مرض الإيدز: تعريفه وكيفية الإصابة به وتجنبه

يسمى مرض الإيدز بالمصطلح الطبي والعلمي بـ "مرض نقص المناعة المكتسبة"، أو بتعبير آخر دقيق "متلازمة العوز المناعي المكتسب"، وقد لجأ الطب الحديث إلى التسمية الأخيرة لمرض الإيدز لأنَّها أكثر دقة بعد إجراء أبحاث ودراسات طبية وعلمية استغرقت سنوات وعقود طويلة.



آلية عمل فيروس الإيدز:

يمكننا أن نقول إنَّ آلية عمل فيروس الإيدز تتلخص في تخليص الجسم وبشراسة من قدرته على مقاومة الفيروسات والجراثيم والميكروبات والفطور والبكتيريا الضارة وغير الضارة، ومكافحة أي مادة غريبة تدخل وتهاجم الجسم وتبث سمها فيه، وبناءً على ما قد تم ذكره، يفقد الجهاز المناعي كفاءته وقدرته على حماية خلايا الجسم من الكائنات الغريبة الممرضة والمميتة، فيصبح الجسم بكل ما فيه عرضة للإصابة بالكثير من الأمراض الخبيثة التي تسببها الفيروسات والجراثيم، ومن ضمنها مرض الإيدز.

كما يصبح الجسم أكثر عرضة للإصابة بأنواع مختلفة من السرطان الخبيث والحالات الالتهابية الحادة التي كان له القدرة قبل ذلك على مقاومتها ومهاجمتها والتصدي لها وإبطال مفعولها السام والممرض والمؤذي في خلايا الجسم، ومن جملة هذه الالتهابات التي قد تصيب الجسم أو تحدث فيه الالتهاب الرئوي والتهاب السحايا.

كيف تحدث الإصابة بمرض الإيدز؟

تقوم كريات الدم البيضاء في الحالة الطبيعية بمهمة الدفاع عن الجسم ضد الفيروسات والخلايا والأجسام الغريبة التي تهاجم الجسم، فتتصدى لها الكريات البيضاء وتبطل مفعولها وتأثيرها في الجسم، ويتم تنسيق عملية المهاجمة التي تسمى برد فعل طبيعي من قِبل نوع محدد من الخلايا تسمى خلايا بيضاء لمفية أو لمفاوية تائية.

تشكل هذه الخلايا اللمفاوية التائية بمجموعها العام الهدف المركزي والأساسي والقطبي بالنسبة إلى فيروس الإيدز؛ إذ يقوم هذا الفيروس بمهاجمة الخلايا اللمفية التائية المتصدية له، ويتغلغل فيها وينتشر في أنسجتها، وينقل السم والعدوى والأثر الضار إليها نقلاً مباشراً.

بعد أن ينجح فيروس الإيدز في الدخول إلى الخلايا اللمفية التائية وتسربه إليها وتغلغله فيها واختراقها، يبدأ بإدخال مادته الجينية الوراثية في هذه الخلايا، وفي هذه الحالة يقوم الفيروس بمضاعفة نفسه؛ أي بعد مرحلة البدء والاختراق تأتي مرحلة جديدة تسمى بالاصطلاح الطبي "مرحلة المضاعفة"، وبعد المضاعفة تقوم فيروسات الإيدز الجديدة الناتجة عن عملية استنساخ وراثي جيني بالخروج من الخلية اللمفية التائية التي تسمى بالخلية المضيفة إلى مجرى الدم، فتدخل إليه وتنساب برشاقة وخفة ضمن النسيج الدموي، ويشكل مجرى الدم بالنسبة إلى الخلايا الفيروسية الجديدة المستنسخة رحلة ومحطة جديدة لتبحث عن خلايا أخرى ومن نوع آخر تقوم باختراقها ومهاجمتها والتغلغل فيها من جديد.

في هذا الوقت المستقطع، تصاب الخلية اللمفية التائية المضيفة بالموت والانتهاء، كما يطال الموت ويمتد ليصل إلى الخلايا اللمفية التائية السليمة المجاورة التي لم تستضف فيروس الإيدز، ولكنَّها تعرضت لتأثيراتها بشكل غير مباشر، وتستمر هذه الحلقة لتنتهي وتبدأ من جديد بشكل دوري ومتكرر.

