ما هي الماريجوانا؟ وما هي تأثيراتها وأضرارها؟

الماريجوانا هذه النبتة الفريدة من نوعها، تمتلك تاريخاً عريقاً حافلاً بالأحداث، ومنشأ كلمة ماريجوانا إسبانيٌ مكسيكيٌ لم يُعرف معناها والمقصود بها، واسمها العلمي نبتة القنب الهندي، وقد استُخدمت منذ القدم لأغراضٍ طبيةٍ وصناعيةٍ؛ إذ عُدَّ نسيجها المتين مناسباً جداً ليدخل في صناعة الحبال والألبسة، كما أنَّ أقدم ورقة كتابةٍ في العالم والتي تعود إلى 500 عاماً قبل الميلاد كانت مصنوعةً من نسيج هذه النبتة قبل التعرف إلى القطن، وكانت تُستخدم في تركيب الأدوية وعلاج الالتهابات، وفي مقالنا الآتي سنتعرف أكثر إلى هذه النبتة ونأخذ فكرةً عن تأثيراتها وأضرارها؛ لذا تابعوا معنا.



ما هي الماريجوانا؟

تشير الماريجوانا إلى الأوراق المجففة وزهور وبذور نبات القنب بنوعيه "ساتيفا وإنديكا"، يحتوي هذا النبات على مادة كيميائية تدعى (TCH) "تتراهيدروكانابينول" بالإضافة إلى مركباتٍ أخرى مماثلةً مُذهبةً للعقل، وتُعَدُّ الماريجوانا من أكثر المواد المستخدَمة شيوعاً التي تسبب الإدمان بعد التبغ والكحول، وينتشر تعاطيها بين الشباب.

ففي عام 2018، تعاطى أكثر من 11.8 مليون شاباً الماريجوانا، ووفقاً لمرصد المستقبل المتخصص بدراسة وإحصاءات تعاطي المخدرات في جامعة "ميشيغان" الأمريكية، ظلت معدلات استخدام الماريجوانا في ذلك العام ثابتةً بين طلاب المدارس المتوسطة والثانوية، بينما ارتفعت عند طلاب الصف الثامن والعاشر وازدادت الجرعة اليومية التي يتعاطونها أيضاً.

مع انتشار أجهزة (Vaping) أو السجائر الإلكترونية، ازداد عدد المراهقين الذين بدؤوا باستخدامها لتعاطي الماريجوانا، فما يقارب 4% من طلاب الصف الثاني عشر يدخن الماريجوانا بواسطة جهاز (Vape) يومياً.

كيف يستخدم الناس الماريجوانا؟

يدخن الناس الماريجوانا في سجائر ملفوفةٍ يدوياً تدعى "Joints"، أو في الغليون أو النرجيلة "Bongs"، كما تُدخن عن طريق تفريغ سجائر جزئياً أو كلياً من محتواها، ثم تُدَكُّ العشبة داخلها، ويحاول بعض الأشخاص تجنُّب استنشاق الدخان؛ لذا يستخدمون أجهزة التبخير أو (Vapes)؛ إذ تقوم هذه الأجهزة بتسخين المحلول المُعد مسبقاً، وتحويله إلى بخارٍ بينما يقوم الشخص بسحب هذا البخار بدلاً من الدخان، ويُستخدم في هذه الحالة محلولٌ يحتوي على خلاصة الماريجوانا (TCH)، كما يقوم بعض الأشخاص بخلط الماريجوانا أحياناً في الطعام كالكعك أو الحلوى أو غليها كالشاي.

كيف تؤثر الماريجوانا في الدماغ؟

للماريجوانا تأثيران في الدماغ؛ تأثيرٌ قصير الأمد وآخرٌ طويل الأمد.

