نصائح لتعديل تصرفات المراهقين السيئة

يقول المثل العربي المعاصر: "إذا كبِر ابنك فعامله بوصفه أخاً"؛ ولكن تُعدُّ مرحلة المُراهقة من أصعب مراحل تربية الأبناء؛ وذلك لما يحدث فيها من تغييرات نفسية وفيزيولوجية على الأبناء تدفعهم إلى الرغبة في اتخاذ القرارات بمفردهم، والتمرد على الآباء، وعدم الانصياع لما يطلبونه منهم؛ لذا في هذا المقال أعزائي الآباء سنقدم لكم بعض النصائح المفيدة لتوجيه أبنائكم المُراهقين وتعديل سلوكاتهم.



ماذا تعني المراهقة؟

إنّ المراهقة مصطلح يدل على المرحلة العمرية الفاصلة بين الطفولة والرشد، ويحدث خلال هذه الفترة الكثير من التغييرات الاجتماعية، والفيزيولوجية، والنفسية، وتختلف بداية هذه الفترة ونهايتها من مجتمعٍ إلى آخر، ومن شخصٍ إلى آخر أيضاً؛ ولكن بالعموم تتراوح الفترة من عمر الـ 11 سنة إلى عمر الـ 18 سنة، وتعريف المراهق كما ورد في لسان العرب يقول:

"راهقَ الغلامُ، فهو مراهِق إذا قارب الاحتلام؛ والمُراهِق: الغلام الذي قد قارب الحُلُم، وجارية مراهِقة، ويقال: جارية راهِقة وغلام راهِق، وذلك ابن العشر إِلى إِحدى عشرة"؛ وعلى هذا يكون التعريف اللغوي مخالفاً للمعنى الذي نستخدمه اليوم فالتعريف اللغوي يقول إنَّ المراهق هو من قارب البلوغ ولم يبلغ بعد، بينما نطلق لفظ المراهق الآن على المرحلة التي تلي البلوغ؛ وفي ذلك انزياح دلالي عن الأصل.

أمَّا في علم النفس فالمراهقة تدل على اقتراب الشخص من النضوج النفسي، والعقلي، والاجتماعي، والجسدي، كما أنَّ مرحلة المراهقة وأحداثها وتبِعاتها هي التي تؤدي إلى النضوج؛ ولكنَّ مرحلة المراهقة وحدها لا تُعدُّ مرحلة نضج.

ما هي خصائص مرحلة المراهقة؟

  1. التغييرات الجسدية؛ إذ ينمو الجسم بسرعةٍ وبشكلٍ مختلف.
  2. عدم الاهتمام بآراء الآخرين، وتمسك المُراهق برأيه، ومحاولته تكوين آراء في مختلف المجالات.
  3. التمرد على الأنظمة والقوانين المحيطة به.
  4. يسأل المُراهق الأهل أسئلةً كثيرة مُحرجة إلى درجةٍ يمكن ألا يتمكن الآباء من الإجابة عنها.
  5. تصبح لدى المُراهق رغبة عارمة في المعرفة وفهم جميع الحقائق لكل شيء يحيط به.
  6. في هذه المرحلة يحاول المراهق تكوين شخصيته وفهم نفسه.
  7. الرغبة الجامحة في تجريب كل شيء سواء كان جيداً أو سيئاً.
  8. تغييرات المزاج والتغييرات النفسية والتي يمكن أن تحدث مرات عديدة في اليوم الواحد.
  9. عدم استقرار تصرفات المُراهق فهو لا يعلم كيف يجب أن يتصرف هل يكون تصرفه بوصفه طفلاً، أم بوصفه شخصاً كبيراً راشداً.

نصائح لتعديل سلوكات ابنك المراهق:

1. لا تأخذ قلة احترامه وتهور تصرفاته على محمل شخصي:

من الأمور التي تُساعدك على تحجيم سلوكات ابنك المُراهق التي يمكن لها أن تستفزك في أوقاتٍ كثيرة، ما يلي:

