فدعنا نخبرك عن ثلاث استراتيجياتٍ مجديةٍ استخدمها وارن بافيت في تقديمه العون إلى موظفيه بغية تحديد أولوياتهم وتنظيم أعمالهم:
قصة مايك فلينت:
عمل مايك فلينت (Mike Flint) طياراً خاصَّاً عند بافيت لمدة 10 سنين -كما عمل أيضاً طياراً لدى رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية- وبينما كان يتحدَّث إلى بافيت عن أولويات عمله، طلب منه بافيت أن يقوم بممارسة ثلاث خطوات. إليك كيفية القيام بها:
- الخطوة الأولى: طلب بافيت من فلينت أن يدوِّن أبرز 25 هدفاً لعمله. أخذ فلينت وقته وشرع بكتابتهم. بإمكانك تنفيذ هذا النشاط لتحقيق أهدافٍ مختلفة؛ مثلاً: حدِّد 25 هدفاً تودُّ إنجازهم على مدار الأسبوع.
- الخطوة الثانية: طلب بافيت منه بعد ذلك أن يحدِّد خمسة أهدافٍ ذات الأولوية الأكبر لديه (الأمر الذي أسهم في تغيير مسار حياة فلينت باتِّخاذه قراراً بأهمِّ أهدافه).
- الخطوة الثالثة: إلى هنا، أصبح لدى فلينت قائمتان، القائمة (A) التي تتضمَّن الأهداف الخمسة الأهم؛ والأخرى (B)، قائمة العشرين هدفاً.
عندما سأله بافيت "ماذا عن الأهداف التي لم تحدِّدها؟" أجابه فلينت بأنَّه يرغب مبدئياً بالتركيز على الأهداف الخمس المفضَّلة.
أضاف فلينت "الأهداف الخمس الأوائل هي ما أصبُّ جلَّ تركيزي عليها، أمَّا بالنسبة إلى ما تبقَّى فسأعمل عليها في الوقت المناسب، فهي ليست عاجلة، لكنني ما زلت أخطط لتكريس جهدٍ ووقتٍ لها".
ردَّ عليه بافيت بقوله: "كلَّا، فأنت لم تُصِب يا مايك، فكلُّ هدفٍ لم تدرجه منذ البداية ضمن الأولويات هو ليس ضرورياً بالنسبة إليك، لا يهمُّ لماذا؛ فهذه الأهداف العشرين لن تستقطب اهتمامك ما لم تنجح أولاً بإنجاز أهدافك الخمسة الأولى".
أهمية الإقصاء:
نحن نحبُّ تهوين الأمور واستبعاد ما لا يلزم، والتخلص من تبديد الوقت في ما لا ينفع، ونعتقد أنَّ إقصاء الأمور غير الجوهرية يجعل الحياة يسيرة؛ لذا اجعل العادات الجيدة رفيقتك دوماً، وكن ممتنَّاً لكلِّ هبةٍ تملكها. وهذا يعني أنَّ تفادي ما يهدر وقتك من قراراتٍ وغيرها هو أمرٌ في غاية السهولة، لكن ما يُعدُّ عسيراً فعلاً هو الاستغناء عن ما ترغب به وتطمح إلى بلوغه.
إنَّه لمن الصعب كبح جماح نفسك عن أمورٍ فيها تبديدٌ لوقتك لكنَّك تجد فيها تسليتك وراحتك، لكن عليك أن تتذكَّر أنَّ منعكساتها سلبيةٌ ولن تدرَّ عليك أيَّ مكاسب. لعلَّ المهام والنشاطات التي توليها اهتماماً ضئيلاً سوف تعرقل تقدُّمك، وهي في الواقع لا أهميَّة لها.
كلُّ تصرُّفٍ تقوم به له ثمن، حتَّى العفويُّ منها ليس عفوياً في الحقيقة، فهذه التصرفات تستنزف وقتاً وطاقةً على حساب توظيف تلك العوامل في مهامٍ ذات فائدةٍ عظمى، وغالباً ما نغرق في ضوضاء التفكير وهدر الوقت بدلاً من اتخاذ إجراءٍ ما.
لهذه الأسباب يُعدُّ نهج بافيت مذهلاً. إنّ الأهداف الثانوية (من الرقم 6 إلى 25) هي أهداف تهتمّ بها، هي مهمة بالنسبة إليك وحتماً أن تأخذ وقتك في تنفيذها ليس بالمشكلة. لكن عندما تقارن بين تلك الأهداف والأولويات الخمس المحددة مسبقاً، تكتشف أنَّها حرقٌ للوقت. فاستغراقك في إنجاز الأهداف الثانوية ينتج عنه 20 مهمَّةً معلَّقةً بدلاً من خمسةٍ مكتملة.
لذا، لا تكن عاطفياً في إقصاء بعضٍ من الأهداف، بل اجبر نفسك على التركيز، وضع خياران نصب عينيك: إمَّا أن تنجز المهمَّة على أكمل وجه، أو أن تنسفها منذ البداية.
إنَّ ما تستصعب الاستغناء عنه وتقابله بالحبِّ هو الأكثر خطورةً، وخصوصاً إن لم يبادلك هذا الحبَّ وينعكس عليك بالفائدة.
أضف تعليقاً