كيف تقدم الدعم لشريكك المكتئب؟

يمكن للاكتئاب أن يغير من طبيعة العلاقة بين الزوجين؛ بل قد يقلبها رأساً على عقب ويثير تساؤلات عن كيفية التعامل الصحيح مع الشريك المكتئب؛ إذ يمكن أن تكون الرغبة في المساعدة قوية جداً، ومن ناحية أخرى فإنَّ طاقتك ومعرفتك وقدرتك محدودة، وفي هذا المقال سوف تتعرف إلى نوع الدعم الذي يحتاجه الشريك المكتئب، وما هو الدور الذي يمكنك القيام به دون أن تهمل نفسك في الوقت نفسه.



ما هي أول خطوة لتقديم دعم جيد للشريك المكتئب؟

من أجل تقديم دعم جيد للشريك المكتئب من الضروري معرفة المزيد عن الاكتئاب، فقد يشعر شريكك بالذنب المبالغ به والعزلة ويعيش في خوف من الرفض، ويمكن أن يصاحب الاكتئاب أيضاً مسافة بين الإنسان وعواطفه وفراغ داخلي ورغبة في الانكفاء على نفسه، وربما لا يترك شريكك مجالاً لمشاعر الشراكة أو الألفة، وكل هذا يكون مؤثراً تأثيراً كبيراً في كلا الطرفين ويؤدي في النهاية إلى الإحباط.

إضافة إلى القراءة عن الاكتئاب يوجد خيار آخر وهو السماح للمعالج النفسي بإشراكك مباشرة في مساعدة شريكك بطريقة صحيحة، وبهذه الطريقة تتعرف إلى المسار المعتاد للاكتئاب ويمكن أن تضع توقعات واقعية، ومن خلال فهم ما يحدث بالضبط مع شريكك المكتئب يمكنك المساعدة بشكل أفضل وتجنُّب سوء التفاهم.

أنت لست السبب في اكتئاب شريكك:

في بداية المرض العقلي عادة ما يسود الفهم والحاجة إلى الدعم لدى الشخص الآخر، فإذا قدمت الكثير من المساعدة ولكنَّ دعمك كان له تأثير ضئيل في البداية، فقد تتملكك مشاعر العجز والإحباط، وأيضاً ينسب العديد من الشركاء عن طريق الخطأ السلوك الاكتئابي لأنفسهم ثم يصارعون الشعور بالذنب، وإنَّهم يخشون أن يكونوا جزءاً من السبب أو أنَّهم ساعدوا على إثارة الاكتئاب، ومع ذلك عادة ما يكون خلاف ذلك، فمن المرجح أن تكون الخلافات في الشراكة نتيجة للاكتئاب وليس سببه.

إقرأ أيضاً: بعيداً عن الأدوية... 5 طرق لقهر الاكتئاب النفسي

انتبه، أنت الشريك الداعم ولست الطبيب المعالج:

الاكتئاب مرض عقلي كما هو الحال مع العديد من الأمراض الأخرى، فليس في مقدورك ولا مسؤوليتك تحقيق العلاج، وفي بعض الأحيان نود أن نكون معالجين يعرفون بالضبط ماذا نفعل وماذا نقول، لذلك يمكن أن يساعد التحديد لدورك بصفتك شريكاً داعماً - وليس معالجاً - على الحفاظ على الشراكة على الأمد الطويل، فيصبح الشريك شريكاً مرة أخرى ولم يعد مضطراً لتولي دور "عالم النفس"، وهذا يجعلك أقرب إلى الشريك ويمنحك فرصة لمناقشة موضوعات أخرى وتجربة تجارب جميلة.

تتمثل إحدى المشكلات في مساعدة ورعاية الشريك المكتئب في ظهور معادلة "مقدم الرعاية – المريض"، وخلال فترة الاكتئاب يؤدي دور الشريك "السليم" دور (مقدم الرعاية) والشريك "المريض" دور (المريض)، ويمكن أن تستمر هذه المعادلة الخاطئة حتى بعد أن تهدأ أعراض الاكتئاب وتشمل عبئاً على العلاقة، لذلك يجب أن يتم علاج الاكتئاب من قِبل طبيب أو معالج نفسي متخصص.