أولاً: تأثيرات الماريجوانا قصيرة الأمد

حين يدخن الشخص الماريجوانا، تنتقل مادة (TCH) بسرعةٍ من الرئتين إلى مجرى الدم، وتنتشر عبره إلى الدماغ والأعضاء الأخرى من الجسم، وحين يتناولها الشخص عن طريق الطعام أو الشراب، فإنَّ جسمه يمتصها ببطءٍ ولا تظهر الأعراض عليه إلا بعد 30 إلى 60 دقيقةً من تناولها.

يعمل الـ "تتراهيدروكانابينول" (TCH) على مستقبلات خلايا دماغيةٍ محددةٍ، تتفاعل عادةً مع المواد الكيميائية الطبيعية التي تشبه هذه المادة؛ إذ تؤدي هذه المواد دوراً في تطور الدماغ ووظائفه، وتقوم الماريجوانا بتنشيط أجزاء الدماغ التي تحتوي على أكبر عددٍ من هذه المستقبلات، وهذا ما يسبب "النشوة" التي يشعر بها الناس عند تعاطيها.

تشمل التأثيرات الأخرى ما يأتي:

  1. تغيراتٍ في الحواس، كرؤية ألوانٍ أكثر إشراقاً.
  2. تغيراتٍ في المزاج، كالفرح العارم أو الغضب أو الحزن.
  3. تغيُّر أو فقدان للتوجه الزماني، كأن يشعر بأنَّ الوقت يمضي بسرعةٍ كبيرةٍ أو يشعر بأنَّه متوقف.
  4. ضعفٌ وخللٌ في حركات الجسد.
  5. صعوبةٌ في التفكير واتخاذ القرارات.
  6. ضعفٌ في الذاكرة.
  7. الهلوسة، في حال تناولها بجرعاتٍ عاليةٍ.
  8. الأوهام، في حال تناولها بجرعاتٍ عاليةٍ.
  9. الذهان، وخاصةً عند متعاطي الجرعات العالية المنتظمة.
إقرأ أيضاً: أسباب تعاطي المخدرات وآثارها وطرق التخلّص منها

ثانياً: تأثيرات الماريجوانا طويلة الأمد

تؤثر الماريجوانا في نمو الدماغ وتطوره أيضاً، وخاصةً عندما يبدأ الشخص بتعاطيها في سنٍ صغيرٍ؛ إذ تضعف هذه المخدرات من وظائف التفكير والذاكرة والتعلم، وتؤثر في قدرة الدماغ على بناء الاتصالات والربط بين المناطق المسؤولة عن هذه الوظائف. وما زالت الأبحاث مستمرةً لمعرفة المدة التي تبقى فيها آثار الماريجوانا، وما إذا كانت ستترك خلفها مضاعفاتٍ أو أضراراً دائمةً.

أظهرت دراسةٌ أجراها باحثون من جامعة (Duke) في "نيوزيلندا" أنَّ الأشخاص الذين بدؤوا بتدخين الماريجوانا بكثرةٍ واستمرارٍ في سن المراهقة قد فقدوا متوسط 8 نقاط ذكاءٍ بين سن 13 و38، حتى إنَّ القدرات العقلية لم تعد بشكلٍ كاملٍ عند البالغين الذين أقلعوا عن تعاطيها، لكن من بدأ بتعاطيها بعد أن أصبح بالغاً وأتم فترة النمو، لم يُظهر أي انخفاضٍ ملحوظٍ في معدل ذكائه.

وفي دراسةٍ حديثةٍ أُجريت على التوائم، أظهر أولئك الذين استخدموا الماريجوانا انخفاضاً كبيراً في القدرات المعرفية واللفظية "ما يعادل 4 نقاط ذكاء" بين سنوات ما قبل المراهقة وأوائل البلوغ، لكن لم يعثر على أي فرقٍ يمكن تنبؤه أو ملاحظته بين أي توأمين أحدهما تعاطى الماريجوانا والآخر لم يتعاطاها؛ وهذا أشار إلى أنَّ انخفاض معدل الذكاء عند متعاطي الماريجوانا قد نتج عن شيءٍ آخرٍ غيرها، كالعوامل العائلية والوراثة والبيئة الأسرية وغيرها.

