ما هي الحياة المُرضية؟ إليك 5 قواعد لتعيش وفقاً لها

"أنت تكملني". تبدو هذه العبارة وكأنَّها عبارة ساذجة من فيلم رومانسي؛ ومع ذلك، نمر أحياناً بتجارب تُشعِرنا بمثل هذا الشعور من الرضا عن الآخر.



تخيل الشعور الذي ينتابك بعد تناول وجبة لذيذة، ثمَّ تناول حلوى شهية، أو تخيل أنَّك في نهاية يوم جميل -ربَّما يوم إجازة- وتعيش لحظة مثالية في نهاية هذا اليوم. لقد وصفت صديقة لي هذا الشعور بعد إنجابها طفلها الثالث، وقالت أنَّ عائلتها شعرت في تلك اللحظة بالرضا الكامل.

قد يكون الشعور بالحياة المُرضِيَة أشبه ما يكون بالسلام العميق والامتنان لكلِّ ما نملكه وما نعيشه دون وجود أيِّ رغبات أخرى لتحقيقها في الوقت الحالي؛ وذلك أشبه بالشعور بالرضا عندما تكون في المنزل ومحاطاً بأفراد العائلة.

بينما نمضي في الحياة، نتساءل كثيراً حول ما نحتاجه، وكيف يمكننا تحسين حياتنا للأفضل؛ ولكن مع ذلك، لا يتعلق الشعور بالرضا بتحقيق هدف خارجي تتضمنه قائمة أهدافنا، وإنَّما هو شعور داخلي وخاص للغاية؛ فما هي الحياة المُرضِيَة إذاً؟

شاهد بالفيديو: 5 فوائد مثبتة للشعور بالامتنان

اسأل نفسك هذا السؤال:

ماذا يعني عيش حياة مُرضِيَة بالنسبة إليك؟ هل سبق لك وأن شعرت بالرضا في حياتك، حتى ولو للحظة فقط؟

أعتقد أنَّ عيش حياة مُرضِيَة يعني أن نكون على حقيقتنا؛ فعندما نختبر إحساس الرضا، فإنَّنا نكون ممتنين ومتصلين مع جوهرنا الداخلي الفريد؛ وأقصد بالجوهر تلك الطاقة أو البريق الذي نمتلكه بداخلنا ولا يمكن لأحد آخر أن يمتلكه.

ماذا يعني الرضا فعلياً؟

هناك طرائق عديدة نختبر بها جوهرنا الداخلي، أو ذواتنا الأصيلة إنَّ صح التعبير؛ فنحن نرى ذلك الجوهر فعلياً عندما يقوم شخص ما بعمل يحب القيام به فعلاً، ونرى على إثر ذلك عيونه تلمع، وتظهر الابتسامة على وجهه بينما يركز على هذه اللحظة بالذات، ويكون على سجيَّته تماماً.

نحن نشهد هذا الشعور بانبعاث الطاقة عندما ننظر إلى لوحة فنية رسمها شخص آخر بطريقة انسيابية وملفتة، في الوقت الذي كان فيه منخرطاً تماماً في تدفق من المشاعر؛ أو نراه في عيون طفل عندما يكون مركزاً تماماً وغارقاً في اللعب أو التدحرج في الرمال، أو عندما يعبر عن السعادة الغامرة باللحظة التي يعيشها أيَّاً كانت.

وفي حين أنَّنا نمتلك جميعاً القدرة على تجربة الشعور بالرضا، إلَّا أنَّه لا يحدث بشكل تلقائي غالباً؛ فهو يتطلب الانفصال عن كلِّ المشاعر الأخرى -حتى ولو لجزء من الثانية- والتواصل مع طاقاتنا الداخلية التي لا يمكن وصفها بالكلمات؛ حيث يغمرنا هذا الشعور بالرضا، فنعجز عن التعبير كلياً عمَّا نعايشه في تلك اللحظة.

إقرأ أيضاً: كيف نصل إلى مشاعر الرضا والسعادة في الحياة

كيف نعيش حياة مُرضِيَة؟

كيف يمكننا تجاوز الشعور بمسؤوليات الحياة اليومية والعمل، مثل: دفع الفواتير، ومحاولة تناول الطعام الصحي، وممارسة الرياضة، والتواصل مع العالم الخارجي، والحفاظ على علاقاتنا؛ والوصول إلى الشعور بالرضا؟ وما هي الحياة المُرضِيَة؟

قد تختلف الإجابات من شخص إلى آخر؛ ولكن من واقع تجربتي، يمكن أن تساعدنا القواعد الخمسة الآتية:

1. اختر الرأفة الذاتية والتعاطف مع الآخرين:

نظنُّ غالباً أنَّ الطريقة الوحيدة التي يمكننا تحقيق النجاح والسعادة الحقيقية من خلالها تتمثل في قدرتنا على القيام بالأمور بشكل أفضل من الآخرين، أو في تحقيق أفضل ما لدينا؛ ولكن ماذا لو استبدلنا فكرة التركيز على التنافس في الحياة، وجربنا التعاطف؟

أحد أعظم المعلمين الذين حظيت بشرف الدراسة معهم عن موضوع التدرب على التعاطف مع الذات والآخرين هو المعلم البوذي بيما تشودرون (Pema Chodron)؛ حيث يعلِّمنا بيما تقنية بسيطة تُسمَّى تأمل تونجلين (tonglen meditation) والذي يعني باختصار الابتعاد عن التشدد في الأحكام التي تطلقها على نفسك والآخرين، والوصول إلى مرحلة من التعاطف والرحمة.