  • أدرك أنَّ تصرفاته العدائية لا تدل مطلقاً على قلة احترامه لك، وإنَّما هي تدل على التغيرات التي تحدث لديه، وأنَّ ذلك فترة مؤقتة وستنتهي، كل ما في الأمر أنَّ ذلك طبيعة المراهقة.
  • لا تواجه قلة احترام ابنك المُراهق بوصفه تحدياً شخصياً، ولا تدخل معه في أي مجادلة، أو ترد على فظاظته بأشد منها لأنَّ ذلك سيكون بالنسبة إليك معركةً خاسرة لا طائل منها.
  • لا تنس أنَّ الفتى المُراهق الذي يقف أمامك اليوم بقلة احترام، هو ذاته طفلك المدلل الذي منحته كل الحب، والعطف، والحنان، ولا تنس أيضاً أنَّ تخطيه مرحلة المُراهقة بسلام سيكون أحد أهم أسباب راحتك واستقرارك في المستقبل.
  • يجب الابتعاد عن مقارنة نفسك وقت مراهقتك بابنك، لأنَّها ليست مقارنة واقعية وعادلة، فالمُراهق في يومنا هذا مُنفتح على العالم الخارجي بشكلٍ كاملٍ تقريباً إذ إنَّه يستخدم كافة وسائل الاتصال التقنية.
إقرأ أيضاً: كل ماتريد معرفته عن المراهقة وأفضل الطرق للتعامل مع المراهقين

2. كُن حازماً واضبط الأمور:

إنَّ تفهمك فترة المراهقة التي يمر بها ابنك والتغيرات المُرافقة لها، لا يعني أبداً أن تتقبل كل ما يقوم به، ولا يعني أنَّ تقديرك وفهمك حاجته إلى الاستقلال العاطفي يجعلك تتوقف عن تربيته؛ فابنك المُراهق يجب أن يعرف أنَّ قلة احترامه أمرٌ غير مقبول وغير مرحب به، كما يجب عليه أن يتعلم الطريقة المناسبة ليُعبر عن رفضه أمراً ما، أو اختلاف وجهة نظره وتطبيق هذه الطريقة؛ لذا يتوجب على الأهل معرفة كيفية استخدام وسيلة التجاهل وعدم الخلط بينها وبين التقبُّل، ومن الأمور التي تُساعدك على تطبيق كل ما سبق ما يلي:

  • مهما كانت درجة الغضب التي تتملكك لا تدعها تسيطر عليك بل كن هادئاً، مع التأكيد على رفضك الطريقة التي يجري بها الحوار بينك وبين ابنك المُراهق.
  • في حال أصرَّ المُراهق على قلة الاحترام، فاسحب منه بعض الميزات التي يتمتع بها.
  • أنهِ الحوار بينكما وغادر المكان في الحال، مع التأكيد عليه أنَّك لن تكون مستعداً للحوار معه ما لم يغير أسلوبه.
  • لكي تجعل المُراهق يفكر بجدية في تغيير طريقته وأسلوبه في الحوار، يجب إفهامه أنَّ العواقب لا يمكن التراجع عنها؛ فلا تُطِل مجادلته، ولا تقبل التفاوض، بل كن حازماً وحاسماً في الرفض أو العقاب.

3. اجعله يتحمل المسؤولية:

من الأمور التي تُساهم بشكلٍ فعال في تسريع نضج المُراهق، وجعله أقل عُرضةً لمشكلات المُراهقة وأخطائها؛ جعلُه يتحمل المسؤولية مُبكراً شريطة أن تكون مناسبةً لعمره، أي مسؤولية تكسبه خبرات ومهارات حياتية مُتعددة؛ فعندما يتحمل المسؤولية ويتلقى التقدير، والاحترام، والأهمية، فإنَّ ذلك سيُساعده على حل مشكلات الاستقلال الاجتماعي والعاطفي التي تواجهه؛ ولن يقوم بمواجهة والديه والتقليل من احترامهما؛ بل سيحقق ذاته معهما، خاصةً إن منحاه الثقة به وبأفعاله، وبإنجازاته؛ بينما المُراهق الذي لا يتحمل أي مسؤولية، ولا يملك أي التزامات فسيكون وقت الفراغ كبيراً بالنسبة إليه، وسيمضيه في اللعب، واستخدام وسائل التقنية بشكلٍ مُبالغٍ فيه، بالإضافة إلى النوم، الأمر الذي يجعله يُبدي السخرية للتعبير عن الاستقلال العاطفي واستقلال الذات، فيلجأ إلى الجدال وقلة الاحترام، والحوار العنيف.

إقرأ أيضاً: 6 أخطاء يرتكبها الآباء في تربية ابنهم المراهق

4. تقبَّل أنَّ ابنك الصغير يكبر:

يجب عليكَ تقبُّل أنَّ طفلك الصغير الذي كنت محور حياته والذي لم يكن يستطيع الابتعاد عنك قد بدأ يكبر، وبدأت حياته بالانفتاح على الأصدقاء والحياة، وبدأ يتطلع إلى الاستقلال العاطفي والنفسي، وأنَّ حاجته إليك تحولت من توفير الأمان، والاعتماد عليك في اتخاذ القرارات، والتوجيه في كل أمور حياته؛ إلى الحاجة لمنحه الحب، والثقة، والمشاركة.