ماذا يمكنني أن أفعل لشريكي المكتئب؟

إضافة إلى الفهم الجيد للاكتئاب والجهد المبذول لعدم أخذ الأمر على محمل شخصي والتمايز عن الدور العلاجي، يمكنك أيضاً دعم الشريك المكتئب بطرائق فعالة:

1. الاستماع دون أحكام:

من المحتمل أن تكون لديك رغبة قوية في متابعة الحياة معاً مرة أخرى دون هموم وبسعادة غامرة، ومع ذلك بالنسبة إلى الأشخاص المصابين بالاكتئاب فإنَّ طريقة التحفيز والتشجيع قد تزيد في الواقع من مشاعر الإحباط، وقد يتشكل لديك إحساس بأنَّك غير مفهوم، ومن ناحية أخرى يمكن أن يكون الاستماع "البسيط" ذا قيمة كبيرة، كما يمكن للجو الذي يسوده التعاطف أن يساعد الشخص المعني أكثر من النصيحة المباشرة.

إنَّ قول: "أرى أنَّك انسحبت كثيراً في الأيام الأخيرة، هل تريد التحدث عن ذلك؟"، قد يمنح الشخص المعني طاقة أكبر من تحفيزه أن يذهب إلى الخارج مرة أخرى، وكلمات مريحة مثل: "أنت هام بالنسبة إليَّ"، أو "معاً يمكننا القيام بذلك" تعطيه كثيراً من الراحة والقوة، وأيضاً كن على دراية بحدودك عند الاستماع دون إصدار أحكام، فقد يساعد التخطيط الواعي لهذه المحادثات على إجرائها في الوقت المناسب.

شاهد بالفيديو: 7 علامات تدل على إصابتك بالاكتئاب

2. طلب المساعدة:

غالباً ما يشعر الأشخاص المصابون بالاكتئاب أنَّ وضعهم ميئوس منه، ومع هذا اليأس من المفيد أن تأخذ زمام المبادرة وتوجه الشريك المكتئب إلى طلب المساعدة التي تتضمن العلاج النفسي أو مجموعات المساعدة الذاتية أو برنامج علاج مناسب عبر الإنترنت، وربما يمكنك طلب الدعم من خلال إجراء المكالمات مع المعالجين من خلال البحث عن العروض المناسبة وإعداد المكالمة مع الشخص المعني، ومع ذلك لا تقدم كل شيء لشريكك ولا تساعده في كل الأمور؛ لأنَّ القدرة على إتقان الأشياء الهامة تقوي الشعور بالسيطرة وتقدير الذات.

3. التنظيم والدعم:

 يمكن أن تكون المساعدة هامة خاصةً عند تنظيم الحياة اليومية، أو مرافقتك عند الذهاب إلى المعالج النفسي، أو تذكيرك بتناول الأدوية بانتظام، فذكِّر شريكك أنَّ الاكتئاب مرض يمكن علاجه مثل أي مرض آخر، وشجعه من خلال التأكيد على أنَّ الأعراض المؤلمة هي جزء من الحالة وليست جزءاً من شخصيته، والنشاطات الصغيرة التي تعرف أنَّ شريكك استمتع بها قبل الاكتئاب يمكن أن تساعد أيضاً بطريقة رائعة، وحتى لو لم تجعله هذه النشاطات سعيداً على الفور، فإنَّها تساعد على إعادة اكتشاف النشاطات التي يحبها.

كن منفتحاً:

بصفتك شريكاً لشخص مصاب بالاكتئاب، قد يحدث أنَّك تنحي اهتماماتك جانباً بشكل متكرر وتتخلى عن الكثير من طاقتك، ومع مرور الوقت يمكن أن يؤدي ذلك إلى الحمل الزائد والإرهاق، وقد تتعب في بعض الأحيان من النظرة السلبية للعالم أو من كثرة شكوكك أو تشعر بالغضب من شريكك المكتئب، فكل هذا طبيعي، ومن الضروري أن تتعامل بانفتاح مع هذه المشاعر والأفكار السلبية.

الجنس والاكتئاب:

يؤثر الاكتئاب في العالم العاطفي والتوازن الهرموني، وغالباً ما يكون الاكتئاب مصحوباً بانخفاض في الرغبة الجنسية عموماً، وغالباً ما يتزامن فقدان المشاعر لدى الشريك المكتئب مع موقف سلبي تجاه جسده، فقد يكون من الصعب على الطرف الآخر ألا يأخذ الرغبة المنخفضة بشكل شخصي، لذلك يُنصح بالتحدث بصراحة وبعناية عن هذا الموقف وإلا يمكن فهمه على أنَّه رفض أو حتى نقص في الحب.

عموماً من الهام عدم التسرع في التعامل مع الشريك المكتئب وتجنب الإلحاح الجنسي، مع الأخذ في الحسبان أنَّ الطاقة الجنسية قد تبقى منخفضة لفترة معينة حتى بعد تجاوز الشريك لحالة الاكتئاب.

