كيفية التعامل مع طفل متلازمة داون: هل من الممكن علاج هذه المتلازمة؟

تعاني كثيرٌ من الأسر من الإحراج أمام الناس في حال وجود طفل متلازمة داون لديهم، حتى إنَّ بعض الثقافات تنظر إليه على أنَّه عبء على العائلة، وهنا تكمن أهم نقطة في معاناة الأهل مع طفلهم، ألا وهي الطريقة التي ينظرون بها إليه؛ إذ إنَّها بحسب خبراء علم النفس لب المشكلة.



لذا، سنقدم لكم في هذا المقال أهم المبادئ في التعامل الصحيح مع متلازمة داون.

طفل متلازمة داون، هو طفل قبل أن يكون مريضاً:

على العائلة إدراك أمر هام جداً، هو أنَّ مفتاح التعامل مع طفلهم الذي يملك هذه الحالة الخاصة، يكمن في عَدِّه طفلاً عادياً؛ إذ يجب عليهم تجنب إشعاره بأنَّ تعاملهم معه يختلف عن تعاملهم مع بقية أقرانه، فضلاً عن الحرص على ألَّا يشعر بأنَّ أهله يخجلون في وجوده أمام الآخرين؛ حيث يجب على الأهل تقديم الدعم الدائم إليه وتشجيعه؛ ممَّا يزيد ثقته بنفسه ويسمح له بالانخراط أكثر مع أقرانه.

دعيه يغرق في مواهبه:

إنَّ من أكثر الأمور التي تقوي ثقة طفل داون بنفسه هو اكتشاف مواهبه وقدراته، وتشجيعه على ممارستها بشكل دائم، وتحفيزه على ذلك، بالإضافة إلى تنمية قدراته من خلال تدريبه أو إشراكه في دورات خاصة تنمي مواهبه، ومن ثمَّ تزيد شعوره بأهميته في الحياة وتميزُّه، وتدفعه إلى التفاعل مع المجتمع بصورة أكبر.

إقرأ أيضاً: 10 طرق لاكتشاف المواهب التي يتمتع بها الطفل

دعيه يجرب متعة الاختيار:

يُعَدُّ تمكين طفل متلازمة داون من انتقاء قميصه الذي يريد الذهاب به إلى الرحلة، أو انتقاء نوع العصير الذي يريد، وخير وسيلة للشعور بأنَّه متمكن وقادر على اتخاذ القرارات، ومن ثمَّ تعزيز ثقته بنفسه، على عكس أسلوب فرض الخيارات، والذي يمنحه شعوراً سلبياً أو تحفيزاً سلبياً، قد يدفعه فيما بعد إلى الانطواء والابتعاد عن الحياة الاجتماعية.

مساندة الأهل والأصدقاء:

بالتأكيد، يعيش كلٌّ من الأب والأم في حالة من الخوف أو القلق على طفلهم المصاب بمتلازمة داون؛ لذلك من الهام وجود الأقارب والأصدقاء حولهم من وقت إلى آخر، وتقديم المساعدة والدعم اللازم.

ومن الهام أيضاً إخراجهم من دائرة القلق هذه عبر حثهم على الخروج في نزهة أو الاسترخاء أو الاستماع للموسيقى أو ممارسة الرياضة أو تناول الوجبات التي يحبونها، من أجل إعادة شحن الطاقة في مواجهة الضغوط اليومية والمشاعر السلبية، كما يمكن إفادتهم ببعض الأساليب الجديدة لمواجهة المشكلة الواقعة مع طفلهم.

قدِّمي إلى طفلك الدعم الكامل في مختلف المجالات:

من الناحية الطبية، يحتاج طفل متلازمة داون إلى عناية طبية ومتابعة مستمرة، تختلف عن أقرانه؛ حيث يجب على الأهل زيارة طبيب الأطفال بشكل دوري، ومن الضروري وضع خطة متكاملة تؤمِّن الرعاية الصحية اللازمة لكي يستطيع أن يصل إلى أقصى إمكاناته، كما يمكن التواصل مع منظمات مختلفة تقدم الرعاية المجانية لطفل متلازمة داون، وفيما يتعلق بالنطق والكلام والعلاج الجسدي والمهني وما إلى ذلك.

يجب ألَّا ننسى أيضاً دعم الطفل من النواحي التعليمية من خلال إشراكه في مجتمع المدرسة، وتشجيعه على العمل مع أساتذته ومعلميه، وتعزيز روح التشاركية أو روح الفريق مع زملائه، بما يؤمِّن كسر حاجز الانطواء الاجتماعي، ثم إنَّ من حق طفل متلازمة داون الحصول على برنامج تعليمي خاص به وحده، يلائم قدراته الفردية، على أن يتم ذلك بشكل أكاديمي ومنهجي في مدارس متخصصة بهذه الأمور.

كسر الصعوبات الاجتماعية:

يُنظَر إلى الصعوبات الاجتماعية على أنَّها واحدة من أهم الصعوبات التي يجب كسرها عند طفل متلازمة داون؛ حيث يجب على الأهل تدريبه على الطرائق التي من الممكن أن يبدأ بها محادثة ما، فضلاً عن تعليمه الجمل المحببة والجمل الأخرى غير المحببة.

ثم إنَّ من الهام أيضاً تحفيظه العبارات اللطيفة التي من الممكن أن تساهم في تكوين صداقات جديدة مع أقرانه؛ إذ إنَّه على الرغم من صعوبة الأمر وعدم خلوه من التعقيدات، إلا أنَّه من الممكن جداً الوصول إلى طفل يملك حياة اجتماعية ناجحة، ولأجل حماية هذه الحياة الاجتماعية من المفيد أن نعلمه كيف يتعامل مع التنمر أو الكلام المؤذي، أو السلوك الفظ.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح لتنمية العلاقات الاجتماعيّة لدى الطفل

إبقاء كل شيء على ما هو عليه:

يجب التسليم بأنَّ طفل متلازمة داون لديه عالمه الخاص، وبما أنَّ لديه صعوبة في تذكُّر الألفاظ وتلقِّيها أيضاً، بحكم مشكلة السمع التي ترافق مريض داون، فإنَّه يُفضَّل التكرار والروتين، ويحبذ استخدام الجمل نفسها في كل مرة؛ لأنَّ تغيير الجمل سيُشعِره بأنَّه لا يفهم ما يُقَال، ومن ثمَّ يتولد لديه شعور أو سلوك سلبي؛ لذا من المفيد جداً استخدام جمل قصيرة سهلة الفهم، وعبارات بسيطة خالية من التعقيد.

يعيش طفل متلازمة داون على المديح والثناء:

من المفيد أن نقوم بالمديح والثناء على كل سلوك أو فعل إيجابي يقوم به طفل متلازمة داون؛ إذ إنَّ هذا التعزيز للسلوك الإيجابي عبر المديح يجعله يتمسك أكثر بالسلوك الجيد، فيرتبط به ويحاول تكراره حباً بالثناء، على سبيل المثال: الهام جداً تحفيز طفل متلازمة داون والثناء عليه عند تناوله للدواء، أو عند تنظيف يديه جيداً في حال اتساخهما، كما أنَّه من الهام هنا أن نشعرهم بأنَّهم قاموا بعمل رائع لتشجيعهم على الحفاظ على هذا السلوك.

اللعب وسيلة تفريغ لمشاعر الطفل:

يُعَدُّ اللعب بالنسبة إلى طفل متلازمة داون من اللغات الديناميكية والحية، التي تتيح له التعبير عن جميع المشاعر المكبوتة حين يعجز عن تفريغها بالكلام؛ حيث إنَّ للألعاب دوراً محورياً في حياة كل طفل، وخصوصاً طفل متلازمة داون، كونها تساعده على تطوير مهاراته وقدراته، وتنمِّي شعوره بالفاعلية والكفاءة، وتعزز ثقته بنفسه، وتمنحه أدوات جديدة للتعرف إلى بيئته واكتشاف احتياجاته الأساسية، وتعميق تفكيره الإبداعي.

ومن أهم فوائد اللعب عند طفل متلازمة داون هي تفريغ المشاعر العدائية، والمواقف المؤلمة التي يتعرض لها؛ حيث يقوم بتقسيم هذه المشاعر وتفريغها مع كل مكعب من مكعباته، وهنا يمكن أن نقول إنَّ اللعب عند طفل داون هو لغة كاملة متكاملة تمنحه وسائل تواصل مع ذاته ومع محيطه، يسير عبرها نحو التعافي والنمو.

شاهد بالفيديو: فوائد التعلم باللعب للأطفال

ملاحظة ومراقبة طفل داون هو مفتاح الحل:

تُعَدُّ ملاحظة مواطن الضعف في شخصية طفلك المصاب بمتلازمة داون أمراً هاماً جداً؛ إذ إنَّها تساعدك على وضع خطة واضحة لتعديل سلوكاته وإعادة توجيهها في الاتجاه الصحيح أو المثمر؛ ممَّا ينعكس إيجاباً في حياته العملية والاجتماعية ومهاراته وقدراته الذهنية.

كذلك من الهام ملاحظة النشاطات أو الأشياء التي يحب طفل متلازمة داون ممارستها أو اقتناءها، ويجب على الأهل الانتباه إلى الأمور التي يكرهها أو يرفضها أو تثير لديه سلوكاً سلبياً، في الغالب، توجد طريقة معيَّنة يحب طفل متلازمة داون أن يُعامل بها طوال الوقت، وهنا على الأهل اكتشافها من خلال الملاحظة.

علاج تأخر النطق عند مريض متلازمة داون:

يعاني أغلب أطفال متلازمة داون من تأخر في النطق؛ وذلك بسبب نقص السمع الذي يرافقهم منذ الولادة، وبسبب شذوذات في الفم والأسنان؛ حيث يكون اللسان كبيراً ومتدلياً، ومن ثمَّ فإنَّ معظمهم بحاجة إلى رعاية خاصة فيما يتعلق بالكلام وعلاج النطق، لمساعدته على تطوير قدراته التعبيرية؛ حيث إنَّ الكلام كما نعلم جميعاً هو مفتاح التواصل الاجتماعي، والأخير هو مفتاح تعزيز ثقة الطفل بنفسه وزيادة سعادته وراحته النفسية.

القدرات الذهنية لدى طفل متلازمة داون:

تتباين القدرات الذهنية أو العقلية بين طفل متلازمة داون وآخر؛ حيث لا يمكننا تخمين أو معرفة مستوى الذكاء أو المواهب أو المهارات منذ الولادة؛ بل هو أمر يمكن ملاحظته شيئاً فشيئاً، وتقديم الدعم لمواطن الموهبة من أجل تنميتها.

وكذلك تجب الإشارة إلى أنَّ الشذوذات الجسدية أو الشكلية أو العضوية المرافقة لمتلازمة داون، ليست لها أيَّة علاقة بالنمو المعرفي أو بالذكاء العقلي والعاطفي، ومن ثمَّ كل طفل هو حالة خاصة تماماً، تتطلب طريقة خاصة في التعامل.

طفل متلازمة داون في مرحلة المراهقة:

عندما يمرُّ طفل متلازمة داون بمرحلة المراهقة، فهو مثل أيِّ صغير عادي، يحتاج إلى إمداده بالمعلومات اللازمة حول هذه المرحلة، وإطلاعه على التغيُّرات العديدة التي تطرأ على جسمه وشكله خلالها، ويجب تعليمه كيفية الاعتناء بنظافته الشخصية ومظهره، ويجب على الأهل أن يأخذوا في الحسبان أنَّ طفل متلازمة داون يكون في أغلب الحالات شديد الحساسية، وخصوصاً في فترة المراهقة؛ لذلك، يجب التحدث معه بشكل دائم ومستمر لكيلا يصبح انطوائياً، أو يدخل في خالة انعزال عن بقية أقرانه.

هل يوجد علاج لمتلازمة داون؟

بكل تأكيد لا يوجد علاج، فهو ناجم عن شذوذات صبغية، لم يتم معرفة أو التوصُّل إلى أيِّ علاج لها حتى لحظة كتابة هذا المقال، ولكن توجد الكثير من الأمور التي من الممكن جداً أن تحسِّن نوعية حياة طفل متلازمة داون، وتجعله يعيش حياة شبه طبيعية:

  1. يجب بداية إجراء فحص للأذن الوسطى للاطمئنان على حاسة السمع، فهي المفتاح الأساسي لعملية النطق، والأخيرة هي مفتاح الحياة الاجتماعية.
  2. في حال تأخر طفل متلازمة داون في المشي من الممكن إخضاعه للعلاج الحركي عند معالجين مختصين ومؤهلين لمثل هذه الأمور؛ إذ إنَّه من الممكن أن يتأخر المشي لديه حتى عمر السنتين إلى الأربع سنوات.
  3. من المفيد جداً تشجيعه على الالتحاق بدورات رياضية من أجل تقوية العضلات والمفاصل.
  4. يجب تشجيعه أيضاً على تنمية مواهبه، مثل الرسم أو العزف أو حتى الغناء، وتسجيله في الدورات المناسبة لذلك.
  5. من المرجح أن يكون لدى طفل متلازمة داون آفات قلبية؛ لذلك يجب مراجعة مختصِّ طب القلب عند الأطفال حصراً، وليس مختصَّ الباطنة القلبية عند الكبار والبالغين.

كلمة أخيرة:

يشكل طفل متلازمة داون حالة خاصة في طريقة التعامل معه، وطريقة تعامله مع العالم، ويمكن جعل حياته أجمل وحياة من حوله أكثر راحة، في حال تم التعامل معه بطريقة سليمة

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة