نصائح للعودة إلى النوم بعد الاستيقاظ

يهاب معظم الناس صوت المنبه الصاخب الذي يشير إلى بداية يوم حافل بالعمل، ويتمنى آخرون ألا يكونوا مستيقظين مسبقاً وأنَّ الصوت هو من أيقظهم.



يقول خبراء النوم إنَّ الاستيقاظ قبل دقائق أو حتى ساعات من المنبه ليس ظاهرة جديدة؛ ولكنَّه يمكن أن يسبِّب للناس إزعاجاً رهيباً، وقد أدت عوامل الإجهاد الإضافية الناجمة عن استمرار الجائحة إلى تفاقم معاناتنا الجماعية من أجل النوم.

إنَّ أكثر من ثلث الأمريكيين ينامون ليلاً ساعات أقل من الحد الأدنى الموصى به، وهو سبع ساعات؛ وذلك وفقاً للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (US Centers for Disease Control and Prevention)؛ إذ تُظهِر الدراسات في أنحاء العالم جميعه أنَّ ما بين 10% إلى 30% من السكان يعانون الأرق، والذي يُعرف بأنَّه صعوبة مستمرة في النوم، وعدم القدرة على معاودة النوم بعد الذهاب إلى الفراش.

وجدت إحدى الدراسات أنَّ الذين يعانون الأرق يمكن أن يكون لديهم مزيج من "اليقظة الليلية" وما يصنف على أنَّه "اليقظة في الصباح الباكر"، وقد وجدت أيضاً أنَّ بعض الأشخاص قد يعانون اليقظة المبكرة دون أعراض الأرق الأخرى، مثل "صعوبة الشروع في النوم" و"اليقظة الليلية" و"النوم غير المريح"؛ بمعنى النوم الذي لا يكون كافياً حتى مع الساعات الموصى بها.

تقول ريبيكا روبينز (Rebecca Robbins) اختصاصية النوم وهي مدربة في قسم طب النوم في كلية الطب بجامعة هارفارد (Harvard Medical School): "إنَّها أسطورة نوعاً ما مفادها أنَّ الأرق مرتبط بالخلود إلى النوم فقط، والشكوى الشائعة هي النعاس المفرط والشعور بعدم الانتعاش بعد الاستيقاظ".

في حين أنَّ علاجات الأرق تشمل العلاج السلوكي المعرفي والأدوية، يمكن أن يكون للنصائح اليومية الأخرى تأثير في اليقظة في الصباح الباكر، ويمكن لاضطراب النوم الحاد أن يؤدي دوراً لدى شخص لا يعاني الأرق المزمن لكن يستيقظ في وقت مبكر.

تقول روبينز: "يتأثر النوم بما نعانيه في حياتنا، فإذا كنت تعاني ضائقة أو صدمة أو حصل أمر مزعج، فإنَّ هذه الأحداث تَحُول دون نومنا".

يقترن الاستيقاظ المستمر قبل رنين المنبه بإحباط هائل من عدم القدرة على العودة إلى النوم مجدداً، ويمكن أن يسبب الإجهاد شعوراً بالعزلة والإنهاك التام؛ إذ يكون له أولوية أكبر من مشكلة النوم الأولية.

يقول الدكتور راجكومار داسغوبتا (Rajkumar Dasgupta) أستاذ مشارك في الطب السريري في كلية الطب بجامعة جنوب كاليفورنيا (University of Southern California Keck School of Medicine): "تبدأ بالتفكير في الأمر ملياً؛ ومن ثمَّ تبدأ بالقيام بأشياء تجعل الأرق أكثر سوءاً ولا ترغم نفسك على البقاء في السرير حتى تنام".

إذاً، ما الذي يمكنك فعله حيال ذلك؟

إليك بعض النصائح:

1. لا تراقب الساعة أو هاتفك:

إذا استيقظت فجأة - في وقت أشبه بساعات الصباح الباكر - قاوم التحقق من الساعة؛ فقد يتسبب اكتشاف أنَّ الساعة 3 صباحاً عند ضبط المنبه على الساعة 7 صباحاً في زيادة التوتر بشأن ساعات النوم التي كنت تأمل الحصول عليها.

تقول اختصاصية النوم ويندي تروكسيل (Wendy Troxel): "يتراكم القلق والإحباط تدريجياً، وتصبح مراقبة الساعة أمراً اعتيادياً، وتسبب تلك الاستجابة المعتادة للإحباط والقلق أيضاً استجابة للإجهاد في الجسم"؛ فعندما يسيطر التوتر تزداد مستويات الكورتيزول، ويصبح الجسم في حالة تأهب؛ وهذه العملية تؤدي إلى نتائج عكسية للحفاظ على النعاس؛ فيصبح الدماغ منشغلاً انشغالاً مفرطاً.

تقول تروكسيل: "تنظر إلى الساعة؛ إنَّها الثالثة صباحاً بالضبط وقد يسيطر عليك التوتر وتفكر في المشكلات جميعها، كم سيكون الأمر فظيعاً عندما تكون محروماً من النوم فكلُّ هذه المعالجة العقلية والانفعال تتعارض مع حالة النوم؛ فهي تجعلك أكثر يقظة وانفعالاً بدلاً من إرسال إشارة إلى الدماغ مفادها أنَّه لا بأس بالنوم".

إذا كان منبهك على الهاتف، فيمكن أن يشكل تفحُّص الساعة دافعاً أكثر أهمية؛ لذا فكِّر في الحصول على منبه منفصل عن الهاتف.

