مهارات التواصل وتأثيرها في حياتك المهنية

إنَّ التواصل الفعال مذهل حقاً، حيث تجعل الشركة التي تتمكن من إيصال استراتيجيتها بوضوح موظفيها يعملون لتحقيق هدفها المشترك؛ وعلى النقيض من هذا، لن يدعم الناس استراتيجية الشركة التي يعملون فيها في حال وجود مشكلات في التواصل؛ ذلك لأنَّهم ببساطة لن يعرفوا ماهية رؤية هذه الشركة.



إذا حثك شخص على القيام بشيء ما من خلال سماع خطابه، فأنت قد شهدت فعلياً عملية تواصل جيدة؛ وتنطوي هذه العملية على شخص ما يملك قدرة التأثير في الآخرين وتحفيزهم عن طريق توجيه رسالة قوية جداً، حيث يمكن لك أن تتأكد من أنَّ الرسالة رائعة عندما تهز كيانك.

قد يحدث نقص التواصل في المتاجر مثلاً في حالتين: الأولى: عندما لا يشرح الزبون بوضوح ما يرغب فيه، والثانية: عندما لا يتمكَّن العاملون من شرح الخدمات التي يقدمها المتجر؛ وتعود غالبية هذه الأخطاء إلى الافتقار إلى مهارات التواصل.

لقد قرأنا جميعاً عن الطريقة التي يجب أن نتحدث بها حتى نحصل على ما نريد؛ فإذا كنت في علاقة ولم توضِّح رغباتك واحتياجاتك بطريقة فعالة لشريكك، فسيكون احتمال ألَّا تُلبَّى احتياجاتك قائماً؛ ويصح هذا في أي موقف تقريباً، حتى في العمل؛ فإذا كنت لا توصل ما تريده أو ما هو هام بالنسبة إليك، فمن المحتمل أنَّ هذا سيؤثر كثيراً في حياتك المهنية؛ فقد يكون لنقص التواصل في العمل تأثير ضار من عدة نواحٍ.

إنَّ الإفصاح عمَّا تريده ليس فعلاً أنانياً، بل هو ضرورة لتحصل على العلاقة أو العمل الذي ترغب فيه؛ ذلك لأنَّ القدرة الجيدة على التواصل منحة بالغة الأهمية، ويمكنها أن تساعدك في الحصول على المهنة التي تريدها.

إقرأ أيضاً: كيف تستخدم لغة جسدك لإقناع الآخرين والتأثير بهم؟

كيف يمكن أن يؤثر نقص التواصل في حياتك المهنية؟

إن فكرت في الأمر ملياً، فستجد أنَّك تبني سمعتك يومياً كلما اكتسبت خبرة في مجال عملك؛ أي أنَّك تبني اسمك وسمعتك ومكانتك وشخصيتك ووضعك في شركتك ومجال عملك من خلال ما تفعله أو لا تفعله كل يوم.

قد تصبح معروفاً كشخص يحصل على ما يريد، أو ربَّما تكون الشخص الذي لديه حلول إبداعية دوماً؛ وهذا ما يجعل اسمك كقائد فريق يتبادر إلى أذهان مدرائك عند البدء بمشروع جديد؛ أمَّا إذا كنت تفتقر إلى مهارات التواصل، فمن غير الوارد عندها أن يتبادر اسمك إلى أذهانهم عند البدء بمشروع كبير، أو عند التحدث عن علاوة كبيرة في الأجر؛ وسنذكر هنا بعض الأسباب:

1. لن تحصل على الدعم أو الأدوات التي تحتاجها لتحقيق النجاح:

كيف تتوقع أن تحصل على الأدوات والموارد التي تحتاجها للقيام بأفضل ما يمكنك في العمل إذا لم تكن قادراً على التواصل؟

إنَّ أحد أكبر التحديات التي تواجهنا هي متابعة تطوير مهارات عملنا؛ إذ عليك أن تبقى على اطلاع على ما يحدث، وأن تسأل عن ذلك؛ وإلَّا فلن تكون كفئاً بمجال عملك.

2. قد يُساء فهمك:

عندما لا تكون قادراً على التعبير عن أفكارك بوضوح، تكون في وضع لا تُحسَد عليه؛ حيث سيكون من الأسهل على الناس إساءة فهم ما تعنيه أو إساءة موقفك من شيء ما إذا كنت تفتقر إلى مهارات التواصل.

إذا لم تكن قادراً على إيصال وجهة نظرك، فسيكون من الأسهل على زملائك في العمل أن يفترضوا ما تعنيه ببساطة، سواء كانوا مخطئين أم مصيبين في افتراضهم؛ حيث تزداد فرص أن يُساء فهمك لدرجة كبيرة إذا كنت تفتقر إلى مهارات التواصل.

3. يمكن أن تتعرَّض إلى التجاهل:

يميل الأشخاص الذين يعانون من نقص في مهارات التواصل إلى أن يكونوا مصغين سيئين، ولا يعيرون انتباهاً كافياً لما يُقال، ويقاطعون المتحدث كثيراً، ويقفزون إلى استنتاجاته الخاصة دون معرفة حقيقة ما يحدث.

