ما هي الفوائد الصحية لمشروب المتة؟

يميل الناس إلى المشروبات العشبية بين الفينة والأخرى، ولكن يبقى حبُّهم للقهوة والشاي متأصِّلاً مستمراً في كل زمانٍ ومكان. ولكن ماذا لو حصلتَ على مشروبٍ بخصائص القهوة المنشطة، وفوائد الشاي الصحية، بالطعم الغني بحلاوةِ الشوكولاتة؟ سيكون مشروباً رائعاً لو كان حقيقياً، وستحقِّق حلمك هذا مع مشروب "المتَّة" (Yerba mate).



يُصنَع مشروب المتَّة (Yerba mate) العشبي من أوراق وجذور شجيرة دائمة الخضرة؛ وهي "إليكس براغيوارينيسس" (ilex paraguariensis).

موطنها الأصلي في أمريكا الجنوبية، كما أنَّها تتصل بأدغال "هولي" في أمريكا الشمالية، تُحصَد الأوراق الشمعية الخضراء وتُجفَّف لصنع المشروب المخصص الذي يُستَخدَم كبديل القهوة في جميع أنحاء العالم.

تاريخ مشروب المتة:

تعود القيمة التاريخية لمشروب "المتَّة" إلى الشعوب الأصلية في أمريكا الجنوبية؛ حيث استُخدِم لتعزيز قدرة الجسم على التحمُّل، كما ذاع صيته وزاد استهلاكه مع تعرُّض هذه المنطقة إلى المستوطنين والمستكشفين الإسبان والأوروبيين؛ مما أدى في نهاية المطاف إلى وجود مَزارع مخصصة لزراعة "عشبة الياربا ميت" (yerba mate)؛ حيث حُصِدَت أغصان نبتة "إليكس براغيوارينيسس" (ilex paraguariensis) على مدار السنة.

تدعو طرائق التحضير التقليدية إلى نقع الأوراق المسحوقة، والتي يشار إليها باسم "yerba" أو "عشبة المتَّة" داخل وعاء القرع المجوَّف الذي يُسمَّى "ميت" (mate)، ومن ثم يُضاف إليها كمية كافية من الماء البارد لتغطية الأعشاب وإعدادها لسكب الماء الساخن عليها.

عندما تُغمَر نبتة "ياربا" في الوعاء، تُشرَب من خلال أداة معدنية تحتوي على مرشِّح وتُسمَّى "بومبيلا".

يوازن الطعم الترابي لمشروب "المتَّة" مع الطعم الحلو ويخلق طعماً من أغنى الطعوم للجسم، والتي قورِنَت بشرب الشوكولاته الساخنة؛ حيث يُعَدُّ شرب "مشروب الياربا ميتي" "المتَّة" في العديد من الثقافات إحدى الطقوس التقليدية الاجتماعية؛ حيث يُمرَّر وعاء "القرع" المجوف المليء بمشروب "المتَّة" إلى كل عضو من أعضاء المجموعة.

إقرأ أيضاً: 10 فوائد صحية تجعل المتّة أفضل من القهوة

الياربا ميت (عشبة أدابتوجينات):

تمتد شعبية "عشبة الياربا ميت" لآلاف السنين، وبدا جليَّاً سبب الاهتمام بهذه العشبة منذ القِدَم؛ إذ يُوفِّر محتوى الكافيين العالي في العشبة المصدر لتعزيز الطاقة وزيادة اليقظة، وقد يساعد حتى على تحسين التركيز.

ويرتبط استهلاك عشبة "الياربا ميت" أيضاً بزيادة القدرة على التحمُّل، والتي تعمل - إلى جانب خصائص تعزيز الطاقة - على تحسين اللياقة البدنية؛ حيث عُرفَت الخصائص التحفيزية للعشبة لدى شعب "الغاوتشو" (gauchos) في أمريكا الجنوبية "رعاة البقر الإسبان" الذين استعملوا "قهوة رعاة البقر" للمساعدة على الحفاظ على يقظتهم خلال حملات الماشية المُرهِقة، والأيام الطويلة من العمل الزراعي الشاق.

وقد ربطت العلوم الطبية الحديثة الاستهلاك المنتظم للمتَّة بتحسين المزاج؛ مما يجعل احتمال الاستفادة منها في علاج اضطرابات المزاج كبيراً، ويُظهِر اكتشاف تأثير مزيج مشروب "المتَّة" كنوع من المنشطات في تعزيز المزاج الجيد، بصيص أملٍ لاستعماله في علاج متلازمة التعب المزمن واضطرابات الاكتئاب.

