ما هي الصعوبات التي تنطوي عليها ريادة الأعمال؟

كان عام 2020 مميزاً لريادة الأعمال عالمياً، فعلى الرغم من تأثُّر العديد من الأعمال بالجائحة لكن كان هناك زيادة في النشاط؛ إذ تحمل الظروف المضطربة معها فرصاً للأشخاص المستعدين للمخاطرة، والوقت الأنسب لبدء العمل على شغفك هو حين يتوقف العالم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "سيلفينا موسكيني" (Silvina Moschini)، والتي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها كرائدة أعمال.

أول ما عليك فهمه هو أنَّ الأحلام تتجاوز الخوف.

"حين تفعل ما تحب وتشعر بالشغف تجاهه، لا تحتاج إلى خطة شاملة لتعرف ماذا سيحصل"، يقول رجل الأعمال والمبرمج الأميركي "مارك زوكربيرغ" (Mark Zuckerberg): قرأت خلال حياتي المهنية وتلقيت آلاف النصائح حول كيفية الوصول إلى النجاح في مساعيَّ، ومعظمها ركَّز على أمرين: الشغف بوصفه المحرك الذي يدفع كل شيء قدماً، والقدرة على تكييف خطتك مع الظروف المتغيرة، إضافة إلى غيرها الكثير من النصائح المتنوعة؛ لذا قررت أن أتحدَّث في هذا المقال عن تجربتي عوضاً عن تقديم نصيحة أخرى؛ فإدارة المشاريع أمرٌ معقد يتضمن العديد من النواحي.

أعتقد أنَّ ريادة الأعمال تتمحور حول العثور على شغفك ومن ثم تحويله إلى فكرة لها تأثير على أرض الواقع، فبالنسبة إلي كان الحافز هو إنشاء منصة سحابية لتقديم المزيد من فرص العمل المرنة لملايين النساء؛ ورحلتي في ريادة الأعمال، مثل غيرها، هي حكاية جهد متواصل احتجت خلالها إلى الشجاعة والدافع اللذين مدَّني بهما التفكير في الجوانب الثلاث التي رغبتُ في التأثير فيها: البشر والعالم والربح.

وفي هذا السياق دائم التغيُّر، تحدثتُ مع الصحافية "مارس فيولانتي" (March Violante) عن الصعوبات التي تنطوي عليها ريادة الأعمال، وذكرنا النقاط التالية:

1. ريادة الأعمال والتغلُّب على الخوف:

أول ما عليك فهمه هو أنَّ الأحلام تتجاوز الخوف دائماً؛ إذ يتغلَّب الإنسان على خوفه حين يحلِّق بأحلامه عالياً ويؤمن أنَّ باستطاعته فعل أيِّ شيء حين يعقد العزم على ذلك، وحين يقتنع رائد الأعمال أنَّ أهم رأي في مشروعه رأيه هو.

يقول المؤلف "فيليب بيرغر" (Philipp Berger) في كتابه "دور الخوف في خلق فرص المشاريع الريادية" (The Role of Fear for Entrepreneurial Venture Creation): "أعمق مخاوف رائد الأعمال هو الخوف من الفشل"، وهو أمر يحصل بكثرة لكن إن لم نواجهه ونحلل أسبابه، فقد يشلُّ تقدُّمنا.

2. العلامة التجارية الشخصية ونجاح المشاريع:

الخطوة الأولى هي العثور على مصدر شغفك، والعمل على رسالة مهمتك والمنصات التي ستستخدمها لنشرها، كما يجب أن تعرِّف عن نفسك، وأعني بذلك تقديم نفسك كخبير في اختصاص معين؛ ثم حلل أي الأوساط يجب أن تتفاعل معها وأي الجوائز يجب أن تتنافس للحصول عليها وأي النقاشات يجب أن تشارك فيها، واختر التي تساعدك على بلوغ الجمهور الصحيح؛ لكنَّ أهم شيء هو أن يقدِّم محتواك قيمة حقيقية لهم؛ إذ تُبنى العلامة التجارية الشخصية بدءاً من الرسالة الصادقة وعبر القنوات الصحيحة.

شاهد بالفيديو: 6 دروس ينبغي تعلّمها في الريادة من ستيف جوبز

3. تقديم نفسك للمستثمرين:

يقع على عاتق روَّاد الأعمال تقديم علامتهم التجارية وهي أهم ما يملكون، ثم تكوين علاقات مع المنتورز أو الممولين الذين يستطيعون دعمها؛ ولهذا أنا مقتنعة بأنَّ ريادة الأعمال هي فنٌّ من فنون التواصل وتكوين العلاقات والشبكات الاجتماعية الضرورية لنجاح العمل.

ومن هذا المنطلق، حين يعرض رائد الأعمال مشروعه على المستثمرين، يجب أن يقدِّم نفسه كشخص ناجح، فالمفتاح هو فهْم ماهية عملك وكيف تصيغ عرضك ليلبِّي حاجات جمهورك، كما عليك أن تُظهر قدراتك القيادية، وتوضح للمستثمر أنَّك على دراية كاملة بما تفعله وأنَّك ستعمل بجد كي تحقق ما تعده به، وفي نهاية المطاف، يتحمَّل روَّاد الأعمال مسؤولية كبيرة، تجاه المجتمع أولاً لإنشاء شركات تقدِّم حلولاً للمشكلات الموجودة، وللمستثمرين ثانياً بأن يفوا بوعودهم؛ حيث لا غنى عن المصداقية في عالم الأعمال.

4. قراءة الكتب وجمع الأفكار:

  • كان لكتاب "الأب الغني والأب الفقير" (Rich dad, poor dad) من تأليف "روبرت كيوساكي" (Robert T. Kiyosaki) بالاشتراك مع "شارون إل.ليتشر" (Sharon L. Lechterme) أثر كبير عليَّ؛ وذلك لأنَّه غيَّر نظرتي إلى العالم، ففي هذا الكتاب، يقول المؤلفان إنَّ الوظيفة كانت سابقاً الهدف الأول وريادة الأعمال خطة بديلة يلجأ الشخص إليها حين لا يعثر على عمل، لكنَّ الأمور انعكست اليوم؛ حيث يفضِّل جيل الألفية العمل المستقل، وحين لا ينجحون فيه يضطرون إلى العمل في وظائف يعتمدون فيها على رب العمل للحصول على الأجر.
  • كتاب "التوسع السريع" (Blitzscaling) بقلم "ريد هوفمان" (Reid Hoffman)، مؤسس شبكة "لينكد إن" (LinkedIn)، وهو أشبه بكتيب تعليمات يشرح لك ما عليك فعله حين ترغب في توسيع مشروعك بسرعة.
  • أحببت كتاب "نُمُو" (Thrive) للصحافية "آريانا هافينغتون" (Arianna Huffington)؛ وذلك لأنَّه يعيد تعريف مقاييس النجاح الذي لا علاقة له بالمال؛ ومثل الكاتبة؛ فأنا أؤمن أنَّ النجاح هو القدرة على تغيير حياة الناس للأفضل وليس جني المال.
  • كتاب "صعوبة الأمور الصعبة" (The Hard Things About Hard Things) من تأليف رائد الأعمال "بين هوروويتز" (Ben Horowitz) رائع وصادق، يتحدث فيه عن مدى صعوبة إطلاق المشاريع والجهد الذي تتطلبه؛ إذ يعتقد المؤلف أنَّ النجاح في ريادة الأعمال يتطلب تخطِّي الصعوبات مراراً وتكراراً.
إقرأ أيضاً: ريادة الأعمال هروبٌ من الواقع أم إعمالٌ للعقل؟

5. النجاح والتأقلم:

أكبر غلطة يرتكبها روَّاد الأعمال هي الاستسلام؛ إذ إنَّ الإصرار عنصر حاسم في نجاح أي مشروع، وحين يختار رائد الأعمال مشروعه ويتمكن من إطلاقه لا يبقَ عليه سوى رعايته؛ مما يعني مواجهة العديد من التحديات والتأقلم مع التغيرات وجميع الأمور الأخرى التي قد يتطلبها الاستمرار به؛ ولأنَّ ريادة الأعمال تفرض التعامل مع التقلبات الاقتصادية، ومع شركاء يضغطون عليك ويتعرضون للضغوطات هم أيضاً، ومع زبائن حذرين، وغيرها من الأمور، يجب أن يكون رائد الأعمال مرناً ومبدعاً؛ إذ عليك أن تتعلم كيف تطوِّر طرائق لعرض مشروعك وتكييفها وفقاً لطلب السوق.

6. ريادة الأعمال في بيئة كوفيد-19:

يقول المثل "البحر الهائج مكسب للصياد"، وأنا أؤمن أنَّ النظر إلى المستقبل بعد الجائحة يكشف لنا الفرص التي تحملها كل أزمة؛ حيث سرَّعت الجائحة من عملية التحول الرقمي (digital transformation) التي كانت قد بدأت قبل وقوعها ببعض الوقت؛ وبفضل "رقمنة الاقتصاد" (uberization of the economy) - وهو تسليع صناعة قائمة على تقديم خدمات موجودة بالفعل من قِبل مشاركين جدد باستخدام المنصات الرقمية - ولأنَّ الوصولية اليوم أصبحت أهم من الامتلاك، يمكننا بدء شركات اقتصادية؛ فالقليل من المال كافٍ لإنشاء شركة على منصات مثل: "غوغل كلاود" (Google Cloud) أو "أمازون" (Amazon).

كما يمكننا توظيف المواهب واختبارهم عن بعد من خلال تقديم نماذج عمل مرنة، واستخدام البنية التحتية لوقت قصير؛ إذ لم نعد بحاجة إلى المكاتب؛ أي باختصار، الوضع الحالي مناسب جداً لروَّاد الأعمال، فكل شيء أسهل؛ إضافة إلى ذلك فتحت الجائحة الأسواق؛ وذلك لأنَّ التكنولوجيا تسمح ببناء شركات أكثر شمولاً ونشاطاً وانتشاراً؛ فبفضل الإنترنت بات العالم كله سوقك، فلم يعُد هناك أي حدود جغرافية.

حين تخلَّيت عن حياتي المهنية في الشركات لأُحقق حلمي في ريادة الأعمال، طرح عليَّ شخص عملت معه سابقاً وكان يعني لي الكثير، سؤالاً وطلب مني أن أتريَّث قبل أن أجيبه: بعد أيِّ إنجاز ستعدِّين نفسك ناجحةً؟ لم أدرِ كيف أجيبه حينها، فأكمل بقوله: أتمنى أن تجيبي أنَّكِ تعدِّين نفسك ناجحة لأنَّك سعيدة.

أنا أصبحت رائدة أعمال؛ وذلك لأنَّني كنت أبحث عن حلم، وكما يقول المخرج الأمريكي "وودي آلان" (Woody Allen): "يشكِّل الإصرار 99% من النجاح".

 

المصدر




مقالات مرتبطة