معدن الروديوم: أندر المعادن وأغلاها

تنتشر المعادن في الأرض طبيعياً كسائر العناصر الكيميائية الأخرى في الطبيعة، وتدخل في كافة الصناعات والمواد التي تكوِّن حياتنا، من أسلاكٍ للكهرباء، والهواتف المحمولة والثابتة، والمدافئ، والسيارات، والمركبات، والأبنية، والأجهزة الكهربائية، والحواسيب، والحلي، تقريباً كافة الأشياء التي نستخدمها في حياتنا، وتختلف المعادن حسب أنواعها وندرتها وطبيعة استخداماتها، وفي هذا المقال سنتعرف إلى لمحةٍ بسيطةٍ عن المعادن، ونتكلم عن أحد أندر المعادن وأغلاها؛ ألا وهو الروديوم.



ما هي المعادن؟

المعادن هي عبارةٌ عن عناصر كيميائيةٍ غير عضويةٍ متوفرة في الأرض بشكلٍ طبيعيٍ، وتوجد غالباً بشكلها الصلب تحت ضغطٍ ودرجة حرارةٍ محددين مع بعض الاختلافات الشاذة كمعدن الزئبق الذي يوجد بشكلٍ سائلٍ، ويُعَدُّ تركيبها الكيميائي مختلفاً عن بقية العناصر؛ إذ تصطف ذراتها وتتبلور على شكل بلوراتٍ.

توجد المعادن في جميع البيئات الجيولوجية، من بحارٍ ومحيطاتٍ وبراكين وتربةٍ وصخورٍ وجبالٍ بشكلها الطبيعي دون تدخلٍ من البشر، بخلاف الفولاذ الذي يصنعوه كسبائك، أو كالخشب الذي يُعَدُّ عضوياً وصنيع النبات، أو كاللؤلؤ والألماس الذي يتكون من بقايا الكائنات الحية تحت ضغطٍ وحرارةٍ عاليين وزمنٍ طويلٍ.

خصائص المعادن:

تتميز المعادن عن باقي العناصر الكيميائية ببعض الخصائص، وفيما يأتي أهم هذه الخصائص:

  1. الحالة الصلبة: معظم المعادن توجد في الحالة الصلبة، باستثناء الزئبق الذي يوجد بالحالة السائلة.
  2. قابلية الانحناء والانقسام: تمتاز المعادن بالقدرة على الانحناء والطي والانقسام، وهذه الميزة التي جعلتها تدخل في كافة الصناعات والأجهزة والأبنية التي تحيط بحياتنا.
  3. تميل المعادن لأن تصير قلويةً عند تعرُّضها للتأكسد.
  4. تمتاز المعادن بخواصها المغناطيسية.
  5. معظم المعادن لها قابليةٌ على توصيل وناقلية الكهرباء.
  6. كافة المعادن لماعةٌ وذات بريقٍ.
  7. تتميز المعادن بالكثافة والوزن النوعيين.
  8. تتأكسد المعادن وتصدأ إذا تعرضت للهواء لفتراتٍ طويلةٍ من الزمن.
  9. تتفاعل جميع المعادن مع الأحماض.
  10. تمتص المعادن الأطياف اللونية وتعكسها.
  11. توجد في أجسام جميع الكائنات الحية بنسبٍ قليلةٍ ومتفاوتةٍ.

أصناف المعادن:

تصنف المعادن إلى:

  1. المعادن الفلزِّية: هي معادنٌ ذات بنياتٍ بلوريةٍ متشابهةٍ، وتمتلك خصائص متشابهةً كاللمعان والناقلية الكهربائية والمرونة والمقاومة، مثل الحديد والنحاس والفضة والذهب.
  2. المعادن اللافلزِّية: هي معادنٌ تختلف تماماً بصفاتها وخواصها الفيزيائية والكيميائية عن المعادن الفلزية؛ وهذا يجعلها مختلفةً بالشكل والصلابة والحجم والوزن النوعي والكثافة، مثل الكبريت والجرافيت وغيرها.
  3. أشباه المعادن أو المعادن الثقيلة: تتميز هذه المعادن بقوامٍ هشٍ وتركيبٍ بلوريٍ بسيطٍ؛ إذ تمتلك خواصاً تتأرجح بين خواص المعادن اللافلزِّية والفلزِّية، بالإضافة إلى أنَّها سامةٌ وتسبب ضرراً لجسم الكائنات الحية، ورديئة الناقلية للكهرباء والحرارة، وتُستخدَم في العديد من المجالات كالطب والأدوية والزراعة والصناعة، كالزرنيخ والأنتيمون والرصاص وغيرها.
  4. المعادن النبيلة: تمتاز هذه المعادن عند وجودها في صورتها الصلبة بقلة ردود أفعالها للتفاعلات الكيميائية، بينما يمكن أن تتفاعل عند وجودها بالحالة السائلة أو على شكل مسحوقٍ، كما أنَّها غير قابلةٍ للتآكل، إذ لا تتأكسد أو تتعرض للصدأ إذا تعرضت للهواء، بالإضافة إلى أنَّها ذات ليونةٍ ومرونةٍ عاليتين؛ إذ يمكن تحويل كميةٍ ضئيلةٍ جداً منها إلى رقاقاتٍ رفيعةٍ جداً وذات مساحةٍ مضاعفةٍ، كما أنَّها ناقلةٌ جيدةٌ للكهرباء والحرارة.

التفاعلات الكيميائية للمعادن:

تتفاعل المعادن مع العديد من المركبات، وفيما يأتي تفاعل المعادن مع الأوكسجين والماء والأحماض:

  1. تفاعل المعادن مع الأوكسجين: عند تفاعل بعض المعادن مع الأوكسجين ينتج مركبٌ يدعى بأوكسيد المعدن، مثلاً حين يتفاعل الحديد مع الأوكسجين، يُنتِج مركباً يدعى أوكسيد الحديد، وهكذا.
  2. تفاعل المعادن مع الماء: عند تفاعل بعض المعادن مع الماء، ينتج مركبٌ يدعى بهيدروكسيد المعدن، بالإضافة إلى غاز الهيدروجين؛ فمثلاً يتفاعل معدن البوتاسيوم مع الماء فيكوِّن هيدروكسيد البوتاسيوم وغاز الهيدروجين.
  3. تفاعل المعادن مع الأحماض: تتفاعل المعادن مع الأحماض فتكوِّن مركباتٍ تدعى بكلوريد المعدن أو ملح المعدن، بالإضافة إلى غاز الهيدروجين؛ فمثلاً يتفاعل المغنيزيوم مع حمض الهيدروكلوريك، فينتج عنهم مركب ملح المغنيزيوم أو كلوريد المغنيزيوم مع غاز الهيدروجين.

معدن الروديوم:

الروديوم هو معدنٌ فلزِّيٌ، سُمي مشتقاً من الكلمة اليونانية "رودون" (Rhodon)؛ أي الوردة، وينتمي في الجدول الدوري إلى المجموعات 8-10 VIIIb الفئة 5 و6، وهي مجموعة البلاتين المكونة من بلاتينوم، وروديوم، وبلاديوم، وأوزميوم، وإريديوم، وروثينيوم، ويُعَدُّ عنصراً نبيلاً؛ لأنَّه لا يتفاعل مع عنصر الأوكسجين بسهولةٍ؛ أي إنَّه لا يتأثر بالغلاف الجوي والهواء المحيط، ولا يتأثر بالماء والحرارة حتى درجة 600 مئويةٍ، ويتميز بمقاومته العالية للتأكسد والتآكل، ويُستخدم محفزاً في إنتاج أحماضٍ كحمض النتريك والأسيتيك، ويغلف فيه بعض أنواع المجوهرات لحمايتها من العوامل الجوية والمؤثرات الخارجية والخدوش والتلطيخ، ويحتاج إلى درجات حرارةٍ عاليةٍ لينصهر، ويمتاز بكثافته المنخفضة مقارنةً بالبلاتينوم.