كما هو الحال مع معظم الأدوية النباتية، فترجع قوة تأثير عشبة "الياربا ميت" كمنشطٍ صحيٍّ إلى وجود تركيزٍ عالٍ من "البوليفينول"، والعناصر الغذائية الدقيقة التي تنتج تأثيرات مضادة للأكسدة.

وجدت دراسة أُجرِيَت عام 2008 على مركبات عشبة "الياربا ميت" المنشطة بيولوجياً، أنَّها تعمل على التخلُّص من الجذور الحرة، وخَلُصت إلى أنَّ الاستهلاك المنتظم لمشروب المتَّة قد يساعد على حماية الخلايا من التلف ومنع انهيار "سلاسل الحمض النووي" (DNA)، فضلاً عن تعزيز نشاط إصلاح "سلاسل الحمض النووي".

إقرأ أيضاً: أشهى 7 أنواع من الشاي في العالم

الفوائد الصحية لمشروب يربا ميت (المتة):

تدعم الأدلة المتداولة الوفيرة إمكانية استعمال مشروب "المتَّة" لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات الصحية السيئة، وتشمل الاستعمالات التقليدية فقدان الوزن؛ وربما يرجع ذلك إلى تأثير خفض الشهية؛ إذ أكَّدت الدراسات العلمية الحديثة قدرة مشروب المتَّة على تعزيز عملية التمثيل الغذائي من خلال توقيف الاستهلاك الغذائي بشكلٍ طبيعي؛ مما يؤدي إلى انخفاض تناول الطعام وانخفاض معدل نمو الأنسجة الدهنية "الشحوم".

وأشار الباحثون إلى ارتفاع التمثيل الغذائي القاعدي في مجموعة فئران تمت تغذيتهم بشراب "المتة"، وظهرت آثار مشروب "المتَّة" في استقلاب الدهون التي يمكن أن تؤدي إلى خفض "الكوليسترول في الدم" و"الدهون الثلاثية" (triglycerides)، بالإضافة إلى "تركيزات الجلوكوز" (glucose concentrations)، وقد وصف الباحثون عشبة "ياربا ميت" كعلاج محتمل للسمنة والسكري.

تمت دراسة استهلاك مشروب المتة على مرضى السكري من النوع الثاني "المرضى في مرحلة ما قبل الإصابة بمرض السكري"، والتي هدفت إلى نتيجة تُمكِّن من توسيع هذه الفوائد على مجموعات البشر؛ حيث جمع الباحثون 58 من مرضى السكري من النوع 2 ومرضى ما قبل السكري في ثلاث مجموعات:

  • المجموعة الأولى: تستهلك "المشروب فقط"؛ حيث تستهلك 330 ملليلتراً من مشروب "المتَّة" المغلي ثلاث مرات في اليوم الواحد.
  • المجموعة الثانية: "التدخل الغذائي فقط"، والتي تلقَّت المشورة الغذائية.
  • المجموعة الثالثة: "المشروب والتدخل الغذائي"، وشربت هذه المجموعة الكمية نفسها من مشروب "المتَّة" بالإضافة إلى المشورة الغذائية على مدى 60 يوماً.

وخَلُصَ الباحثون إلى أنَّ استهلاك مشروب "المتة" ساهم في تحسين السيطرة على نسبة السكر ومستوى الدهون في الدم لمرضى السكري من النوع الثاني، في حين أنَّ إضافة مشروب "المتَّة" مع التدخل الغذائي للعشبة كان فعالاً للغاية في خفض "الكوليسترول" في الدم عند الأفراد في مرحلة ما قبل الإصابة بمرض السكري؛ مما قد يُقلِّل من خطر الإصابة بأمراض القلب.

بعيداً عن إمكانات عشبة "الياربا ميت" في علاج السكري، دُرِسَ هذا الدواء النباتي القوي لفوائده في علاج العديد من الحالات الأيضية، بما في ذلك "فرط الأنسولين" (hyperinsulinism)، و"أمراض الكبد الدهنية" (fatty liver disease)، و"متلازمة التمثيل الغذائي" (metabolic syndrome)، ومعالجة الآثار الناجمة عن اتِّباع نظام غذائي يحتوي على نسبة عالية من الدهون غير الصحية.

المصدر




مقالات مرتبطة