5. تعامَل معه باحترام:

إنَّ ابنك المُراهق بحاجةٍ إلى الاحترام، ويجب أن يشمل هذا الاحترام كل ما يلي:

  • الاستماع والإصغاء إليه بشكلٍ تام ودون أي مقاطعة؛ فلا تتجاهله، بل يجب أن تُبادلَه الحديث بأسلوبٍ يحترم عقله وأفكاره، ولا تعامله بقسوة، ولا تتحدث بشكلٍ سيءٍ عنه أمام الأشخاص الآخرين.
  • احترام اهتماماته وهواياته، فشجعه على تجريب كل ما هو مفيد، ولا تشكك في جديته تجاه أي أمر، ولا تسخر منه بل امنحه الثقة بذاته.
  • عدم إشعاره أنَّه مُراقب، فلا تتعقَّب مُحادثاته، ولا تُكذِّبه، واحترم خصوصيته.
  • امنحه الاحترام الذي يحتاجه، وهو بالمقابل سيبادلك الاحترام ذاته.

6. كُن صاحب الموقف ولا تدع فظاظته تشتت انتباهك:

معظم المُراهقين يعرفون جيداً كيف يُغضِبون أباءَهم ويستفزونهم بكلمةٍ، أو بحركةٍ ما لتحويل الحديث من أمرٍ مهم، أو نقاشٍ جادٍّ حول موضوعٍ ما، أو طلب، إلى نقاشٍ حادٍ، ومزعج حول أسلوبِه في الحديث، أو قلةِ احترامه؛ لذا يجب على الأهل ألا يركزوا على الخطأ بشكلٍ دائم؛ لأنَّ ذلك سيزيده، بل يجب عليهم اعتماد أسلوب التجاهل؛ لما له من فاعلية في مثل هذه الحالات، كما يجب أن تكون ردة فعل الآباء تجاه ذلك مُقتصرةً على النظرة الغاضبة، أو التوبيخ القصير، وتجنُّب التهديد والصراخ اللذين لا طائل منهما، ولا يجب السماح لفظاظة الأبناء العارضة أن تُشتِّت الانتباه عن الموضوع الأساسي الذي يدور حوله النقاش.

إقرأ أيضاً: نصائح لتقوية الروابط بين الآباء والأطفال

7. قوّي العلاقة مع الأبناء:

إنَّ الضغط والقلق الذي يُعاني منه ابنك المُراهق هو ما يدفعه إلى السلوكات الخاطئة والمُستفزِّة؛ لذا فإنَّ وجوده ومعيشته في ظل أسرةٍ مُتماسكة ومتفهمة، ومنحه الاهتمام والحب، يجعله يعبر هذه المرحلة الحرجة بسلام ودون أي مشكلات، ومن النصائح المفيدة للآباء في هذا الخصوص؛ قضاء وقت كافٍ معه لممارسة الهوايات التي يحبها، أو التنزه.

8. امدح ابنك المُراهق:

من أكثر الأمور التي تُعزِّز العلاقة بين الأهل وابنهم المُراهق المدح، فيمكن للأهل مدح أسلوب تفكير ابنهم، أو طريقته في إلقاء الطرائف، أو تعليقه على موضوعاتٍ مُعينة، أو سرعة بديهته، وذكائه، وطريقة لباسه، وجمال اختياراته، وأسلوبه في فتح باب الحوار والنقاش في شتى الموضوعات، ويجب عليك عند امتداح ابنك المُراهق مراعاة ما يلي:

  • عدم مدحه عند ارتكابه خطأ بيِّناً وواضحاً، أو مدحه في أمرٍ مُعيب، حتى لا يعتقد أنك تمدحه دون وجه حق ودون أن يكون جديراً بهذا المدح، فهذا يجعله يفقد الثقة في جميع ما تقول.
  • إدراك أنَّ ابنك المُراهق بحاجة إلى الشعور بثقتك به، وتقديرك له، وتقدير الأفراد الآخرين له أيضاً.
  • ليس من الضروري أن يكون ما تمتدح به ابنك المُراهق لافتاً النظر، أو جميلاً جداً، فيمكن أن تمدحه بأمورٍ عادية لتشجعه على الاستمرار بممارستها.

وبذلك أعزائي الآباء يجب أن تكونوا حريصين جداً على تربية أبنائكم وتوجيههم بشكلٍ صحيح، وأن تقدموا لهم الحب والرعاية والاهتمام والثقة.

 

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة