في الحقيقة، إنَّ الوقوعَ في بعض الأخطاء التربوية، يؤثِّر تأثيراً كبيراً في نموِّ وسلامة أطفالنا، فتحوِّل الحلم إلى كابوس، والتطور إلى تأخُّر، والأمل إلى يأس، فإذا ما أردتَ أن تربِّي طفلاً سليم النفس متوازن الشخصية، فعليك أن تتجنَّب بعض الأخطاء الشائعة التي قد تؤثِّر سلباً في تطوُّره ونموه الصحيح، فما هي تلك الأخطاء؟
18 خطأ يفسد تربية طفلك:
1. الحب المشروط:
يشير الحب المشروط للطفل إلى إعطاء الحب والمودة فقط عندما يتصرف الطفل بالطريقة التي يرغب الوالدان فيها أو يفعل ما يحبان رؤيته، فلا يُظهِران الحبَّ والتقدير إلا في حالاتٍ معيَّنةٍ، يؤدي هذا النوع من التربية إلى شعور الطفل بعدم القبول والرفض إذا لم يلبِّ توقعات الوالدين، وقد يتسبَّب في نقص الثقة بالنفس ويؤثِّر تأثيراً سلبياً في العلاقة بين الطفل ووالديه.
2. تجاهُل مشاعر الطفل أو التقليل من أهميتها:
يؤدي عدم إيلاء الوالدين الاهتمام الكافي لمشاعر وعواطف أطفالهم أو تجاهلها تجاهلاً يقلِّل من أهميتها، إلى شعور الطفل بالإهمال والعزلة، ويؤثر في ثقته بالنفس وعلاقته بالآخرين، فالطفل يحتاج إلى معرفة أنَّه من الصحي والطبيعي التعبير عن مشاعره.
على سبيل المثال عندما يشعر الطفل بالحزن أو بالقلق بسبب حدثٍ ما ويتجاهل الوالدان تماماً مشاعره ويُخفضِان من أهمية ما يشعر به، فإنَّهما يرسلان رسالة تفيد بأنَّ المشاعر لا تهمُّ وأنَّه من الأفضل للطفل إخفاؤها، الأمر الذي يزيد من توتر الطفل ويجعله مُحبَطاً، ومن الأفضل هنا محاولة معرفة سبب الحزن والعمل على إيجاد الحلول المناسبة.
3. الحماية الزائدة:
تعني الحماية الزائدة توفير درجة عالية من الرعاية والحماية للطفل توفيراً مفرِطاً، وهذا قد يؤدي إلى منعه من تجربة التحديات والمخاطر الطبيعية التي تسهم في نموِّه الصحيح، مثل عدم السماح للطفل باللعب في الخارج أو استكشاف البيئة المحيطة به، أو عدم منح الطفل فرصة لاتخاذ القرارات الخاصة به.
4. إنقاذ الطفل من الفشل باستمرار:
يعني إنقاذ الطفل من الفشل إنقاذاً دائماً أنَّ الوالدين يتدخَّلان لمنع الطفل من مواجهة التحديات والصعوبات والخطأ، وهذا يمنعه من تجربة عملية التعلم والنمو الشخصي، كأن يقوم الوالدان بإنهاء واجبات المنزل أو مشاريع المدرسة بدلاً من الطفل عندما يجد صعوبةً في إنجازها، ويَحرِم هذا النوع من التربية الطفل من تطوير مهارات التحمل والصمود في مواجهة التحديات، وقد يؤثر سلباً في قدرته في التعامل مع الفشل والنجاح في المستقبل.
5. تحديد طرائق لعب الطفل:
أحياناً، يفرض الوالدان على الطفل لعبة معينة دون استفسار عن رغبته أو اهتماماته، فيقيِّد هذا النوع من التربية الطفل ويحدُّ من إبداعه وتطوير مهاراته، كما قد يؤدي إلى انعدام الاهتمام والمتعة في اللعب والتعلم.
شاهد بالفيديو: 8 أخطاء شائعة في تربية الأطفال
6. التساهل المُفرِط في التعامل مع طفلك:
التساهل المفرط مع الطفل هو خطأ في التربية يحدث عندما يتساهل الوالدان مع طفلهما ويميلان إلى تلبية رغباته جميعها دون وضع حدود أو تعليمه المهارات الضرورية للتحكم بنفسه، مثلاً عندما يشتري الوالدان للطفل الألعاب كلَّها التي يرغب بها دون تحديد حدود للنفقات أو تعليمه قيمة الاقتصاد والتقدير، أو عندما يتجاوز الوالدان القواعد المحدَّدة مُسبقاً مثل تحديد وقت النوم أو استخدام الأجهزة الإلكترونية، فهذا قد يؤدي إلى تعطيل النمو الصحيح للطفل وتأخر تطوير مهاراته الاجتماعية والعقلية.
