في هذا المقال، نستعرض أهمية الذكاء العاطفي في اختيار المرشحين، ونقدِّم نصائح عملية لتقييمه خلال مقابلات العمل.
ما هي أهمية الذكاء العاطفي في اختيار المرشحين؟
تتجلى أهمية الذكاء العاطفي في عملية اختيار المحاسبين بالجوانب التالية:
1. الأداء الوظيفي
تشير الدراسات إلى أنَّ الموظفين الذين يتمتَّعون بذكاء عاطفي مرتفع يحقِّقون أداء وظيفياً أفضل، فهُم قادرون على التعامل مع الضغوطات والتحديات بفعالية أكبر، ممَّا يؤدي إلى تحسين الإنتاجية والابتكار داخل الفِرق. يمكن مثلاً للموظف الذي يمتلك ذكاءً عاطفياً أن يتعامل مع المواقف الصعبة بهدوء، ويستجيب بإيجابية للتغذية الراجعة، ممَّا يعزز من أدائه الشخصي وأداء الفريق.
2. بناء العلاقات
يساعد الذكاء العاطفي الأفراد على بناء علاقات قوية مع زملائهم والعملاء، فيمكن للمرشحين الذين يمتلكون هذه المهارة التواصل بفعالية، ممَّا يُعزِّز التعاون وروح الفريق داخل المؤسسة. ويمكن للأفراد الذين يعرفون كيفية قراءة مشاعر الآخرين وفهم احتياجاتهم بناء الثقة والاحترام المتبادَل، وهو ما يعدُّ أساساً لنجاح أي فريق عمل.
3. القيادة
تعدُّ القيادة الفعالة عنصراً حيوياً لنجاح أية منظمة، فالقادة الذين يتمتعون بذكاء عاطفي قادرون على إلهام وتحفيز فِرقهم، ممَّا يزيد من مستوى الالتزام والولاء لديهم، فهم يعرفون كيفية التعامل مع النزاعات وفهم احتياجات الآخرين. إضافة إلى ذلك، يميل القادة ذوو الذكاء العاطفي إلى أن يكونوا أكثر انفتاحاً على الأفكار الجديدة وآراء الآخرين، ممَّا يعزز من الابتكار والإبداع داخل الفريق.
كيف تقيس الذكاء العاطفي في مقابلات العمل؟
يمكن أن نقوم بقياس الذكاء العاطفي في مقابلات التوظيف عبر ما يلي:
1. مقابلة السلوك
تستخدم مقابلات السلوك لتقييم كيفية تصرف المرشحين في مواقف معيَّنة، فمن خلال طرح أسئلة تتعلق بتجاربهم السابقة، يمكن للمقابلين تقييم مستوى ذكائهم العاطفي وقدرتهم على التعامل مع التحديات. مثلاً، يمكن سؤال المرشَّح عن موقف صعب واجَهَه وكيف تعامل معه. ستساعد الإجابة على فهم استراتيجياته في التعامل مع الضغوطات.
2. اختبارات التقييم النفسي
تعدُّ اختبارات الذكاء العاطفي أدوات فعالة لتقييم المهارات العاطفية للمرشحين بموضوعية. يمكن أن تحدِّد هذه الاختبارات نقاط القوة والضعف لدى الأفراد، وهناك عدد من الاختبارات المعتمدة، مثل "اختبار بار-أون"، و"اختبار جاردنر"، والتي تقيس جوانب مختلفة من الذكاء العاطفي.
3. تقييمات الزملاء والرؤساء
يمكن الحصول على رؤى قيِّمة حول ذكاء المرشَّح العاطفي من خلال تقييمات الزملاء والرؤساء السابقين. توفر هذه التقييمات معلومات حول كيفية تفاعل الفرد مع الآخرين ومدى تأثيره الإيجابي في بيئة العمل، كما يمكن أن تحدِّد مدى قدرة الفرد على العمل ضمن فريق وكيفية تعامله مع الضغوطات.
4. مراكز التقييم
تستخدم مراكز التقييم مجموعة متنوعة من الأساليب لتحديد مدى ملائمة المرشح للوظيفة، بما في ذلك محاكاة المواقف العملية والتفاعل مع مجموعة من الأفراد. تعطي هذه الطريقة صورة شاملة عن قدرات المرشح، وتقيِّم مهاراته الاجتماعية والعاطفية بدقة.
