كيفية تحسين مستويات السكر في الدم وتخفيف أعراض مرض السكري

يُشخَّص شخصٌ ما بمرض السكري كلَّ 23 ثانية، وهو أحد الأسباب الرئيسة للوفاة في العالم؛ لكنَّ هؤلاء الناس لا يجب أن يعانوا؛ إذ يمكن الوقاية من داء السكري والسيطرة عليه.



نظرة عامة سريعة على داء السكري:

يوجد نوعان من مرض السكري؛ النوع الأول والنوع الثاني، وفي مقارنةٍ بسيطة بين النوعين يمكن القول إنَّ النمط الأول يصيب الأطفال والمراهقين؛ وينجم عن عوز الأنسولين ويشكل 5% من مرضى السكري، وعادةً ما تكون أعراضه شديدةً ويتطور فجأةً، أمَّا النمط الثاني فيصيب الكهول؛ وينجم عن البدانة ومقاومة الأنسولين، ويشكل حوالي 95% من مرضى السكري، وأعراضه أقل شدةً من النمط الأول وتتطور تدريجياً، وتتشابه الاختلاطات بين النوعين التي تتضمن إصابة العينين والكلى والقلب.

يتميز مرض السكري من النوع الثاني بارتفاع مستويات السكر في الدم ومقاومة الأنسولين، وتحدث مقاومة الأنسولين عندما تكون مستويات السكر في الدم مرتفعةً باستمرار بحيث لا تستجيب الخلايا للأنسولين - وهو الهرمون الذي يساعد على خفض نسبة السكر في الدم - كما كانت تستجيب سابقاً.

عندما لا تكون الخلية حساسةً للأنسولين ترتفع مستويات السكر في الدم أكثر؛ ونتيجةً لذلك ترتفع مستويات الأنسولين وتصبح الخلايا أكثر مقاومة للأنسولين، وتحدث هذه الحلقة المفرغة عادةً بسبب تناول كثير من السكر، وعدم الحركة بما يكفي، والتوتر النفسي الزائد.

على العكس من ذلك يحدث داء السكري من النوع الأول عندما يفتقر الجسم إلى القدرة على إنتاج الأنسولين، ويحدث ذلك في بعض الحالات لأنَّ الجهاز المناعي يهاجم خلايا البنكرياس التي تصنع الأنسولين، وعلى الرَّغم من نقص الأنسولين ما يزال بإمكان مرضى السكري من النوع الأول التحكم بمستويات السكر في الدم من خلال تناول الأنسولين الخارجي.

على الرَّغم من أنَّ كلا النوعين يحدثان بطرائق مختلفة تماماً، إلَّا أنَّهما يؤديان إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم؛ ممَّا يؤدي إلى تدمير الخلايا في جميع أنحاء الجسم ويسبب التهاباً مزمناً، فإذا تمكنَّا من تحسين مستويات السكر في الدم فيمكننا ضبط مرض السكري وذلك بصرف النظر عن نوعه.

أفضل علاج لمرض السكري: النظام الغذائي

تُظهر الدراسات باستمرار أنَّ تناول كميات أقل من السكر والمزيد من الأطعمة الكاملة هو طريقةٌ فعالة للتحكم بمستويات السكر في الدم؛ على سبيل المثال وُجِد في إحدى الدراسات أنَّ الأنظمة الغذائية الكيتونية - وهي أقل الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات احتواءً على السكر - تُساعد مرضى السكري من النوع الثاني على التخلص من أدويتهم تماماً.

قد يكون النظام الغذائي الصحيح مفيداً لمرضى السكري من النوع الأول أيضاً، فقد وجدت دراسة حالة واحدة التي وضعت مريض سكري من النوع الأول على حمية العصر الحجري الكيتونية أنَّه كان فعالاً في ضبط مستويات السكر في الدم وقد يوقف أو يحد من العملية المرضية.

حتى الخضروات والفواكه والأعشاب والتوابل يمكن أن تساعد على الحد من تأثيرات مرض السكري من النوع الأول والنوع الثاني؛ على سبيل المثال يمكن أن يكون تناول الكركمين (الموجود في الكركم) وبذور الحلبة معاً طريقةً فعالة لخفض مستويات السكر في الدم وتحسين صحة الخلايا في البنكرياس التي تنتج الأنسولين.

يوجد تحذير واحد هام، ليس الطعام هو الشيء الوحيد الذي يؤثر في مستويات السكر في الدم؛ فحتى إذا كنت تتبع نظاماً غذائياً نباتياً منخفض الكربوهيدرات قد تبقى مستويات السكر في الدم مضطربة.

شاهد بالفيديو: 8 معلومات طبية عن مرض السكري

التوتر وسكر الدم: الحلقة المفقودة

قبل أن نستيقظ في الصباح مباشرةً يُفرَز هرمون التوتر الذي يسمى الكورتيزول (Cortisol)، ويرفع الكورتيزول مستويات السكر في الدم لتزويدك بالطاقة التي تحتاجها للاستيقاظ وبدء صباحك، ولمنع الأنسولين من خفض مستويات السكر في الدم يخبر الكورتيزول الخلايا أيضاً بمقاومة إغواء الأنسولين.

هذه الفترة القصيرة من مقاومة الأنسولين ضروريةٌ لجسمك للحفاظ على مستويات السكر في الدم حتى تتناول وجبتك الأولى، وهي فكرةٌ عظيمة؛ لكنَّ هذه العملية نفسها تحدث كلما تعرضت للتوتر أيضاً سواء طاردك حيوانٌ مفترس أم كنت غاضباً من أحد أفراد أسرتك؛ فيُفرز الكورتيزول بحيث يكون لديك ما يكفي من الطاقة للتعامل مع هذا الموقف.

المشكلة الوحيدة هي أنَّ معظم الضغوطات الحديثة لا تتطلب طاقة إضافية؛ بل تتطلب بعض التعاطف والتفكير المنطقي، وهما عمليتان دماغيتان يثبطهما الكورتيزول.

عندما يسيطر التوتر عليك كل يوم، ستبقى مستويات الكورتيزول لديك مرتفعةً باستمرار، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم، ومقاومة الأنسولين، وضعف اتخاذ القرار.

قد يحدث ذلك بصرف النظر عمَّا إذا كنت تأكل أكثر الأطعمة الصحية أم لا، على الرَّغم من أنَّ تناول الطعام الصحي سيساعد كثيراً، فإنَّ الحد من تأثير داء السكري لا يعتمد فقط على ما تأكله؛ بل يعتمد على ما تفعله أيضاً.

أرخص الطرائق وأكثرها طبيعيةً للحد من تأثير داء السكري:

سواء بدأت بالطعام أم بالتوتر ما يزال من الضروري الاهتمام بكليهما، ومع ذلك إذا كنت تعاني من أجل تغطية نفقاتك فلا داعي للانتظار لتحسين صحتك، فيمكنك مساعدة نفسك الآن مجاناً من خلال الطرائق الآتية:

1. شرب المزيد من الماء:

شرب الماء هام جداً، وعلى الرَّغم من عدم وجود دراسات تفحص التأثير المباشر لاستهلاك الماء في مستويات السكر في الدم، فقد وجدت إحدى الدراسات القائمة على الملاحظة أنَّ الأشخاص الذين لديهم أعلى مستويات السكر في الدم يميلون إلى شرب أقل كمية من الماء.

يمكن تفسير هذا الارتباط من خلال حقيقة أنَّ الأنظمة التي تتحكم بكل من نسبة السكر في الدم ومستويات سوائل الجسم مرتبطةٌ ببعضها؛ بمعنى آخر يمكن أن يؤدي شرب المزيد من الماء إلى تحسين مستويات السكر في الدم على نحو غير مباشر.

2. ممارسة الرياضة:

أسرع طريقة لخفض مستويات السكر في الدم هي ممارسة الرياضة، لكن قبل أن تربط حذاء الجري من الهام أن تفكر في نوع التمرين.

إنَّ التمرينات منخفضة الشدة مثل المشي وركوب الدراجات لها تأثير ضئيل فقط في مستويات السكر في الدم إلا إذا استمرت لأكثر من ساعة، تشير الدراسات إلى أنَّ استراتيجية التمرين المثلى هي التدريب المتقطع عالي الكثافة.

يمكن للعديد من الأشكال المختلفة للتدريب المتقطع عالي الكثافة أن تُخفض مستويات السكر في الدم وتحسِّن حساسية الأنسولين، وهي العملية المعاكسة لمقاومة الأنسولين.

كان أحد التدريبات عالية الكثافة المستخدمة في العديد من الدراسات على هذا النحو:  ثلاثون ثانية من ركوب الدراجة بمجهودٍ أقصى من 4 إلى 6 مرات مفصولةً بـ 4 دقائق من الراحة، هذا كل ما عليك فعله لخفض مستويات السكر في الدم، وإذا لم يكن لديك دراجة هوائية أو دراجة ثابتة فكل ما عليك فعله هو العدو السريع.

فيما يأتي مثال على تمرين الركض من إحدى الدراسات:

5 إلى 10 تمرينات ركض شبه القصوى كل منها لمدة 30 ثانية مع راحة لمدة 3 دقائق بينهما. من خلال القيام بذلك يمكنك خفض نسبة السكر في الدم مجاناً في أقل من 20 دقيقة.

3. التأمل:

يُعَدُّ التأمل من أفضل الطرائق لتخفيف التوتر وتقليل مستويات الكورتيزول، وفي إحدى الدراسات قرر الباحثون معرفة ما إذا كان التأمل يساعد على خفض مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكر، بعد شهر واحد من التأمل كان لدى المرضى الأحد عشر الذين أكملوا الدراسة انخفاض في ضغط الدم ومستويات الخضاب الغلوكوزي A1C، وقلق واكتئاب أقل.

4. النوم:

نَمْ لمدة 7 ساعات على الأقل كل ليلة، ويمكنك الحفاظ على مستويات طبيعية لسكر الدم، لكن إذا كنت تنام لمدة 4 إلى 5 ساعات فقط كل ليلة فإنَّ مستويات السكر في الدم في أثناء الصيام سترتفع على نحو ملحوظ.

استمر في النوم على هذا النحو وستصبح خلاياك مقاومةً للأنسولين، مع استمرار هذه الحلقة المفرغة تستمر مستويات السكر في الدم في الارتفاع بصرف النظر عن كمية السكر التي تتناولها، ويبدو هذا مشابهاً شبهاً مخيفاً لما يفعله التوتر بالجسم.

قلة النوم هي شكل من أشكال التوتر الذي يؤدي إلى إفراز المزيد من الكورتيزول أكثر من المعتاد، يرفع الكورتيزول مستويات السكر في الدم ويخبر الخلايا أن تصبح أكثر مقاومة للأنسولين، تجنب حدوث ذلك من خلال جعل النوم أولويةً لك.

شاهد بالفيديو: 8 أسباب تقف وراء الإصابة بداء السكري

نمط الحياة المضاد للسكري:

إليك قائمة أسبوعية بسيطة من النصائح يمكنك اتباعها لتحسين صحتك على نحو كبير:

1. اشرب جالوناً / 4 ليتراً من الماء النقي يومياً:

يقترح الأطباء شرب جالون من عصير الليمون والتوت البري كل يوم؛ لتزويدك بمشروب صحي ولذيذ للتخلص من السموم في أثناء إماهة جسمك.

2. تناول الأطعمة الكاملة فقط:

تأكد أيضاً من حصولك على طعامك كله من مصادر عالية الجودة، فابحث عن المنتجات الحيوية والعضوية وغير المعدلة وراثياً، وحاول الحصول على جميع منتجاتك الحيوانية من حيوانات عاشت حياةً صحية.

3. أنجز 3 إلى 4 جلسات من التمرينات عالية الكثافة في الأسبوع:

إليك تمرين بسيط يمكنك تجربته:

5 إلى 10 تمرينات ركض شبه القصوى لمدة 30 ثانية مع راحة لمدة 3 دقائق بينها؛ فإنَّ الجمع بين التدريب عالي الكثافة وتمرينات المقاومة هو فكرة أفضل حتى.

4. تأمَّل لمدة 15 إلى 30 دقيقة في اليوم:

يمكنك استخدام تطبيق ما مثل "هيد سبيس" (Headspace) لإرشادك.

5. نَم لمدة 7 ساعات على الأقل في الليلة:

لتحسين جودة نومك أطفئ جميع الأجهزة الإلكترونية والأضواء قبل 30 دقيقة على الأقل من النوم، وتأمل في أثناء الاستلقاء.

إقرأ أيضاً: أهم المعلومات عن مرض السكري بنوعيه الأول والثاني

كيف تعلم ما إذا كنت تتعافى حقاً من مرض السكري؟

لمعرفة ما إذا كانت مستويات السكر في الدم مرتفعةً ارتفاعاً مزمناً سيفحص العديد من الأطباء مستويات الخضاب الغلوكوزي (A1C)، الذي يتكون عندما يرتبط سكر الدم بالهيموغلوبين؛ أي البروتين الذي يحمل الأوكسجين في كريات الدم الحمراء.

تقيس اختبارات الخضاب الغلوكوزي النسبة المئوية للهيموغلوبين المرتبط بسكر الدم، فإذا كانت مستويات السكر في الدم مرتفعةً خلال الأشهر الثلاثة الماضية سيرتبط المزيد من الخضاب مع الغلوكوز، ومن ثمَّ يوفر الاختبار قياساً دقيقاً لمدى ارتفاع نسبة السكر في الدم خلال الشهرين إلى الثلاثة أشهر الماضية.

يشير مستوى الخضاب الغلوكوزي الذي يبلغ 6.5% أو أعلى في اختبارين منفصلين إلى إصابتك بداء السكري، ويشير المستوى بين 5.7 و 6.4% إلى الإصابة بحالة ما قبل السكري، أمَّا أقل من 5.7% فيُعَدُّ طبيعياً.

لكنَّ بعض الأطباء يقترحون عليك ألَّا تنظر فقط إلى مستويات الخضاب الغلوكوزي؛ وذلك لأنَّ المستويات المرتفعة منه لا تسبب مرض السكري مباشرة، ويمكن أن يكون لدى بعض مرضى السكري مستويات منخفضة منه (إذا كان معدل دوران خلايا الدم لديهم أسرع من الشخص العادي)؛ بعبارةٍ أخرى يوفر اختبار A1C قياساً غير مباشر لمستويات السكر في الدم؛ لذا فهو ليس دائماً مؤشراً موثوقاً لمرض السكري.

على سبيل المثال إذا كنت تعاني السمنة وكان سكر الدم لديك أعلى من 100 مجم/ ديسيلتر (أي ما قبل السكري)؛ لكنَّ مستويات الخضاب الغلوكوزي لديك منخفضة، فما تزال ضمن عداد المصابين بما قبل السكري، وتحتاج إلى إجراء تعديلاتٍ على نمط حياتك ونظامك الغذائي لخفض نسبة السكر في الدم؛ لذلك السبب من الهام النظر إلى مستويات سكر الدم الصيامية (فترة الامتناع عن الطعام)، ومستويات السكر في الدم بعد الوجبة، وقياسات أخرى مثل الوزن ومحيط الخصر لتكوين صورة أوضح عما يجري داخل جسمك.

إقرأ أيضاً: 8 معلومات طبية عن مرض السكري

في الختام:

في أثناء تطبيقك خطوات نمط الحياة المضاد لمرض السكري من الهام الانتباه إلى قياسات متعددة، فإنَّ فقدان الدهون، وانخفاض مستويات السكر في الدم، وانخفاض مستويات الخضاب الغلوكوزي، وانخفاض حجم الخصر هي جميعها دلائل تشير إلى أنَّك على الطريق الصحيح.




مقالات مرتبطة