كيف تواجه مخاوفك اللامنطقية وتبقى قوياً رغم جميع الظروف؟

قد تعترض حياتنا مواقف تصيبنا بالهلع لدرجة نقف أمامها عاجزين عن الحركة، والأسوأ عندما يتعرض أحد أحبائنا إلى تهديد ونقف مكتوفي الأيدي لمجرد أنَّنا نشعر بالخوف. قد يتحكم الخوف بحياتنا ويجعلنا شديدي الحذر حتى من القيام بأعمالنا الروتينية؛ ذلك لأنَّنا نخشى حدوث مكروه ما؛ لذا نغدو شديدي التركيز على خياراتنا في الحياة، ونسمح للمخاوف أن تتحكم بنا مهما كانت صغيرة، وأن تمنعنا من الإمساك بزمام حياتنا مالم نفعل شيئاً تجاه ذلك.



سنحاول في هذا المقال توضيح كيف تؤثر مخاوفنا غير المنطقية فينا، وكيف يمكنها تدمير حياتنا وصحتنا ونجاحنا حرفياً، وحرماننا من عيش حياتنا التي نبتغي؛ كما وسنطلعك على كيفية مجابهة هذه المخاوف، وفوائد ذلك.

كيف تؤثر المخاوف غير المنطقية في حياتك:

نحن جميعاً لا نحب التطرق إلى المخاوف غير المنطقية؛ ذلك لأنَّ التفكير فيها يُشعِرنا بعدم الكفاءة والضعف والحماقة، لكوننا لا نستطيع القيام بأشياء يبدو أنَّ الجميع يستطيعون القيام بها؛ وهذا ما يفاقم مخاوفنا.

يتغذى الخوف على المشاعر السلبية، ويستنزف طاقتك؛ ممَّا يجعل خوفك أكبر وأقبح وأكثر قوة؛ وللأسف، يمكن أن تدفعنا المخاوف إلى:

1. تجنُّب المواقف التي قد يكون من الضروري فيها مواجهة هذا الخوف: مثل التملص من الحفلات، والوظائف الجديدة، والتجارب الجديدة التي لا نثق فيها بقدرتنا على حماية أنفسنا.

2. تجنُّب النوم خوفاً من أن ينقض علينا الشيء الذي نخافه في الليل: وهذا تفكير بالغ الخطورة؛ وذلك بسبب تداعياته الخطيرة على وظائفنا أو أفراد عائلاتنا.

3. المرض بسبب التوتر: قد تسبب القرارات الخاطئة التوتر لنا، فنلجأ إلى الإفراط في التدخين وتناول الطعام لنشعر بالراحة، وغيرها من العادات السيئة التي نتخذها كعذر للتخلص من الشعور بالتوتر.

4. مزيد من الكرب: ذلك لأنَّ أذهاننا تثقل كاهلنا بأفكار سوداوية عن عدم الكفاءة، ممَّا يؤثر في ثقتنا بأنفسنا؛ لكن حسب تجارب الكثيرين، كان الافتقار إلى الثقة العامل الأساسي في نجاحهم في جميع مجالات حياتهم.

5. أن نبدو منعزلين أو متعجرفين لأنَّنا لا نشارك مثل الآخرين: يمكن لمخاوفنا أن تجعلنا ننزوي بعيداً في حياتنا الشخصية والمهنية.

6. الشعور بالضعف: إنَّه لمن المعروف أنَّ هذه المخاوف تبدو غير منطقية، ولا ينبغي أن تظهر للعالم الخارجي؛ ولكنَّها منهكة للذين يعانون منها، وتؤثر في مكاسبهم وحبهم للحياة، وفي الهوايات والسفر والنجاح الشخصي والمهني.

إقرأ أيضاً: ما هو الخوف؟ وكيف تحوّله إلى حافز يدفعك للأمام؟

عليك مجابهة الخوف:

لا يمكننا عيش حياتنا دون التعامل مع الخوف أحياناً؛ فقد تمنعنا مخاوفنا من القيام بالأمور بالطريقة السهلة أو المعتادة، أو تجنُّب القيام بالأمور الهامة في عملنا كالتحدث إلى الجمهور، حتى أنَّنا قد نفكر في الاستسلام، وقد نخشى طلب المساعدة، ونخشى أن يعرف الآخرون حقيقتنا؛ لكن، يمكن علاج جميع المخاوف فقط إن عرفنا أهمية فوائد مجابهتها.

إذا كنت ترغب في تغيير الطريقة التي تفعل بها شيئاً ما قد أثر في حياتك وأفكارك وأفعالك لسنوات، فقد يكون من الصعب الاقتناع بإمكانية التغيير؛ وإنَّ أول شيء يجب أن تفعله، هو أن يكون لديك سبب مقنع كفاية؛ لذا عد بذكرياتك إلى كلِّ المواقف التي حدث فيها هذا الخوف، وتذكرها بكلِّ تفاصيلها.

