كيف نخفف الضوضاء الرقمية؟

قد يمتلئ يومنا بسرعة - ومن دون أن نشعر - بسيلٍ من المشتتات بسبب استعمال الأجهزة الإلكترونية، وفي الوقت الحالي، قد تبدو هذه الأشياء من أكثر الأمور الهامة التي تبعث على الرضى بالنسبة إلينا، ولكن في الواقع، قد تمنعنا من التركيز على ما هو هام حقاً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب والمدوِّن "ليو بابوتا" (Leo Babauta) والذي يخبرنا فيه عن تجربته في تخفيف الضوضاء الرقمية التي تسببها بعض تطبيقات الأجهزة الإلكترونية.

أعتقد أنَّ معظمنا يمتلك هذه القوة؛ إذ إنَّه من واقع خبرتي، فإنَّ معظم هذه الضوضاء موجودة في حياتنا اختيارياً، وقد اعتدنا عليها على مر السنين، ويبدو أنَّنا غير قادرين على تغييرها، وإليك فيما يأتي بعض طرائق التخلص من الضوضاء غير الضرورية، ثم كيفية العثور على السكون والمعنى.

طرائق التخفيف أو التخلص من الضوضاء:

اتَّخِذ ما تبقَّى من نهارك للتفكير في نوع الضوضاء التي أزعجَتك، وشَكِّل قائمة باللحظات التي شعرتَ فيها أنَّك مشتَّت.

على سبيل المثال: تنشأ الضوضاء والتشويش في حياتي من متابعة البريد الإلكتروني وتطبيقات "واتس أب" (WhatsApp) و"سناب شات" (Snapchat) و"تويتر" (Twitter) والمدونات، والمواقع الأخرى التي أحب قراءتها، والرسائل النصية، ومنصة "سلاك" (Slack) ومشاهدة منصة "نتفلكس" (Netflix)، فقد تكون لديك مصادر أخرى، مثل تطبيقات "فيس بوك" (Facebook) و"إنستغرام" (Instagram) و"مسنجر" (Messenger) ومتابعة الأخبار ومشاهدة التلفاز.

بمجرد أن ندرك مصدر الضوضاء، نستطيع أن نجد الطريقة للتخفيف منها؛ فبدايةً، علينا أن نقرر أنَّ رغبتنا في المزيد من الهدوء والشعور بمعنى حياتنا، كبيرة بما يكفي لأن نتخلى عن بعض الأشياء في تلك القنوات الصاخبة، ثم يمكننا اتخاذ الإجراءات الآتية:

  • إيقاف تشغيل إشعارات التطبيقات، بما في ذلك عدد الرسائل غير المقروءة لكل تطبيق في هاتفك.
  • إلغاء تلقِّي الإشعارات الواردة من تطبيق "تويتر" (Twitter)، أو أيِّ تطبيقات أخرى تتابع من خلالها الأشخاص أو المدونات أو مواقع الويب، فإذا كنتَ تستخدم برامج تجميع الأخبار، فألغِ الاشتراك من أكبر عدد ممكن من مصادر الأخبار، واترك عدداً قليلاً من القنوات المفيدة فحسب.
  • إلغاء الاشتراك من قوائم البريد الإلكتروني والإشعارات التي لا تقرأها أو التي تلقي عليها عادةً نظرة سريعة فحسب.
  • تصفُّح قنوات أو تطبيقات التواصل الاجتماعي، مثل "فيس بوك" (Facebook) و"تويتر" (Twitter) و"إنستغرام" (Instagram)، مرة واحدة في اليوم، أمَّا باقي التطبيقات الأخرى مثل البريد الإلكتروني، فتستطيع التحقق منها عدد مراتٍ أكبر، مرتين أو ثلاث في اليوم، إذا لزم الأمر، ولكن حاول أن يقتصر ذلك على وقتٍ محدد.
  • حذف التطبيقات أو الحسابات التي لا تمنحك معنىً حقيقاً (لقد حذفت حسابي على موقع "فيس بوك" (Facebook) منذ سنوات).
  • إعلام الأشخاص أنَّك تتفقد رسائلك مرة واحدة فقط في اليوم، لتحديد التوقعات، فلا تستخدم المجيب الآلي، إذا كان بإمكانك مساعدة من يراسلك، وبدلاً من ذلك، أرسل فحسب رسالة إلى الأشخاص الأكثر أهمية، واطلب منهم أن يتفهموا الأمر.
  • تحديد وقت كل يوم لمشاهدة التلفاز والأفلام - إن وجد - أو متابعة الأخبار والمدونات - إن وجدت - فإذا قلتَ على سبيل المثال إنَّك تشاهد التلفاز فحسب بعد الساعة 7 مساءً، فهذا يعني أنَّك قد حددتَ مقدار المساحة التي يشغلها هذا النشاط في حياتك.
  • إذا كانت هناك بعض وسائل التواصل، مثل البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية التي تحتاج إلى متابعتها من أجل العمل، فتفاوض مع رئيسك أو فريقك في العمل للحصول على فترات من الوقت يمكنك فيها الابتعاد عنها، على سبيل المثال: اسأل عمَّا إذا كان بإمكانك قضاء ساعتين في الصباح أو بضع ساعات بعد الظهر، تبتعد فيها عن البريد الإلكتروني حتى تتمكن من التركيز على المهام الأخرى الهامة.

