كيف تصوغ بيان رسالة ومهمة شركتك؟

لطالما اعتقدت أنَّ بياني الرسالة والرؤية مجرد هراء مؤسساتي لا فائدة منه، وإضافة لا داعي لها في بداية العروض التقديمية الطويلة، ولا تُقرأ من قِبل أحد، ناهيك عن العثور على الإلهام فيهما، حتى أنَّني ظننت أنَّ البيان الوحيد الجيِّد هو بيان شركة "باتاغونيا" (Patagonia) القائل: "نعمل لإنقاذ كوكبنا"، لكن مؤخراً هذا العام، جمعتُ أنا وفريقي مزيجاً من الأفكار والمشاعر وشكَّلنا منها جملة بسيطة ومفهومة ومُلهِمة، وهكذا توصَّلنا إلى رؤية شركتي "إثيك" (Ethique) القائلة: "نؤمن أنَّ في إمكان الشركات قيادة تغيير اجتماعي وبيئي يفيد الناس والكوكب".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المديرة التنفيذية "بريان ويست" (Brianne West)، والتي تُحدِّثُنا فيه عن نصائح كتابة بيان الرسالة والرؤية باستخدام عبارات عميقة وجذَّابة تحملُ معنى، وتجنُّب الكلام العشوائي المُنمَّق.

كان الناس يشيرون إلى شركتي في السابق باسم "شركة الشامبو"، أو الشركة التي تصنع "منتجات خالية من البلاستيك"، وذلك صحيح، لكنَّ عملنا ينطوي على أكثر من ذلك بكثير، ووصل الأمر إلى مرحلة بدأ فيها تصنيفنا بهذه الطريقة يزعجني.

أَسَّستُ شركة "إثيك" (Ethique) عام 2012 قبل انتشار التوجه نحو المواد الخالية من البلاستيك بكثير؛ وذلك لأنَّني أردتُ تغيير العالم بدءاً بالنشاط التجاري، وإلهام المستهلكين للمطالبة بالمزيد من علاماتهم التجارية، بما في ذلك القرارات السليمة بيئياً وسلاسل التوريد الأكثر شفافية والعمليات العادلة والتصميم الأقل هدراً، ببساطة أردتُ نموذج أعمال متجدداً، وأردتُ أن أُثبتَ للشركات الأخرى أنَّ العمل بأسلوب أخلاقي ممكن ومُستدام مالياً.

وها نحن ذا اليوم بعد أن فازت شركتي بالعديد من الجوائز، بيعَت منتجاتنا في أكثر من 4000 متجر في العالم، مع فريق مكوَّن من 25 مكتباً في 4 بلدان، والأهم من ذلك، أنَّنا تجنَّبنا استخدام أكثر من 12 مليون علبة بلاستيكية، لكن لا يزال هناك المزيد من العمل الذي يتعيَّن علينا القيام به؛ ولذلك فإنَّ مسعانا الآخر الذي التزمنا به؛ هو تثقيف الآخرين وإلهامهم ليحذوا حذونا، وتؤدي رؤيتنا دوراً كبيراً في ذلك؛ وذلك لأنَّها تشرح ما الذي نهدف إلى إنجازه وسبب رغبتنا في فعل ذلك.

الفرق بين بيان الرسالة والرؤية:

تشرح الرؤية مستقبل العلامة التجارية ووجهَتها، على سبيل المثال، تُلخِّص قناة "بي بي سي" (BBC) رؤيتها بأسلوب لطيف قائلة: "أن نكون أكثر شركة مبدعة في العالم"، أما بيان الرسالة فهو كيف تخطط الوصول إلى تلك الوجهة؛ حيث تتابع قناة "بي بي سي" (BBC): "إثراء حياة الناس بالبرامج والخدمات التثقيفية والتعليمية والترفيهية"، ويمكنك إضافة بيان الغرض الذي يهدف إلى تفسير سبب إنشاء الشركة، وهنا تُقدِّم قناة "بي بي سي" (BBC) أسباباً عدَّة، أحدها هو: "تحفيز الإبداع والتفوق الثقافي"، وهناك 4 فوائد لكون تلك البيانات هامة، هي:

1. الإلهام:

يُلهِم بيان الرسالة والرؤية الواضحان فريقك وزبائنك وشركاءَك ومورديك؛ مما يحفزهم على توسيع نطاق تفكيرهم والتحلِّي بالمزيد من الجرأة وإظهار المزيد من الاهتمام وتحقيق المزيد من الإنجازات، فعوضاً عن البيع بهدف الربح فقط، يمكنك أن "تساعد البشرية على الازدهار عبر تمكين الفِرق من التعاون بسهولة" كما يقول بيان شركة "أسانا" (Asana)، أو مثلما يقول المُتحدِّث التحفيزي البريطاني الأمريكي والمؤلف "سيمون سينك" (Simon Sinek): "إلهام الناس للقيام بأشياء تلهمهم كي نتمكن معاً من تغيير العالم".

إقرأ أيضاً: 3 طرق تستمدُّ الإلهام منها

2. الاحتفاظ بالموظفين:

يريد ما لا يقل عن 74% من الموظفين العمل في شركات تفعل الخير؛ لذا وضِّح أنَّ شركتك واحدة من تلك الشركات؛ وذلك لأنَّ الحفاظ على الموظفين الطيبين سيكون صعباً إذا لم تُقدِّم لهم سوى رواتب أعلى وامتيازات أكثر من غيرك.

