كيف تكتشف الأشخاص المزيفين، وما هي طرق التعامل معهم؟

يُقال إنَّك متوسط الأشخاص الخمسة الذين تقضي أغلب وقتك معهم؛ لذا فكِّر في الأشخاص من حولك للحظة؛ وعليك أن تعرف إن كانت آراؤك تتوافق مع آرائهم، وأن تتأكَّد إن كنت تطمح لأن تصبح مثلهم في المستقبل، كما عليك أيضاً أن تكتشف إن كانوا حقاً أشخاصاً صادقين يريدون رؤيتك تنجح، أم أنَّهم أشخاص مزيَّفون لا يريدون رؤيتك سعيداً.



في هذه المقالة، سنراجع أهمية إحاطة أنفسنا بأفراد صادقين يهتمون ويضيفون شيئاً إلى حياتنا، وقبل كل شيء، أفراد يبتعدون عن كل ما هو مزيَّف.

كيف تكتشف الأشخاص المزيَّفين؟

عندما تعمل في المهن المختصة بمساعدة الناس لفترة طويلة من الزمن، يصبح اكتشاف الأشخاص المزيَّفين أسهل قليلاً؛ فهناك بعض الدلائل الواضحة على أنَّ الشخص الذي تنظر إليه يخفي شيئاً ما، أو يتصرف بطريقة ما، أو ببساطة يريد الوصول إلى هدف ما، وغالباً ما يكون هناك مكسب ثانوي يدفعهم إلى التصرف هكذا، ربما للحصول على الاهتمام أو التعاطف أو حتى الترقية.

مهما كان الأمر، فمن الأفضل لك تجنُّب سلبيتهم والبقاء بعيداً عنهم؛ لذا إليك بعض الأمور التي يجب أن تبحث عنها لتساعدك على اكتشاف الأشخاص المزيَّفين:

1. التكبر:

يُحبُّ الأشخاص المزيَّفون التباهي، والنظر إلى أنفسهم في المرآة؛ حيث يجمعون الصور ومقاطع الفيديو لكل إنجاز حققوه ويدَّعون أنَّهم "الأفضل في ما يفعلونه".

معظم هؤلاء الناس ليسوا بتلك البراعة في الحياة الواقعية؛ لكنَّهم يتصرفون كأنَّهم كذلك، ويحرصون على أن يظهروا بمظهرٍ أفضل من الأشخاص من حولهم، المشكلة بالنسبة إليك هي أنَّك قد تجد نفسك دائماً "أقل مستوى" منهم وغاضب من حاجتهم المستمرة إلى أن يكونوا في دائرة الضوء.

2. الغموض في التعبير عن المشاعر:

هل سبق لك أن حاولت إجراء محادثة عميقة وذات مغزى مع شخص مزيَّف؟ إنَّه أمر شبه مستحيل؛ وذلك لأنَّ لديهم ذكاءً عاطفياً محدوداً ولا يعرفون كيف يعبرون عن مشاعرهم حقاً من أعماقهم؛ ويكمن جزء من السبب في أنَّهم لا يريدون الكشف عن مشاعرهم الحقيقية بغض النظر عن حقيقة هذه المشاعر؛ إذ من الصعب جداً أن تدَّعي أنَّك الأفضل في ما تفعله بينما تشارك مشاعرك "العادية" مع أشخاص "عاديين".

3. غياب التأمل الذاتي:

يجب أن نتقبَّل التغذية الراجعة من الآخرين كي ننمو، وأن نكون منفتحين على نقاط قوَّتنا ونقاط ضعفنا؛ كما يجب أن نتقبَّل فكرة أنَّنا جميعاً مختلفون ويمكننا دائماً التحسُّن.

يتطلَّب منَّا التأمل الذاتي أن نفكر ونغفر ونعترف ونتعلَّم من أخطائنا، ولكن للقيام بذلك، يجب أن نكون قادرين على تبنِّي مستوى من الصدق والعمق لا يمتلكه الأشخاص المزيَّفون طبيعياً؛ إذ لا يعتذر الشخص المزيَّف عموماً، ولكنَّه عندما يفعل ذلك، غالباً يتبع اعتذاره بكلمة "ولكن".

4. التصورات غير الواقعية:

غالباً ما يكون لدى الأشخاص المزيَّفين تصوُّراً غير واقعي عن العالم؛ فهناك أمور يريدون إظهارها والتفاخر بها أمام الآخرين، كالإنجازات الزائفة أو المكاسب المادية أو الشعور المختلق بالسعادة، كما يخفي الكثير من الأشخاص المزيَّفين الألم والخزي والأسباب الكامنة الأخرى وراء سلوكهم، وقد يفسِّر هذا سبب عدم تمكُّنهم من أن يكونوا صادقين، كما قد يفسر لماذا يواجهون صعوبات في رؤية بيئتهم رؤيةً موضوعيةً؛ أي الجوانب الإيجابية والسلبية منها.

إقرأ أيضاً: الشخصية الغامضة (الرجل الغامض): صفاتها وطرق التعامل معها

5. حب الانتباه:

كما ذكرنا سابقاً، أكبر علامة على أنَّ هناك مشكلة في سلوك شخص ما هي مدى حبه للانتباه؛ فهل يقاطعك شخص ما حرصاً منه على أن يكون محور الاهتمام في كل مرة تتحدث فيها؟ وهل التركيز دائماً عليه بغض النظر عن الموضوع؟ إذا كانت إجابتك نعم، فمن المحتمل أنَّك تتعامل مع شخص مزيَّف.

6. محاولة إرضاء الناس:

التقدير شعور جميل، ولكنَّ كسب محبة الجميع أفضل، ففي حين أنَّه من غير الواقعي تماماً لمعظم الناس إرضاء الجميع طوال الوقت، يبدو أنَّ الأشخاص المزيَّفين يوافقون دائماً على كل شيء سعياً للحصول على تقبُّل الناس المستمر لهم.

يشكِّل هذا مشكلة لسببين: أولاً، يوافق هؤلاء الأشخاص على فعل الأشياء من أجل رضاهم الخاص، وثانياً، غالباً ما ينتهي بهم الأمر بتغيير رأيهم أو التراجع عن عرضهم لسبب أو لآخر كأن يقولوا: "كنت راغباً في مساعدتك، لكنَّ جدتي أُصيبَت بالمرض فجأة"، مما يتركك في وضع صعب للغاية.

7. التهكم والسخرية:

وراء الابتسامة المريضة المزيَّفة، يضمر الأشخاص المزيَّفون الاستياء أو الغيرة أو الغضب؛ وهذا لأنَّهم - وراء الحياة الخيالية التي يظهرونها - غالباً ما يكونون غير سعيدين؛ كما أنَّه من المعروف أنَّ السخرية والتهكم يعملان كآلية دفاعية، وأحياناً كآلية تحويلية حتى؛ فالمزيَّفون يفعلون أي شيء حتى يظلُّوا في قمة العالم، سواء كان ذلك من خلال تعزيز أنفسهم أم إحباط الناس.

8. الصداقة السيئة:

الأشخاص المزيَّفون هم أصدقاء سيئون؛ فهم لا يصغون إليك ولا إلى مشاعرك أو أي أخبار قد تود مشاركتها معهم، في الواقع، قد تجد نفسك تبتعد عنهم عندما يكون لديك أخبار مثيرة أو سيئة لمشاركتها، مع العلم أنَّ المحادثات ستنتهي دائماً بطريقة واحدة وهي الحديث عنهم، وبالإضافة إلى ذلك، قد تجد أنَّهم لا يتواجدون عندما تحتاج إليهم حقاً، أو قد يحدث ما هو أسوأ من ذلك، فقد يلغون خططكم في اللحظة الأخيرة.

ليس من الغريب أن تسمع أنَّ الأشخاص المزيَّفون يتحدثون باستمرار من وراء ظهور الناس؛ لنكن صادقين، إذا تحدثوا عن الآخرين، فلا بد أنَّهم يتحدثون عنك أيضاً، وإذا كان "صديقك" يجعلك تشعر بالضيق باستمرار، فوجوده في حياتك لا يحقق الفائدة المرجوَّة منه، وهو ببساطة ليس شخصاً جيداً يمكن التواجد حوله.

كلَّما تعلَّمت اكتشاف هؤلاء الأشخاص المزيَّفين مبكراً؛ تمكَّنت من مقابلة أصدقاء أوفياء أسرع.

إقرأ أيضاً: ما هي صفات الصديق الحقيقي؟ وما هي أهمية الصداقة؟

كيف تتعامل مع الأشخاص المزيَّفين؟

من الهام أن تتذكر أنَّك تستحق أكثر مما تحصل عليه؛ فأنت جدير بالاهتمام وثمين، ولا تقل أهمية عن أي شخص آخر.

هناك طرائق عدة للتعامل مع الأشخاص المزيَّفين، سنورد فيما يلي بعض النصائح حول كيفية التعامل معهم:

1. ضع حدوداً بينك وبينهم:

حافظ على حدود واضحة للغاية بينك وبينهم؛ فكما هو موضَّح في كتاب "أطلق العنان لمرونتك" (Unlock Your Resilience)، فإنَّ الحدود هي ما تحميك عندما يحاول العالم خنقك، فعندما يصبح الأشخاص المزيَّفون مصاصي دماء عاطفيين، تأكد من الحفاظ على مسافاتك عنهم والحد من التواصل معهم واستبدالهم ببساطة بعلاقات أكثر قيمة.

