نظرية الإثارة في الدافع: التعريف والمبادئ وطرق الاستفادة منها

تنصُّ نظرية الإثارة في الدافع على أنَّ الدافع تُغذِّيه مستويات معيَّنة من "الإثارة" التي تمثل في علم النفس اليقظة العقلية؛ إذ يتمتع الأشخاص بمستوياتٍ مختلفةٍ من الإثارة المثلى، ويكون لديهم الدافع لاتخاذ الإجراءات التي تساعدهم على تحقيق المستوى الأمثل لهم، ومع ذلك، تُظهِر الدراسات أنَّ المستويات المعتدلة من الإثارة تؤدي عادةً إلى أقصى قدرٍ من الدافع.



في هذا المقال، ستتعلم كل التفاصيل المتعلقة بهذه النظرية، ومن ذلك كيفية تحديد الإثارة المثلى لديك وزيادة دافعك إلى أقصاه.

كيف تعمل نظرية الإثارة في الدافع؟

يتمتع كل شخصٍ بمستوىً معيَّن من اليقظة العقلية التي تُعرَف باسم الإثارة؛ إذ تنتج عنه مستوياتٌ مثاليةٌ من الدافع، وعندما ينخفض مستوى الإثارة لديك إلى ما دون الحد الأمثل، تصبح محبَطاً حتى تعود الإثارة من جديد إلى ما كانت عليه. وفي الوقت نفسه، إذا أصبحت يقظتك العقلية عالية جداً، فستصبح محبَطاً أيضاً إلى أن تنخفض الإثارة إلى المستوى الذي تريده.

يمكن تحفيز الإثارة بالعديد من الأشياء أو الأفعال، لكنَّها تؤدي دائماً إلى ارتفاع أو انخفاض الدافع، فالعمل الهادف، أو قضاء ليلةٍ مع الأصدقاء، أو البدء بنشاطٍ جديدٍ ممتع، كلها أشياء يمكن أن تزيد من الإثارة، ومن ثمَّ تزيد من الدافع.

على سبيل المثال، إذا غدوت محبَطاً في العمل، فمن الأفضل زيادة يقظتك العقلية من خلال القيام بمهام جديدة ومعقَّدة، التي بدورها تحفِّزك على العمل بجديةٍ أكبر والحصول على الترقية التي تستحقها.

ومع ذلك، إذا أفرطت في هذا، فقد ترتفع اليقظة العقلية ارتفاعاً كبيراً؛ وهذا يقلِّل من الأداء والدافع، ويُعرَف ذلك باسم  "قانون يركيس دودسون" (Yerkes-Dodson Law)، وكمثالٍ آخر، إذا كنت تعمل بجدٍّ في وظيفتك وتؤدي مهاماً جديدة ومعقدة، فقد تصبح مفرطاً في رفع يقظتك العقلية؛ وهذا يستنزفك بالنهاية، ولتجنُّب ذلك، قد تكون بحاجةٍ إلى قضاء عطلة نهاية أسبوع طويلةٍ لإعادة شحن طاقتك؛ وهذا ما يمنح ذاتك وقتاً لتقليل الإثارة إلى المستويات المثلى.

عموماً، تنصُّ هذه النظرية في الدافع على الآتي:

  • تؤثِّر يقظتك العقلية في كلٍّ من الدافع وأداء المهام.
  • يمتلك كل شخصٍ مستوىً مثالياً من الإثارة، التي يتحفز لتحقيقها.
  • يمكن للإثارة المفرطة أو القليلة جداً أن تقلل من الأداء وتثبط عزيمتك.
  • يكمن الدافع في تحقيق التوازن الصحيح، وهو أمرٌ فريدٌ عند كل شخص.
إقرأ أيضاً: نظرية الدافع وأمثلة عنها

آثار التحفيز الاستثاري في الأداء:

إنَّ كل ما يتجاوز المستوى المثالي سواء؛ إذ يمكن أن تؤثِّر مستويات الإثارة المنخفضة جداً أو المرتفعة جداً سلباً في أدائك، ومع ذلك، فإنَّ نظرية الإثارة تنظر إلى الأمر نظرة أعمق، وتفترض أنَّ الإثارة المعتدلة هي الأفضل للمهام الصعبة، في حين أنَّ الإثارة المرتفعة أو المنخفضة قد تكون جيدةً للمهام السهلة، وأيضاً، يمكن أن تؤثِّر الإثارة في أدائك تأثيراً إيجابياً وسلبياً عند وجود الآخرين.