يجد هذا النوع من الناس أنفسهم مستبعدين من المحادثات؛ ذلك لأنَّ زملاءهم في العمل لا يرغبون في التعامل معهم، إذ لا أحد يحب العمل مع شخص يقاطع الآخرين طوال الوقت ولا يُنصت إليهم حقاً.

إقرأ أيضاً: كيف تمارس الإصغاء الفعَّال؟ (دليلك خطوة بخطوة)

4. يخلق عدم التواصل الشكَّ وعدم اليقين:

يصح هذا على وجه الخصوص إذا كنت تشغل منصب المدير ويتعين عليك قيادة الآخرين؛ ذلك لأنَّ عدم التواصل مع فريقك قد يؤدي إلى خلق جو مليء بالريبة.

قد تعرف أشخاصاً لا يعرفون المسؤوليات المترتبة على عاتقهم؛ ذلك لأنَّ مدراءهم لم يُوفَّقوا في إبلاغهم عن الأهداف التي عليهم العمل عليها، وعمَّا هو متوقع منهم؛ ومع الأسف، هذا صحيح أيضاً عند العمل مع أشخاص آخرين؛ فإذا لم تكن قادراً على إيصال ما تفعله أو ما يحدث فعلياً إلى الآخرين، فستتسبب بخلق جو من الريبة وعدم اليقين.

5. يؤدي الافتقار إلى التواصل إلى انتشار الشائعات والقيل والقال:

من طبيعة البشر أن يملؤوا الفراغات بإجاباتهم الخاصة عندما يجهلون شيئاً ما؛ فنحن لا نحب الغموض، ونلجأ إلى إيجاد حل للغز بأنفسنا عندما لا نتواصل جيداً مع شخص نعمل معه؛ إذ يمكن أن يتسبب النقص في التواصل في نشر الشائعات والتخمينات، وهذا أمر لا تريد حدوثه مطلقاً.

فمثلاً: إذا تأخرت مراجعتك السنوية عن موعدها لشهرين ولم تسمع شيئاً من رئيسك في العمل، فربَّما يتبادر إلى ذهنك أنَّهم يفكرون في إقالتك من منصبك؛ وعندما يتغيب أحد زملائك عن المكتب بصورة متكررة، فربَّما تعتقد أنَّه يتلقى معاملة خاصة لسبب ما.

شاهد بالفديو: كيف تؤثِّر قلَّة التواصل في حياتك المهنية؟

الآن، وبعد أن نظرنا في بعض طرائق تأثير قلة التواصل في حياتنا المهنية، دعونا نرى كيف يمكننا تحسين مهاراتنا في التواصل:

10 طرق لتحسين مهارات التواصل:

عندما تفكر في تحسين مهاراتك في التواصل، عليك إلقاء نظرة على الطرائق الأساسية التي يتواصل الناس من خلالها؛ سواء كانت طرائق شفهية أم كتابية.

تحسين مهارات التواصل الشفهية:

1. تبسيط الكلام:

حاول أن يكون حديثك مقتضباً ولطيفاً عندما تتحدث في العمل؛ فصحيح أنَّه من الجيد أن نتبادل الأخبار ونتحدث عن الأمور الثانوية أحياناً، ولكن عندما يحين الوقت للحديث عن الأشياء الهامة، لا تُثقِل كاهل مستمعيك بالكثير من الكلام.

2. الإصغاء الفعال:

ربَّما تجد أنَّ الحديث عن الإصغاء الفعال أمر مستغرب عند الحديث عن التواصل، لكنَّ هذا منطقي في الواقع؛ فعندما تبيِّن أنَّك تصغي وتهتم لما يقوله الآخرون، فيدل هذا على أنَّك تفهم احتياجاتهم، ويُمكِّنك من بناء الثقة التي تشكِّل المفتاح لأي علاقة تود بناءها.

3. الثقة بالنفس:

يدل حديثك بثقة على أنَّك تعرف ما تتحدث عنه؛ وإنَّنا هنا لا نتحدث عن الكلام فحسب، بل عن لغة الجسد كذلك؛ لذا تحدَّث بنبرة صوت واضحة، وحافظ على التواصل البصري عند مخاطبة شخص ما؛ حيث ينم هذا عن ثقتك بنفسك.

شاهد بالفديو: 25 نصيحة فعالة لتعزيز الثقة بالنفس

4. التفكير ملياً قبل الحديث:

ستتمكن من نقل أفكارك بوضوح أكبر عندما يكون لديك فكرة جيدة عمَّا ستقوله، كما قد يساعدك هذا على التخلص من فترات الصمت الطويلة التي تتخلل حديثك.

5. الإيجاز:

هل سبق وقرأت اقتباس آينشتاين (Einstein): "إذا كنت لا تستطيع شرح شيء ما ببساطة، فأنت لا تفهمه جيداً بما يكفي"؟ هذه كلمات حكيمة من رجل حكيم.

يصح هذا في العمل أيضاً؛ حيث عليك أن تمتلك القدرة على إيصال أفكارك وآرائك بوضوح وبساطة حتى يتمكن الآخرون من فهمك، ويعدُّ هذا أمراً جوهرياً للغاية.