يُعَدُّ الروديوم من أكثر المعادن ندرةً في الطبيعة ضمن مجموعته؛ إذ يتوفر بنسبة 1 جزءٍ من 200.000.000 جزء منه في القشرة الأرضية، واكتُشف بواسطة العالم البريطاني "ويليام والستون" بعد مدةٍ من اكتشافه لعنصر البلاديوم عام 1803م؛ إذ استخرجه من قطعةٍ من البلاتينوم الخام التي جلبها من قارة أمريكا الجنوبية؛ فغالباً ما يوجد الروديوم مع ترسبات البلاتينوم، ويتم استخراجه بواسطة تعدين وإعادة تكرير البلاتينوم.

صفات الروديوم على الجدول الدوري:

  1. الاسم: "روديوم" (Rhodium).
  2. رمزه ورقمه: Rh, 45.
  3. المجموعة التاسعة.
  4. الدور الخامس.
  5. المستوى الفرعي D.
  6. المظهر: معدنٌ أبيضٌ لمَّاعٌ فضي اللون.
  7. كتلته الذرية: 102.90550(2) غ/ المول.
  8. عدد الإلكترونات في كل مستوى: 1، و16، و18، و8، و2.
  9. الحالة الفيزيائية: صلبةٌ.
  10. كثافته عند درجة حرارة الغرفة: 12.41 ج/ سم3.
  11. كثافة السائل عند نقطة الانصهار: 10.7 ج/ سم3.
  12. ينصهر عند درجة حرارة: 1964 مئوية، وما يعادلها بالفهرنهايت 3567، و2237 كالفن.
  13. يغلي عند درجة حرارة: 3695 مئوية، وما يعادلها بالفهرنهايت 6683، و3968 كالفن.
  14. حرارة الانصهار: 26.59 كيلوجول/ مول.
  15. حرارة التبخر: 494 كيلوجول/ مول.
  16. بنيته البلورية: بلوراتٌ مكعبة الوجه.
  17. حالة التأكسد: أوكسيد مذبذب، 4، و3، و2.
  18. سالبيته الكهربية: 2.28 على مقياس باولينج.
  19. نصف قطره الذري: 135 بيكومتراً، وحسابياً: 173 بيكومتراً.
  20. نصف قطره التساهمي: 135 بيكومتراً.
  21. النظائر المشعة للروديوم: Rh99, Rh101m, Rh101, Rh102m, Rh102, Rh103, Rh105، وهي نظائرٌ مشعةٌ صنعيةٌ وغير مستقرة ما عدا Rh103، فهو طبيعيٌ ومستقرٌ، وله 58 نيوترون، وتتفاوت أعمار النصف خاصتها بين 4.34 يوماً إلى 35.36 سنة.

استخدامات معدن الروديوم:

يستخدم الروديوم في العديد من الصناعات، ومنها:

  1. في مجال صناعات وسائط النقل؛ كالحافلات، والقطارات، والسيارات، والسفن، والطائرات.
  2. الصناعات الفضائية؛ كالأقمار الصناعية، ومركبات الفضاء، والصواريخ، التي يتطلب غلافها أن يكون صلباً ومقاوماً للعوامل الخارجية وفي نفس الوقت خفيفاً.
  3. الصناعات النانوية الإلكترونية؛ كالحواسيب، والهواتف المحمولة، والتلفزيونات، والشاشات، ومكبرات الصوت، والآلات الحاسبة، والراديو، وغيرها.
  4. الصناعات الطبية؛ كالبدائل الصناعية، والأطراف الصناعية كما في المفاصل الصناعية.
  5. الصناعات الزراعية؛ كالحصادات، والجرارات، وغيرها.
  6. صناعة الثلاجات، والأفران، والبرادات.
  7. صناعة المولدات، والغلايات، والمفاعلات النووية، وآبار النفط.
  8. يُستخدم في البناء، وصناعة مواد البناء.
  9. صناعة المجوهرات.
  10. محفزٌ في صناعة بعض الأحماض والتفاعلات الهيدروجينية.
  11. يُستخدم في صناعة الألياف البصرية.
  12. يُستخدم بخلطه مع البلاتين في صناعة أجهزة ناظم الخطى القلبي.
  13. يُستخدم بخلطه مع البلاتين أو البلاديوم في صناعة منقيات انبعاثات السيارات والعوادم؛ وذلك لدوره في تحفيز المركبات والقدرة على إزالة أوكسيد النيتروجين الضار من عوادم وسائط النقل.

تعدين معدن الروديوم:

يوجد الروديوم في الطبيعة بشكلٍ حرٍ أو مندمجاً مع عنصر البلاتينوم أو البلاديوم أو غيرهم، ويمكن استخراجه عن طريق فصل المركبات عن بعضها معملياً، بينما توجد طرائق أرخص لاستخراج أو إنتاج الروديوم التجاري وهي عن طريق تكرير معدن النيكل والنحاس.

سبب غلاء معدن الروديوم:

توجد ثلاثة أسبابٍ لغلاء معدن الروديوم عالمياً وهي:

  1. السبب الأول هو مساهمة جنوب أفريقيا: إذ تُعَدُّ منطقة جنوب أفريقيا صاحبة أعلى ناتجٍ للروديوم بنحو 80 إلى 85% من الناتج العالمي، وروسيا تأتي في المرتبة الثانية، ونتيجة التدخلات والعقوبات السياسية والاقتصادية تتعرض الإمدادات إلى غلاءٍ كبيرٍ.
  2. السبب الثاني هو زيادة الطلب الكبير عليه من شركات صناعة السيارات، وخاصة الشركات التي تميل إلى تلبية معايير الحفاظ على البيئة؛ إذ يدخل في صناعة منقي عوادم السيارات، وفي صناعة المرايا والدارات الكهربائية فيها، والكشافات وغيرها؛ وهذا أدى إلى ارتفاع سعره عالمياً والمضاربة عليه.
  3. السبب الثالث هو تأثر العرض من جنوب أفريقيا؛ فعلى مدى السنوات العشرين السابقة لم يتم إجراء أي عقودٍ جديدةٍ لاستثمار مناجم استخراج الروديوم، وأثَّرت جائحة كوفيد-19 في حركة التجارة العالمية، وتأثر اقتصاد جنوب أفريقيا بشدةٍ بسببها، وتوقفت العديد من المناجم عن العمل.
إقرأ أيضاً: علم الفيزياء: تعريفه، وتخصصاته، ومجالاته، وأشهر علمائه

أسئلة شائعة عن معدن الروديوم:

فيما يأتي بعض الأسئلة الشائعة عن معدن الروديوم:

1. ما هو سعر معدن الروديوم؟

يبلغ سعر 1 غرام من معدن الروديوم نحو 601 دولاراً أمريكياً.

2. أين يتوفر معدن الروديوم؟

يُستخرج 85% من ناتج الروديوم العالمي من جنوب أفريقيا، وتأتي روسيا بعد جنوب أفريقيا من حيث التوفر والإنتاج.

3. ما هو الفرق بين الفضة وفضة الروديوم؟

يُستخدم الروديوم في طلاء الفضة بطبقةٍ رقيقةٍ منه للمحافظة عليه من تغير اللون والاسوداد الناتج عن الأكسدة.

4. هل الروديوم معدنٌ سام؟

يُعَدُّ الروديوم من العناصر غير السامة، إلا أنَّ له نظائر مشعةً ومركباتٍ قد تسبب السرطانات والتسمم، وقد تسبب ضرراً للنباتات وتُتلِفها.

إقرأ أيضاً: مخاطر التلوث البيئي وأهمية الحفاظ على البيئة

في الختام:

لقد تعرفنا في هذا المقال إلى المعادن وخصائصها وأصنافها وتفاعلاتها، وتحدثنا عن أحد أندر المعادن في العالم؛ ألا وهو الروديوم، وذكرنا أغلب صفاته على الجدول الدوري واستخداماته، بالإضافة إلى تعدينه وسبب غلائه عالمياً، وأجبنا عن بعض الأسئلة الشائعة عنه، على أمل تحقيقه للفائدة المرجوة منه.

المصادر: 1،2،3،4،5،6،7،8،9،10،11،12




مقالات مرتبطة