تشمل التأثيرات المحدَّدة في أداء المهمة كلاً من الآتي:

  1. يمكن أن تؤثِّر الإثارة المرتفعة جداً أو المنخفضة جداً سلباً في الأداء.
  2. تُؤدَّى المهام الصعبة تأديةً أفضل عند مستويات الإثارة المعتدلة أو المنخفضة.
  3. يمكن أداء المهام السهلة بإثارةٍ منخفضةٍ أو متوسطةٍ أو عالية.
  4. يقدِّم الخبراء أداءً أفضل عند مشاهدة الأشخاص لهم، بينما يكون أداء المبتدئين أفضل وحدهم.

يدعم أحد الأبحاث فكرة أنَّ الأشخاص يؤدون المهام الصعبة تأديةً أفضل عند مستوياتٍ معتدلةٍ من اليقظة، بينما يمكنهم إنجاز مهام سهلة بمستويات أعلى من اليقظة، على سبيل المثال، عند إجراء اختبارٍ ما، يمكنك الإجابة عن الأسئلة السهلة حتى لو كنت متعباً أو قلقاً، بينما تحتاج إلى تحقيق التوازن الصحيح بين الاسترخاء واليقظة لتبقى متفاعلاً وتجيب عن الأسئلة الصعبة من دون الشعور بالتوتر الشديد حيال ذلك.

يوضِّح أحد الأبحاث أيضاً أنَّ وجود الآخرين يؤثِّر بدوره في أداء المهمة على ما يبدو، وهذا ما يُعرَف باسم التيسير الاجتماعي؛ إذ ينصُّ التيسير الاجتماعي على أنَّه يمكن الأشخاص أداء المهام التي يثقون بها تأديةً أفضل إذا كان الناس يشاهدونهم، ومع ذلك، فإنَّهم يؤدون المهام التي لا يثقون من أنفسهم تماماً حيالها تأديةً أسوأ عند مشاهدة الآخرين لهم.

على سبيل المثال، غالباً ما يؤدي الرياضيون الواثقون من قدراتهم تأديةً أفضل عندما يراقبهم الجميع ويكون الضغط عالياً، وبخلاف ذلك، قد لا يتمكن الشخص الذي يفتقر إلى الثقة بذكائه من حل لغزٍ معقدٍ إذا كان الناس يشاهدونه، لكن ربما يكون الوضع أسهل إذا لم يكن هناك ضغط، وأمكنه التعامل مع اللغز كأنَّه لعبةٌ ممتعة مع عدم وجود أيِّ شخصٍ يحكم عليه.

كيف تحقِّق الإثارة والدافع الأمثلين؟

إنَّ مفتاح تحقيق المستوى الأمثل من الإثارة، الذي ينتج عنه أقصى مستوىً من الأداء والدافع، يكمن في تحديد عتبة الإثارة الخاصة بك ابتداءً؛ فبعد تحديد مستواك الشخصي من الإثارة، فإنَّ الخطوة التالية هي البحث عن التجارب التي تجعلك في حالة الإثارة المثالية، عندها وحسب ستزيد من دافعك إلى حده الأقصى.

عند البحث عن مستواك المثالي من اليقظة الذهنية، لاحظ الأشياء التي تنشِّطك أو تتعبك؛ متى تشعر بالإحباط والخمول؟ عندما يحدث ذلك، ربما تكون قد وصلت إلى حدِّك الأدنى، ومتى تشعر بالتوتر والإحباط؟ قد يكون ذلك عتبة الحد الأعلى الخاص بك.

بعد تحديدك للمستوى الأمثل لك، قيِّم الإجراءات التي اتخذتها لزيادة يقظتك أو تقليلها؛ هل أدى القيام بمهام أكثر تعقيداً في العمل إلى تحفيزك أم إلى إجهادك؟ تشير أسئلةٌ مثل تلك إلى ما يمكنك فعله لزيادة أو تقليل مستوى الإثارة لديك، لإبقائها ضمن الحدود التي حددتها.

يكمن المفتاح في تحقيق التوازن؛ لذا اعمل بجدٍّ وأنجز مهاماً معقدة، لكن لا تنسَ بالتأكيد أن تأخذ الأمر بسهولة من وقتٍ إلى آخر، في حين أنَّ الأمر يبدو غير منطقي، إلا أنَّ فترات العمل الجاد التي تليها فتراتٌ من الراحة والتعافي، تؤدي إلى الوصول إلى مستوياتٍ أعلى من الدافع.

شاهد بالفيديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع

افتراضاتٌ تتعلق بنظرية الإثارة:

في حين أنَّ نظرية الإثارة في الدافع منطقية، إلا أنَّه يوجد العديد من الافتراضات التي تتعلق بها، ولفهم الفكرة تماماً واستخدامها في تحفيز نفسك لبلوغ أفضل ما لديك، اطلع على الافتراضات الرئيسة الآتية التي قدمتها النظرية:

  • يتحفز الناس بالإثارة: تحفزِّك الخبرات والأفعال التي تؤدي إلى التحفيز الذهني.
  • يملك كل شخصٍ مستوىً مثالياً من الإثارة: يتمتع كل فردٍ بمستوى فريد من الإثارة يؤدي إلى الوصول إلى أقصى قدرٍ من الدافع الشخصي.
  • يبحث الناس عن التجارب التي تؤدي إلى الإثارة المثلى: فأنت تتخذ معظم قراراتك - بوعي أو بغير وعي - بناءً على مستوى الإثارة الأمثل لديك.
  • عادةً ما تكون الإثارة المثالية معتدلة: في حين قد يبدو أنَّه كلما زادت الإثارة زاد الدافع، إلا أنَّ المستويات المتوسطة من الإثارة تؤدي عادةً إلى زيادة الدافع إلى أقصى حد.
  • تؤثر الإثارة مرتفعةً كانت أم منخفضة سلباً في الأداء والدافع: أي ليس الشعور بالقليل من الإثارة فحسب هو ما سيؤثِّر في أداء المهام ويثبط عزيمتك؛ بل سيؤدي الإفراط في الإثارة إلى الانخفاض نفسه في الأداء والدافع.

مزايا وعيوب نظرية الإثارة:

تتمثل الفائدة الرئيسة لنظرية الإثارة في الدافع بأنَّه يمكنك التحكم بحوافزك بسهولة من خلال التجارب التي تسعى إليها، ويمنحك ذلك قوة غير مسبوقة، ويمكنك أيضاً تحفيز الآخرين إذا تمكنت من تحديد مستوى اليقظة الأمثل لديهم، كما تساعد نظرية الإثارة على تحقيق التوازن، وهي طريقةٌ رائعةٌ كي تبقى متحفزاً، وتقضي بعض الوقت بالاستمتاع بالأشياء السهلة في الحياة.

وبخلاف ذلك، فالعيب الرئيس للنظرية هو أنَّ التحفيز مرتبطٌ بإثارتك فحسب، ولا شيء آخر، فقد يكون هذا صحيحاً وقد لا يكون كذلك، لكنَّنا واجهنا جميعاً مواقف نشعر فيها بالتعب أو التوتر أو الإحباط، ومع ذلك، بقينا نكافح لإنجاز مهمةٍ ما، حتى لو كنَّا متحفزين لعدم القيام بها؛ لذلك، عند تطبيق هذه النظرية، ضع في حسبانك عوامل التحفيز الأخرى عندما تخطط لتحقيق أهدافك.

"قانون يركيس دودسون" (Yerkes-Dodson Law) والإثارة المثلى:

ينصُّ "قانون يركيس-دودسون" (The Yerkes-Dodson law) على أنَّ زيادة مستويات اليقظة العقلية ستعمل على تحسين الدافع والأداء إلى نقطةٍ معينةٍ فحسب، وعندما تُتجاوَز هذه العتبة، يصبح للإثارة تأثيرٌ سلبي؛ إذ إنَّها تقلِّل من الأداء، ومن ثمَّ من الدافع؛ وهذا يعني أنَّك تملك مستوىً معيَّناً من الإثارة المثلى الخاصة بك، والأمر متروك لك للسعي وراء التجارب التي تعمل على تحسين دافعك وأدائك.

خير مثال عن ذلك هو الخضوع للاختبارات؛ فعند التحضير لامتحانٍ ما، يكون لديك مستوىً مثاليٌّ من الإثارة التي ستؤدي إلى زيادة الدافع، ومن ثمَّ الأداء؛ على سبيل المثال، يمكن أن تساعدك زيادة الإثارة أو اليقظة العقلية، على الدراسة وأن تبقى منتبهاً للمهمة التي تقوم بها، ومع ذلك، يمكن أن يؤدي الإفراط في الإثارة العقلية إلى التوتر والحرمان من النوم؛ وهذا يؤدي إلى الحصول على نتائج سيئة في الاختبار.

إنَّ الافتراض الذي يضعه "قانون يركيس-دودسون" (Yerkes-Dodson law) يقول إنَّ المستويات المعتدلة من الإثارة هي الأمثل لمعظم الناس، وأنَّنا مدفوعون بالأفعال التي تحقق مستوى الإثارة المثالي الخاص بنا، فإذا كانت الإثارة منخفضةً جداً، فسوف يتشكل لدى الناس الدافع لبذل مزيدٍ من الجهد، وإذا كانت الإثارة عاليةً جداً، يصبح للناس دافعٌ للقيام بما هو أقل، ويكمن المفتاح في إيجاد التوازن الأمثل الذي كنَّا نناقشه، والبقاء ضمن حدود الإثارة الشخصية الخاصة بك لتعظيم الدافع من دون الشعور بالإرهاق.

شاهد بالفيديو: 8 أنواع من المحفزات تجعل تحقيق أحلامك ممكناً

الأسئلة المتكررة:

ماذا تعني الإثارة في علم النفس؟

تعني الإثارة في علم النفس "اليقظة العقلية" أو "الانتباه العقلي"، وتعبِّر عن مستوى تفاعلك في المهمة أو التجربة التي بين يديك حالياً، الذي يزيد أو يُنقِص بشكلٍ مباشرٍ من دافعك، ومن ثمَّ أدائك، فغالباً ما يُحفَّز الناس لاتخاذ الإجراءات التي تساعدهم على تحقيق الإثارة العقلية المثلى.

ما هو المثال عن نظرية الإثارة؟

من الأمثلة الرائعة عن نظرية الإثارة، الخضوع للاختبار، وبطبيعة الحال، قد تظن أنَّ المستويات الأعلى من التحفيز الذهني ستؤدي إلى تحفيزٍ أعلى وأداءٍ أفضل، ومع ذلك، ليس هذا هو الحال؛ لأنَّ الإفراط في الإثارة يمكن أن يؤدي إلى التوتر والتراجع في الأداء؛ لذلك أنت تحتاج إلى إيجاد التوازن الأمثل والتصرف وفقاً لذلك.

إقرأ أيضاً: 7 أسباب تجعلك تفقد الدافع بعد البداية

ما هي النظريات الأخرى في الدافع؟

توجد العديد من النظريات الأخرى في الدافع، التي تدفع الناس إلى النجاح، وتشمل بعض هذه النظريات المحدَّدة في الدافع نظرية التوقع في الدافع ونظرية الإنصاف في الدافع، كما يمكن أن يساعدك فهم مزيدٍ من هذه النظريات على إنشاء نهجٍ مُركَّبٍ لتحفيزك الخاص، باستخدام أفضل ما يناسبك من تلك النظريات.

في الختام:

يتمحور دافعك حول التوازن بين المستويات العالية من التحفيز وفترات الراحة والتعافي، وإذا أُنجِز ذلك إنجازاً صحيحاً، فيمكنك تكوين سلسلةٍ من التجارب التي تحقق المستوى الأمثل من اليقظة العقلية، ومن ثمَّ المستوى الأمثل لدافعك، وعموماً، كلما زاد دافعك، كان أداؤك أفضل.

المصدر




مقالات مرتبطة