شاهد بالفيديو: كيف تتصرّف إذا اكتشفت أنّ ابنك مدمن على التدخين؟

ما هي الأضرار الصحية للماريجوانا؟

لتعاطي الماريجوانا مجموعةٌ واسعةٌ من الأضرار الصحية العقلية والجسدية.

أولاً: الأضرار الصحية الجسدية للماريجوانا

1. مشكلات في التنفس:

يتسبب دخان الماريجوانا في تهيج الرئتين، وقد يعاني الأشخاص الذين يدخنون الماريجوانا في كثيرٍ من الأحيان من نفس المشكلات التنفسية التي يعاني منها مدخنو التبغ، كالبلغم والسعال المزمن، وتكرار الإصابة بالإنتانات الرئوية، لكن لم يجد الباحثون إلى الآن أيَّة علاقةٍ تربط بين مدخني الماريجوانا والإصابة بسرطان الرئة.

2. تسرُّع ضربات القلب:

ترفع الماريجوانا من معدل ضربات القلب لمدةٍ تصل إلى 3 ساعاتٍ تقريباً بعد التدخين؛ وهذا قد يرفع من نسبة الإصابة بالنوبات القلبية، ويُعَدُّ كبار السن والأشخاص الذين يعانون من مشكلات قلبيةٍ أكثر عرضةً للإصابة بها.

3. مشكلات في نمو الطفل في أثناء الحمل وبعده:

يرتبط تعاطي الماريجوانا في أثناء الحمل بانخفاض وزن الطفل عند الولادة وزيادة خطر إصابته بمشكلات دماغيةٍ وسلوكيةٍ؛ إذ تؤثر الماريجوانا في أجزاء معينة من دماغ الجنين، وقد تتسبب لهم بعد الولادة بمشكلات في الانتباه والذاكرة مقارنةً بغيرهم من الأطفال ذوي الأمهات اللواتي لم يتعاطين.

كما تشير بعض الأبحاث إلى أنَّ مادة (TCH) تصل إلى حليب الأم المرضع، ومنها إلى طفلها، فتؤثر في نمو دماغه بشكلٍ سليمٍ، وتشير بعض الأبحاث الأخرى إلى زيادة مخاطر الولادة المبكرة عند النساء الحوامل المتعاطين للماريجوانا.

4. الغثيان والتقيؤ الشديد:

يؤدي التعاطي المنتظم والمستمر للماريجوانا على الأمد الطويل إلى إصابة بعض الأشخاص بمتلازمة فرط التقيؤ القنَّبي، وتتظاهر هذه المتلازمة بنوباتٍ من التقيؤ الشديد والتجفاف، وقد تتطلب في الكثير من الأحيان عنايةً طبيةً طارئةً أو حتى استشفاءً.

إقرأ أيضاً: ما هي علامات تعاطي المخدرات لدى الأطفال؟

ثانياً: الأضرار العقلية للماريجوانا

ارتبط استخدام الماريجوانا على الأمد الطويل بالإصابة بالأمراض العقلية لدى بعض الأشخاص، مثل:

  1. الهلوسة المؤقتة.
  2. جنون الارتياب المؤقت.
  3. تفاقم الأعراض لدى مرضى الفصام.

كذلك رُبِطَ استخدام الماريجوانا أيضاً بالمشكلات العقلية الأخرى كالاكتئاب والقلق والأفكار الانتحارية عند المراهقين، ومع ذلك كانت نتائج الدراسة مختلطةً وغير محددةٍ.