ضمن هذا السياق، تُنتَج وتتكاثر الملايين من فيروسات الإيدز النشيطة والمهاجمة بشكل يومي أو شبه يومي، ويستمر موت وانهيار الخلايا التائية التي تتعرض للهجوم من قِبل الفيروسات أو الخلايا التائية السليمة المجاورة، وفي نهاية المطاف يصبح عدد الخلايا التائية قليلاً جداً حتى يكاد ينعدم أو ينحسر.

حين نصل إلى رقم قليل من الخلايا التائية الحية الموجودة في أنظمة الجسم، فهذا يعني أنَّنا وصلنا إلى المرحلة الأصعب والأقسى؛ ألا وهي مرحلة نقص مناعةٍ خطيرٍ؛ وهذا يعني عدم قدرة الجسم بشكل كلي على مقاومة الفيروسات والجراثيم والبكتيريا والأحياء الغريبة الممرضة، وعدم توفر إمكانية التصدي لها وإبطال تأثيرها في خلايا الجسم أو حتى طردها إلى خارج الجسم والتخلص منها.

ما هي الفئات الأكثر ميلاً للإصابة فيروس الإيدز؟

لا يمكننا وضع إجابة محددة واضحة بعينها؛ فلا توجد فئة محددة من البشر يستهدفها فيروس الإيدز ويتغلغل في جسمها ويرسم لها الموت كنهاية حتمية والألم كمصير أسود لا مفر منه ولا مهرب، وعموماً، إنَّ فيروس الإيدز هو فيروس شديد الخبث يمكن أن يصيب الإنسان في أي سن، وقد يصيب الذكر والأنثى؛ إذ إنَّه ليس مشروطاً بعمر محدد أو جنس محدد أو فئة محددة من البشر دون غيرهم.

شاهد: 10 أنواع أطعمة تقوي جهاز المناعة

ما هي الحالات التي يتزايد فيها خطر الإصابة بفيروس الإيدز؟

  1. العلاقات الجنسية غير المشروعة إلى حدِّ الإباحة، ويزيد احتمال خطر إصابة الطرفين بفيروس الإيدز في حال كان الذكر والأنثى يمارسان وضعية الجماع دون استخدام واقٍ. تُعَدُّ أي علاقة جنسية سبباً رئيساً للإصابة بفيروس الإيدز ليس فقط بين ذكر وأنثى، فيمكن أن تحدث الإصابة نتيجة علاقة جنسية بين ذكر وذكر أو بين أنثى وأنثى؛ أي إنَّ الأشخاص مثليي الجنس ينقلون فيروس الإيدز بعد ممارسة العلاقة الجنسية؛ وهذا يشكل خطراً على حياتهم الصحية والنفسية، فإنَّ العلاقة الجنسية البحتة التي تقوم على أساس عدم وجود واقٍ - والمقصود هنا بالواقي هو العازل الذكري أو الأنثوي - تعني بمفهومها العام والدقيق إنشاء اتصال جنسي وزيادة الوقوع في خطر الإصابة بفيروس الإيدز، خصوصاً إذا كان الشريك يحمل فيروس الإيدز ولا يعلم أنَّه حامل للفيروس وناقل له.
  2. إقامة علاقة جنسية مع شخص مصاب بأمراض جنسية مُعدية أو قابلة للعدوى أو تنقل العدوى؛ مثل مرض الزهري، ومرض الهربس، ومرض المتدثرة، وداء السيلان الخبيث، ومرض التهاب المهبل الفيروسي، وغيرها من الأمراض الجنسية التي تزيد من احتمال الإصابة بفيروس الإيدز ونقله.
  3. الاستخدام المتكرر لحقن البوتوكس أو إبر الوشم أو غيرها من الأدوات التي تثقب سطح الجلد، وعدم تنظيفها وتعقيمها بعد استخدامها وحقن الإبرة ذاتها في جلد أكثر من شخص؛ وهذا ينقل فيروس الإيدز من شخص إلى آخر نتيجة تصرفات غبية وغير مدروسة.
  4. تعاطي المخدرات باستخدام تقنية تسمى الحقن الوريدي، وتتم من خلال حقن إبرة مشتركة غير معقمة ومنظفة بشكل جيد ودقيق.
  5. عدم توفر كمية كافية من جين معين يختص بمحاربة مرض الإيدز والقضاء على هذا الفيروس وإفراز الأضداد اللازمة لإبطال مفعوله في خلايا الجسم وأنسجته.
  6. يزداد احتمال إصابة الأطفال حديثي الولادة والأطفال الرضع والخدج في حال كانت الأمهات تحملن الفيروس منذ سنوات طويلة وفي أثناء الحمل والولادة؛ إذ ينتقل الفيروس إلى الجنين عبر رحم الأم.
إقرأ أيضاً: الأمراض المناعية، وأهم الأغذية الصحيّة التي تقوي الجهاز المناعي