2. لا تأخذ تصرفهم على محمل شخصي:

للأسف، من المرجح أنَّ الأشخاص المزيَّفون كانوا يتصرفون بهذه الطريقة قبل أن يعرفوك، وسيستمرون في ذلك لفترة أطول بعد أن تمضي قدماً؛ فالأمر إذاً لا يتعلق بك؛ بل يتعلق بحاجتهم الداخلية لمواجهة فراغ لست مسؤولاً عنه، وبكل صدق، ما لم تكن مدرباً محترفاً، فمن غير المرجح أن تحسِّن حالهم على أي حال.

3. كن صريحاً وصادقاً بشأن ما تشعر به:

إذا كان "صديقك" لئيماً أو يمارس سلوكات تجد صعوبةً في تقبُّلها، فأخبره بذلك بلطف أو بحزم أو بالطريقة التي تريدها، ولكن من الهام أن تخبره بأنَّ تصرفاته تؤثر فيك سلباً؛ فإذا نجح الأمر، فهذا رائع، وإن لم ينجح، فستشعر بالتحسن؛ وعندما تكون مستعداً للمضي قدماً، ستعرف أنَّك حاولت التواصل معه، ولن تشعر بتأنيب الضمير.

4. اطلب المشورة:

إذا لم تكن متأكداً مما تراه أو تشعر به، فاطلب النصيحة، ربما يكون لدى قريب ما أو صديق جيد أو زميل بعض المعلومات حول ما إذا كنت تبالغ في رد فعلك، أو ترى بعض المخاوف الحقيقية.

لا تخلط بين طلب النصيحة والنميمة والتحدث من وراء ظهر الشخص المزيَّف؛ وذلك لأنَّك في النهاية لا تريد الانحدار إلى مستواهم، إلا أنَّ القليل من التذكير حول كيفية البقاء على مسارك الصحيح لن يضر أبداً.

5. ابحث أكثر عن الأسباب التي تكمن وراء تصرفاتهم:

عليك أن تحذر عند اتباع هذه النصيحة؛ فربما يمكنك البحث في الأسباب التي تجعل الشخص المزيَّف يتصرف بالطريقة التي يتصرف بها إذا كنت قوياً من الناحية العاطفية، وتضمن قدرتك على عدم الانغماس في الأمر، ولديك المهارات اللازمة لإدارته.

لذا عليك أن تعرف إن كان هذا الشخص قد عانى من صدمة مؤخراً، أو عانى من الرفض طوال حياته، أو كان تقديره لذاته متدنٍّ لدرجة أنَّه مضطر إلى أن يشعر بالرضا بأي طريقة ممكنة؛ ففي بعض الأحيان يمكن أن يساعد فهم سلوك الشخص على التعامل معه.

6. مارِس الرعاية الذاتية:

من الواضح أنَّ وضع مسافة بينك وبين الشخص المزيَّف على الأرجح السبيل الأفضل؛ ومع ذلك، وفي بعض الأحيان يستغرق الأمر وقتاً للوصول إلى ذلك؛ لذا عليك أن تحرص على ممارسة الرعاية الذاتية، وتكون لطيفاً مع نفسك.

يمكن أن تكون الرعاية الذاتية بسيطة مثل الاستحمام بماء ساخن بعد التحدث إلى الأشخاص المزيَّفين، أو رفض دعوتهم عندما لا تكون مستعداً لمواجهتهم.

اكتشاف الأشخاص المزيَّفين ليس بالأمر الصعب؛ فادعاءاتهم واضحة للغاية؛ ومع ذلك، في أغلب الأحيان، هناك أسباب تجعلهم على هذا النحو، فقد يكون التحدث عن تصرفاتهم الخطوة الأولى في طريق إصلاحهم، وتقديم الدعم هي الخطوة الثانية؛ ولكن إذا لم ينجح ذلك، فقد حان الوقت للابتعاد عنهم وإحاطة نفسك بالإيجابية التي تستحقها.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح تُسهّل عليك تبنّي الإيجابية كأسلوب حياة

في الختام:

تذكر أنَّ الحياة دوَّارة؛ ففيها اللحظات الحلوة والمرة وفيها لحظات لن تستبدلها ولو مُنحت العالم بأسره؛ لذا انظر حولك وتأكد من أنَّك تأخذ الوقت الكافي لاختيار الأشخاص المناسبين لمشاركة كل شيء معهم.

إنَّنا متوسِّط الأشخاص الخمسة الذين نقضي أغلب وقتنا معهم؛ لذا ألقِ نظرة فاحصة حولك، واختر صحبتك بحكمة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة