هل العزيمة تصنع النجاح؟

الموهبة ستأخذك بعيداً في الحياة، لكن دون الدافع والتصميم على الاستمرار في العمل والتطور، ستجد نفسك متخلفاً عن الآخرين الذين ربما لم يكن لديهم نفس الموهبة التي تمتلكها، فالعزيمة في أي عمل أو مهمة هي مفتاح النجاح، ودون قوة الإرادة للبدء والمتابعة عندما تصبح الأمور صعبة، لن تتمكن من الوصول إلى هدفك.



مهما كان ما تأمل في تحقيقه سواء الحصول على ترقية أم الحصول على الدرجات التي تريدها أم حتى بدء مشروعك التجاري الخاص، فستحتاج إلى الإصرار على النجاح، فاختيار مهنتك التي تحلم بها شيء والنجاح فيها شيء آخر تماماً.

قد يعني هذا تخصيص ساعات إضافية من الدراسة بدلاً من الخروج مع أصدقائك، والتعلم من أخطائك والمحاولة مرة أخرى عندما تفشل، وتجاهل مكالمات أولئك الذين لا يعتقدون أنَّك تستطيع تحقيق النجاح.

كيف يؤثر امتلاك العزيمة في حياتنا؟

لا توجد صعوبة في الحياة لا يمكننا التغلب عليها، ومع ذلك يفشل الكثير منا بطرائق كبيرة وصغيرة؛ وذلك لأنَّ عزيمتنا لم تكن قوية بما يكفي، فالعزيمة هامة للغاية لأنَّها تمكننا من الاستمرار في مواجهة الصعوبات، وتجعلنا نسير إلى الأمام بلا خوف حتى نحقق هدفنا، ونظراً لأنَّ الحياة ليست سهلة أو متوقعة، يسقط الكثير منا عندما نواجه بعض العقبات، لكن بالإصرار والعزيمة يمكننا التغلب على أي نوع من العوائق.

تجعلنا العزيمة مبدعين وخياليين، ومع ذلك لكي ننجح في الحياة، يجب أن نضع أهدافاً محددة لأنفسنا ونعمل بجد لنبذل الجهد اللازم، فلا داعي للاندفاع أو التسرع في الحياة؛ بل نمضي قدماً وتدريجياً وبثابت ونثابر في مواجهة الصعوبات ونتحلى بالصبر وننتظر النتائج.

يقولون لنا: "يجب ألا نشعر بالإحباط ولا نستسلم أبداً، ونبذل قصارى جهدنا في كل ما نقوم به"، لكن في حقيقة الأمر من حقنا أن نشعر بالإحباط لبعض الوقت ونستسلم مؤقتاً كتفريغ لحالة الإحباط التي مُنينا بها، لكن يجب ألا يطول ذلك كثيراً، ولا ضير في أن نطلب مساعدة الآخرين عند الحاجة.

العزيمة ضرورية للتغلب على سلبية الآخرين:

إنَّ التغلب على سلبية الآخرين له أهمية كبيرة؛ إذ سيكون هناك دائماً من هم على استعداد لتقليل فرصك؛ وذلك لأنَّهم ببساطة لا يريدون رؤية أي شخص ينجح، وفي أذهانهم، فشلك يثبت صحة ما هم عليه من كسل وخمول، وبالنسبة إلى هؤلاء الأشخاص ليس هناك ما هو أسوأ من رؤية شخص قريب منهم ينجح لأنَّه لا يؤدي إلا إلى إبراز افتقارهم إلى الأهمية.

لذا حاول أن تربط نفسك مع الأشخاص الذين يلهمونك ويدعمونك بدلاً من أولئك الذين يسعون إلى إبعادك عن الدورة التي اخترتها أو يخبرونك أنَّك لا تستطيع الاستفادة منها في شيء؛ لأنَّنا في حقيقة الأمر نصبح مثل الأشخاص الذين نقضي معهم معظم الوقت، فلماذا تحيط نفسك بالفاشلين والمحبِطين؟

هذا لا يعني أنَّك لن تواجه انتكاسات، فقد تكون هناك أوقات تريد فيها الاستسلام، لكن بدلاً من تركها تتحكم بك يجب أن تنهض وتبدأ من جديد؛ إنَّه مثل ركوب الدراجة، فأنت تسقط ولكنَّك تنهض وتستمر حتى تتعلم كيف تقودها بمهارة وتمضي قدماً في حياتك.

شاهد بالفديو: 6 طرق لامتلاك العزيمة كل يوم لتغير حياتك

لماذا تُعَدُّ العزيمة ضرورية لتحقيق النجاح؟

يفهم جميع رواد الأعمال كيف يمكن للحياة أن تفاجئنا، فلديك خطط، وهي تعمل جيداً، حتى تتعرض لضربة بسبب المنافسة الجديدة أو اضطرابات السوق، وغالباً ما يكون تصميمك هو الغراء الذي يربط مؤسستك في الأوقات الحرجة عندما تنحرف الخطط أو تواجه عقبات غير متوقعة؛ وذلك للأسباب الآتية:

1. التغلب على ما هو غير متوقع:

عندما لا تسير الأمور وفقاً للخطة، فمن المغري الاستسلام؛ إذ نفقد ثقتنا ونفكر في الانتقال إلى شيء أسهل، وهذا بالضبط ما يفعله معظم الناس لأنَّنا نخشى الفشل ونبتعد عن الأشياء الصعبة؛ لذا تجعلنا الخطط نشعر بالأمان.

لكن كن مستعداً عندما تخرج الأمور عن سيطرتك حتى تتمكن من الوقوف على قدميك، فقد تحتاج إلى تغيير المسار والتكيف بطريقة ما، وقد يظل هدفك كما هو، لكن قد تحتاج إلى خارطة طريق جديدة للوصول إليه.

2. الحفاظ على التركيز:

عندما تسوء الأمور يصعب الحفاظ على الدافع والتركيز؛ إذ يسمح لك التصميم وتمكنك العزيمة من الاستمرار في التركيز على الأهداف طويلة الأمد حتى تتمكن من تعديل سلوكك وظروفك وفقاً لذلك، وفي كثير من الأحيان يتطلب ذلك منك إبقاء مشاعرك تحت السيطرة لمنعها من تخريب جهودك لمواصلة المضي قدماً.

3. العزيمة تتغذى بالتشجيع والدعم:

عندما تخرج الأمور عن سيطرتك ابحث عن الدعم والتشجيع ممن تثق بهم وتحترمهم، وبناءً على خبرتهم اطلب مشورتهم واقتراحاتهم المتعلقة بكيفية المضي قدماً؛ إذ يفهم الأشخاص الناجحون ذوو العزم أنَّهم ما زالوا بحاجة إلى القيام بالعمل الجاد، لكن من المشجع جداً أن تكون محاطاً بالجو الإيجابي، فلا أحد يعيش في جزيرته الخاصة وكلنا بحاجة إلى مساعدة الآخرين، وقد تكون مجرد محادثة قصيرة أو بضع كلمات داعمة ومؤثرة.

إقرأ أيضاً: 4 أنواع من الدعم للمساعدة في التوفيق بين العمل والحياة الشخصية

4. العزيمة تجعلك تنقب عن المعنى:

إذا كنت على طريق له قيمة ومعنى بالنسبة إليك، فأنت بالتأكيد على الطريق الصحيح؛ لذا استمر، وإذا لم تكن كذلك، فستكون الانتكاسة أو الفشل كافيَين ليجعلاك تستسلم وتجرِّب شيئاً آخر، كما يمكن أن يكون النجاح مضللاً للغاية؛ وذلك لأنَّه غالباً ما يكون هو المكان الذي نبقى ونرتاح فيه، سواء كان ذلك هو ما يغذينا أم لا، فإنَّه نجاح يقوم على الرضى عن الذات لأنَّنا خائفون للغاية من الفشل في متابعة نوع العمل الذي من شأنه أن يوفر القيمة والمعنى.

مثال عن أهمية الخطط في صنع النجاح:

لم يكن والداي يتوقعان موت جارتنا أبداً، ولكنَّهما حفرا في داخلي مخاطر البقاء على قيد الحياة في الشتاء في بيتنا القابع على ارتفاع 8000 قدم، وقد كان لدينا دائماً بطانيات وملابس إضافية في شاحنتنا عندما نسافر في الطقس البارد، في حين تم العثور على جارتنا وهي لا ترتدي سوى فستان وسترة خفيفة وحذاء بكعب منخفض ووشاح رقيق، ماذا يعني ذلك بالنسبة إليك؟ يجب أن تطوِّر عقلية مرنة من خلال محاولة توقع الانتكاسات المحتملة ووضع خطة طوارئ لها.

مثال عن أهمية العزيمة والإصرار في التركيز على الهدف:

كنا محمَّلين بالحزن عندما ماتت جارتنا، فكان حزم أغراضها وإرسالها مع جسدها إلى المدينة أمراً صعباً للغاية من الناحية العاطفية، وقد ظل الحفاظ على التركيز على واجبنا تجاه أسرتها في طليعة تفكيرنا، ماذا يعني ذلك بالنسبة إليك؟ تخيَّل نفسك تحقق هدفك بصرف النظر عما يعتمل في داخلك، فأبقِ عينيك على الهدف وانظر إلى النهاية.

إقرأ أيضاً: يمكنك تحقيق أي شيء إذا ركزت على هدف واحد

كن الشخص الذي يمد يده عندما تحتاج إلى الدعم بدلاً من الاستسلام:

عندما سمع معلم مدرستنا المتقاعد عن وضعنا والحالة النفسية التي وصلنا إليها جراء موت جارتنا، أتى إلى منزلنا وأخذ يعلمني ويشرح لي حتى أتمكن من التخرج من الصف الأول، لقد شاركنا مشاعرنا واحتياجاتنا مع العديد من الأصدقاء والجيران والمعارف الذين أرادوا التواصل والمساعدة.

ماذا يعني ذلك بالنسبة إليك؟ لا تخف من مشاركة مشاعرك أو همومك مع الآخرين، لكن كن انتقائياً بشأن ذلك، وتأكد من أنَّهم أشخاص يريدون الأفضل بالنسبة إليك وسيعطونك ملاحظات بنَّاءة وإيجابية، فابحث عن أصدقاء يكونون صادقين ومحبين وموضوعيين.

أهمية الحوار مع الذات في بناء عزيمة الإنسان وصقلها:

يجب أن أقول لنفسي كل يوم إنَّ مكاني أعلى من خلال تبني أحلام كبيرة والتعهد بالوصول إليها، فلا يوجد شيء هام في حياتنا مثل موقفنا العقلي تجاه أنفسنا وما نفكر به في أنفسنا، على سبيل المثال، إذا اعتقدنا أنَّنا غير مفيدين في الحياة فسيؤثر ذلك في قدرتنا على النجاح، ومن ثمَّ لا ينبغي أبداً ولو للحظة تشويش عزيمتنا بإشاعة الشكوك حول قدرتنا على الوصول إلى هدفنا، فكلما شككنا بأنفسنا فإنَّنا نضعف القوة التي تدفعنا للوصول إلى هدفنا.

الطموح والإصرار هما قائدا كل الإنجازات العظيمة؛ إذ إنَّهما المتسابقان اللذان يمهدان الطريق لنا للوصول إلى هدفنا، ومع ذلك لا يوجد طريق أكيد للنجاح حتى من خلال السير على طريق أولئك الذين نجحوا، فيجب أن يكون الإنسان راضياً بكل خطوة من خطوات التقدم، ويجب أن يفهم جيداً أنَّه دون صراع لا يوجد تقدُّم.

شاهد بالفديو: 10 نصائح لتتعلم فن قيادة الذات

في الختام:

أظهرت الدراسات أنَّ أولئك الذين ينجحون في الحياة هم أولئك الذين لديهم العزيمة على الاستمرار، وبذل الجهد بدلاً من الهروب من الواقع، فانظر إلى الدروس لتتعلمها، وتخيَّل نجاحك واستغل طاقتك في الوصول إلى أهدافك بدلاً من التركيز على الانتكاسات؛ إذ يعمل هذا المبدأ سواء اخترت التوجه إلى الجامعة أم الحصول على تدريب مهني أم الحصول على وظيفة.

لا تأخذ الطريق السهل؛ بل احفر عميقاً وابحث عن الأشياء التي لا يمكنك الابتعاد عنها، فهذه هي بوصلتك الحقيقية، فعندما تسعى وراء هذا النوع من الأهداف، لن يهم ما يقوله الآخرون؛ وذلك لأنَّ رؤيتك الداخلية أقوى بكثير من أيَّة عقبة خارجية ستواجهها.




مقالات مرتبطة