ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة روبين ساكس (Robbin Sacks)، وتُحدِّثنا فيه عن أثر ممارسة التأمل في التوتر.
التأمل عبارة عن أداة يمكن أن تُحدِث فرقاً إيجابياً كبيراً في مستويات التوتر لديك، وفي كلِّ جانب من جوانب حياتك أيضاً؛ وذلك إذا استُخدمت استخداماً صحيحاً، ومع ذلك لن يساعدك التأمل إذا لم تجربه لمدة طويلة بما يكفي لإحداث فرق في نفسك أو إذا كنت تعتقد أنَّه أمر لا فائدة منه.
لقد مارست التأمل لمدة عام تقريباً، وثمة شيء واحد قد تغيَّر تغيراً كبيراً في حياتي بفضله، وهو الطاقة التي تمتعت بها دائماً.
أهمية التنفس الصحيح:
يتعلق التأمل بالتركيز على التنفس تركيزاً كبيراً؛ إذ يساعد تعلُّم التركيز على أنفاسك على تهدئة عقلك وتحويله إلى عقل سليم خالٍ من الأفكار المقلقة التي تدور فيه.
التنفس الصحيح هو الذي يمد جسمك بالطاقة اللازمة لعمله والطريقة التي تتنفس فيها هي التي تحدد قدرتك على إكمال يومك وعلى مدى سلاسة رحلتك في الحياة، على سبيل المثال، إذا ملأت خزان الوقود في سيارتك بوقود قليل ثم قدتها، فعليك التوقف دائماً لملء الخزان، وستكون قلقاً بشأن نفاد الوقود، ويمكن أن يصبح الأمر مرهقاً بسرعة، لكن إذا ملأت خزان الوقود بأكمله وقمت بالقيادة، فلا داعي للقلق أو التركيز على نفاد الوقود باستمرار أو على توقف السيارة في مكانها، وبالتأكيد لن تضطر إلى التوقف للتزود بالوقود دائماً.
تماماً كما هو الأمر بالنسبة إلى السيارة ولخزان الوقود يمكن أن يكون تنفسك متقطعاً وسريعاً أو كاملاً ومريحاً؛ إذ سيعلمك التأمل ببساطة كيفية التنفس تنفساً صحيحاً للتمتع بطاقة كاملة كلَّ يوم.
يتنفس ناس كثيرون بطريقة خاطئة، ولا يهتمون بأكبر مصدر للطاقة لديهم وهو المصدر الذي يمكن أن يمنحهم بالضبط الشيء الذي يبحث عنه معظمهم، ألا وهو الهدوء، فكما قال المؤلف دان برول (Dan Brule): "إنَّ التنفس هو الرابط بين العقل والجسد".
شاهد بالفديو: 8 طرق للتخلص من التوتر
يكمن السر في الزفير:
عندما تشعر بالتوتر سيقول لك الجميع: "خذ نفساً عميقاً" والسبب في ذلك هو أنَّه إذا شعر أحدهم بالتوتر فمن المرجح أن يأخذ أنفاساً سريعةً وقصيرة؛ إذ يعود هذا التنفس إلى استجابة الكر أو الفر؛ فمن هنا جاءت عبارة "تنفس عميق" لحمل الأشخاص الذين يشعرون بالتوتر على التنفس بطريقة من شأنها أن تهدئهم؛ أي عن طريق التنفس من بطونهم؛ فبهذه الطريقة سوف يعيدون التركيز على أنفاسهم بدلاً من أفكارهم.
هذا أمر هام لأنَّ معظم الناس يقضون ساعاتٍ في التركيز على أفكارهم، وعادة ما تكون تلك الأفكار ذاتها هي التي تشعرهم بالتوتر، لكن لا يمكن لعقلك إلا أن يركز على الأشياء شيئاً تلو الآخر؛ لذلك إذا ركزت على أفكارك فلن تأخذ أنفاساً عميقة، وإذا ركزت على أنفاسك فلن تركز على أفكارك (والتي عادةً ما تسبب لك توتراً كبيراً).
إليك السر ابدأ بالزفير وليس بالشهيق، جرب هذا الآن؛ خذ نفساً عميقاً فإذا فعلت ذلك فمن الممكن أنَّك لاحظت ارتفاع وامتلاء كتفيك وصدرك بالهواء، وإذا كان الأمر كذلك، فأنت تتنفس بطريقة تزيد من التوتر والقلق لديك؛ لذلك لكي تتعلم كيفية خفض أنفاسك (امتلاء الأكسجين (oxygen) في الجزء السفلي من رئتيك بدلاً من الجزء العلوي فقط)، خذ نفساً آخر ولكن ابدأ هذه المرة بالزفير؛ إليك الطريقة لذلك: أخرِج كلَّ أنفاسك من رئتيك حتى لا يتبقى لك ما تدفعه للخارج، ودع النفس يعود عودة طبيعية فقط.
قد تلاحظ أنَّ أنفاسك تدخل إلى جسمك دخولاً "أقل" من ذي قبل وهذا أمر جيد؛ ويعني أنَّك أخذت نفساً "عميقاً"؛ فهذا هو التنفس الذي يعزز الهدوء، وإذا تنفست بهذه الطريقة لعدة مرات متتالية، فسوف ترسل رسالة إلى عقلك وجسمك مفادها أنَّ كلَّ شيء على ما يرام ولن يثير ذلك استجابة الكر أو الفر لديك.
إنَّ نتيجة أخذ نفس عميق كلَّما شعرت بالتوتر هي أنَّه يمكنك البدء في خفض مستويات التوتر لديك على الفور، وستكون أنت المسيطر لأنَّك بهذه الحالة ستزود نفسك بالطاقة اللازمة لك.
في الختام:
ستعلمك ممارسة التأمل كيفية التمتع بالطاقة اللازمة لك؛ لذلك اجعلها عادة من عاداتك لتستخدمها في أيِّ لحظة تحتاجها؛ إذ سيسمح لك التمتع بالطاقة الكافية بالاستمرار في يومك على عكس الأشخاص الآخرين الذين لا يتمتعون بذلك، وسوف تتدرب على السيطرة على جسمك وعقلك بصرف النظر عن الموقف أو عن الأشخاص الموجودين معك أو عن الكلام الذي يقال لك.
يُعدُّ الهدوء عبارة عن قوة عظيمة وإذا لم تمارس التأمل، فأنت تضيع فرصاً كلَّ يوم لتكون أقل توتراً وأكثر سيطرة على نفسك.
أضف تعليقاً