كيف تصبح ذاتي التعلم بطرائق بسيطة؟

من السهل توضيح هذا النقطة؛ فإذا فكرتَ في الأمر، فإنَّك تعلَّمت كثيراً من الأمور التي تعرفها بنفسك؛ ولكنَّنا نادراً ما نفكِّر في الخطوات التي نتخذها لنتعلَّم ذاتيَّاً، إنَّ هذا أمر مؤسف للغاية؛ لأنَّنا نتردد في كثير من الأحيان في القيام بالأمور التي لا نعرف كيف نفعلها دون التوقف والتفكير بأنَّنا قد نتمكن من تعلمها من خلال التعلم الذاتي.



ملاحظة: هذه المقالة مأخوذة عن المدون داستين واكس (Dustin Wax)، والذي يحدثنا فيها عن تجربته في التعلم الذاتي.

معظم المهارات التي أستخدمها لكسب لقمة عيشي هي مهارات اكتسبتها من خلال التعلم الذاتي؛ إذ تشمل هذه المهارات تصميم مواقع الويب، والنشر المكتبي، والتسويق، ومهارات الإنتاجية الشخصية، وحتى التدريس! كما أنَّني تلقيتُ معظم ما أعرفه عن العلوم، والسياسة، وأجهزة الحاسوب، والفن، والعزف على الجيتار، وتاريخ العالم، والكتابة، وعشرات الموضوعات الأخرى خارج نطاق التعليم الرسمي.

مفاتيح تعلم أي شيء بسهولة:

التعلم عملية مستمرة يستطيع الأشخاص الذين طوروا المهارات الثلاث الآتية تطبيقها:

1. الفضول:

يعني الفضول أنَّك تتوق إلى تعلم أشياء جديدة، وأنَّك تشعر بالاضطراب من وجود فجوات في طريقة فهمك للعالم؛ إذ تتعامل مع المفاهيم والأفكار الجديدة على أنَّها تحديات، وتحاول فهمها.

يرى الأشخاص الذين يفتقرون إلى الفضول أنَّ تعلم أشياء جديدة يُعدُّ عملاً رتيباً، أو الأسوأ من ذلك أنَّه يتجاوز قدراتهم؛ لذا من المرجح أن يتجنبوا التعلم الذاتي.

2. الصبر:

يمكن أن يستغرق تعلم شيء جديد وقتاً طويلاً بحسب مدى تعقيد الموضوع الذي تتناوله؛ إذ لا مفر من الشعور بالإحباط حينما تتصارع مع مصطلحات ونماذج جديدة، ومعلومات قد لا تلائم مستواك.

فحينما تتعلم شيئاً ما بنفسك، لا أحد يتحكم في تدفق المعلومات التي تصلك ليحرص على أنَّك تنتقل بسلاسة من الأساسيات إلى المفاهيم المتوسطة والمتقدمة.

لذا، يُعدُّ التحلي بالصبر مع نفسك، ومع ما تتعلمه أمراً في غاية الأهمية؛ إذ لا وجود لمجال معرفي لم يتمكن أحد في العالم من تعلمه حينما كان بالمرحلة التي أنت بها تماماً.

3. فهم كيفية ارتباط الأمور ببعضها:

تُعدُّ هذه المهارة من أصعب المهارات التي يجدر تنميتها، وسبب مواجهة معظم الناس الصعوبة عند البدء بتعلم موضوع جديد.

من الأسهل دائماً تعلُّم مجموعة جديدة من المعارف حينما تتمكن من اكتشاف طريقة ارتباطها بما تعرفه بالفعل، لقد عانيت لسنوات من فهم حساب التفاضل والتكامل في الجامعة إلى أن أوضَحَ أستاذ الكيمياء كيفية إجراء حسابات عمر النصف باستخدام التكاملات، ومنذ ذلك الحين، أصبح حساب التفاضل والتكامل أسهل بكثير؛ لأنَّني وجدت رابطاً يربط بين مفهوم أتقنه (كيمياء عمر النصف)، والمجال الذي كنت أعاني صعوبةً من فهمه دوماً (الرياضيات العليا).

