هل تمتلك الأدوات اللازمة التي تجعل موظفيك يشعرون بأنَّهم جزء من العمل؟

تستثمر الشركات معظم رأس مالها في مجالين اثنين؛ عقاراتها وموظفيها؛ وهذا يعني أنَّ المساحات المكتبية المادية، وممارسات التوظيف والتأهيل ليست فقط من الأولويات القصوى، ولكنَّها أيضاً أكبر التكاليف المادية الثابتة. ومع ذلك، مع تحوُّل مكان العمل المألوف إلى نموذج أكثر مرونة؛ إذ بدأت الشركات بتغيير الطريقة التي تنظر بها إلى كليهما وتعالجهما.



تنجز الشركات ذلك من خلال تبنِّي سياسات العمل عن بُعد وتقليص حجم المساحات المادية، لدرجة التخلي عن مقراتها الرسمية، وتشير بعض الشركات إلى انفتاحها على المفاهيم الحديثة، التي يمكن أن تغيِّر طريقة إدارة الأعمال وكيفية إنجازها.

مع تغيُّر القوى العاملة، تزداد عملية توظيف المواهب المناسبة والاحتفاظ بها تعقيداً، وتحتاج الشركات استجابةً لذلك إلى الإبداع في كيفية جذب موظفيها ودعمهم؛ وذلك لأنَّ توظيف مواهب جديدة هو في واقع الأمر عملية مكلفة، وتستغرق وقتاً طويلاً.

ووفقاً لمقال أعدَّته مجلة "فاست كومباني" (Fast Company)، أنفقت الشركات 45 مليار دولار في عام 2011 على التوظيف. ومع ذلك، ما زال 46% من الموظفين الجدد يغادرون المنظمة بعد عامهم الأول، و33% لم يكملوا ستة أشهر حتى، ووفقاً لدراسة أجرتها شركة "غلوبال ووركبليس أناليتيكس" (Global Workplace Analytics)، فإنَّ فقدان موظف ذي قيمة يمكن أن يكلف رب العمل ما بين 10000 دولار و30000 دولار.

مع الوضع في الحسبان أنَّ الموظفين الذين يشعرون بأنَّهم مرتبطون بزملائهم في العمل والشركة نفسها هم أقل احتمالاً لتبديل الوظائف، وهذا يرفع معدل الاحتفاظ في المؤسسة ويخفض التكاليف اللازمة لدعم معدل دوران كبير للعمالة، قد تحتاج الشركات إلى إلقاء نظرة جيدة على الأدوات والممارسات التي تدعم تواصل الموظفين، بحيث تبقى احتياجات العمال في مقدمة الاهتمام مع كل السياسات ومساحات العمل غير التقليدية.

يتطلب اتخاذ خطوات لدعم الوقائع الجديدة لمستقبل العمل نقلة نوعية، كما يتطلب موارد جديدة أيضاً؛ لذا يجب على المديرين التنفيذيين في الموارد البشرية تطوير ثقافة تواصل سهلة، تُزيل الاحتكاك بين الموظفين، بما يسمح لهم بالشعور بالارتباط والتمكين والتوافق مع فرقهم ومع الشركة ككل حتى عندما لا يكونون معاً في المكتب. وفي الوقت نفسه، ستكون الشركات التي تستثمر في التكنولوجيا المناسبة أفضل جاهزيةً للتواصل والتفاعل مع الموظفين بصرف النظر عن مكانهم وكيفية تعاونهم، ومن هذه الخطوات:

1. احتضان القوى العاملة الموزعة:

أصبحت القوى العاملة الموزعة أكثر جاذبية من الناحية المالية والتشغيلية؛ إذ إنَّ منح الموظفين القدرة على العمل عن بُعد ولو حتى نصف الوقت، يمكن أن يوفر على الشركة 11000 دولار لكل موظف سنوياً. وبالإضافة إلى ذلك، يرى 95% من الموظفين أنَّ العمل عن بُعد له تأثير كبير في رضاهم الوظيفي. كما أفاد أكثر من ثلثي أرباب العمل في استطلاع حديث عن إنتاجية زائدة بين العاملين عن بُعد؛ لذا تحتاج المنظمات إلى التكيف مع هذا الاتجاه من أجل نجاح المنظمة وجذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها.

لجعل العمل اليومي يجري بسلاسة أكبر بصرف النظر عن المكان الذي يشارك منه الموظفون، من الهام أن يتمكن الموظفون من الانتقال بسلاسة من طريقة تواصل إلى أخرى. وقد تكون أداة الدردشة هي الأنسب للأسئلة أو الأفكار السريعة، بينما تبقى مؤتمرات الفيديو عادةً أكثر ملاءمة للمحادثات التي تحتاج إلى التواصل وجهاً لوجه، كما أنَّ التفاعل في الوقت الفعلي الذي يحاكي السلوكات والتعاون داخل المكتب، يجعل العمل عن بُعد أكثر جدوى وإنتاجية؛ لذا من الأفضل القيام بذلك في تطبيق يوفر الصوت والفيديو والمحادثة معاً بالوقت نفسه.

شاهد: 7 نصائح لإدارة فِرَق العمل عن بعد بنجاح

2. إزالة الحواجز الجغرافية:

يشعر أكثر من 40% من أرباب العمل بأزمة في العمالة ناجمة عن تقاعد جيل طفرة المواليد، وهذا يؤدي إلى الحاجة إلى تقليل القيود الجغرافية عند التوظيف، وينطبق ذلك بشكل خاص على القوى العاملة الأصغر سناً، الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاماً التي لديها، وفقاً لـ "مكتب الإحصاء الأمريكي" (U.S. Census Bureau)، أعلى معدل هجرة بين أي مجموعة.

يدرك متخصصو الموارد البشرية أنَّه في بعض الأحيان لا تتوفر المواهب المميزة، وقد بدؤوا بتوظيف الأشخاص في المكان الذي يعيشون فيه، وتقديم العمل عن بُعد بوصفه خياراً متاحاً. ونتيجة لتغيير القاعدة الرئيسة للموظفين الرئيسين والعملاء على حد سواء، تستثمر الشركات حالياً في العقارات لدعم الموظفين المتنقلين والاحتفاظ بهم.

إقرأ أيضاً: أسباب الإرهاق أثناء العمل وطرق التخلص منه

ويحتاج أرباب العمل إلى أن يكونوا مدركين لحقيقة أنَّه مع الحرية الجديدة في التوظيف عبر مواقع جغرافية شاسعة، ما يزال التواصل الشخصي وجهاً لوجه هاماً لتحقيق الوئام بين الزملاء في الفريق، والحفاظ على معنويات الموظفين، وتطوير مجتمع قوي في مكان العمل. ونظراً لأنَّ النسبة العالية من عمليات التواصل ليست لفظية، تحتاج الشركات إلى الاستثمار في التكنولوجيا لتوسيع نطاق الفرص وتوفير مساحة ترفيهية للعمال الموزعين.

ما يزال ينبغي تشجيع التفاعلات وجهاً لوجه على أساس منتظم حتى لو لم يكن الأمر معتاداً؛ إذ تتيح تقنية مؤتمرات الفيديو - إذا ما تم تبنِّيها على نطاق واسع - للموظفين عن بُعد التواصل وجهاً لوجه بسهولة، ودعم العصف الذهني المرتجل والاجتماعات الأكثر إنتاجية. لذا، يجب أن يكون متخصصو الموارد البشرية داعمين رئيسين في سبيل تبنِّي التكنولوجيا، ويعملون عن كثب مع قسم تكنولوجيا المعلومات، كي يستخدم الموظفون هذه الأدوات للتفاعلات اليومية، ليشعر زملاء العمل بأنَّهم أقرب من أي وقت مضى.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لتكون سعيداً في العمل

3. تسهيل العمل عن بُعد وتعزيز الشعور بالارتباط:

تحتاج الشركات قبل كل شيء إلى تسهيل عمل الأشخاص عن بُعد، وتزويد الموظفين المتنقلين بأدوات تقنية تضاهي ما يستعملونه في حياتهم الشخصية، التي تتعلق باحتياجاتهم الخاصة؛ إذ ستلغي التكنولوجيا المرنة وسهلة الاستخدام الحاجة إلى إصلاحات سريعة فيما يتعلق بالاتصالات اليومية، التي قد تؤدي إلى مشكلات في أقسام تكنولوجيا المعلومات في شركتك.

نظراً للتغير السريع في مكان العمل الحديث، أصبحت البيئة المرنة ضرورة لازمة للموظفين المحتملين الباحثين عن التوازن بين العمل والحياة الشخصية؛ لذا من الضروري جداً أن يتبنَّى متخصصو الموارد البشرية هذا التوجه من خلال توفير الدعم التكنولوجي اللازم لجعله نموذجاً ناجحاً للموظف والشركات ككل.

وبدورها ستضمن التكنولوجيا الصحيحة أن يكون موظفوك مرتبطين ببعضهم بعضاً وبعملهم، وهذا سيزيد الرضى الوظيفي، وفي المقابل، وجود موظفين أكثر سعادة ورضى سيؤدي إلى معدل احتفاظ أعلى، وهذا يشير إلى أنَّك قمت بالاستثمارات المناسبة لصحة عملك عموماً.

المصدر.




مقالات مرتبطة