كيف تعزز وتحفز مشاركة الموظفين في العمل؟

يُعدُّ الحفاظ على أفضل المواهب أكثر أهميةً اليومَ من أي وقت مضى؛ إذ تُظهِر العديد من الدراسات أنَّ مشاركة الموظفين تُولِّد نتائج مميزةً في العمل؛ وهذا سبب زيادة تحفيز الموظفين ومشاركتهم، فالعديد من المؤسسات تسعى جاهدةً إلى تقديم التعويضات وخيارات الأسهم والمكافآت لتحفيزهم.



حتى بعض الشركات تتنافس بشراسة لجذب الموظفين الموهوبين عبر منحهم ميزات غير عادية باستمرار، مثل: تأجير السيارات للعمال، أو دفع تكاليف حفلات الزفاف للموظفين؛ مما يدل على أنَّ الإبداع في مثل هذه المزايا قد لا يعرف حدوداً، ومن الواضح أنَّ مثل هذه المكافآت الخارجية تحفز الكثير من الموظفين.

ولكن على الرغم من أهمية التعويضات والمزايا لتحفيز الموظفين، فإنَّنا نعلم أنَّها ليست الأشياء الوحيدة الهامة للحفاظ على إنتاجيتهم وإشراكهم في العمل؛ فهذه المزايا جزء من معادلة تحفيز أكبر.

تدرك العديد من الشركات أنَّ المكافآت الجوهرية مثل: الراحة النفسية، والفرح، والتعلم، والوفاء هامةٌ أيضاً؛ حيث تحاول ربط مديريها بالوظائف التي يهتمون بها ويستمتعون بها من خلال التدخل بعملهم بصورة استراتيجية تهدف من خلالها تعزيز مشاركة الموظفين.

ومع ذلك، لا تزال العديد من المؤسسات لا تفهم تماماً أفضل السبل لتحفيز وإشراك الموظفين والمديرين.

ما الذي يدفع الموظف نحو المشاركة والتحفيز؟

علينا فهم بعض الحقائق المتعلقة بمشاركة الموظفين:

  • لا يرتبط عدم المشاركة بنقص الحوافز: الفرق بين الشخص المشارك وغير المشارك في العمل ليس نقص الدوافع، ولكن نوعية تلك الدوافع. ومفتاح المشاركة طويلة الأمد هو السعي الدائم إلى اكتساب أعلى مستوىً من الدوافع؛ أي عندما يكون عمل الموظفين مرتبطاً بقيمة هامة، أو بهدف أو قضية بارزة، أو ممتع بجوهره ومقنع ومثير للاهتمام.
  • لا تقلُّ المشاركة العلائقية أهميةً عن المشاركة في العمل: يُعدُّ استثمار القائد في علاقات العمل جانباً هاماً وفريداً من جوانب مشاركة الموظفين؛ حيث يقيم القائد علاقات متعددة في العمل مع الأقران، والموظفين، وأصحاب المصلحة، والعملاء، فالمشاركة العلائقية هي الدرجة التي يتمتع بها القائد بالحيوية والحماسة والتفاعل في العمل مع الآخرين.
  • يعزز التطوير الوظيفي المشاركة: أظهرَت الدراسات مراراً وتكراراً أنَّ المنظمات التي يتمتع موظفوها بدرجة عالية من المشاركة والتحفيز، إلى جانب ارتفاع معدلات شعورهم بالرضا ومعدل الاحتفاظ بهم، طبَّقَت باستمرار ممارسات إدارة مواهب تختلف عن غيرها من المنظمات التي لا يتمتع موظفوها بمشاركة عالية؛ حيث كانت عمليات تطوير المواهب الفوارق الأساسية بينهما.

ما هي العوامل الهامة الأخرى التي يجب مراعاتها عند تحفيز الموظفين؟ وما الذي يمكِن لأرباب العمل فعله لتعزيز مشاركة الموظفين وتحفيزهم؟

الدوافع الداخلية تُعزِّز الإنتاجية:

حاولَ فريق من الباحثين النظر في هذه الأسئلة؛ فوفقاً لنظرية راسخة مفادها أنَّ لدى الأشخاص أنواعاً مختلفة من الدوافع في العمل، كما نظروا في كيفية عمل الدوافع معاً للتأثير في المواقف الوظيفية الهامة للاحتفاظ بالموظفين وأدائهم، وأظهر البحث أنَّ المديرين الذين يفتقرون إلى الحوافز الداخلية من المحتمل أن يكون لديهم مواقف وظيفية غير مواتية وقد يغادرون المنظمة.

تضمَّنَت الدراسة البحثية 321 مديراً أمريكياً من العديد من المؤسسات، يعملون في مناصب متوسطة وعليا وتنفيذية؛ حيث اختبروا تأثير مستويات مختلفة من الدوافع الخارجية، و3 أنواع من الدوافع الداخلية، والتي نتج عنها جميعاً "6 ملفات تعريف تحفيزية إدارية"، كما وجد فريق البحث أنَّ المديرين الذين يفتقرون إلى الحوافز الداخلية من المحتمل أن يكون لديهم مواقف وظيفية غير مواتية وقد يغادرون المنظمة.

