلاعب. أمّا إذا تمَّ استخدامها للمصلحة الشخصية، فستكون الأداة في موضعٍ تُستخدم فيه بطريقةٍ إيجابيّة.
اعتقادٌ آخرُ خاطئ، هو أنَّ البرمجة اللّغوية العصبيّة تُستخدم لاكتشاف ما إذا كان شخصٌ ما يكذب من خلال مشاهدة حركات العين. حيث يدور جزءٌ من تطوير حدّة حواسك حول إدراك حركات العين الخفيّة وفهم أنّ هذه الحركات المختلفة لها معانٍ مختلفة. ولكن بما أنّ المعاني المرتبطة بحركات العين لكلّ فردٍ هي فريدة من نوعها، أنت بحاجةٍ إلى فهم ما يعنيه قبل أن تتمكّن من البدء باستخدام البرمجة اللّغوية العصبيّة لهذا الغرض. إنّها بعيدةٌ عن كونها كاشف كذبٍ سريعٍ وبسيط.
أين يمكنك أن تجد مزيداً من المعلومات عن البرمجة اللغوية العصبية؟
إنّ أحد المصادر الجيدة للمعلومات عن البرمجة اللّغوية العصبيّة NLP هو الموقع الإلكتروني لـ ANLP "جمعية البرمجة اللغوية العصبية" (www.anlp.org)، وهو يتبع لمنظمة مستقلّة لها سمعة شعبية لتعزيز المعايير والمهنيّة والممارسات الجيّدة في البرمجة اللّغوية العصبيّة.
إذا كنت مُهتمّاً بأخذ دوراتٍ في البرمجة اللّغوية العصبيّة، فإنّ منظمة "مدرّبي البرمجة اللّغوية العصبيّة الدولية" INLPTA وموقعها الإلكتروني (http://www.inlpta.org) يُعدّ بدايةً ممتازة. تضع منظمة INLPTA المعايير الدوليّة لدورات تدريب البرمجة اللغوية العصبيّة NLP ويتبع أعضاء INLPTA معايير الجودة والكفاءة المهنيّة والأخلاقية. سوف يقدّم المدرّبين المعتمدين من INLPTA بوضوح انتمائهم واعتمادهم من INLPTA. يقدّم التدريب عروض دوراتٍ في مستويات الدبلوم، والمدرّب والمدرّب المحترف. يوفّر مستوى الدبلوم نظرةً ممتازةً في البرمجة اللّغوية العصبيّة ويمكن أن تكون أساساً جيّداً لتقوم من خلالها بتعزيز مهارات التّواصل لديك.
أمّا في عالمنا العربي فتوفّر مؤسسة إيلاف ترين للتدريب وتدريب المدربين دورات تدريبية في الكثير من المجالات من بينها دبلوم البرمجة اللغوية العصبية في العديد من الدول العربية كالإمارات العربية المتحدة، ومصر، والمغرب، والسودان، بالإضافة إلى تركيا.
المصدر: موقع "مايند تولز".
أضف تعليقاً