أعراض مرض الإيدز:

  1. التعرق في أثناء الليل بشكل كبير ومفرط ومبالغ فيه.
  2. الإصابة بقشعريرة نتيجة البرد أو حمى شديدة، وفيها ترتفع درجة حرارة الجسم الداخلية عما يزيد عن 38 درجة مئوية، وقد تستمر لعدة أسابيع.
  3. سعال جاف وحاد، وحدوث ضيق في التنفس.
  4. حالات إسهال مزمنة وحادة ومتكررة.
  5. ظهور بثور غريبة أو نقاط بيضاء مستديرة متقيحة، وجروح متقرحة أليمة وغريبة داخل تجويف الفم وعلى السطح العلوي للسان.
  6. الصداع المزمن والحاد يصاحبه آلام في الجبهة والرأس.
  7. رؤية مشوشة أو فقدان القدرة على رؤية وتمييز الأشخاص القريبين والأشياء البعيدة مع اضطراب في عملية الرؤية.
  8. خسارة كبيرة في الوزن.
  9. تعب وإجهاد عضلي مستمر لا يمكن تفسيره حتى لو لم يقم الشخص بأي عمل أو نشاط أو جهد عضلي وجسدي.
  10. حدوث انتفاخ والتهاب في الغدد اللمفية بشكل حاد ومزمن، وقد يستمر لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر.
  11. زيادة احتمال إصابة الجسم بأنواع حادة من السرطانات؛ مثل سرطان الفم وسرطان الحنجرة.

المضاعفات التي قد تحدث للمريض حين يصاب بالإيدز:

حدوث الالتهابات الناجمة عن التقاط فيروس الإيدز وتغلغله داخل خلايا الجسم وتدميره لعدد كبير من الخلايا اللمفية التائية؛ وهذا يتسبب بإضعاف الجملة المناعية فيصبح الجسم أقل مقاومة للأمراض والجراثيم والالتهابات والإنتانات الفيروسية، ومن ثمَّ يصبح الشخص الذي يحمل فيروس الإيدز ضعيف المناعة وعرضة للإصابة بأمراض جرثومية وفيروسية مُعدية ومستشرية، ويرافق ذلك إصابته بأنواع خطيرة وحادة من السرطانات؛ مثل سرطان الفم والحنجرة.

نخص بالذكر هنا الالتهابات الجرثومية التي تبدأ أعراضها بعلامات بسيطة لكن سرعان ما تتصاعد وتزداد خطورة، ومنها: التعرق بشكل كبير في أثناء الليل، وحالات إسهال حادة ومتكررة، وخسارة سريعة في الوزن، وألم حاد في أسفل البطن، وسعال جاف وحاد، وضيق واختناق في أثناء عملية التنفس.

إقرأ أيضاً: أخطر الأمراض الجنسية التي تصيب الرجال والنساء (2)

في الختام:

بعد دراسات طويلة ومكثفة أجرتها منظمة الصحة العالمية، أُحصي عدد المرضى المصابين بفيروس الإيدز أو بمرض نقص المناعة المكتسبة حتى هذا اليوم، وقد وصل العدد تقريباً إلى 39.5 مليون إنسان مصاب بهذا الفيروس في مختلف أنحاء العالم، وقد تزايد وتصاعد هذا العدد بشكل مطرد يوماً بعد يوم على الرغم من الجهود المستمرة والمحاولات الحثيثة من قبل منظمة الصحة العالمية للإنسان ومن قبل جهات رسمية والكثير من دول العالم بما فيها بريطانيا العظمى، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة العربية السعودية على إيجاد طريقة ما يتم من خلالها تثبيط فاعلية هذا الفيروس.

المصادر: 1،2




مقالات مرتبطة