نصائح لاختيار المرشحين بناء على الذكاء العاطفي
إليك عدة نصائح لكيفية اختيار المرشحين بشكل يعتمد على الذكاء العاطفي:
1. درِّب المسؤولين عم إجراء المقابلات
يجب أن يتلقَّى المسؤولون عن إجراء مقابلات العمل تدريباً مناسباً لفهم كيفية تقييم الذكاء العاطفي بفعالية، وتحسين دقة اختياراتهم. يشمل التدريب التعرف على العلامات السلوكية التي تشير إلى مستوى الذكاء العاطفي وكيفية طرح الأسئلة المناسبة.
2. ركز على السلوك
من الهام التركيز على سلوكات المرشحين بدلاً من مجرد مؤهلاتهم الأكاديمية أو خبراتهم السابقة، فيمكن أن تكشف هذه السلوكات عن الكثير من جوانب الذكاء العاطفي يجب البحث عن أمثلة محدَّدة توضِّح كيفية تعامل المرشح مع المواقف المختلفة.
3. اطرح أسئلة مفتوحة
يجب طرح أسئلة مفتوحة تسمح للمرشحين بالتعبير عن أفكارهم وتجاربهم تعبيراً أعمق، ويمكن أن يكشف هذا النوع من الأسئلة عن قدرتهم على التفكير النقدي والتفاعل مع المشاعر. مثال على ذلك هو سؤال "كيف تعامَلْت مع نزاع سابق في العمل؟" والذي يتيح للمرشح فرصة لشرح استراتيجياته ومهاراته في حل النزاعات.
شاهد بالفيديو: 6 مهارات يبحث عنها أصحاب العمل عند اختيار الموظفين
ما هي الفروق بين الذكاء العاطفي والذكاء الاصطناعي؟
يوجد عدة فروق تتجلى في الأشكال التالية:
1. الطبيعة
الذكاء العاطفي
يُعدُّ الذكاء العاطفي جزءاً من الذكاء البشري، فهو يشمل مجموعة من المهارات الاجتماعية والعاطفية التي تساعد الأفراد على فهم مشاعرهم ومشاعر الآخرين، ويتضمَّن ذلك التعاطف، وهو القدرة على وضع النفس في مكان الآخرين وفهم تجاربهم، بالإضافة إلى الوعي الذاتي، الذي يمكِّن الأفراد من التعرف على مشاعرهم الخاصة، وكيف تؤثر في سلوكهم.
الذكاء الاصطناعي
هو مجال تكنولوجي يتعامل مع تصميم وتطوير الأنظمة التي يمكن أن تحاكي بعض جوانب الذكاء البشري، ويشمل ذلك التعلم الآلي، معالجة اللغة الطبيعية، والرؤية الحاسوبية. يُنشِئ الذكاء الاصطناعي برامج قادرة على أداء مهام تتطلب عادةً ذكاءً بشرياً، مثل التعرف على الأنماط، واتخاذ القرارات، والتفاعل مع البيئة.
2. التعلم والتكيُّف
الذكاء العاطفي
يتطور من خلال التجربة الشخصية والتفاعل الاجتماعي المستمر، فيمكن للأفراد الذين يتمتعون بذكاء عاطفي مرتفع التعلم من مواقف الحياة اليومية، ممَّا يحسِّن مهاراتهم في إدارة المشاعر وبناء العلاقات. مثلاً، قد يتعلَّم شخص ما كيفية التعامل مع النقد بشكل أفضل بعد تجربة سلبية سابقة.
الذكاء الاصطناعي
يعتمد على البيانات والخوارزميات لتحسين أدائه، وتُدرَّب أنظمة الذكاء الاصطناعي باستخدام مجموعات كبيرة من البيانات، فتتعلم الخوارزميات من الأنماط الموجودة في هذه البيانات. في حين يمكن للذكاء الاصطناعي التكيف مع البيانات الجديدة وتحسين الأداء، إلَّا أنَّه لا يمتلك القدرة على التعلم من التجارب الإنسانية بالطريقة نفسها.
3. الإبداع والابتكار
الذكاء العاطفي
يعزز الإبداع من خلال فهم المشاعر والتجارب الإنسانية، فالأفراد الذين يمتلكون ذكاءً عاطفياً مرتفعاً يمكنهم التفكير خارج الصندوق وتطوير حلول مبتكرة للمشكلات بناءً على فهم عميق للاحتياجات البشرية. هذا النوع من الإبداع غالباً ما يكون مدفوعاً بالعواطف والأفكار الإنسانية.
الذكاء الاصطناعي
يمكن أن ينتج حلولاً جديدة بناءً على البيانات المُدخَلة، ولكنَّه يفتقر إلى الفهم الإنساني العميق الذي يوجِّه الإبداع. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يبتكر تصميمات جديدة أو يحل مشكلات رياضية معقَّدة، لكنَّه لا يفهم المعاني الثقافية أو الرمزية وراء هذه الحلول كما يفعل البشر.
4. التفاعل الاجتماعي
الذكاء العاطفي
يشمل القدرة على التواصل بفعالية وفهم الديناميات الاجتماعية، فيقرأ الأشخاص الذين يتمتعون بذكاء عاطفي مرتفع الإشارات غير اللفظية، مثل تعبيرات الوجه ونبرة الصوت، ممَّا يساعدهم على التفاعل بفعالية أكبر مع الآخرين. هذا النوع من التفاعل يعزز التعاون ويبني علاقات قوية.
الذكاء الاصطناعي
يفتقر إلى القدرة على التفاعل الاجتماعي بشكل طبيعي. ورغم أنَّه قد تستخدم بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي تقنيات، مثل معالجة اللغة الطبيعية للتفاعل مع البشر (مثل المساعدين الصوتيين)، إلَّا أنَّها لا تفهم المشاعر ولا تستطيع الاستجابة بطريقة تعكس التعاطف أو الفهم العميق.
5. الدقة والسرعة
الذكاء الاصطناعي
يمتاز بسرعته العالية في معالجة البيانات ودقته في أداء المهام المعقدة. يمكن للأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من المعلومات بسرعة تفوق قدرة الإنسان بكثير، ممَّا يجعلها مثالية لمهام، مثل التحليل المالي أو تشخيص الأمراض.
الذكاء العاطفي
قد يكون أقل دقة في بعض الأحيان بسبب التأثيرات العاطفية والبيئية، فقد تتأثر القرارات التي تعتمد على الذكاء العاطفي في العواطف الشخصية أو السياقات الاجتماعية، ممَّا يؤدي إلى نتائج قد تكون غير متوقَّعة أو غير دقيقة في بعض الحالات.
كيف يمكن تعزيز الذكاء العاطفي من خلال التدريب والتعليم؟
يمكننا تعزيز الذكاء العاطفي من خلال التدريب والتعليم عبر الخطوات التالية:
1. التواصل الفعَّال
يعزز تعليم الأفراد كيفية التعبير عن مشاعرهم بوضوح وفعالية من قدرتهم على التواصل مع الآخرين. يمكن استخدام تمرينات الحوار والمناقشات الجماعية لتطوير هذه المهارة، ممَّا يبني علاقات صحية.
2. الوعي الذاتي
تشجيع الأفراد على التفكير في مشاعرهم وفهم تأثيرها في سلوكهم، ويمكن تحقيق ذلك من خلال التأمل، الكتابة اليومية، أو حتى مناقشة المشاعر في بيئات تعليمية.
3. التعاطف
تعزيز القدرة على فهم مشاعر الآخرين من خلال تمرينات التعاطف، مثل طرح أسئلة حول كيف يشعر الآخرون في مواقف معيَّنة، وهذا يساعد الأفراد على تطوير مهارات التعاطف والتفاعل بإيجابية مع الآخرين.
4. إدارة المشاعر
تدريب الأفراد على تقنيات إدارة الضغوطات والمشاعر السلبية، مثل الغضب والإحباط، ويمكن استخدام تمرينات التنفس العميق والتأمل بوصفها وسائل فعالة للتحكم في المشاعر.
5. التعلم من التجارب
يمكن لِتشجيع الأفراد على التعلم من تجاربهم الشخصية ومشاركة قصصهم أن يعزز من فهمهم للذكاء العاطفي، وهذا النوع من التعلم يعزز الوعي الذاتي والتعاطف.
6. التدريب العملي
يعزز تطبيق المهارات المكتسبة في مواقف حقيقية، سواء في بيئة العمل أم الحياة اليومية من فعالية التدريب، ويؤدي إلى تحسين مستمر في الذكاء العاطفي.
من خلال دمج هذه الاستراتيجيات في البرامج التعليمية والتدريبية، يمكن تعزيز الذكاء العاطفي تعزيزاً فعالاً وتحقيق نتائج إيجابية في العلاقات الشخصية والمهنية.
في الختام
إنَّ الذكاء العاطفي هو عنصر حيوي في اختيار المرشحين المناسبين لأية منظمة، فمن خلال فهم أهميته وطرائق قياسه، يمكن للمؤسسات تحسين عمليات التوظيف الخاصة بها وضمان اختيار الأفراد الذين سيساهمون مساهمةً إيجابيةً في بيئة العمل.
الاستثمار في الذكاء العاطفي ليس فقط استثماراً في الأفراد؛ بل هو استثمار في نجاح المؤسسة ككل، وبناء فرق عمل تتمتع بذكاء عاطفي مرتفع، سيُحقِّق بلا شك أهداف المؤسسة ويُعزز ثقافتها الإيجابية.
أضف تعليقاً