كلما بحثتَ عن الروابط التي تربط بين المجالات المختلفة، وأعرت انتباهك لها، أصبح عقلك قادراً على استيعاب مفاهيم جديدة.

إقرأ أيضاً: المفاتيح الخمسة لتبسيط أيِّ مفهوم

كيف تمارس التعلم الذاتي بفاعلية؟

عندما يكون لديك رغبة ونية في التعلم، فإنَّ إتقانك لموضوع جديد ما هو إلا مسألة تتعلق بإجراء البحث، والتدريب، وإنشاء شبكة معلومات، وترتيب المواعيد.

1. إجراء البحث:

يُعدُّ اكتشاف معلومات حول الموضوع الجديد أهمَّ خطوة في تعلمه؛ فإنَّني أخوض ثلاث مراحل مختلفة حينما أتعلم أمراً جديداً بمفردي:

  • تعلُّم المبادئ: ابدأ رحلة التعلم كما يبدأ معظم الناس في عصرنا هذا: من خلال البحث عن الموضوع باستخدام محرك غوغل (Google)، لقد تمكن الناس من التعلم بطريقة ما قبل اختراع محرك غوغل (Google) (فقد تعلمتُ لغة ترميز النص الفائق (HTML) عندما كان محرك ألتافيستا (Altavista) أفضل وسيلة متوفرة لدي!)؛ ولكن في الوقت الحاضر يوفر لك إجراء بحث جيد على غوغل (Google) أو أي مصدر إلكتروني آخر كماً هائلاً من المعلومات حول أي موضوع خلال ثوانٍ.
  • البحث في الكتب: بعد أن يصبح لدي فكرةً جيدةً عن المجال المعرفي الذي أنا بصدد تعلمه، أتوجه إلى المكتبة لأواصل مشواري في التعلم الذاتي؛ حيث أبحث عن الأسماء والعناوين الرئيسية التي صادفتها عبر الإنترنت، ثم أتفحص الرفوف بحثاً عن كتب هامة أخرى تحمل تلك العناوين.
  • الاحتفاظ بمراجع لاستخدامها على الأمد الطويل: أثناء الانهماك في قراءة مجموعة من الكتب التي استعرتها من المكتبة، أواصل البحث عن الكتب التي أرغب بالاحتفاظ بها في مكتبتي الخاصة؛ فأتحقق من المكتبات الإلكترونية والتقليدية، بالإضافة إلى متاجر بيع الكتب بأسعار مخفَّضة، ومتاجر بيع الكتب المستعملة، وأينما صادفت الكتب على طريقي.

إنَّني أطمح إلى أن أقتني مجموعةً من المراجع، وأهم الكتب التي أتخذها مرجعاً عندما تواجهني أسئلة مستعصية، أو لأنعش ذاكرتي عندما أضع مهاراتي الجديدة موضع التنفيذ؛ وذلك بأسرع الوسائل، وأرخصها.

بعدها، أتوجه إلى قسم الأطفال في المكتبة، وأبحث عن المراجع ذاتها؛ فقد يكون فيها لمحة عامة موجهة للصغار أكثر وضوحاً وإيجازاً وسهولةً في التعلم من العديد من كتب المخصصة للكبار.

شاهد بالفديو: 13 طريقة لتطوير التعلم الذاتي والتعلم بسرعة

2. التدريب:

يساعدك تطبيق معلوماتك الجديدة على تطوير مدى فهمك لما تتعلمه، وتذكُّرِه بشكل أفضل فيما بعد، ومع أنَّ العديد من الكتب تقدم تمريناتٍ واختبارات ذاتية، إلا أنَّني أفضِّل الانتقال إلى التطبيق العملي مباشرةً، كإنشاء موقع ويب، أو كتابة مقال، أو صنع طاولة، أو ما إلى ذلك.

من الطرائق الرائعة لوضع أيَّة مجموعة جديدة من المعلومات موضع التنفيذ هي أن تُنشئ مدونةً عنها لتعرضها على الناس ليُبدوا آراءهم حولها.

ولكن لا تحتفظ بما تعلمته لنفسك؛ إذ لا أحد سيرى مدى ما تعرفه حول مجال ما، ولن تدرك أبداً مدى الأمور التي لا تعرفها بعد.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح لاستخدام الألعاب التعليمية في التدريب

3. بناء شبكة علاقات:

تُعدُّ الشبكات الاجتماعية من أقوى مصادر المعرفة والفهم التي باتت جزءاً أصيلاً من حياتي على مر السنين، كالمواقع الإلكترونية التي أكتب عليها، والمجتمعات الإلكترونية التي انضممت إليها، والأشخاص الذين أتحدث، وأحضر المؤتمرات معهم، وزملائي في القسم الذي درست فيه، وغير ذلك، لقد ساعدوني جميعاً في رحلتي لأصبح ذاتي التعلم.

تُعدُّ شبكات العلاقات هذه في غاية الأهمية لتوسيع معرفتي في المجالات التي أهتم بها فعلاً، ولإرشادي إلى مصادر أخرى وأناس خبراء في المجالات التي ليس لدي فيها خبرة سابقة؛ فالانضمام إلى قائمة البريد الإلكتروني الخاص بأحدهم، وإرسال بريد إلكتروني إلى شخص يعمل في هذا المجال، وطلب توصيات من زملائك، جميعها وسائل مفيدة لتأسيس قاعدة في مجال جديد.

تتيح لك هذه الشبكات اختبار معلوماتك التي اكتسبتها حديثاً، ومقارنتها بفهم الآخرين، مما يمنحك فرصةً للنمو والتطور أكثر.

4. جدولة المواعيد:

إذا كنت ترغب في أن تكون ضليعاً في المجال الذي تتعلمه، فعليك أن تنظم وقتك لتتمكن من الالتزام بعملية التعلم؛ إذ لن تفيدك الكتب المصفوفة على الرفوف، وأهم المواقع التي وضعت عليها إشارات مرجعية، وشبكة الاتصال التي أنشأتها ما لم تمنح نفسك الوقت لتركز على قراءة واستيعاب وتطبيق ما تعلمته لتبلغ مرحلة التعلم الذاتي.

حدِّد موعداً نهائياً لنفسك، حتى لو لم يكن ثمة وقت محدد ملزم به، ونظِّم جدول مواعيد بطريقة يساعدك فيها على الوصول إلى ذلك الموعد النهائي.

شاهد بالفديو: 5 خطوات فعالة تساعدك على تنظيم وقتك

الخلاصة:

يُعدُّ التعليم والتدريب الرسمي إلى حدٍّ ما شكلاً من أشكال التعلم الذاتي؛ ففي نهاية المطاف، لا يسعُ المعلم إلا أن يقدِّم اقتراحات، ويرشدك نحو طريق تكمل مسيرتك من خلاله؛ وفي أفضل الأحوال، يوفر عليك بعضاً من عناء العثور على مصادر موثوقة لتستفيد منها؛ لذا، عليك أن تتعلم كيفية تعليم نفسك في نهاية الأمر.

أما إذا كنت تعمل بالفعل، أو لديك اهتمامات أخرى إلى جانب اهتماماتك الأكاديمية البحتة، فقد يكون تلقي التعليم الرسمي غير مناسب أو مكلف للغاية، ولكنَّ هذا لا يعني أنَّه عليك أن تتخلى عن إمكانية التعلم؛ إذ يزخر التاريخ بأمثلة عن أشخاص حققوا النجاح من خلال التعلم الذاتي.

وفي أحسن الأحوال، حتى التعليم الرسمي يهيئك لحياة قائمة على التعلم الذاتي؛ ومع وجود الإنترنت ووسائل الإعلام تحت تصرفنا، ليس هناك أي سبب يمنعك من اتباع شغفك أينما قادك.

المصدر




مقالات مرتبطة