تذكَّر الأحاسيس والأفعال والمشاعر السلبية التي شعرت بها حينها؛ ففي كلِّ مرة تقوم فيها بالأمر نفسه الذي كنت تفعله، تنتابك مشاعر الخوف نفسها، وكأنَّ الأمر يحدث لك مجدداً؛ لكن يساعدك هذا بشكل كبير على تدعيم ردود فعلك وخوفك غير المنطقي.

جرِّب الخوف حقاً، واجعل التجربة شديدة إلى أن يخفق قلبك بعنف ويرتفع كتفاك وتتسارع أنفاسك؛ حيث يسبب الخوف تغيرات جسدية لديك، ويريحك تماماً.

عندما تتحدى الخوف غير العقلاني وتتغلَّب عليه، لا يبقى له أيُّ سلطة عليك؛ لذلك يمكن أن تحظى بفرص جديدة في حياتك، وبدلاً من الخوف منها ومن رأي الآخرين في اختياراتك، يمكنك اكتشاف:

  1. هوايات جديدة.
  2. أماكن جديدة للسفر.
  3. فرص جديدة.
  4. مزيد من النجاح.
  5. الأمان المادي.
  6. مزيد من السعادة.
  7. مزيد من الصحة.
  8. ثقة أكبر بالنفس.

والقائمة تطول.

شاهد بالفديو: 12 أمراً يساعدك في التغلب على الخوف

كيف يمكنك التخلص إذاً من مخاوفك؟

كيف تجابه مخاوفك اللاعقلانية؟

للمخاوف تأثير في النجاح والسعادة، وقد لا تكون جميعها واضحة، لكن لها تأثيرات بعيدة المدى في حياتنا.

إليك بعض هذه الأفكار لمساعدتك على مجابهة خوفك والحصول على ما تريده من الحياة:

لماذا حدث هذا؟

يحتاج بعض الأشخاص حقاً إلى معرفة سبب ظهور الخوف، بينما كلُّ ما يريده غيرهم هو التخلص منه؛ فإذا كنت تريد فهم مخاوفك، إليكَ هذه النصيحة: تعلَّم كيف تنتج المخاوف، وأعطِ أسباب مخاوفك التقدير الذي تستحق.

قد يكون بعض الأشخاص غير مستعدين حتى لمحاولة التخلص من الخوف، وأن يفهموا كيف أُصِيبوا به في المقام الأول؛ لكن عليهم -دون مساعدة أحد- اكتشاف كيفية التخلص من مخاوفهم ليجدوا الطريق الصحيح للسعادة.

عندما يبدأ الخوف، لا نقر بأنَّه قد دخل حياتنا، لكنَّنا بعد عدة مناسبات نبدأ ملاحظة عاطفة سلبية قوية مرتبطة بهذا "الشيء"؛ وهذه هي الطريقة التي يتعاظم بها الخوف، لأنَّنا كبشر نمتلك استجابات فطرية تحافظ على سلامتنا طوال حياتنا.

يعني هذا أنَّنا مصممون للشعور بالخوف، فإمَّا أن نهرب منه أو نجابهه، فتبدأ أجسادنا في كلتا الحالتين بالتصرف؛ ممَّا يخلق ردود فعل جسدية على التهديد المفترض.

عُد بذاكرتك إلى الوقت الذي لاحظت فيه تسارع ضربات قلبك لأول مرة ووجدت صعوبة في التنفس وارتجافاً في اليدين واحمراراً؛ فهذه هي طريقة أجسامنا التلقائية للتعامل مع الخوف.

رغم أنَّ الحقائق في العادة تكون موجودة داخل عقلك، إلَّا أنَّ قلبك لا يقبل سماعها؛ ذلك لأنَّه يخلق نسخة أكثر إخافة من الحادث الحقيقي.

سيساعدك تعلم طريقة التخلي عن العواطف والمشاعر على تغيير استجابة جسدك للخوف الذي يخنقنك، وستسأل عندها نفسك عمَّا إذا كان بالإمكان تغيير وضعك الجسدي من خلال الكلام، وتكتشف ذلك بمساعدة الأدوات والتقنيات الأتية:

أدوات تواجه بها مخاوفك:

إنَّ إنشاء مجموعة أدوات لمجابهة الخوف أمر لا بد منه، حيث يتعلق الأمر بتعلم الأدوات المناسبة لك؛ لذلك عندما تشعر أنَّ الخوف قد بدأ التأثير فيك، لا تنسَ الاستفادة من هذه الأدوات في الحال.