3. الإرشاد:

سيُتاحُ لمعظم الشركات الكثير من الفرص، ولا سيما في بداياتها، وسيكون حينها من السهل أن تترك المسار المُخطَّط له محاولة استثمار الفرص جميعها، لكنَّ تحديد الهدف أو الرؤية أو الرسالة، يساعدك على اختيار الفُرص المناسبة؛ كي لا تُضيع وقتك ومالك في ملاحقة تلك التي لن تقودك في النهاية إلى النتائج التي تريدها.

4. تكوين العلامة التجارية:

الشركة التي تعرف لماذا هي موجودة، أقوى بكثير من شركة يبدو أنَّها تعمل فقط على تحقيق الأرباح، وذلك السبب هو أمر تذكره خلال عمليات التواصل التي تجريها داخل المنظمة وخارجها، ويفهم فريقك وشركاؤك أنَّه أساسي لعلامتك التجارية؛ وهو ما يتحدث عنه زبائنك حين يسألهم أحد عن شركتك، على سبيل المثال، حين يكون لدينا اجتماع أوَّلي مع شريك مُحتمل، سواء كان مستثمراً أم تاجراً أم موزعاً أم غير ذلك، نبدأ بذكر هدفنا ورؤيتنا، وذلك له وقع أقوى بكثير من مجرد قولنا إنَّنا نبيع الشامبو، وهكذا يفهم الناس فوراً سبب رغبتهم في التعامل معنا.

شاهد بالفيديو: 5 قواعد ذهبية لبناء العلامة التجارية الشخصية

لكنَّ كتابة بيان جيِّد أمر صعب، وفي الغالب لن تكون النسخ الأولى التي تكتبها مناسبة؛ لذا سنستعرض هنا 5 نصائح عن كيفية كتابة بياني رسالة ورؤية يحملان معنى؛ بحيث تُلهِم الآخرين لمتابعة علامتك التجارية:

1. فكِّر في دافعك:

فكِّر في سبب إنشائك لشركتك، وما الذي تأمل تغييره في العالم، وما هي المشكلات التي تحاول حلها، بالنسبة إلينا الجواب هو: "إعادة تخيُّل مجال الجمال والعناية الشخصية؛ بحيث يكون عادلاً ولطيفاً تجاه الناس والكوكب"، فكِّر فيما يهمك حقاً، وما الذي حفَّزك على إطلاق شركتك، وليس من الضروري أن يكون هدفك خارقاً مثل إنقاذ العالم، ولكن يجب أن يكون لديك دافع آخر عدا عن الربح.

2. تبادَل الأفكار مع فريقك:

نادراً ما يكتب شخصٌ وحده بياناً جيِّداً؛ لذا تعاوَن مع فريقك للتوصُّل إلى الأفكار، واستكشف أيُّها يروق لهم ويناسبهم، ودوِّن بعض المصطلحات والأفكار الرئيسة، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت للوصول إلى صياغة مقبولة، لكن لا بأس بذلك، وإذا لم يكن لديك فريق، فيمكنك تبادُل الأفكار مع أصدقائك وعائلتك، أو حتى الأشخاص الذين تقابلهم في الشارع؛ إذ سيكون لكل منهم وجهة نظر مختلفة تستطيع أن تستفيد منها.

حين فعلنا ذلك أنا وفريقي، شعرتُ بالإحباط بسبب عدم قدرتي على شرح ما أعنيه تماماً، لكن لحسن الحظ كان فريقي يعمل معي منذ سنوات، وكانوا قادرين على فهم ما أعنيه والتعبير عنه؛ مُستخدمين الكلمات بشكل أفضل، وإضافة أفكارهم إلى أفكاري حتى توصَّلنا إلى صيغة نحبها جميعاً.

3. لا تتحدث عن الخدمة أو المُنتَج الذي تقدمه:

البيان جملٌ قصيرةٌ ليست مناسبة لشرح نشاطك التجاري، مثل المنتجات التي تبيعها، عوضاً عن ذلك انظر إليه من وجهة نظر المستهلكين، واشرح الفائدة التي سيحصلون عليها، أو من وجهة نظر الشريك الذي قد يعمل معك، على سبيل المثال، أنا لست متحمسة لبيع الشامبو؛ بل متحمسة لفكرة تغيير مجال التجميل إلى مجال لطيف تجاه الناس والكوكب.

4. لا تُطِل الشرح:

التزم بجملة أو جملتين في بيانك؛ وذلك لأنَّ أفضل البيانات هي القصيرة، حتى أنَّني أعتقدُ أنَّ بيان رسالة شركتي المكوَّن من جملتين طويل جداً، لكنَّني أعلم أنَّه سيتطور خلال الأشهر القليلة المُقبلة ليصبح مُركَّزاً أكثر.

إقرأ أيضاً: 10 قواعد ذهبية لبناء العلامة التجارية الشخصية

5. دوِّن كل فكرة مهما بدت غريبة:

تحاول كل وكالة إبداعية تكتبُ بيانات العلامات التجارية أن تسمع منك كل ما تفكر فيه، حتى تلك الأمور التي قد تَعُدُّها أنت غير متعلقة بالموضوع إطلاقاً؛ لذلك اتبع العملية نفسها حين تكتب بيانك بنفسك، وفكر على نطاق واسع وكبير ومن كل الجوانب من وجهة نظرك ومن وجهة نظر المستهلك، ثم اكتب كل شيء فكرت فيه وضعه جانباً، وعُد إليه في غضون يومين واحذف النقاط التي لا تناسبك أو لا تروق لك.

تذكَّر في النهاية أنَّ هدفك ورؤيتك ورسالتك موجودة جميعها، ولطالما كانت موجودة، فهي أساس وسبب اختيارك أن تفعل ما تفعله يومياً؛ لذا لا تقلق إذا كنت تواجه صعوبة في صياغتها، ستتمكن من ذلك بالتأكيد.

المصدر




مقالات مرتبطة