يُعرَّف التصحُّر على أنَّه عملية تدهور الأراضي الخصبة وتحويلها إلى أراضٍ جافة وجرداء غير صالحة للزراعة أو الاستخدامات البشرية الأخرى.
تتوفر اليوم إحصاءات مثيرة للقلق عن اتساع رقعة التصحُّر وتأثيرها في البيئة والمجتمعات البشرية، فوفقاً لتقارير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، يُقدَّر أنَّ نسبة كبيرة من مساحة الأرض الصالحة للزراعة تتأثر بالتصحُّر، وهذا يؤثر بشكل مباشر في حياة الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
تشمل الإحصاءات العالمية عن التصحُّر عدة نقاط هامة، على سبيل المثال، يُعتَقَد أنَّ حوالي 250 مليون شخص يعيشون في المناطق المعرضة للتصحر، ويتأثرون بشكل مباشر بنقص الموارد الطبيعية والغذائية وارتفاع معدلات الفقر، كما تشير الإحصاءات إلى أنَّه يتم فقدان نحو 12 مليون هكتار من الأراضي الزراعية سنوياً بسبب التصحُّر.
من الهام أن نفهم تلك الإحصاءات، وأن نتعامَل معها بجدية على الصعيد العالمي، فالتغيرات المناخية المستمرة والنمط غير المستدام للاستغلال البشري للأراضي يعززان هذه المشكلة؛ لذا يجب علينا تبنِّي سياسات بيئية قوية وتعزيز التوعية والابتكار في سبيل مكافحة التصحُّر والحفاظ على الأراضي الخصبة للأجيال القادمة.
سوف يستعرض هذا المقال إحصاءات عن التصحُّر في العالم وتأثيرها في البيئة والبشرية، وسوف يقدِّم نظرة شاملة عن حجم المشكلة والتحديات المتعلقة بها، إضافة إلى توضيح العوامل المساهمة في تصاعد التصحُّر، كما سيتطرق المقال إلى الجهود العالمية المبذولة لمكافحة التصحُّر وحماية الأراضي الخصبة.
نسبة التصحُّر في العالم:
تختلف بيانات نسبة التصحُّر في العالم والوطن العربي بين المصادر والتقارير المختلفة، ومع ذلك، تعطي بعض الإحصاءات العامة فكرة عامة عن نسبة التصحُّر في هذه المناطق:
1. نسبة التصحُّر في العالم:
تقدِّر الأمم المتحدة أنَّ حوالي 33% من مساحة الأرض الصالحة للزراعة في العالم تعاني من مشكلات التصحُّر والتدهور، وتشير تقديرات الفاو إلى أنَّ حوالي 12 مليون هكتار من الأراضي تتحول إلى صحراء كل عام، وأنَّ حوالي 41% من مساحة الأراضي في العالم هي أرض جافة.
2. نسبة التصحُّر في الوطن العربي:
تختلف نسبة التصحُّر في الدول العربية من دولة إلى أخرى، ووفقاً لتقرير "التصحُّر في الوطن العربي" الصادر عن جامعة الدول العربية، تتأثر حوالي 65% من مساحة الوطن العربي بظاهرة التصحُّر.
تشير التقديرات إلى أنَّ حوالي 20% من مساحة الوطن العربي تعاني من تصحُّر متقدِّم، وعلى الرغم من ندرة الأراضي الصالحة للزراعة في المنطقة العربية بشكل عام، إلا أنَّ هذه المساحة تواجه تهديداً متزايداً من ظاهرة التصحُّر خلال السنوات الأخيرة.
لقد أصبح التصحُّر في المنطقة العربية ليس مجرد ظاهرة بيئية عابرة، بل أصبح خطراً يهدد بابتلاع دول العالم العربي بأكملها، ويستمر زحف الرمال في التهام ما تبقَّى من الأراضي الزراعية، وفقاً لتقرير لوكالة الأناضول.
يشكل هذا التطور تهديداً استراتيجياً للأمن الغذائي في العالم العربي، ويؤثر في الاقتصاد والأمن في تلك الدول، في ظل تصاعد أزمات سلاسل إمدادات الغذاء على مدار العامين الماضيين، ووفقاً لدراسة نشرها صندوق النقد العربي، تحت تأثير التصحُّر، يوجد حوالي 35.7 مليون هكتار من الأراضي الزراعية في العالم العربي، وهذا يعادل 18% من المساحة الصالحة للزراعة.
يتركز هذا التأثير بشكل خاص في المناطق الموجودة على أطراف الصحراء الإفريقية الكبرى، وتشير الوقائع الحالية في الدول العربية إلى أنَّ 68.4% من أراضيها متصحرة، و20% منها مهددة بالتصحُّر، بينما تشكل الأراضي غير المتصحرة فقط 11.6% من المساحة الإجمالية.
تكشف الدراسة أيضاً أنَّ أراضي بعض الدول العربية متصحرة بالكامل، مثل البحرين والكويت والإمارات وقطر، بينما تتراوح نسبة الأراضي المتصحرة في 10 دول بين 60% و98%، مثل مصر وجيبوتي والسعودية والجزائر والأردن واليمن والمغرب.
تواجه دول أخرى تهديدات التصحُّر، فتتراوح نسبة الأراضي المهددة بالتصحُّر فيها بين أكثر من 50%، مثل الصومال وسوريا والعراق.
من الهام الإشارة إلى أنَّ هذه الأرقام تعتمد على تعريف التصحُّر المُستخدَم والمنهجية المُتَّبَعة في القياس، وقد تختلف التقديرات والأرقام الدقيقة من تقرير إلى آخر؛ لذا يوصى بالرجوع إلى مصادر موثوقة محددة للحصول على بيانات أكثر تفصيلاً وحديثة عن نسبة التصحُّر في العالم والوطن العربي.
مصادر تقدم إحصاءات موثوقة عن التصحُّر في العالم:
سنقدم فيما يأتي بعض المصادر الموثوقة التي تقدم إحصاءات موثوقة عن التصحُّر في العالم، ومن بين هذه المصادر:
1. منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو):
تقدم الفاو تقارير وإحصاءات موثوقة عن الزراعة والأمن الغذائي والبيئة، ويمكنك زيارة موقعهم الرسمي والاطلاع على التقارير المتعلقة بالتصحُّر والمسائل البيئية المتصلة به.
2. الإطار العالمي لمكافحة التصحُّر (UNCCD):
يقدم UNCCD معلومات موثوقة عن التصحُّر والجهود العالمية المبذولة لمكافحته، ويمكنك زيارة موقع UNCCD الرسمي واستعراض التقارير والإحصاءات المتاحة.
3. المنظمات الدولية الأخرى:
تقدم منظمات مثل البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية أيضاً بيانات وإحصاءات موثوقة عن التصحُّر وتأثيره.
عند الاطلاع على المصادر المذكورة آنفاً، يجب أن تضع في الحسبان أنَّ البيانات قد تكون مرتبطة بالفترة الزمنية المحددة والمناطق الجغرافية المشمولة، وقد توفر هذه المصادر تفاصيل عن النسب الإقليمية والدولية للتصحر، والتغيرات على مرِّ الزمن، والعوامل التي تسهم في زيادة التصحُّر؛ لذا ينصح بالتوجُّه إلى هذه المصادر الموثوقة للحصول على معلومات أكثر تحديداً ودقة عن نسب التصحُّر في العالم.
ما هي الدول التي تعاني من التصحُّر؟
تعاني كثير من الدول في العالم من مشكلة التصحُّر، وفيما يأتي بعض الأمثلة عن هذه الدول:
1. الصحراء الكبرى:
تمتد الصحراء الكبرى عبر عدة دول، ومنها الجزائر ومصر وليبيا والسودان وتشاد وتونس والنيجر وموريتانيا، وتعد هذه الدول من أكبر المتضررين من التصحُّر في العالم.
2. أستراليا:
تعاني أستراليا من مناطق تصحر واسعة تشمل الصحراء الغربية الكبرى وصحراء تانامي وصحراء سيمبسون، وتأثرت بعض مناطق أستراليا بتدهور الأراضي ونقص المياه وارتفاع درجات الحرارة.
3. الهند:
تعاني مناطق في شمال غرب الهند مثل راجستان وغوجارات من التصحُّر ونقص المياه، وتتأثر هذه المناطق بالجفاف وسوء إدارة المياه وتغير نمط الأمطار.