المديرون الذين كانوا أكثر رضا عن وظائفهم وملتزمين بمؤسساتهم إما كانت:

  • دوافعهم داخلية: تنبع دوافعهم بشكل أساسي من الداخل؛ أي كانوا مدفوعين بالرغبة في الحفاظ على صورتهم الذاتية ومتابعة قيمهم وأهدافهم والمشاركة في عمل ممتع.
  • موجهين ذاتياً: كان دافعهم هو متابعة قيمهم وأهدافهم واهتماماتهم؛ فقد فعل هؤلاء المديرون ما كان هاماً أو ممتعاً بالنسبة إليهم شخصياً، وكانوا أقل اهتماماً بالمكافآت أو الصورة الذاتية.

وفي كلتا الحالتين، احتاج المديرون إلى هذا الدافع الداخلي لإطلاق العنان للإنتاجية.

وجد الباحثون أيضاً أنَّ الدافع المدفوع من الخارج (المدعوم بمكافآت خارجية) لم يكن بالضرورة ضاراً، ولكن يجب أن يقترن بدافع داخلي لتحقيق أكبر قدر من النجاح في إشراك الموظفين وتحفيزهم.

يؤدي التمتع بدوافع خارجية وداخلية في الوقت ذاته إلى نتائج إيجابية أكثر من التمتع بدوافع خارجية فقط؛ لذا لم يَعُد الافتقار إلى الإلهام والإيجابية أمراً يمكِن أن تُخاطِر المؤسسات به في ظل سوق العمل التنافسي الذي نشهده اليوم، حتى لو كانت تُقدِّم رواتب جيدة، فالدوافع الداخلية العالية هي المفتاح لتعزيز تفاعل الموظفين ورضاهم والتزامهم وأدائهم.

إقرأ أيضاً: انفوغرافيك: 10 برامج وأدوات لتعزيز الإنتاجية

كيف تعزز مشاركة الموظفين وتحفيزهم؟

إذا كنتَ جاداً في مواجهة عدم مشاركة الموظفين وبناء الالتزام تجاه مؤسستك، فإليك بعض النصائح لمساعدتك على تحسين مشاركة الموظفين:

  • ساعِد الموظفين على فهم دوافعهم: يقوم الأشخاص الأكثر سعادةً ونشاطاً ومشاركةً بعمل يتوافق مع ما يحفزهم، كما يعمل المديرون والموظفون معاً من أجل ضبط الأدوار أو المهام بحيث تكون أكثر انسجاماً مع الدوافع والشغف، وسيتبع ذلك مشاركة أكبر.
  • اهتم بالموظفين: يُعدُّ تفاعل الموظفين ونيَّتهم في الاستمرار بالعمل في شركتهم الحالية أعلى بشكل كبير بالنسبة إلى الموظفين الذين يوافقون بشدة على أنَّ مديريهم يهتمون بعافيتهم؛ في المقابل، يخفض غياب الدعم إنتاجيتهم.
  • امنح الموظفين المزيد من الصلاحيات وليس فقط المسؤولية: لا يريد الأشخاص ذوو الإمكانات العالية المزيد من المسؤولية في المهام التنموية فحسب؛ فما يزيد من التزامهم ومشاركتهم هو المزيد من الصلاحيات لاتخاذ القرارات في المهام التي تتعلق بالتطوير الوظيفي.
  • طوِّر الموظفين: يُعدُّ وجود مدير يشجع تطوير الموظف أمراً في غاية الأهمية لتحفيز الموظف؛ فهي ليست وظيفة موارد بشرية أو شيء يمكِن لموظفك اكتشافه بمفرده، لذلك خذ الوقت الكافي لتوجيه الموظفين للتميُّز في أدوارهم الحالية، وتوجيههم لمتابعة اهتماماتهم المستقبلية، وفهم كيف تُظهِر دعمك للتطوير.
  • كُن على طبيعتك: يتطلب بناء العلاقات الثقة، وتأتي الثقة عندما تتوقف عن التظاهر بها أو أداء الأدوار؛ فالمؤسسات التي تتبنَّى السلوك الصادق من المرجح أنَّ لديها موظفين متحمسين ومشاركين، لذلك كُن على طبيعتك في وظيفتك، وشارِك بشكل كامل وصادق في مكان العمل؛ فالقيادة الحقيقية هامة لمشاركة الموظفين.

3 طرائق لزيادة تحفيز الموظفين:

إذا كانت المؤسسات ترغب في تطوير موظفيها وتنشيطهم، خاصةً فيما يتعلق بإمكاناتهم العالية، فيجب عليهم التعرف على الفروق الفردية في دوافع المدراء. إنَّ تحسين تحفيز الموظفين ليس بهذه البساطة ولن ينجح الأمر إذا أنشأت نظام حوافز واحد لتعزيز دوافع الجميع؛ إذ يجب على المؤسسات فهم ومعالجة مجموعة واسعة من الدوافع التي يتمتع بها المدراء للتعامل مع وظائفهم.

يمكن للمؤسسات إنشاء بيئات تعزز الدافع الداخلي للموظفين بثلاث طرائق أساسية: الحصول على دعم الرؤساء وأنظمة المكافآت والسياسة التنظيمية.

شاهد بالفديو: 7 نصائح لتحفيز الموظفين من دون اللجوء إلى المال

1. تقديم الدعم من الرؤساء وتشجيع التوجيه الذاتي:

يؤدي الرؤساء المباشرون للمديرين دوراً هاماً في تسهيل تحفيزهم الداخلي؛ حيث يعتقد المديرون أنَّ رؤساءهم يُقدِّرون مساهماتهم ويهتمون بهم كأفراد.

يشعر الموظفون بالأمان وتقدير الذات عندما يلقون الدعم من قِبَل رؤسائهم مما يسمح لهم بالاستفادة من الدوافع الداخلية؛ في المقابل، عندما ينخفض دعم الرئيس، يشعر المديرون بانعدام الأمان وستنخفض دوافعهم الداخلية؛ لذا تأكَّد من أنَّ مديريك يساعدون في بناء ثقافة عمل آمنة نفسياً.

يجب أن يتصرف الرؤساء أيضاً بطرائق تسمح للمديرين باستخدام مواردهم الداخلية، بما في ذلك إجراء محادثات تدريبية لتشجيع حل المشكلات، بدلاً من فرض الحلول، ويجب عليهم الإصغاء إلى أفكار موظفيهم، وفهم اهتماماتهم وتفضيلاتهم، وإيجاد طرائق لمواءمة الفرص والمشاريع ومهام الوظيفة مع العمل الذي سيجده موظفوهم مفيداً على المستوى الشخصي.

2. إنشاء أنظمة المكافآت والتأكيد على أهميتها:

تُعدُّ المكافآت الخارجية جزءاً أساسياً من الحياة التنظيمية، ويعتمد تأثيرها على كيفية تصميم المكافآت وإدارتها.

يحفز تأكيد المكافآت الموظفين من خلال التعرف إلى المديرين الذين يحققون أهدافاً هامة وصعبة (ولكن ليست مستحيلة)، وتتضمن المكافآت الشائعة الزيادات في الأجور، والحوافز، وخيارات الأسهم، والترقيات، والتقدير، والتي ستُحقِّق نجاحاً أكبر إذا كانت مرتبطةً بأهداف هامة ولا تُدار بطريقة قمعية.

تجنُّب تقديم المكافآت التي تخلق ضغطاً كبيراً على الموظفين لتحقيق نتائج محددة، وتقليل إحساسهم بالتوجيه الذاتي والسيطرة على أفكارهم ومشاعرهم وأفعالهم، على سبيل المثال، من المرجح أن يُشعِرهم نظام المكافآت الذي يَعرض مبالغَ كبيرة من التعويضات بالخطر، أو الذي يضع المديرين ضد بعضهم بعضاً، مما يعزز المنافسة الشرسة بين أعضاء الفريق بطريقة قمعية.

في المقابل فإنَّ المكافأة على تحقيق الأهداف التنظيمية تعزز شعور المديرين بالكفاءة وإتقان المهام والثقة بقدراتهم الخاصة؛ وبالتالي زيادة دافعهم الداخلي، حيث يمكِنك توفير الوصول إلى برامج تطوير القيادة وفرص التدريب الافتراضي لمساعدة المديرين على بناء الوعي الذاتي، وفهم نقاط القوة والضعف لديهم، والتقدم المستمر.

إقرأ أيضاً: 8 طرق لمكافأة موظفيك دون أي تكلفة

3. التقليل من السياسات التنظيمية وتعزيز العدالة:

تتَّسم العديد من المؤسسات بطابع سياسي، ويشعر المديرون أنَّه يجب عليهم المشاركة في السلوك السياسي (على سبيل المثال: التواصل مع الأشخاص الأكثر نفوذاً، والتحكم بالآخرين، وكبت الانتقادات الصادقة، والتوافق مع أفكار الآخرين وأفعالهم) للحفاظ على أفكارهم وأعمالهم أو تطويرها.

في حين أنَّ المهارات السياسية هامة للأفراد، إلا أنَّ البيئة السياسية للغاية تتعارض مع الدوافع الداخلية للمديرين؛ حيث يعملون للحفاظ على صورتهم واكتساب الموافقة الخارجية، بدلاً من العمل من تلقاء أنفسهم، كما يجب أن يضمن نظام المؤسسة والقادة أن تستند المكافآت والترقيات إلى مقاييس صالحة للمؤهلات والأداء، بدلاً من إقامة روابط مع الأشخاص الأكثر نفوذاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة