ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المُدوِّن أدريان نيتا (Adrian Nita)، والذي يُحدِّثنا فيه عن الطرائق التي يمكن أن تساعدنا التكنولوجيا من خلالها على الحد من تغيُّرات المُناخ.
كيف نكافح تغيُّر المناخ؟
تكمن المشكلة في أنَّه من الصعب أن نعرف بالتحديد ما هو دورنا في مكافحة تغيُّر المناخ، فيمكننا مثلاً استعمال أكياس تسوق قابلة لإعادة الاستخدام عندما نذهب للتسوق من البقالة أو إطفاء الأجهزة غير الضرورية عندما نغادر المنزل، ولكن ما مقدار تأثير هذه الإجراءات في حل المشكلة؟
الإجابة هي أنَّ الإجراءات هذه ليست كافية، على الأقل عند مقارنتها بالتقدُّم والابتكارات التكنولوجية؛ فعلى الرغم من أنَّ شركات مثل تسلا (Tesla) قد بدأت بالفعل بالتأثير في صناعة النقل من خلال ابتكار السيارات الكهربائية، إلا أنَّ هناك مجالات أُخرى من التكنولوجيا كان التقدُّم فيها بطيئاً على أفضل تقدير، على سبيل المثال، لا تزال مصادر الطاقة المتجدِّدة تحتل مرتبة ثانوية بعد الوقود الأحفوري؛ وهو ما يعني أنَّه في حين تساعد السيارات الكهربائية على الحد من اعتمادنا على البنزين، فإنَّ بقية بلدان العالم لا تزال تحرق الكثير من الفحم والنفط لتزويد منازلهم بالطاقة؛ ولهذا السبب فإنَّنا بحاجة إلى المزيد من رُواد الأعمال الذين يعملون على إيجاد حلول إبداعية تسمح لنا بتحويل اقتصادنا إلى مصادر طاقة مُتجددِّة حتى يتسنَّى لنا أن نستبدل الوقود الأحفوري في كافة جوانب حياتنا اليومية من النقل إلى التدفئة والطهي.
كيف يمكننا أن نكون جزءاً من هذا التغيير؟
باستثناء استخدام زجاجة مياه قابلة لإعادة التدوير أو إطفاء الأنوار عند مغادرة الغرفة، لا توجد الكثير من الإجراءات البسيطة التي يمكننا اتخاذها للحد من تأثيرنا على البيئة، ولكنَّ هذا لا يعني أنَّه لا يمكننا فعل أي شيء.
في الواقع، تلعب التكنولوجيا دوراً أساسياً في مكافحة تغيُّر المُناخ؛ فمع سيطرة التجارة الإلكترونية والتسُّوق عبر الإنترنت على العالم، من المهم التأكُّد من أنَّ هذا الاتجاه الجديد لن يُؤثِّر سلباً في كوكب الأرض، وهنا يأتي دور التكنولوجيا الصديقة للبيئة.
أصبح غاز الكربون المنبعِث من شاحنات التوصيل وغيرها، مصدر قلق كبير لعلماء البيئة الذين يهتمون بشأن تغيُّر المُناخ، وهذا هو السبب الذي دفع الشركات مثل أمازون (Amazon) إلى فرض قيود على شركة التجارة الإلكترونية العملاقة إي باي (eBay)؛ من خلال حظر مستخدميها من بيع السلع باستخدام خدماتهم، ومع ذلك، بخلاف حظر البائعين، لا يوجد الكثير من الأشياء التي يمكن أن تقوم بها مواقع التجارة الإلكترونية لتعويض التأثير البيئي للمنتجات التي تُشحن من خلالها.
يكمن الحل في التكنولوجيا الصديقة للبيئة:
التكنولوجيا الخضراء أو ما يُسمَّى بالتكنولوجيا الصديقة للبيئة؛ وهي مصطلح واسع يشمل العديد من الحلول المختلفة لمجموعة واسعة من المشكلات البيئية، وفي حين أنَّ كل واحدة منها يمكن أن تُؤثِّر تأثيراً كبيراً في البيئة، إلا أنَّه لا تُستخدم كل واحدة منها على قدم المساواة.
هناك العديد من السبل لإحداث فارق، والتي تتراوح بين زيادة معدل إعادة التدوير في المجتمع وزراعة الأشجار إلى الحد من استخدام البلاستيك ورحلات الطيران، ولكن مع تزايد عدد المنظمات التي تطلق مبادرات تهدف إلى الحد من تغيُّر المناخ من خلال التقدم التكنولوجي، فمن الواضح أنَّ التكنولوجيا يمكن أن تكون أداة لا تُقدَّر بثمن لمساعدة البشرية على مكافحة هذه الأزمة العالمية.
قد لا نتمكَّن من رؤية التأثيرات المترتبة على تغيُّر المناخ على الفور، ولكن هذا لا يعني أنَّنا لا نستطيع القيام بدورنا في مكافحته، وفي الواقع، فيما ننتظر إجراء المزيد من الأبحاث واكتشاف طرائق جديدة للحد من تأثيرنا في هذا الكوكب، هناك بعض الأمور التي يمكن البدء بها اليوم، مثل استبدال استخدام المناديل الورقية بالمناشف القماشية القابلة لإعادة الاستعمال، أو استخدام شفرة حلاقة كهربائية بدلاً من الحلاقة بشفرات حلاقة تُستخدم لمرَّة واحدة.
تعويضات الكربون:
ولكن بينما تنتظر الشركات تقديم طرائق جديدة للحد من الانبعاثات الكربونية، هناك أيضاً بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها باستخدام التكنولوجيا الحالية، والتي من شأنها أن تساعد البيئة، فقد أدى ارتفاع شعبية التجارة الإلكترونية خلال فترة الحجر الصحي في أثناء جائحة كورونا، إلى زيادة الانبعاثات من شاحنات التسليم كما أدت إلى زيادة النفايات.
هل تساءلت من قبل لماذا تُخبرك الكثير من المواقع الإلكترونية التي تزورها بأن تكون صديقاً للبيئة؟ لقد تبيَّن أنَّ ذلك بسبب أنَّ الاتصال بالإنترنت يضر ببيئتنا؛ ففي كل مرة يقرر شخص ما شراء أي شيء عبر شبكة الإنترنت بدلاً من زيارة المتجر شخصياً، فإنَّه مسؤول عن إنتاج المزيد من الانبعاثات الكربونية والنفايات مقارنة بما لو زار المتجر بنفسه.
ولكن ماذا لو كانت هناك طريقة لتعويض كل هذا التلوث عبر زراعة الأشجار؟ هذا بالضبط ما تفعله شركة فيردو (Verdoo) الناشئة؛ حيث إنَّ المفهوم الكامن وراء هذه الشركة بسيط للغاية؛ عندما تقوم بأي نوع من أنواع الشراء عبر الإنترنت على جهازك المحمول، تذهَبُ نسبة ضئيلة من المال إلى زراعة أشجار جديدة في المناطق المتضررة من إزالة الغابات، فإنَّه أمر مربح للجميع، ولأنَّ الأشجار قادرة على امتصاص انبعاثات الكربون الناتجة عن شاحنات التوصيل التي تشحن المنتجات عبر البلاد وإلى منزلك، فإنَّها لا تضر بالبيئة؛ بل تساعد في الواقع على علاجها.
ما مدى تأثير التكنولوجيا الصديقة للبيئة في الكوكب؟
بفضل هذه المبادرات الجديدة، قد ندرك قريباً أنَّنا لا نحتاج حقاً إلى متجر يبيع منتجاته عبر الإنترنت في كل مدينة، والواقع هو أنَّه مع إبداعات المزيد من الشركات المرتبطة بتوجهها نحو الحفاظ على البيئة، فإنَّ إسهاماتها قد تُحدث فارقاً كبيراً فيما يتعلَّق بصحة كوكبنا.
ولكن ما قيمة هذه الجهود حقاً؟ قد يقول بعض الأشخاص إنَّ هذا شبيه ببرنامج أبولو (Apollo) الخاص بجيلنا؛ ولئن كان ذلك صحيحاً، فلا شك أيضاً في أنَّ هذه المبادرات ستستغرق وقتاً طويلاً لتؤثِّر في صحة كوكبنا.
على سبيل المثال، تعمل بعض المنظمات مع شركات كُبرى وحكومات لإصلاح مشكلات مثل تلوُّث المحيطات الناجم عن مادة البلاستيك، ويحاول آخرون تحسين معدلات إعادة التدوير سواء من جانب المستهلكين أم الشركات، كما تهدف مبادرة أُخرى إلى جعل المباني صديقة أكثر للبيئة من خلال استخدام الطاقة استخداماً أكثر كفاءة، ولكنَّ الحقيقة هي أنَّ عدداً قليلاً فقط من الشركات تعمل على ابتكار هذه الحلول القائمة على التكنولوجيا الصديقة للبيئة.
ما يمكننا القيام به جميعاً لحماية البيئة بسيط، ويتمثَّل في تغيير عاداتنا، فإذا غيَّرنا عادتين يوميتين، فلنفكر في حجم الانبعاثات الغازية المُسببة للاحتباس الحراري العالمي التي قد نتمكَّن من منعها، إنَّ القضايا البيئية الأكثر إلحاحاً اليوم هي من صنع أيدينا؛ لذا فإنَّ الأمر متروك لنا لإيجاد السبل لحلِِّها، وبابتكار الممارسات والتقنيات والأعمال التجارية التي يمكن أن تُقلِِّل التلوث والآثار السلبية الأُخرى على البيئة، يمكننا أن نعمل معاً لإنقاذ العالم.
في نهاية المطاف، تحمل التكنولوجيا المفتاح إلى مستقبل كوكبنا، وكلَّما زاد عدد رواد الأعمال الذين يعملون على إيجاد حلول جديدة لمساعدتنا على الحد من انبعاثات الكربون، كان ذلك أفضل.
أضف تعليقاً