لذلك نجد الأطفال تصيبها عدوى نزلاتِ البرد بيُسرٍ عند الاختلاط بشخصٍ مريضٍ، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التهاب البلعوم والتهاب اللَّوزتين الناتج عن عدوى فيروسية أو بكتيريَّ.
من أكثر الأمراض شيوعاً عند الأطفال التهابات المَعِدة والأمعاء التي يُصاحبها القيءُ والإسهال وآلام في البطن، وكذلك التهاب المُلتحِمة الذي يُصيبُ العين شائعٌ بين الأطفال، وهو مرضٌ ناتجٌ عن بكتيريا كما أنَّه مرضٌ مُعدٍ.
على الرَّغم من أنَّ بشرةَ الطفل هي الأكثر رِقَّة وإشراقاً فمهما بَلغَ جمالُ الإنسانِ، سيرغب بأن يمتلكَ بَشَرَةً كبشَرَة الأطفال، إلَّا أنَّها الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض الجلدية؛ لكونها تحتوي نسبةً قليلةً من الزيوت وعواملَ الترطيب الطبيعية، فتفقِد رطوبتها بسرعةٍ وتُصبح جافَّة، كما أنَّها تتأثَّر بالمواد الضارة مثل العطور والمركبات الكيميائية؛ لذلك نسبة الأمراض الجلدية التي تصيب الأطفال الرُّضَّع أو الصغار أو المراهقين كبيرةٌ جداً، وسنتحدَّث في مقالنا اليوم عن أكثر الأمراض الجلدية شيوعاً عند الأطفال فتابِعْ قراءة المقال.
أمراضٌ جلديَّةٌ شائعة عند الأطفال:
كثيرةٌ هي الأمراض الجلدية التي تصيب الأطفال، ولكن يوجد بعض منها شائعاً عند الأطفال أكثر من الكبار، وهي كما يأتي:
أولاً: التهابات الجلد
يشمل هذا المصطلح مجموعةً من الأمراض الجلدية الشائعة عند الأطفال وهي كالآتي:
1. طَفَحُ الحفاضِ:
هو الأكثر شيوعاً، ويَنتُج عن ارتفاع نسبةِ الرطوبةِ في منطقة الحفاض، فيؤدِّي ذلك إلى تَهيُّج الجلدِ أو نموِّ البكتريا التي توجد عادةً بكمياتٍقليلةٍ في هذه الأماكن أو نموِّ الفطرياتِ، وعلاجُه هو المحافظة على النظافة باستمرار.
2. غطاءُ المهدِ:
المُسمَّى بالتهابِ الجلد الدِّهنيِّ، ويظهر على فروةِ الرأس بشكلِ بُقّعٍ صفراء مُتقشِّرةٍ وتُحاط بطفح جلديٍّ أحمر، وتَنتُج عن إفراطٍ في إنتاج الغِدَد الدهنية التي تُنتِج الزيت في فروة الرأس، ويُعالَج غِطاءُ المهدِ باستخدام شامبو أطفال فقط.
3. الأكزيما:
التي تسمَّى أيضاً بالجلد التأتُّبي وتنتج عن مُحفِّزاتٍ موسميَّةٍ مُتعلِّقَةٍ بالطقس أو درجة حساسيَّةِ بشرةِ الطفلِ وتَعرُّضها للجفاف والعدوى، ويُحدِّد الاختلاف في الجهاز المناعي للطفل درجةَ نموِّ الأكزيما، وتتسبَّب الأكزيما باحمرارِ وتَهيُّجٍ في أماكن من الجلد وحَكَّةٍ، ولعلاجِها يجب ترطيبُ البشرة باستمرار والاستحمام بالماء الدافئ.
4. التهاب الجلد التماسي:
ويحدث عادةً نتيجةَ حساسيةِ بَشَرَةِ الطفلِ لمادَّةٍ مُعيَّنةٍ مثل الأدوية أو المُنظِّفات أو الدهانات أو العطور أو حساسيَّةٍ للَّبلاب السامِّ، فيحدُث في الجلد تَهيُّجٍ على شكلِ طَفَحٍ جلديٍّ ومُثيرٍ للحكَّةِ، فيكون مؤلِماً في كثيرٍ من الأحيان، ويُعالَج بالكريمات المُرطِّبة والمُضادة للحَكَّةِ أو بأدويةٍ فمويَّةٍ.
ثانياً: الالتهابات الفطرية
تظهر عند الأطفال بشكل مرضٍ جلديٍّ يُسمَّى "السَّعفَة"، وهي فطريات تتسبَّبُ بظهور بقعٍ مُستديرةٍ أو بيضويةِ الشكل على الجلد، ويُميِّزُها وجود حدودٍ حمراءَ مُتقشِّرَةٍ ومراكزَ ناعمةٍ ولا تبدو كحَلَقةٍ في البداية إنَّما يُصبح الشكل واضحاً عندما تكبر، وهذه البقعُ تكون ملتهبةً ومُنتفِخةً ومثيرةً للحَكَّةِ، وهذا ما يجعلها مؤلِمةً، وعلاج السعفة هو أدويةٌ مُضادَّةٌ للفطريات منها الفموي ومنها ما يوضع على البقعِ مباشرةً.
ثالثاً: الالتهابات البكتيريَّةُ
يوجد نوعان من الالتهابات البكتيريَّة هما الأكثر شيوعاً عند الأطفال كما يأتي:
1. الحُمَّى القُرمُزية:
تتسبَّب فيها بكتيريا تسمَّى المجموعة العَقدية، وتبدأ الحُمَّى بالتهابٍ في الحَلْقِ وصُداعٍ مرافقَ لطفحٍ جلديِّ بارزِ أحمرَ اللَّونِ يَظهرُ على رقبةِ الطفلِ أو صدرِه ثُمَّ يَنتشِر إلى مناطقَ أخرى في جسمه، أمَّا الوجه فهو أحمرُ اللَّونِ مع وجود شحوبٍ محيطٍ بالفمِّ غالباً، وعلاجُها هو المضادات الحيوية.
2. القوباء:
قد تحدث في مُختلَف الأعمار، ولكن تَشيع بين الأطفال من عمر السنتين إلى عمر الخمس سنوات، وتسبِّبها بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية، فتظهر القوباء بشكلِ بثورٍ أو بُقَعٍ قِشريَّةٍ أو نتوءاتٍ حمراءَ في أيِّ مكانٍ من الجسم وغالباً حول الأنف والفم، وأيضاً تُعالَج بالمضادات الحيوية.
رابعاً: الإصابات الفيروسية
تكثر عند الأطفال الأصغر عمراً، وأبرزها ما يأتي:
1. المرض الخامس:
ويُسمَّى بمرضِ صَفعَةِ الوجه أو الخدِّ، ويَظهرُ على وجنتي الطفل بلونٍ أحمرَ وتصاحبه حُمَّى غالباً وأعراض متنوعة، ثُمَّ يتلاشى الطفح الجلدي عن الوجه ويظهر على شكلِ بُقَعٍ ورديةٍ بشكل شرائط على ذراعي وساقي الطفل، وعلاجُه كريماتٌ مضادَّةٌ للالتهابات والحَكَّةِ.
2. جدري الماء:
يُسبِّبه فيروسُ الحماقِ النطاقي، ويَظهر بشكل طَفَحٍ جلديٍّ يبدأ الظهور على الوجه والظهر ثم كامل الجسم، ويتحوَّل إلى بثورٍ ثُمَّ قشورٍ ثم يختفي خلال أسبوعَين على الأكثر، ولكنَّ البثورَ تثير الحَكَّةَ وجدري الماء مُعدٍ، ويُعالَج بأدويةٍ مُحدَّدةٍ يصفها الطبيب.
3. الحصبة:
تظهر على شكل طَفَحٍ جلديٍّ حول الفمِّ أو خلف الأُذُنَين، ثم ينتشر إلى كامل الجسم، ومن ثُمَّ تظهر بقعٌ بيضاءُ فوق البقعِ الحمراءَ وقد يتجمعان معاً، وأيضاً تختفي خلال أسبوعَين كأقصى حدٍّ إن لم تحدُثْ تطورات فيها، وأيضاً تُعالَج بمضاداتِ التهاباتٍ بوصفة طبيب.
4. الحصبة الألمانية:
والتي نتوقَّاها عن طريق لقاحٍ، وتُسبِّب طفحاً أحمرَ على الوجه والرقبة ثم ينتشر لكافَّة أجزاءِ الجسم ويسبقه عادةً سعالٌ أو حمى أو سيلان أنف، وتُعالَج بعقاراتٍ مُعيَّنةٍ، ولكن تستغرق وقتاً لا يَقِلُّ عن 3 أيام ليتلاشى الطَّفحُ إن لم تحدث مضاعفات.
5. مرض اليد والقدم والفم:
يظهر المرض على شكلِ طَفَحٍ جلديٍّ حول الفم أو على راحتي يدَي الطفل أو على أخمَص القدمين، ومن الممكن ظهوره في أماكن أخرى، وغالباً يتحوَّل الطفحُ إلى بثورٍ أو نتوءاتٍ ويكون مؤلِماً كثيراً ويحتاج علاجه إلى مجموعة أدويةٍ مضادَّةٍ للالتهابات.
6. الورديَّةُ:
تُسمَّى بالمرض السادس وتنتج عن فيروسِ الهِربِس البشري 6، وأعراضه هي حُمَّى شديدةٌ تصيب الطفل وتستمرُّ أسبوعاً ثُمَّ تنتهي ويَظهَر الطفحُ الجلديُّ على الجزء العُلويِّ من الذراع والرقبة غير مؤلمٍ ولا يُسبِّب الحكَّةَ ويتلاشى بعد يومٍ كاملٍ من ظهوره.
7. الثآليل:
ويُسبِّبُها فيروسُ الورمِ الحليمي البشري، فتظهر بشكل نتوءاتٍ صُلبةٍ في أماكن مختلفةٍ من الجسم وخاصةً على اليدين والأصابع، والثآليلُ شائعةُ الظهورِ في مُختلَف الأعمار وتختفي من تلقاء نفسها، ولكنَّها قد تكون مؤلمةً أحياناً أو ذات مَنظرٍ غير سار كما أنَّها مُعديةٌ.
8. المليساء المُعدِيَةُ:
يتسبَّب هذا الفيروس في ظهور نتوءاتٍ على الجلد ذات لونٍ ورديٍّ أو أبيضَ أو بلون الجسم أحياناً، ويُميِّزُها وجودُ فجواتٍ في مركزها، ولكنَّها غير مؤلمةٍ، ولا توجد مدَّةٌ مُعيَّنةٌ لتلاشيها، فقد تستمرُّ من عدَّةِ أشهرٍ إلى سنواتٍ، ولكنَّها لا تحتاجُ إلى علاج.
خامساً: الشرى
يُسمَّى خلايا النحلِ، فيبدو على شكل حلقةٍ بلونٍ أُرجواني أو أزرق، وقد يكون السببُ حساسيَّةً للأطعمة أو للأدوية أو نتيجة حرارةٍ أو توتُّرٍ أو التهابٍ فيروسي، وتستمر لمدَّةِ عدَّةِ ساعاتٍ أو عدَّةِ أيَّاٍم أو أسابيع.
سادساً: الطفح الحراري
يَظهَرُ بشكلِ بثور ورديَّةٍ أو حمراءَ اللَّونِ على الكَتفَين والرقبة والرأس خصوصاً، ويَنتُجُ عن تعرُّضِ الطفلِ لحرارةٍ مرتفعةٍ نتيجةَ إلباسِ الطفل ملابس دافئة جداً أو تعريضه لطقسٍ حارٍ جداً.
سابعاً: الوحمات
بالرغم من أنَّ بعض الوحمات ذات شكلٍ مُحبَّبٍ إلَّا أنَّها تُصنَّف بوصفها مرضاً جلديَّاً، وتُقسَم إلى نوعَين رئيسَين هما كما يأتي:
1. الوحمات الحمراء:
والوحمةُ هنا علامة حمراء نتيجة تجمُّعِ الأوعيةِ الدموية في نقطةٍ معيَّنةٍ من الجسم وأنواعها كما يأتي:
- الأورام الوعائية بالفراولة:
قد تظهر في أيِّ مكانٍ من جسمِ الطفلِ، ولكنَّ أكثرَ الأماكنِ ظهوراً هي الوجه والصدر والظهر، وهي أوعية دموية صغيرة مُجتمِعة وتتلاشى عادةً بمرور الوقت فتختفي مع التقدُّم بالعمر، ولكن غالباً تترك مكانها أثراً مثل تغيُّراتٍ في اللون أو بعض التجاعيد في الجلد.
- الأورام الوعائية الكهفية:
تُشبِه النوع السابق من الأورام ولكنَّ هذا النوعَ متعمِّقٌ في الجلد أكثر وذو لونٍ أغمقَ، فتبدو الوَحمة مثلَ الكِتلةِ الإسفنجيةِ وبلونٍ أحمرَ مزرقٍّ، وأيضاً تختفي بالتقدُّم بالعمر.
- بُقع النبيذ:
تتكون من شُعيراتٍ دمويةٍ مُتوسِّعةٍ يمكن رؤيتها بوضوح لكونها سطحيةً، ويُشيع ظهورها على الوجه، وهذا النوع دائم ويصبح داكناً بمرور الوقت غالباً.
- بقع السلمون:
تُسمَّى بقُبلات الملائكة أو لدغات اللَّقلق، وهي أوعيةٌ دمويةٌ يَشيع ظهورها على الجبين والجفون والشَّفَةِ العلويَّةِ وبين الحاجبين وتتلاشى بمرور الوقت.
2. الوحمات المصبوغة:
كانت تسمى فيما مضى البقعَ المنغولية، وسُمِّيت المصبوغة لأنَّها تبدو مثل الكدمات وتُقسَم إلى ما يأتي:
- الشامات المصبوغة:
ذات اللون البني أو الأسود أو بلونِ الجلدِ وتظهر في أماكن مختلفةٍ من الجسم.
- الشامات الخُلقيَّة:
هي ما يولد فيه الطفل وتكون أكبر حجماً أحياناً، ولكن يزداد حينها خطر الإصابة بسرطان الجلد.
- بقع القهوة بالحليب:
هي وحماتٌ ذاتَ لونٍ بنيٍّ وبشكلٍ بيضوي وتظهر عند الولادة ولكن قد تتطوَّر بمرور الوقت.
في الختام:
بَشَرَة الطفل حساسة بشكلٍ كبيرٍ وناعمةٌ ورقيقةٌ جداً؛ لذلك حساسيَّتها عاليةٌ جداً لما تتعرَّض له من موادٍّ طبيعيةٍ أو كيميائية أو حرارةٍ مُرتفِعةٍ، كما أنَّ الجهازَ المناعيَّ عند الطفل غير مُتطوِّرٍ بعد، وأكثرُ الأمراض الجلدية شيوعاً عند الأطفال هي التهاباتُ الجلدِ، مثل طَفَح الحفاضِ وغِطاء المَهدِ والأكزيما، والإصابات الفيروسية مثل المرض الخامس والسادس وجدري الماء والمليساء المعدية والحصبة، والالتهابات البكتيرية أبرزها القوباء والحُمَّى القُرمُزية، والالتهابات الفطرية أبرزها السعفة، وبجميع الأحوال يجب مراجعة الطبيب وتلقِّي العلاج المناسب.
أضف تعليقاً