هناك الكثير من الأدوات التي قد تساعدك، لكن دعنا نتعرف على بعضها:

1. اذكر الأسباب التي تجعلك رائعاً:

جرب كتابة صفحتين بعنوان "الأسباب التي تجعلني رائعاً" بخط يدك، بحيث تذكر فيهما سبب روعتك، ودوِّن فيهما الإنجازات والنجاحات ومواقف التغلب على الشدائد والمشاعر الإيجابية والأفعال والعواطف التي مررت بها وعايشتها.

الكتابة ليست بالأمر السهل، إلَّا أنَّها تذكير قوي بأنَّ بمقدورك التصدي لمخاوفك وتحقيق ما تصبو إليه.

إقرأ أيضاً: 6 حقائق غريبة عن الشعور بالخوف

2. استخلص مشاعرك:

سبق وتحدثنا كيف يمكن للمخاوف غير المنطقية أن تلحق الضرر بكلِّ جانب من جوانب حياتنا؛ فإذا كانت الأمور السلبية تجذبك إلى الأسفل، فتمسَّك بالإيجابيات للارتقاء مجدداً.

صمم مخططاً خاصاً بك، وضمِّنه كلَّ فعل أو شعور أو فكرة تراودك، وَصِل بينها بأسهم، حيث يكون كلُّ سهم هو فرصة لعمل شيء مختلف؛ فإذا علمنا أنَّ الخوف اللاعقلاني عملية تفكير تلقائية، يمكننا رؤية أنَّنا بحاجة إلى التفكير أو القيام بشيء مختلف أو الشعور به.

3. اعترف أنَّك بحاجة إلى التغيير:

يعتقد الكثيرون أنَّ التغيير ليس بالأمر السهل؛ لكن تذكر أنَّك عندما تريد أن تقوم بأمر ما أو تفكر أو تشعر بشكل مختلف، تكون قد قمت بالخطوة الأولى حقاً، وهي: الاعتراف بضرورة تغيير شيء ما حتى لو لم تعرف ما هو؛ ولكن إذا لم تكن متأكداً حتى الآن ممَّا إذا كان هناك بالفعل شيء مختلف تريد القيام به، فقد تساعدك تجارب الأشخاص الذين تغلبوا على مخاوفهم.

يتمحور الأمر كله إذاً حول الاعتراف بخوفك؛ ولا يعني هذا قبوله فحسب، بل الشعور بأنَّ له الفضل الأكبر في التغيير.

حاول بعد ذلك أن تسمح لفكرة الخوف بالتسلل إلى عقلك لفترة من الزمن، ثمَّ اختر فكرة جديدة يكون وقعها جيداً في عقلك، كأن تقول: "يمكنني التعامل مع المواقف التي تخيفني"، أو "أنا أقوى ممَّا أتصور".

قد تفشل في بعض المرات، لكن أياك أن توبِّخ نفسك؛ ذلك لأنَّ هذه فكرة سوداوية أخرى تدخلها إلى عقلك.

4. اختر كلماتك بدقة:

هناك من يقول: "من الصعب تغيير هذا الأمر"، أو "لا أستطيع تذكر وقت في حياتي لم أشعر فيه بالهلع"، أو "إنَّني أطلب الكثير"؛ لكنَّهم لا يدركون أنَّ أيَّ فكرة تعزز الخوف تسلبهم القوة لمجابهته؛ لذلك اختر طريقة لصياغة هدفك كي تتغلب على مخاوفك بحذر.

جرب أفكاراً مثل: "أتذكر عندما حققت كذا وكذا، ويذكرني هذا بأنَّني أقوى بكثير، وأكثر قدرة ممَّا أتصور"؛ كما بإمكانك أن تستخدم أمثلة من قائمة "الأسباب التي تجعلني رائعاً".

5. آمن بأنَّك تملك السلطة المطلقة:

نحن الوحيدون القادرون على التحكم بما نفكر ونشعر به؛ فرغم أنَّنا قد نشعر أنَّ هناك أشخاصاً آخرين يؤثرون فينا، إلَّا أنَّ ذلك غير ممكن ما لم نعطيهم الإذن للقيام بذلك.

إن فكرت بذلك للحظة، ستكتشف أنَّ لديك الحق في التفكير والشعور بأيِّ شيء تريده مهما كان، ولن تختار الألم أو الخوف أو القلق بالتأكيد؛ لذا فإنَّك الوحيد الذي يملك الخيار في تحديد أفكارك.

6. ضع تذكيرات محسوسة:

للتغلب على مخاوفك، عليك تحديدها بدقة، والاستعانة بمجموعة من الأدوات والأفكار والأفعال لمساعدتك في ذلك.

على سبيل المثال: عندما يخاف شخص من التحدث إلى الجمهور، لكنَّه يستطيع عقد اجتماع يتحدث من خلاله على الهاتف مع أكثر من 300 شخص دون أن يرف له جفن؛ نطلب منه في هذه الحالة أن يتخيل الميكروفون هاتفاً عندما يجتمع بالكثير من الأشخاص، وذلك للمساعدة في تعزيز الخواطر الإيجابية والأفكار التي ابتكرها.

يمكن للأشخاص الذين يخشون من أن يظهروا كمخادعين أو من أن يتمكَّن أيُّ شخص من القيام بعملهم أفضل منهم، أن يضعوا عبارات مقتبسة من قائمة "الأسباب التي تجعلني رائعاً" على حائط مكتبهم؛ ليكون بمثابة تذكير يومي لهم.

تتمحور هذه التذكيرات اليومية حول نقطة رئيسة واحدة تساعدك على اختراق حلقة العادات؛ لذا اختر الإشارات المرئية المناسبة لتذكيرك بالتغلب على مخاوفك.

7. الدعم المادي:

يمكن أن يكون للموسيقى والبيئة والروائح تأثير فينا؛ لذا ابحث عن الموسيقى التي تُشعِرك بأنَّك على قيد الحياة، وعلى استعداد لأيِّ شيء؛ أو جرب العلاج بالزيوت العطرية لتشعر بالإيجابية والنشاط؛ كما يمكن أيضاً لاختيار بيئة العمل أو الملابس خاصتك أن يقويك.

8. لا تقم بهذا لوحدك:

إنَّ الخوف من طلب المساعدة موجود بالفعل، وهناك أشخاص يعانون منه في الواقع؛ فنحن جميعاً في الحقيقة بحاجة إلى الآخرين؛ ذلك لأنَّنا لسنا مصمَّمين على العيش منعزلين، وبالتالي قد يكون من الصعب الاعتراف بأنَّ لدينا خوفاً يؤثر فينا.

ومع ذلك، إنَّ مشاركة مخاوفك مع صديق تثق به أو زميل أو أحد أحبائك، يعني أنَّ بامكانك التحدث إليهم عندما تشعر بالخوف؛ فعندما تتحدث مع أحدهم، فمن المحتمل أن تشارك معه أدواتك الخاصة بمجابهة الخوف، وتطلب منه الإذن لأن يكون أحدها؛ حيث يعرف بهذه الطريقة ما الذي ينفعك، وكيف يقدم لك الدعم الأفضل.

إنَّ اطلاع الآخرين على خوفك ليس دليل ضعف، حيث يتطلب الأمر قدراً هائلاً من القوة للقول: "لدي هذا الخوف، وأريد التخلص منه".

إقرأ أيضاً: 15 أمراً يساعدك في التغلب على الخوف

9. اهتم بلياقتك:

أحد أسباب ازدياد الخوف هو قبولنا له كاستجابة فطرية، حيث تستجيب أجسامنا بطريقة معينة؛ وبمجرد تكرار السلوك، يصبح عادة مقبولة بالنسبة إلينا.

يمكن تحدي الخوف باستخدام أجسادنا أيضاً، وذلك عندما نحترم أنَّ الخوف هو في الواقع رد فعل داخل أجسادنا؛ فنحن لسنا بحاجة إلى معرفة أين تقع أدمغتنا، ولا المواد الكيميائية التي تجري داخلنا لاستخدام بنيتنا للمساعدة في تحدي مخاوفنا.

سواء أَكان ذلك حقيقياً أم لا، إلَّا أنَّه يمكن للطريقة التي نقف بها، والطريقة التي نتنفس بها، وحتى السرعة التي نتحدث بها؛ أن تؤثر فينا وفي من حولنا.

إن كنت تخاف التحدث إلى الجمهور أو تخاف من نظرة الآخرين إليك والأحكام التي يطلقونها عليك، راقب طريقة تحدثك ووقوفك وحركتك، وقارن ذلك مع أشخاص تعدُّهم واثقين بأنفسهم وسعداء في هذه المواقف.

في الختام:

يمكن للقليل من الخوف أن يكون عاملاً مساعداً؛ فكما قال أحد المشاهير ذات مرة: "الخوف ليس خوفاً بالضرورة، وإنَّما قد يكون طاقة أداء".

قد نكتسب القدرة على مجابهة مخاوفنا، ولكن يبقى لدينا مستوى صحي من الخوف؛ وهذا المستوى من الخوف هو ما يمنحنا نوعاً من التأكيد حول مدى قيامنا بالأمور بالشكل الصحيح؛ فعندما تقلل من خوفك، لا تنسَ أن تُبقي على بعض الخوف المفيد.

المصدر




مقالات مرتبطة