ما هي فوائد الاستحمام بالماء البارد؟

يُعَدُّ الاستحمام بالمياه الباردة في الصباح طريقة مزعجة لبدء اليوم، ومع ذلك، تم إغراء الكثيرين لتبنِّي هذه العادة؛ لأنَّ الاستحمام بالماء البارد له العديد من الفوائد الصحية المزعومة، الجسدية منها والعقلية.



استُخدِمَت الحمامات الباردة أول مرة لأسباب صحية في أوائل القرن التاسع عشر، عندما صممها الأطباء لتطبيقها في المصحَّات والسجون "لتهدئة عقول المساجين وترويضهم، من خلال زرع الخوف في نفوسهم".

وبحلول منتصف القرن التاسع عشر، أدرك الفيكتوريون (Victorians) أنَّ للاستحمام بالماء استخدامات أخرى، ألا وهي تنظيف الناس، وسيكون من الأفضل لو كان الماء دافئاً؛ لذا، تحوَّل الحمَّام من كونه مكاناً يُستخدَم في التجارب المزعجة مدة ساعة ونصف، إلى مكان ممتع للغاية يُستخدَم وقتاً قصيراً، ومع ذلك، فإنَّ ممارسة الاستحمام بالماء البارد للحصول على فوائد صحية ظلَّت باقية حتى يومنا هذا.

ما هو الدليل على فوائد الاستحمام بالماء البارد؟

وجدت دراسة واسعة من "هولندا" (Netherlands) أنَّ الأشخاص الذين يأخذون حمَّاماً بارداً، كانوا أقل احتمالية لأخذ إجازة من العمل بسبب المرض من أولئك الذين يأخذون حمَّاماً دافئاً؛ حيث قُسِّمَت مجموعة تزيد على 3000 شخص إلى أربع مجموعات، وطُلِب منهم الاستحمام بماء دافئ كل يوم.

ولكن طُلِب من مجموعة واحدة إنهاء استحمامهم بـ 30 ثانية من الماء البارد، ومجموعة أخرى بـ 60 ثانية من الماء البارد، ومجموعة ثالثة بـ 90 ثانية من الماء البارد، في حين أنَّ المجموعة الضابطة فحسب يمكن أن تستمتع بحمَّام دافئ، ثم طُلِب من المشاركين اتباع هذا البروتوكول مدة شهر، علماً بأنَّ 64% واصلوا نظام الاستحمام بالماء البارد لأنَّهم أحبوه كثيراً.

بعد فترة متابعة مدتها ثلاثة أشهر، وجد القائمون على الدراسة أنَّ المجموعات التي استخدمَت الماء البارد انخفضَت حاجتها إلى الإجازات المَرَضية في العمل بنسبة 29%، ومن المثير للاهتمام أنَّ مدة استخدام الماء البارد لم تؤثر في الغياب المَرَضي.

شاهد بالفديو: 8 عادات يومية من أجل صحة قوية

كما أنَّه لم يتضح السبب في أنَّ استخدام الماء البارد يمنع الناس من الإصابة بالمرض، لكنَّ بعض الأبحاث تشير إلى أنَّه قد تكون له علاقة بتعزيز جهاز المناعة؛ حيث أظهرت دراسة في "جمهورية التشيك" (Czech Republic) أنَّه عندما يُغمَر "الشباب الرياضيون" في الماء البارد ثلاث مرات في الأسبوع مدة ستة أسابيع، فإنَّ ذلك يعطي دفعة طفيفة لجهاز المناعة لديهم، ومع ذلك، هناك حاجة إلى دراسات أكثر وأكبر لتأكيد هذه النتائج.

يبدو أيضاً أنَّ الماء البارد ينشط الجهاز العصبي الودِّي، وهو جزء من الجهاز العصبي يتحكم في استجابة رد فعل الكر والفر (وهو رد فعل فسيولوجي تلقائي لحدث يُنظَر إليه على أنَّه خطير أو مرهق أو مخيف)، وعندما يُنشَّط رد الفعل هذا، عن طريق الاستحمام بالماء البارد مثلاً، نحصل على زيادة في هرمون النورادرينالين (noradrenaline)، وهذا هو السبب المحتمل للزيادة في معدل ضربات القلب وضغط الدم الملحوظ عند استحمام الأشخاص بالماء البارد، وهو مرتبط بالتحسينات الصحية المقترحة.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح غذائيّة لتقوية الجهاز العصبي

كما ثبت أنَّ الغمر في الماء البارد يُحسِّن الدورة الدموية؛ إذ عند التعرض للماء البارد، ينخفض ​​تدفق الدم إلى الجلد، وعندما يتوقف الماء البارد، يجب على الجسم أن يسخن نفسه؛ لذلك هناك زيادة في تدفق الدم إلى سطح الجلد؛ ممَّا قد يُحسِّن الدورة الدموية بحسب اعتقاد بعض العلماء؛ حيث وجدَت دراسة بحثَت في فوائد الغمر في الماء البارد بعد التمرين، أنَّه بعد أربعة أسابيع، تحسَّن تدفق الدم من وإلى العضلات.

وهناك أيضاً بعض الأدلة على أنَّ الاستحمام بالماء البارد يمكن أن يساعدك على إنقاص الوزن؛ حيث وجدت دراسة أنَّ الغمر في الماء البارد عند 14 درجة مئوية يزيد من الأيض بنسبة 350%، علماً بأنَّ الأيض هو العملية التي يحول بها جسمك ما تأكله وتشربه إلى طاقة، ومن ثمَّ فإنَّ عملية الأيض المرتفعة تؤدي إلى حرق المزيد من الطاقة.

وبصرف النظر عن الفوائد الجسدية، يمكن أن يكون للاستحمام بالماء البارد أيضاً فوائد على الصحة العقلية؛ حيث إنَّ هناك مدرسة فكرية تقول: "إنَّ الغمر في الماء البارد يسبب زيادة اليقظة العقلية، بسبب تحفيز استجابة رد فعل الكر والفر المذكور آنفاً".

وعلاوة على ذلك، ثبت عند كبار السن أنَّ وضع الماء البارد على الوجه والرقبة يُحسِّن وظائف المخ، ناهيك عن أنَّه قد يساعد أيضاً على تخفيف أعراض الاكتئاب؛ حيث إنَّ الآلية المقترحة هي أنَّه بسبب الكثافة العالية لمستقبلات البرد في الجلد، فإنَّ الاستحمام بالماء البارد يرسل كمية هائلة من النبضات الكهربائية من نهايات الأعصاب الطرفية إلى الدماغ، والتي قد يكون لها تأثير مضاد للاكتئاب.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعّالة للتخلّص من الاكتئاب الخفيف

هناك قدر لا بأس به من الأدلة على أنَّ الغمر في الماء البارد أو الاستحمام بماء بارد مفيد لصحتك، حتى لو كانت أسباب ذلك لا تزال غير واضحة بعض الشيء، ولكن قبل أن تستحم بالماء البارد في نهاية وقت استحمامك، يجب أن تعلم أنَّ هناك بعض المخاطر التي قد تتعرض لها من خلال الاستحمام بالماء البارد؛ إذ نظراً إلى أنَّ تدفق الماء البارد قد يصدم الجسم، فقد يكون خطيراً على الأشخاص المصابين بأمراض القلب، ويمكن أن يؤدي إلى نوبة قلبية أو عدم انتظام ضربات القلب.

المصدر




مقالات مرتبطة