سنتعرَّفُ في هذا المقال إلى بعض النَّصائح والتَّوجيهات الهامَّة لتخطيط وتنفيذ انتقالٍ مهنيٍّ ناجح، وسنتطرَّقُ لأهميَّة تحديد أهدافك المهنيَّة، وفهمِ نقاط قوَّتك وضعفك؛ لمساعدتك على اختيارِ المسار المناسب لكَ، والإعداد الجيِّد له، وسنسلِّطُ الضَّوء أيضاً على أهميَّة بناء شبكة اتصالاتٍ قويَّة، وتطوير مهاراتٍ جديدة؛ لاستكمالِ خبراتك الحاليَّة، كما سنستكشفُ كيفيَّة التَّعامل مع التحدِّيات والمخاوف الشَّائعة في الانتقال المهني، مثل القلق بشأن الدَّخل والتأمين الصحي،
يبقى الأهمُّ من ذلك أن ندركَ حقيقةً مفادها أنَّ كلَّ شيءٍ في هذه الحياة يحتاجُ إلى جهدٍ، وأنَّه يُمكنك تحقيقُ انتقالٍ مهنيٍّ ناجحٍ، والبحثُ عن فرصٍ جديدةٍ لك في المستقبل بالمُثابرة والاستعداد المناسب.
ما هو الانتقال المهني؟
يُعرَّفُ الانتقال المهني أو "التَّغيير المهني" بأنَّه عمليَّة تغيير الوظيفة أو المسار المهني من مجالٍ إلى آخر.
يشملَ الانتقالُ المهني:
1. تغيير الشَّركة أو المُنظَّمة التي تعملُ فيها:
مثل الانتقال من وظيفةٍ في شركة معيَّنة، إلى وظيفةٍ في شركةٍ أخرى.
2. التحوُّلُ إلى مجال عملٍ جديد:
مثل الانتقال من التَّسويق إلى تكنولوجيا المعلومات، أو من الهندسة إلى العمل الاجتماعي.
3. الترقِّي إلى مسؤوليَّات وظيفيَّة أعلى:
كالانتقال من موظَّفٍ إلى مدير، أو من موظَّفٍ فنيٍّ إلى دورٍ قياديٍّ.
4. تغيير نوع العمل:
مثل التحوُّل من وظيفةٍ تنفيذيَّة إلى عملٍ حرٍّ، أو إنشاء مشروعٍ خاص.
5. العودة إلى العمل بعد انقطاع:
كالرُّجوع للعمل بعد فترة إجازةٍ أو توقُّف.
قد يكونُ الانتقالُ المهني بسبب البحث عن فرصٍ أفضل، أو إعادة التأهيل، أو تغيير المسار الوظيفي، وهو عمليَّةٌ تتطلَّبُ تخطيطاً وجهداً؛ لضمان الانتقال النَّاجح إلى المجال الجديد.
ما هي استراتيجيات الانتقال المهني الناجح؟
يتطلَّبُ الانتقالُ المهنيُّ النَّاجح في الحقيقة اتِّباعَ عدة استراتيجيات تزيد من فرص نجاح هذا الانتقال وتسهِّلُ الأمرَ عليك.
إليكَ أهمُّ الاستراتيجيات التي يجب عليك اتِّباعها:
1. تحديد أهدافك بوضوحٍ:
حدِّد بوضوح ما هو المسار المهني الجديد الذي ترغب في اتباعه، واكتُب أهدافك الوظيفيَّة، والمهارات التي تحتاج إلى تطويرها.
2. تطوير خبراتك ومهاراتك:
ابحَث عن الفجوات الموجودة في مهاراتك وخبراتك مقارنةً بالوظيفة المستهدفة، ثمَّ ابحَث عن فرصٍ للتدريب والتطوير المهني، أو تطوَّع في إحدى المؤسَّسات أو الجِّهات؛ لاكتسابِ الخبرة المطلوبة.
3. إنشاء اتصالاتٍ مهنيَّة:
أنشئ ووسِّع شبكة اتصالاتك المهنيَّة في المجال الجَّديد، وتواصَل مع المهنيين والخبراء في المجال الذي ترغبُ في الانتقال إليه.