شاهد بالفيديو: فوائد الرياضة على الصحة النفسية

ما هو العلاج الزوجي؟

يمكن أن تنشأ المشكلات والمواقف الصعبة في أفضل العلاقات، ويصبح من الصعب جداً المضي قدماً دون مساعدة خارجية؛ وذلك لأنَّ كل مرحلة من مراحل الحياة تحمل كثيراً من التحديات وربما تضع العلاقة على المحك.

سواء كان الزوجان لديهما أطفال وفجأة لم يعد لديهما أي وقت للرومانسية أم أنَّ العمل يشغل مساحة كبيرة، والتقاعد أيضاً يحمل تغييرات كبيرة على الزواج، فيمكن أن يكون العلاج الزوجي مفيداً أيضاً إذا كانت لديك أفكار مختلفة عن مسارات زواجكما عموماً.

المعالج الزوجي يبقى محايداً:

في العلاج الزوجي يمكن مناقشة جميع المشكلات والصراعات بصراحة مع المعالج، ويظل المعالج محايداً، وهذا يعني أنَّه يتعاطف مع كلا الزوجين ولكنَّه لا ينحاز إلى أي طرف، والمعالج الزوجي لا يركز فقط على المشكلات الموجودة؛ بل يستكشف أيضاً الجوانب الإيجابية للعلاقة التي لم يعد الزوجان يدركانها بسبب الخلافات، فالاتجاهات العلاجية المعترف بها المستخدمة في العلاج الزوجي هي العلاج السلوكي والعلاج النفسي الديناميكي.

العلاج الزوجي لا يعني انهيار العلاقة:

يجد العديد من الأزواج أنَّ البدء بالعلاج الزوجي صعب لأنَّه يثبت أنَّ العلاقة سيئة أو منهارة، لذلك غالباً ما يتم اللجوء إليه فقط عندما تهدَّد العلاقة بالفشل ولا يرى الزوجان أيَّة طريقة أخرى، وفي الواقع يمكن أن يكون علاج الأزواج مفيداً أيضاً في العلاقات السليمة، على سبيل المثال عندما تستمر المشكلات في الظهور ولا يمكن حلها بالكامل، وكلما طال أمد النزاعات زادت صعوبة الحل في كثير من الأحيان.

يعد علاج الأزواج هاماً خاصةً عندما يكون للنزاعات تأثير سلبي في الحياة اليومية للشريك وصحته العقلية، وفي هذه الحالة يمكن أن يكون علاج الأزواج هو السبيل للخروج من الحلقة المفرغة التي لا يمكن للزوجين كسرها وحدهما، والهدف من العلاج الزوجي ليس إنقاذ العلاقة بأي ثمن؛ بل إنَّه يتعلق بتوضيح وجهات النظر المختلفة والاحتياجات والأهداف في الحياة.

إقرأ أيضاً: 21 طريقة بسيطة وفعالة لتجاوز الشعور بالاكتئاب

هل ينطوي العلاج الزوجي على وجود الزوجين معاً؟

في العلاج الزوجي لا يجب أن يكون كلا الشريكين حاضراً دائماً، ومع ذلك فإنَّ ميزة العلاج الزوجي المشترك هي أنَّ المعالج يعرف كلا الرأيين، إضافة إلى ذلك يمكن للزوجين تجربة طريقة مختلفة للتعامل مع بعضهما بعضاً على الفور في أثناء العلاج.

مع ذلك في بعض الأحيان ثمة موضوعات قد لا ترغب في مناقشتها أمام الشريك - الجنس على سبيل المثال - فهو موضوع شائع للصراع؛ إذ يجد الكثيرون صعوبة في توصيل احتياجاتهم الجنسية وأفكارهم عن الجنس إلى شركائهم، فيصبح الأمر أكثر صعوبة عندما يريد الشريك الانفصال، لكن لا يجرؤ على التحدث عنه، ولمثل هذه القضايا الحساسة يقوم المعالج بترتيب جلسات فردية مع كلا الشخصين.

في الختام:

بصفتك شريكاً لشخص مكتئب فأنت تتعرَّض أحياناً لمجموعة متنوعة من الضغوطات، لذلك تأكد من بقائك قوياً وانتبه لنفسك، وفقط إذا قمت بحماية نفسك أولاً، يمكنك مساعدة شريكك المكتئب؛ لذا خذ وقتك بوعي وافعل ما تستمتع به، وشارك مشاعرك ومخاوفك مع الأصدقاء والعائلة.




مقالات مرتبطة