7. عدم تحقيق التوازن بين الاستقلال والاحترام:
عدم وضع حدود بين الوالدين والأطفال يُعَدُّ خطأً في التربية، يؤثر سلباً في تنمية الطفل وسلوكه في المستقبل؛ لذا يجب على الوالدين تحديد حدود واضحة للسلوكات والتصرفات المقبولة وغير المقبولة، فمثلاً عندما يتجاوز الطفل الحدود المحددة من قبل الوالدين، مثل العودة إلى المنزل في موعد غير محدد، يجب أن يتم فرض العقوبة المناسبة مثل حرمانه من اللعب لبعض الوقت، أو تقليل وقت استخدام الأجهزة الإلكترونية، فبوضع حدود صحيحة واضحة، يتعلم الطفل المسؤولية والانضباط الذاتي، وهذا يساعده على تطوير مهارات التحكم بنفسه وتحقيق التوازن بين الاستقلال والاحترام للسلطة الوالدية.
8. المحافظة على الطفل في منطقة الراحة:
يحاول الوالدان غالباً توفير بيئة مريحة وآمنة لأطفالهم، ولكنَّ الإفراطَ في ذلك يمنع الطفل من تجربة التحديات اللازمة لنموِّه الشخصي والاجتماعي، كما يؤدي إلى اعتماد الطفل على الآخرين لاتخاذ القرارات وخوفه من تجربة الجديد وخوض المغامرة.
9. تلبية كافة رغبات الطفل:
يميل الوالدان في بعض الأحيان إلى تلبية كل طلب يطلبه الطفل في محاولةٍ لإرضائه أو تفادي الضجر أو الصراخ، وتلبية جميع الرغبات والطلبات التي يطلبها الطفل دون تحديد حدود ودون تعليمه مفهوم الانتظار أو الاحتياجات الشخصية هو من أكبر أخطاء التربية، على سبيل المثال عندما يُلبِّي الوالدان للطفل كل ما يطلبه من ألعاب أو حلويات دون النظر إلى التوازن بين المتعة والمسؤولية، يؤدي بالطفل إلى نمط حياة مُستهلَك وعدم القدرة على التحكم بالرغبات، كما قد يؤدي هذا النوع من التربية إلى نمط سلوكي يتمثل في الطفل المُتعجرِف والمُتطلِّب الذي يتوقع الحصول على كل ما يريده دون أي جهد أو تحمل مسؤولية.
10. تشجيع السلوكات والتصرفات السلبية:
من الطبيعي عندما تجد طفلك يقوم بسلوك سلبي أو سيئ مثل استخدام العنف مع أقرانه لسلبهم أشيائهم أو التنمر عليهم أو شتمهم، أن تمنعه وتدفعه للاعتذار منهم، لكنَّ تشجيعَ الطفل لمثل هذه السلوكات الضارة أو صرف النظر عنها هو خطأٌ تربوي فادح سوف يدفع الطفل ثمنه عاجلاً أم آجلاً.
11. عدم الوفاء بالوعود:
يعني عدم التزامك بوعودك عدم تحقيق الوعود التي تقدمها لأطفالك، وهذا يؤثر سلباً في ثقتهم بك وبقدرتك على الوفاء بالتزاماتهم، وعندما يتعود الطفل على عدم الثقة في تحقيق الوعود، يَنتُج عن ذلك نمط سلوكي يميل إلى تفضيل الرغبات الفورية على المكافآت أو النتائج على الأمد الطويل، فيفقد الطفل الاهتمام بالتحديات التي تتطلب الانتظار والجهد المستمر.
12. رفض طلبات الطفل جميعها:
رفض طلبات الطفل جميعها هو خطأٌ في التربية يحدث عندما يرفض الوالدان طلباتِ الطفل جميعاً دون الوضع في الحسبان احتياجاته أو رغباته مستخدمين "لا" للرد على طلبات الأطفال دون التفكير في طلباتهم، يؤدي هذا النوع من التفاعل إلى شعور الطفل بالرفض والإحباط، ويزيد من خوفه من مشاركة معلوماته الشخصية أو التعبير عن رغباته تعبيراً صحيحاً، فمن الهام مراعاة احتياجات الطفل والتفاعل معه تفاعلاً إيجابياً لتعزيز ثقته وتطوير علاقته مع الوالدين.