4. البحث عن فرصٍ جديدة للتقديم عليها:
ابحَث باستمرارٍ عن الوظائف والفرص المناسبة في المجال الجديد، وحسِّن سيرتك الذاتية.
5. الاستعداد للتنقُّلِ:
كُن مستعدَّاً للتقدُّمِ ببطءٍ، وربَّما للبدء في وظيفة أدنى من وظيفتك السَّابقة، وكُن مرناً ومستعدَّاً للتكيُّفِ مع التغييرات التي قد تطرأ.
سيساعدك التَّركيز على هذه الاستراتيجيات على إدارة تغييرك المهني بفاعليًّة، وتحقيق النَّجاح.
شاهد بالفديو: 5 نصائح بسيطة لتحقيق التطور المهني
كيف أقوم بتحديد أهدافي المهنيَّة؟
توجدُ بعض الطَّرائق الفعَّالة لتحديد الأهداف المهنيَّة بناءً على نقاط القوَّةِ والضَّعفِ لديك، وسنذكر منها:
1. إجراء تقييم ذاتي:
حدِّد نقاط قوَّتك والمجالات التي تتميَّز فيها، ثمَّ حدِّد المجالات التي ترغبُ في تطويرها وتحسين نقاط ضعفك فيها، وفكِّر في الخبرات السَّابقة والنَّجاحات التي حقَّقتها.
2. استخدام أداة تحليل SWOT:
حلِّل نقاط القوَّةِ والضَّعف الداخليَّة لديك، ثمَّ حدِّد الفرص والتهديدات الخارجيَّة التي قد تؤثِّرُ في مسارك المهني، واستخدِم هذا التحليل لتحديد الأهداف المناسبة.
3. الحصول على التَّغذية الرَّاجعة من الآخرين:
تحدَّث مع المديرين أو الزُّملاء للحصول على آرائهم عن نقاط قوَّتك وضعفك، واطلُب من الأصدقاء والعائلة تقديم ملاحظاتهم البنَّاءة، ثُمَّ استخدِم هذه المدخلات لتطوير أهدافك المهنيَّة.
4. البحث عن فرص التَّطوير المهني:
استكشِف الدَّورات والبرامج التدريبيَّة التي يمكنك المشاركة فيها لتطوير مهاراتك، وابحث عن فرص التَّرقية أو التنقُّل الدَّاخلي ضمن شركتك الحاليَّة، وحدِّد المجالات التي ترغبُ في التخصُّص فيها.
5. الربط بين أهدافك وخططك العمليَّة:
ترجِم أهدافك المهنيَّة إلى خطوات عمليَّة وقابلةٍ للتحقيق، وضَع جدولاً زمنيَّاً ومؤشِّرات قياس لمراقبة التقدُّم الحاصل.
يمكنك من خلال تطبيق هذه الاستراتيجيَّات، تحديدُ أهدافٍ مهنيَّة قويَّة وواقعيَّة وقابلة للتحقُّق بناءً على نقاط قوَّتك وضعفك.
هل الانتقال المهني ضروري؟
ربَّما تشعرُ بالرَّاحة في عملك الحالي، وتعتقدُ أنَّك تمارس عملاً تُحبُّه، وهنا بالطَّبع ستتساءَل: هل من الضُّروري أن أفكِّرَ في الانتقال المهني؟
الانتقالُ المهنيُّ ليس ضرورياً على الدَّوام، ولكن في كثيرٍ من الحالات يكون أمراً مفيداً ومناسباً، وذلك لعدَّة اعتبارات تجعلُ الانتقال المهني خياراً مرغوباً فيه.
إليك بعض الأسباب التي قد تجعل الانتقال المهني ضروريَّاً:
1. التطوَّر الشَّخصي والمهني:
كالرَّغبة في تحدِّي الذَّات وتنمية المهارات الجديدة، والبحث عن تحقيق الذَّات والرِّضى الوظيفي، والاستفادة من فرص النُّمو والتَّرقية.
2. التغييرات في سوق العمل:
مثل ظهور مهنٍ وتخصُّصاتٍ جديدة نتيجةً للتطوُّرات التكنولوجيَّة والاجتماعيَّة، والتغيُّرات في الطَّلب على المهارات والخبرات المختلفة، والحاجة إلى مواءمة المهارات مع مُتطلَّبات السُّوق.
3. ظروف العمل وتحقيق التَّوازن بين الحياة والعمل:
مثل الرَّغبة في تحقيق مزيد من المرونة والتَّوازن، والتَّغيير في الأولويَّات الشخصيَّة والعائليَّة، والحاجة إلى بيئة عملٍ إنسانيَّة وصحيَّة.
4. الأمن الوظيفي والرَّواتب:
كالبحث عن فرصٍ أفضل للأمنِ الوظيفيِّ والاستقرار المالي، والرَّغبة في تحسين الدَّخل والحوافز الماديَّة.
يُعدُّ قرارُ الانتقال المهني قراراً شخصيَّاً، ويعتمدُ على أهداف ومتطلَّبات كلِّ فرد، وما يهمُّنا هو إرشادك للتَّخطيط الجيِّد، وتحليل خياراتك بعناية قبل اتِّخاذ هذه الخطوة الهامَّة.
متى يكون الانتقال المهني حتميَّاً؟
تجعلُ بعض الحالات والظُّروف الانتقالَ المهني أمراً لا بدَّ منه، ومن أبرزها:
1. تقادُم المهارات والخبرات:
مثل التطوُّرات التكنولوجيَّة السَّريعة التي تجعلُ مهاراتك السَّابقة قديمة وغير ملائمة، والتغيُّرات في متطلَّبات سوق العمل التي تفرضُ عليك وجود مهاراتٍ جديدة، والحاجة إلى مواكبة التطوُّرات في مجال تخصُّصك.
2. التغُّيرات في الصِّناعة أو القطاع الذي تعمل فيه:
مثل إغلاق أو تقلُّص الشَّركات والمؤسَّسات التي تعمل فيها، وانخفاض الطَّلب على منتجات أو خدمات القطاع الذي تعمل فيه، أو ظهور صناعاتٍ وفرص جديدة تحتاج إلى مهاراتٍ مُختلفة.
3. الظُّروف الصحيَّة أو الشخصيَّة:
كحدوث تغيُّرات في الوضع الصحيِّ أو الجسديِّ تجعلُ عملك السَّابق غير ممكنٍ، أو الرَّغبة في تحقيق التَّوازن بين الحياة والعمل بسبب ظروف شخصيَّة أو عائليَّة، أو الحاجة إلى انتقالٍ جغرافيٍّ يجعلُ وظيفتكَ الحاليَّة غير ممكنة.
4. التغيُّرات التنظيميَّة والإداريَّة:
مثل إعادة الهيكلة، أو الاستحواذ على الشركة التي كنت تعمل فيها، أو تغيير التوجُّهات الاستراتيجيَّة للمؤسَّسة بما لا يتوافق مع مهاراتك، أو تقليص عدد القوى العاملة، أو إلغاء الوظائف بسبب الأزمات أو الاندماجات.
في هذه الحالات، يكون الانتقالُ المهنيُّ ضروريَّاً؛ للحفاظ على الاستقرار الوظيفي والاستمرارية المهنية، ويساعدُك التَّخطيط المُبكر والاستعداد لهذا التحول على نجاح هذه العمليَّة.
ما هي التحديات التي تواجه الانتقال المهني الناجح؟
قد تواجه بعض التحدِّيات عمليَّة الانتقال المهني وتمنع نجاحه، ومن أبرز هذه التحديات:
1. التحدِّي المالي:
مثل تكاليف إعادة التَّدريب، أو الحصول على شهادات/رخص جديدة، أو انخفاض الدَّخل خلال فترة التحوُّل المهني، أو التخلِّي عن مزايا الوظيفة السَّابقة كالتأمينات والمعاشات.
2. التحدِّي المعرفي والمهاري:
كالحاجة إلى اكتساب مهارات ومعارف جديدة، أو صعوبة تكييف الخبرات السَّابقة مع المتطلَّبات الجَّديدة، أو التنافسيَّة العالية في سوق العمل الجديد.
3. التحدِّي النَّفسي والاجتماعي:
كالخوف من المجهول، وصعوبة تأقلم الأسرة والمحيط الاجتماعي مع هذا التحوُّل، والتأثير في الشبكة الاجتماعيَّة والعلاقات المهنيَّة السَّابقة.
4. التحدي التنظيمي والإداري:
مثل الحصول على إجراءات التَّرخيص والموافقات اللازمة للتحوُّل، والتَّنسيق مع المؤسَّسات التعليميَّة أو التدريبية، وإدارة الوقت لتحقيق التَّوازن بين العمل والحياة الشخصيَّة.
إنَّ مواجهةَ هذه التحدِّيات بصورةٍ منظَّمة وتخطيطٍ جيِّدٍ، إضافةً إلى تلقِّي الدَّعم المالي والمعنوي من المحيط المُقرَّب منك، هي المفتاح لتحقيق انتقالٍ مهنيٍّ ناجحٍ.
شاهد بالفديو: خطوات تبديل المسار المهني
ما هي أهم الموارد المتاحة لدعم الانتقال المهني الناجح؟
تُتاح عدة موارد يمكن الاستفادة منها لدعم عمليَّة الانتقال المهني النَّاجح، ومن أبرزها:
1. برامج التَّدريب والتَّطوير المهني:
كإجراء دورات تدريبيَّة للحصول على المهارات الجَّديدة المطلوبة، والخضوع لبرامج إعادة التَّأهيل والتحوُّل الوظيفي، وحضور ورش عمل عن مهارات البحث عن وظائف وإدارة المسار الوظيفي.
2. خدمات استشاريَّة ونصائح مهنيَّة:
كالحصول على الاستشارات الوظيفيَّة والتَّوجيه المهني من الخبراء، وتقييم المهارات والكفاءات الحاليَّة، وطلب المساعدة على صياغة السيرة الذاتيَّة والإعداد للمقابلات.
3. شبكات التَّواصل المهني والمجتمعات الدَّاعمة:
كمنصَّات التَّواصل الاجتماعي المهنيَّة مثل لينكد إن، والجمعيَّات والمُنظَّمات المهنيَّة في المجال الجديد، ومجموعات ونوادي المهنيين المُنتقلين وظيفيَّاً.
4. فرص التَّدريب والتَّطوير الذَّاتي:
كبرامج التَّلمذة الصناعيَّة والتَّدريب التَّعاوني، والمنح والبرامج الحكوميَّة لتمويل إعادة التأهيل، وموارد التعلُّم الذَّاتي عبر الإنترنت كالدَّورات والمقالات.
5. خدمات التَّوظيف والبحث عن فرص:
مثل مكاتب التَّوظيف والوساطة الوظيفيَّة، ومواقع التَّوظيف والإعلانات عن الوظائف، وشبكات الاتِّصالات والتوصيات المهنيَّة.
إنَّ الاستفادة من هذه الموارد كما يجب تساعدُ على تسهيل عمليَّة الانتقال المهني وضمان نجاحها.
في الختام:
يُعدُّ الانتقالُ المهني تحدِّياً يواجهه كثيراً من الناس في مراحل مختلفة من حياتهم المهنيَّة، ويمكن بالتَّخطيط الجيِّد والاستعداد المناسب أن يكون هذا التحوُّل فرصةً لتطوير المهارات والخبرات وتحقيق طموحات جديدة، ويمكن للمهنيين المنتقلين باستخدام الموارد المتنوِّعة المُتاحة كالتَّدريب المهني والاستشارات الوظيفيَّة وشبكات التَّواصل بناءُ الكفاءات اللازمة والتعرُّف إلى الفرص المناسبة في المجال الجديد، كما أنَّ الإرادة والمُثابرة أمران أساسيَّان لنجاح هذه المرحلة الانتقاليَّة.
ينبغي على كلِّ فردٍ أن يتبنَّى نهجاً إيجابيَّاً وحماسةً للتغيير، مع الاستفادة من كل الموارد المُتاحة لتحقيق أهدافه المهنيَّة الجديدة، فالانتقال المهني ليس سوى بداية لمرحلة جديدة مليئة بالفرص والإنجازات.
أضف تعليقاً