تحسين مهارات التواصل المكتوبة:

6. التحقق من القواعد والإملاء:

إنَّه لمن الهام جداً ألَّا يكون لديك أخطاء نحوية عند تواصلك الكتابي في العمل؛ إذ سيجعل وجود الأخطاء المطبعية في رسائل تواصلك المكتوبة الآخرين يعتقدون أنَّك كسول أو مهمل جداً لتهتم بالإملاء؛ وهذا ليس جيداً.

7. الإيضاح والإيجاز:

يتلقى معظمنا الكثير من رسائل البريد الإلكتروني في العمل، ونحن نعلم ألَّا أحد يحب الخوض في بحر من المعلومات للعثور على معلومة أو اثنتين ضروريتين؛ لهذا لا داعي لإضافة الكثير من اللغو عندما يؤدي القليل منه الغرض.

إقرأ أيضاً: كيف تنجح في التواصل المثمر مع الآخرين؟ مهارات تواصل القادة في المنظمات

8. التعرف على المتلقين:

إذا كنت تكتب رسالة بريد إلكتروني إلى رئيس شركتك، فيجب أن تكتبها بنبرة معينة؛ أمَّا إذا كانت الرسالة إلى زميلك في العمل، فربَّما ليس من الضروري أن تكون رسمياً عندها.

9. استخدام تنسيق وهيكلية محددة:

يتماشى هذا مع ضرورة أن تكون واضحاً وموجزاً؛ فإذا كنت تكتب رسالة البريد الإلكتروني في فقرة واحدة طويلة مكونة من 1000 كلمة، ستربك القارئ؛ لذا استخدم أشياء مثل العناوين الفرعية والنقاط وعلامات الترقيم عند الحاجة إلى تفريق الكلمات وجعل سياق النص يتدفق بلطف؛ ويصح هذا في جميع الوثائق المكتوبة، سواء كانت تقارير أم رسائل بريد إلكتروني أم أي شيء آخر.

10. استخدام الأسماء:

استخدم أسماء المتلقين قدر الإمكان لجعل الأمور أكثر ودية وجاذبية؛ إذ إنَّه لمن المؤكد أنَّك لا تستطيع فعل ذلك في تقرير رسمي، لكنَّك تستطيع فعله في رسائل البريد الإلكتروني.

كما تبيَّن أنَّ الاختتام باسم شخص ما يساعد على استجابة الشخص في الوقت المناسب وبطريقة إيجابية، فمثلاً: "كما ترى يا أحمد، سيسهم هذا إسهاماً كبيراً في مساعدتنا في الوصول إلى حساب جلال، وأنا أنتظر جواباً منك قريباً".

يحسِّن التواصل الفعال حياتك المهنية:

يمكن لتطوير مهارات تواصلك أن يساعدك في حياتك المهنية بعدة طرائق؛ حيث  تكشف مهارات تواصلك القوية عن ثقتك بنفسك وأفكارك، وهذه صفة عظيمة لتمتلكها عموماً؛ حيث سينظر إليك الآخرون كقائد عندما تكون واثقاً من نفسك ومن قدراتك.

تساعدك مهارات التواصل الفعال على الوصول إلى ما تريده، حيث سيفهمك الآخرون حين تطرح وجهة نظرك وأفكارك حول أشياء معينة بوضوح وإيجاز؛ كما يساعدك امتلاك القدرة على إيصال ما تحتاجه بطريقة فعالة كي تحصل على الأدوات والموارد التي تحتاجها للقيام بعملك على أفضل وجه؛ فعندما تتمكن من التوضيح لرئيسك أنَّ الذهاب إلى المؤتمر سيساعدكم على البقاء في صدارة اللعبة، يكون لديك فرصة جيدة للذهاب.

إقرأ أيضاً: نموذج محرابيان (Mehrabian) للتواصل، تعلّم التواصل بوضوح

ربَّما يطلب مديرك أن تريه العائد على الاستثمار (ROI) الذي ستجنيه الشركة من الحصول على مصادر جديدة، وليس من الصعب القيام بهذا إذا كنت تستطيع التواصل جيداً.

يوجد مديرون لا يجيدون توصيل الأهداف والعمليات والتوقعات، ممَّا يؤدي إلى تراجع أداء المجموعات، ويعطي نتائج دون المستوى؛ وهذه ليست من شِيم القادة؛ لذا إذا كنت قائداً، فإنَّ امتلاكك لمهارت تواصل فعالة أمر بالغ الأهمية؛ ذلك لأنَّه يجعل الآخرين يتبعون رؤيتك.

الخلاصة:

لقد اكتشفنا كيف أنَّ الافتقار إلى مهارات التواصل قد يؤثر كثيراً في حياتك المهنية؛ فعندما تُظهِر نقصاً في التواصل، قد تؤثر سلباً في مدى نجاح مهنتك؛ لذا تحدَّث للحصول على ما تريد، وسيساعدك امتلاك مهارات تواصل فعال على القيام بهذا على نحو صحيح.

 

المصدر




مقالات مرتبطة