شاهد بالفيديو: 10 خطوات ليتعلم الأطفال من أخطائهم
13. القدوة السيئة:
إذا كان أحدُ الوالدين يظهر سلوكاً سيئاً مثل التصرف بعدوانية أو استخدام الألفاظ البذيئة، فقد يفهم الطفل أنَّ هذا السلوك مقبول ويُقلِّده، لذا يجب على الوالدين أن يكونا نموذجاً جيداً لأطفالهم.
14. تعويد الطفل على المكافأة مقابل قيامه بعمل ما:
يُعدُّ تعويد الطفل على المكافأة مقابل أداء معين خطأً في التربية؛ فيعتمد الطفل على المكافأة بوصفها حافزاً أساسياً لأداء الأعمال أو الواجبات بدلاً من فهم قيمة العمل الجاد والمسؤولية، يؤدي هذا النهج على الأمد البعيد إلى تطوير علاقة مبنية على التبادل المادي بين الأداء والمكافأة، بدلاً من تعزيز الدافعية الداخلية والاستقلالية.
على سبيل المثال، عندما يُقدِّم الوالدان للطفل مكافأةً ماليةً كلما رتَّب سريره، يتعود الطفل على تلقي هذه المكافأة باستمرار، فيرتِّب سريره فقط من أجل الحصول على المكافأة دون أن يدرك قيمة المسؤولية والمشاركة في الأعمال المنزلية بوصفها جزءاً من واجباته بصفته فرداً من العائلة.
15. إخبار الطفل بندمك أو خطئك على معاقبته:
يمثل إخبار الطفل بندمك أو خطئك عند معاقبته خطأً في التربية؛ لأنَّه يسبِّبَ للطفل الارتباك والالتباس بشأن تقديره للسلوك الذي عوقِب عليه، كما يقلل من فاعلية التأديب ويثير ارتباكاً في عقل الطفل بشأن ما إذا كان سلوكه صحيحاً أم لا، إضافة إلى اكتشاف الطفل لنقطة ضعف الوالدين عند شعورهم بالندم، وهذا يؤدي إلى محاولة استعطافهم عند قيامه بأي سلوك خاطئ في المستقبل تجنُّباً للعقوبة المحتملة.
16. التهديد بالعقوبات دون تنفيذها:
يحدث هذا الخطأ عندما يهدد الوالدان بتطبيق عقوبة معينة على الطفل دون تنفيذها فعلياً عند وقوع مخالفة، ويؤدي ذلك إلى فقدان الطفل للثقة في كلام الوالدين وتقليل فاعلية التأديب على الأمد الطويل، ويؤدي هذا النوع من التهديدات إلى تطور سلوك معارض وتجاهل تعليمات الوالدين.
17. التوقعات المرتفعة من الطفل:
من أخطاء التربية أيضاً وضع توقعات تفوق قدرات الطفل، فيحمِّل الوالدان الطفل ضغطاً كبيراً لتحقيق النجاح في المجالات المختلفة، مثل الدراسة أو الرياضة، دون مراعاة قدراته واهتماماته الفردية، وهذا قد يؤدي إلى شعور الطفل بالإحباط والضغط النفسي.
18. عدم احترام قرارات الطفل وأفكاره عن حياته:
يؤثر عدم إعطاء الطفل فرصة للتعبير عن آرائه وأفكاره وتقديمه للقرارات المتعلقة بحياته الشخصية سلباً في شعوره بالثقة بالنفس وقدرته على اتخاذ القرارات.
في الختام:
من الضروري أن ندرك أنَّ الحياة الأسرية مليئة بالتحديات والأخطاء القابلة للتصحيح، لكن عندما يتعلق الأمر بتربية أطفالنا، فإنَّ الوقايةَ خيرٌ من العلاج؛ لذا يجب أن نستخلص الدروس من هذه الأخطاء ونسعى دائماً إلى بناء علاقات صحية وأساليب تربوية فعالة تؤدي إلى نمو وتطور أطفالنا تطوراً إيجابياً.
أضف تعليقاً