كيف يكون الملل مفيداً لك؟

شعرنا جميعاً في مرحلة ما من حياتنا بالملل والكآبة، والتعب والخمول واللامبالاة، وغيرها من المشاعر التي تدل على الكسل، لكنَّنا تربينا على أن نكون مبدعين وفضوليين وواسعي الحيلة ومرنين، وقيل لنا إنَّ الأشخاص المملين هم من يشعرون بالملل، وأنَّ الشعور بالملل يعني أنَّك كسول وغير مبال.



يقول الفيلسوف "جان بودريلارد" (Jean Baudrillard): "ربما يكون الملل ثاني أبشع جريمة في العالم، والأولى هي أن تكون شخصاً مملاً"، فإن كنت تجلد ذاتك بسبب استسلامك أحياناً لمشاعر الخمول والملل والبلادة، فإليك بعض الأفكار التي قد تغيُّر وجهة نظرك:

1. الوضع المحايد:

يشبه الشعور بالملل قيادة السيارة في وضع الحياد؛ أي إنَّ السيارة لن تتحرك إلى الأمام ولا إلى الخلف، ولكنَّها لن تبقى ثابتة أيضاً؛ إذ يمكنك دائماً تغيير اتجاهك من خلال عجلة القيادة.

وينصحنا خبير السيارات "آرون ويدمار" (Aaron Widmar) فيقول: "يساعد الترس المحايد ناقل الحركة الأوتوماتيكي على الانتقال بسلاسة أكبر من وضع القيادة إلى الوضع المعاكس، وفي الموقف الصعب؛ حيث لا تعمل الفرامل، فإنَّ وضع سيارتك في الوضع المحايد يمكن أن يساعد على إبطاء سرعتها تدريجياً (إلا إن كنتَ على تل)".

وفي بعض الأحيان، يُعَدُّ وضع السيارة في الوضع المحايد أفضل طريقة لتجنب وقوع حادث، فضلاً عن أنَّها بالتأكيد الطريقة الوحيدة لبدء تشغيل سيارة يدوية.

2. الخوف من المُمِل:

نحن نخاف من الملل؛ لأنَّنا نظن أنَّه سيؤدي في النهاية إلى اليأس والحزن والكآبة، وخاصةً في هذه الظروف التي فقد فيها الكثيرون مصدر رزقهم، وعانى آخرون من مشكلات نفسية؛ حيث نحاول جاهدين فعل أيِّ شيء حتى لا نشعر بالملل، سواءً بقراءة كتاب أم بالدردشة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أم بمشاهدة برامجنا المفضلة.

في دراسة أجرتها "جامعة فيرجينيا" (University of Virginia) عام 2014، أُتيح للمشاركين الاختيار بين عدم القيام بأيِّ شيء أو التعرض لصدمة الكهربائية، وعلى الرغم من أنَّ المشاركين صرَّحوا بأنَّهم سيدفعون المال لتجنب التعرض للصدمات الكهربائية، إلا أنَّهم عندما واجهوا الجلوس في صمت، اختار 67% من الرجال و25% من النساء إحداث صدمة كهربائية لأنفسهم.

إقرأ أيضاً: 8 حلول من خبراء علم النفس للتخلص من الملل نهائياً

3. الاكتشافات والتفكير الإبداعي:

يفهم المفكرون المبدعون أنَّ عدم القيام بأيِّ شيء ضروري إذا كنتَ تريد التفكير بشكل أكثر إبداعاً؛ إذ إنَّ اكتشافات هائلة في العلوم والتكنولوجيا والفنون، كانت قد حدثت لأشخاص في الحمام مثل "أرخميدس" (Archimedes) أو في نزهة على الأقدام مثل "تسلا" (Tesla)، وهذا أمر منطقي.

تذكَّر آخر مرة حصلتَ فيها على وميض من البصيرة، هل كان تركيزك قوياً، أم أنَّك في الواقع لم تكن تفعل شيئاً على وجه الخصوص؟ إنَّ الأفكار الجديدة تظهر عندما لا نركز عليها؛ حيث يستغرق الأمر فترات من التفكير غير المنقطع والمترابط بحرية حتى يظهر النمو الشخصي والبصيرة والإبداع.

لقد ثبت أنَّ قدرة دماغنا على توليد الأفكار تزداد ازدياداً كبيراً عندما تكون قشرة الدماغ الأمامية مسترخية، كما أنَّ أحدث صور الجمجمة تدعم هذا الأمر؛ ممَّا يدل على أنَّ الفرد يكون أقل وعياً بالبيئة المحيطة به عندما تراوده الأفكار العبقرية.

وبعبارة أخرى، في اللحظة التي سبقت اكتشاف "ألبرت أينشتاين" (Albert Einstein) للنظرية النسبية على عربة ترام في مدينة "برن" (Berne)، وفي اللحظة التي سبقت اكتشاف "بوب واينبرغ" (Bob Weinberg) للجين السرطاني على جسر في مدينة "بوسطن" (Boston)، من المحتمل جداً أنَّهما كانا يشعران بالملل.

هناك العديد من الأسباب التي تجعل الملل ليس مثالياً للحياة بأكملها، فأنت تحتاج إلى التقدم، ولكن في أثناء اكتشافك كيفية تحديد وجهتك لا يوجد حل أفضل من الشعور بالملل، وبدلاً من محاولة التخلص من الملل من خلال تصفح الإنترنت، فكِّر في الرجل الذي اخترع جهاز "أيفون"؛ حيث قال "ستيف جوبز" (Steve Job): "أنا من أشد المؤمنين بالملل، فالملل يسمح للمرء بالانغماس في الفضول، وبدافع الفضول يأتي كل شيء".

المصدر




مقالات مرتبطة