تقول تروكسيل: "هاتفنا هو أقوى إشارة لدينا إلى حياتنا اليقظة، فأنت تتعرض للضوء من هاتفك، والذي يمكن أن يحفز إشارة الساعة البيولوجية لليقظة تحفيزاً مباشراً، ويمكن أن يكون محتوى ما نستهلكه على هواتفنا منشطاً للغاية سواء كان ذلك من خلال تصفح وسائل التواصل الاجتماعي أم قراءة الأخبار؛ فكلُّ ذلك يمكن أن يحفز حالات عاطفية تكون أكثر تنشيطاً بدلاً من الاسترخاء".

2. انهض من الفراش:

المفارقة هي أنَّ الخبراء يوصون بالنهوض من الفراش حتى في الثالثة صباحاً، حيث تقول تروكسيل: "تخلَّ عن فكرة العودة إلى النوم عندما تفعل ذلك وتتخلص من فكرة أنَّ النوم يحتاج إلى مجهود، فمن المرجح أن تعود إلى النوم".

في تقنية التحكم في التحفيز يمكنك تشتيت ذهنك بمهمة عادية للمساعدة على استعادة النعاس أسرع من البقاء محبطاً في الفراش، وتقول روبينز: "بمجرد أن تستيقظ غيِّر البيئة وانهض من الفراش وحاول إعادة ضبط عقلك وإبقاء الإضاءة خافتة".

يساعد تخصيص الفراش للنوم الأشخاص على ربط أفكار النوم الإيجابية بمساحتهم، ويمكن أن يؤدي ترك الغرفة عند الانفعال إلى فصل الإحباط عن الفراش، وإنَّ أيَّ شيء بدءاً من قراءة كتاب إلى الحياكة أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة - لكن دون استخدام الهاتف - يمكن أن يشتت الدماغ تشتيتاً إيجابياً، وبمجرد أن تشعر بالنعاس مرة أخرى عُد إلى الفراش.

شاهد: 7 نصائح مضمونة للحصول على نوم أفضل ليلاً

3. سجِّل ما يفلح وما لا يفلح:

يوصي داسغوبتا بالمراقبة ليس لوقت ذهابك إلى الفراش واستيقاظك في ليلة معينة فقط، لكن أيضاً للتقنيات المهدئة والعوامل البيئية وحتى التغذية والتمرينات الرياضية الروتينية التي بدت أنَّها تساعدك على النوم في ذلك اليوم.

يمتلك الأطباء في إنجلترا الآن وصفة طبية بديلة لمرضى الأرق

يقول داسغوبتا: "النوم المثالي أشبه بالأحجية وأنت بحاجة إلى القطع الصحيحة جميعها؛ فالأشخاص الذين يعانون الأرق يفتقدون إحدى القطع الصحية للنوم، وقد لا تكون نصيحة استرخاء العضلات هي ما يفتقدونه، فربما لم يكن الصوت هو الجزء الرئيسي؛ ربما تحتاج إلى الدفء في فراشك".

كما أنَّه يعتمد على إيقاع ساعتنا البيولوجية المحدد أو الدورة الشمسية على مدار 24 ساعة التي يعمل بها الجسم والتي تنبهنا عندما يبدأ النعاس في الليل؛ إذ يؤكد داسغوبتا أنَّه إذا تغيَّرت أيُّ عوامل بيئية - مثل السفر أو جدول العمل أو الإضاءة - فقد يتعطل إيقاع الساعة البيولوجية للجسم، ممَّا يشير إلى استيقاظ مبكر غير مريح قبل المنبه، وفي هذه الحالة يمكن أن يساعد تغيير الإضاءة في غرفة معينة أو الحصول على إضاءة بديلة.

قد ينجح الاسترخاء التدريجي للعضلات، فابدأ من أصابع القدمين وشُدَّ تلك العضلات لمدة ثلاث ثوانٍ، ثم حررها وتنفس في أثناء هذه العملية؛ إذ يقول داسغوبتا أنَّ تمرين التنفس 4-7-8 المقترن باسترخاء العضلات يمكن أن يكون ناجحاً؛ لذا خذ شهيقاً لمدة 4 ثوانٍ واحتفظ بنَفَسِك لمدة 7 ثوانٍ، وقم بالزفير لمدة 8 ثوانٍ.

إقرأ أيضاً: ما هي أضرار استعمال الأجهزة الإلكترونية قبل النوم؟

4. تصرَّف بهدوء:

قد يجد آخرون أنَّ اليوغا أو التأمل أو القراءة يمكن أن تساعد عندما يستيقظون قبل المنبه، والمفتاح هنا أيضاً هو النهوض من الفراش.

إقرأ أيضاً: النوم: أثره على الصحة، وانعكاسه على الإنتاجية

في الختام:

لا تنجح التقنيات نفسها مع الجميع، لكنَّ ممارسة الاستراتيجيات المختلفة التي قد تؤثِّر في النوم أمر بالغ الأهمية، ويؤدي في نهاية المطاف إلى بناء روتين جيد، وتقول روبينز: "تعامل مع الأمر بهدوء، فهذا هو السبب لاستخدامنا الواعي لكلمة طقوس قبل النوم لأنَّها استراتيجيات مثالية تدمجها في روتينك؛ فهي مجموعة أدواتك".

إذا استمرت المشكلة لأكثر من ثلاث مرات في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر، توصي روبينز بالتحدث إلى اختصاصي النوم، وقد يتطلَّب الأمر أكثر من مجرد تغيير بسيط في العادة.

المصدر




مقالات مرتبطة