التدخين السلبي للماريجوانا:

من غير المحتمل أن يتسبب استنشاق دخان الماريجوانا السلبي في إصابة غير المدخنين بأضرارٍ، إلا في الأماكن الضيقة والمغلقة أو الجلوس قريباً جداً من شخصٍ يتعاطاها؛ إذ أظهرت الدراسات أنَّ غير المدخنين قد أبلغوا عن بعض التأثيرات الخفيفة عند جلوسهم قريباً من مدخنٍ في جوٍ مغلقٍ ولساعاتٍ عدة، وشملت هذه التأثيرات دواراً خفيفاً وإحساساً ضعيفاً يشبه الثمالة إلى حدٍّ ما، لكن توجد حاجةٌ إلى المزيد من البحث لمعرفة ما إذا كان تدخين الماريجوانا السلبي له مخاطرٌ صحيةٌ مماثلةٌ لتدخين التبغ السلبي.

تشير دراسةٌ حديثةٌ أُجريت على الفئران إلى أنَّ دخان الماريجوانا قد يسبب أضراراً كبيرةً على القلب والأوعية الدموية كضرر دخان التبغ، لكن لم تُدرس أو تكتشف هذه النتائج على البشر بشكلٍ كافٍ بعد، وقد تبيَّن الباحثون أنَّ السموم كالقطران الموجود بالماريجوانا يؤثر بشدةٍ في الأشخاص المعرضين للخطر كما تؤثر السموم الموجودة في التبغ وخاصةً في الأطفال ومرضى الربو.

هل تسبب الجرعة الزائدة من الماريجوانا الموت؟

يحدث فرط الجرعة حين يتعاطى أحدهم كميةً من المادة المخدرة كفيلةً في إحداث أعراضٍ مهددةٍ للحياة أو حتى قاتلة، لكن لا توجد بعد أي تقاريٍر عن موت المراهقين أو البالغين بسبب جرعةٍ زائدةٍ من الماريجوانا فحسب، ومع ذلك، قد يختبر بعض الأشخاص مفرطي الجرعة آثاراً جانبيةً غير مريحةٍ؛ كفرط القلق، أو نوبات الهلع، أو جنون الارتياب، وفي حالاتٍ نادرة يحدث رد فعلٍ ذهانيٍ شديدٍ، كالهلوسة الشديدة أو الأوهام، وقد يحتاج في بعض الأحيان إلى عناية طبية.

شاهد بالفيديو: كيف تتعامل مع مدمن المخدرات؟

هل تسبب الماريجوانا الإدمان؟

قد يؤدي استهلاك الماريجوانا إلى الإصابة باضطراب تعاطي المخدرات، وهو مرضٌ يتظاهر بعدم قدرة الشخص على التوقف عن تعاطي الماريجوانا على الرغم من تسببها له بمشكلات صحيةٍ وماديةٍ واجتماعيةٍ. ويُعرف هذا الاضطراب بأنَّه نوعٌ من أنواع الإدمان، وتشير الأبحاث إلى أنَّ 9 إلى 30% من أولئك الذين تعاطوا الماريجوانا أصيبوا بدرجاتٍ متفاوتةٍ من اضطراب تعاطي المخدرات، وكان الأشخاص الذين بدؤوا بتعاطيها قبل سن 18 أكثر بأربع إلى سبع مراتٍ عرضةً لتطوير هذا الاضطراب من البالغين.

تتشابه أعراض الإقلاع وسحب الماريجوانا بأعراض الإقلاع عن التدخين وتشمل:

  1. الأرق.
  2. التهيج.
  3. فقدان الشهية.
  4. الرغبة الشديدة في التعاطي.
  5. التذمر.

وغيرها من أعراض السحب والإقلاع.

في الختام:

الماريجوانا مادةٌ ضارةٌ بالصحة مثلها مثل التبغ والكحول، تؤثر في متعاطيها جسدياً ومادياً واجتماعياً، ويستحسن على كل متعاطٍ محاولة الإقلاع عنها، والتحلي بالإرادة اللازمة حتى يتخلص منها، فالعلاج الأفضل يكمن بالاقتناع التام بأضرارها والصبر ومحاولة إلهاء النفس بنشاطات تبعده عن التفكير بها.

المصدر




مقالات مرتبطة