4. الصين:
تشمل مناطق التصحُّر في الصين منغوليا الداخلية وشينجيانغ ونينغشيا، وتعاني هذه المناطق من نقص المياه وتدهور الأراضي وتأثيرات الرياح الرملية، ويُقدَّر بأنَّ 27% من مساحة البلاد هي صحراء.
5. الولايات المتحدة:
تحتوي الولايات المتحدة على مناطق تصحُّرية مثل صحراء موهافي وصحراء سونوران وصحراء شارا وصحراء متعة في ولاية نيفادا وكاليفورنيا وأريزونا.
هذه بعض الأمثلة عن الدول التي تعاني من التصحُّر في العالم، ويوجد مزيد من الدول والمناطق المتضررة، ويختلف مدى تأثير التصحُّر وطرائق التعامل معه من مكان لآخر.
ما هي الدول والمناطق المهددة بالتصحُّر؟
إنَّ بعض دول العالم مهددة بمشكلة التصحُّر، وتتأثر هذه الدول بتدهور الأراضي الزراعية ونقص المياه وتغيرات المناخ، وفيما يأتي بعض الأمثلة عن الدول المهددة بالتصحُّر:
1. دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:
تتعرض بعض الدول في المنطقة مثل العراق والأردن ومصر والمغرب وتونس وموريتانيا والسودان والصومال لتهديد التصحُّر، فتعاني هذه الدول من نقص المياه وتدهور الأراضي الزراعية وزيادة الجفاف.
2. الدول الإفريقية في منطقة الساحل الكبرى:
تتضمن الدول مثل السنغال وموريتانيا ومالي وبوركينا فاسو ونيجر وتشاد والسودان، فتعاني هذه الدول من تدهور الأراضي الزراعية بسبب انتشار الصحاري ونقص المياه وتأثيرات تغير المناخ.
3. دولة البرازيل:
تتعرض المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من البرازيل لتهديدات التصحُّر، وتتأثر هذه المناطق بتدهور الأراضي الزراعية ونقص المياه وتغير نمط الأمطار.
4. دول جنوب شرق آسيا:
تتضمن دول جنوب شرق آسيا الدول مثل فيتنام وكمبوديا ولاوس وتايلاند وميانمار، فتواجه هذه الدول تحديات التصحُّر نتيجة لتدهور الأراضي الزراعية وتغير نمط الأمطار ونقص المياه.
5. دولة جنوب إفريقيا:
يتعرض جنوب إفريقيا لتهديدات التصحُّر بسبب تدهور الأراضي الزراعية وتغير نمط الأمطار ونقص المياه.
في الختام:
نستنتج أنَّ مشكلة التصحُّر تشكل تحدياً كبيراً على مستوى العالم، وتشير الإحصاءات إلى أنَّ نسبة كبيرة من مساحة الأرض تعاني من تدهور الأراضي الزراعية ونقص الموارد المائية، وهذا يؤثر سلباً في البيئة والاقتصاد وحياة السكان.
تشمل الدول المتضررة من التصحُّر العديد من الدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأماكن أخرى مثل أستراليا والهند والصين والولايات المتحدة، فتواجه هذه الدول تحديات كبيرة في التعامل مع آثار التصحُّر، ومن ذلك تأثيراته في الزراعة والأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
تتطلَّب معالجة مشكلة التصحُّر جهوداً مشتركة من الحكومات والمجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية، ومن بين الإجراءات الهامة التي يمكن اتخاذها:
- تعزيز استدامة الزراعة.
- إدارة الموارد المائية بشكل فعال، وتنفيذ تقنيات الري المبتكرة.
- تشجيع التنوُّع البيولوجي والحفاظ على الغابات.
- تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.
بالعمل المشترك والتزامنا بتنفيذ الإجراءات الملائمة، يمكننا أن نحدَّ من مشكلة التصحُّر ونحمي الأراضي الصالحة للزراعة والبيئة الطبيعية، وإنَّ الاستثمار في البحث والتكنولوجيا والتعليم البيئي يؤدي دوراً حاسماً في التصدي لهذه التحديات والحفاظ على كوكبنا للأجيال القادمة.
أضف تعليقاً