إذا طبقتَ هذه الإجراءات، فسوف تتمكن من تنظيم معظم مصادر الضوضاء، ولن يتبقى سوى البحث عن الهدوء والسكينة والتركيز وإيجاد المعنى من الحياة.

شاهد بالفديو: 9 علامات تدل على إدمانك للإنترنت

البحث عن السكينة والمغزى:

بمجرد تصفية وتخفيف الضوضاء، ستتبقى لديك بعض المشكلات الهامة والتي تحتاج إلى حل:

  • تغيير عاداتك من الانشغال والحركة المستمرة.
  • اكتشاف ما المعنى.
  • تعلُّم التوقف والبقاء ساكناً.

أعتقد أنَّه من الرائع مواجهة مثل هذه المشكلات، فمعظم الناس لا يفكرون فيها أبداً، فابحث عن الامتنان لأنَّه يُمكِّنك من التعامل معها.

امنح نفسك بعض الوقت لترى كيف أنَّك تحتاج باستمرار إلى الانشغال والتشتت، على سبيل المثال: إذا كانت لديك لحظة لا تفعل فيها أيَّ شيء، كالانتظار في طابور طويل، أو الجلوس وحدك إلى طاولة المطعم بينما يذهب صديقك إلى الحمام، أو حتى الجلوس على الأريكة من دون هدف، فماذا تفعل عادةً لملء هذا الوقت؟ هذا هو نمط انشغالك وحركتك.

قدِّر الآن ما إذا كان بإمكانك التخلي عن هذه الأنماط، وراقب نفسك، واختر السكون والهدوء، وجرِّب مجرد الجلوس ومراقبة الأشياء من حولك، وفكِّر في كل شيء، واستمتع باللحظة، وتأمل في أنفاسك، وفكر في يومك، واسأل نفسك عمَّا أنت ممتن له الآن.

ابدأ بإنشاء أنماط جديدة من السكون، على سبيل المثال: حاول ممارسة التأمل كل صباح، حتى لو كان ذلك لبضع دقائق، مع التركيز على أنفاسك، واذهب في نزهةٍ صباحيةٍ أو مسائيةٍ من دون هاتفك، وحاول إيقاف تشغيل الهاتف والحاسوب، ودوِّن أفكارك في دفتر يوميات بدلاً من ذلك.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لإعادة السكينة إلى العقل والحفاظ على الحضور الذهني

ابدأ بالبحث عن النشاطات الأكثر أهمية بالنسبة إليك، وليس من الضروري القيام بذلك في يوم واحد؛ إذ يمكنك التأني في الاختيار لمعرفة ما يعنيك وما هو ذو مغزى بالنسبة إليك، فقد تبدأ بكتابة كتاب أو سيناريو على سبيل المثال، أو التقاط الصور، أو الرسم، أو تأليف الموسيقى، وقد تبدأ بتعلُّم شيء ذي مغزى أو تعليم شيء ما للآخرين، أو تقرر البدء بعمل تجاري أو مؤسسة خيرية تساعد على إحداث تغيير إيجابي في العالم.

في الحقيقة، يُعَدُّ استثمار الوقت الهادئ للتفكير فيما هو ذو مغزى، موهبةً؛ لذا ابحث عن طرائق لمساعدة الآخرين وجعل العالم مكاناً أفضل، واحتفظ بدفتر يوميات، وتأمل، وتخلص من الفوضى، ومارس الرياضة، وحضِّر الأطعمة الصحية، ونظِّم مواعيد للقاء الأشخاص الهامين بالنسبة إليك.

عندما تلاحظ أنَّك تفقد تركيزك أو هدوءك، توقف قليلاً، ثم عد إلى البحث عن السكينة وممارسة النشاطات ذات المغزى، وابنِ حياةً تملؤها السكينة والمعنى، ولاحظ الفارق الذي يحدثه ذلك فيك.

المصدر




مقالات مرتبطة