الشيء الأهم في التعاطف هو تذكر أنَّ كلَّاً منَّا متفرد بصفاته وإمكاناته، لكنَّنا مرتبطون أيضاً ببعضنا بعضاً كوننا جميعاً بشر؛ ولا تجعل القدرة على الشعور بالرأفة مع أنفسنا والتعاطف مع الآخرين علاقاتنا الحالية أفضل فحسب، وإنَّما تساعدنا أيضاً على جذب علاقات جديدة حقيقية ومُرضِيَة.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح لإظهار التعاطف ومراعاة الآخرين.

2. تقبل فكرة التكيف والنمو:

يروج الكثير من الناس لفكرة أنَّنا لن نكون سعداء أو أكثر نجاحاً مالم نكن مثاليين؛ لكن في الحقيقة المثالية ليست هدفاً يمكن لأيٍّ منَّا تحقيقه؛ وعلى الرغم من أنَّه لا يوجد شخص مثالي تماماً، إلَّا أنَّنا جميعاً قادرون على إحداث تغييرات وتحولات مذهلة، وقابلون للتطور في حياتنا المهنية والشخصية.

عندما نغير نظرتنا إلى الحياة، وننظر إليها كمغامرة وفرصة للتطور والتعلم، ونتبنى عقلية التطور؛ نبدأ تجربة السعادة التي تأتي فقط من خلال التكيف؛ إذ لا يعني عيش حياة مُرضِيَة ورغيدة تحقيق أهداف محددة فحسب، وإنَّما اكتشاف طرائق جديدة للتواصل مع هذا الجزء الفريد والكامل والمتغير والمتنامي من أنفسنا طوال الوقت.

تساعدنا القدرة على التكيف والنمو على تجربة الحياة كسلسلة من لحظات الرضا، بدلاً من انتظار هدف نهائي قد لا يتحقق.

إقرأ أيضاً: كيف نشجع عقلية النمو؟

3. رُدَّ الجميل وساعد الآخرين:

لدى كلٍّ منَّا شيء مميز يقدمه للعالم، حيث تُظهِر الأبحاث أنَّ إدراك هذا الدور الصغير الذي نؤديه في الحياة يحدث فارقاً إيجابياً، ويجعلنا أكثر سعادة وصحة، ويؤثر تأثيراً إيجابياً في قدرتنا على المواجهة والتأقلم.

لذا اسأل نفسك عمَّا يمكنك فعله لتحسين حياة شخص ما اليوم؛ وانتبه إلى ما تختاره.

عندما نجد طريقة لإحداث فارق يعكس جوهرنا الفريد وذواتنا الحقيقية، نصل إلى مستوى جديد من الوفرة والإنجاز، وتقودك طريقتك المميزة في تقديم المساعدة إلى شعورك بالهدف الذي يجعل حياتك مُرضِيَة أكثر.

إقرأ أيضاً: 9 نصائح لتكون مصدر سعادة للآخرين

4- اتبع حدسك:

لسنوات عدة، كنت أدرس وأعلم الطرائق التي يمكننا من خلالها اتباع حدسنا بسهولة أكبر، وكثيراً ما أدهشني سهولة حصولنا على إجابات تخص حياتنا عندما نفكر للحظة في أنفسنا.

نحن نعيش في زمن يحدد لنا الآخرون فيه ما هو صائب أو خاطئ في حياتنا، لدرجة أنَّنا قد ننسى الرجوع إلى ذواتنا والثقة بأنفسنا؛ لكن يمكننا من خلال بعض التأمل والإصغاء إلى ذواتنا اكتساب رؤىً صادقة حول ماهية الصواب والخطأ في حياتنا دون بذل أدنى جهد وبسهولة بالغة.

تشمل الطرائق الأخرى لاتباع حدسنا: تدوين يومياتنا، وكتابة أحلامنا، ومراقبة تصرفاتنا عندما نقابل أشخاص معينين أو نقوم بمهام معينة، وطرح أسئلة محددة على أنفسنا حول ما نحتاج إليه أكثر، والانتباه إلى أول شيء يخطر في أذهاننا.

يمكن أن يكون حدسنا دليلاً قوياً يساعدنا على التوقف في لحظات معينة لاقتناص الفرص، وبذلك ننعم بالكنوز التي ما كنَّا لنحظى بها لولا ثقتنا بحكمتنا الداخلية.

5- افعل ما تحب:

تُظهِر الأبحاث أنَّنا عندما نقوم بما نحب ونعيش حالة من التدفق، لا نجد طريقنا إلى السعادة فحسب، وإنَّما نحقق نجاحاً أكبر وعافية على كلِّ المستويات؛ لذا ليس عليك جعل ما تحب كمهنة لك، وليس عليك أن تكون جيداً في ذلك؛ إذ يمكن لتخصيص وقت للأنشطة التي تحبها دون التفكير فيما ستدره عليك أن يحدث فارقاً كبيراً في حياتك.

لا يساعدنا الاهتمام بشغفنا على التواصل مع جوهرنا الفريد فحسب، وإنَّما في العثور على مساراتنا الفريدة لعيش حياة كريمة، ويمهد العمل على ما نحبه الطريق أمامنا لاكتساب هوايات ووظائف جديدة تساعدنا على عيش حياتنا المُرضِيَة التي نرغب فيها.

الخلاصة:

ما الحياة المُرضِيَة بالنسبة إليك؟ ما رأيك في فكرة وجود جوهر فريد لا يمتلكه أيُّ شخص آخر؟ وما الذي يُشعِرك بأكبر قدر من التزامن والترابط والنشاط؟

انظر إلى القواعد الخمس أعلاه، أيُّها أكثر إثارة لك؟ وأيُّها قد تؤثر إيجاباً في حياتك الآن؟

اختر إحداها، وابدأ اليوم؛ فأنت تسير في الطريق الصحيح بالفعل.

المصدر




مقالات مرتبطة